أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمدي سيد محمد محمود - القوة والإرادة: جدلية العقل والإيمان بين الفلسفة الأوروبية والإسلامية















المزيد.....

القوة والإرادة: جدلية العقل والإيمان بين الفلسفة الأوروبية والإسلامية


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8146 - 2024 / 10 / 30 - 15:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يُعد مفهوم "القوة والإرادة" من أكثر المواضيع عمقًا وتنوعًا في الفلسفة الإنسانية، حيث يمثل نقطة التقاء بين الوجود الفردي والمعاني الأخلاقية، ويعكس الصراع الأزلي الذي يخوضه الإنسان من أجل تحقيق ذاته ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية. على مر العصور، كانت القوة تُفهم كقدرة على السيطرة والتأثير، بينما ارتبطت الإرادة بقدرة الفرد على الاختيار والتوجيه، كما تشكل "القوة والإرادة" محورًا جوهريًا في الفلسفة الإنسانية، إذ تمثل تعبيرًا عن قدرة الإنسان على تجاوز الصعوبات وتحقيق ذاته، متحررًا من قيود الشهوات والتحديات التي تواجهه في سبيل إتمام أهدافه. هذا الموضوع، على عمقه وتعدد أبعاده، يعبّر عن الصراع بين الحرية الفردية والمسؤولية الأخلاقية، بين العقل والشعور، وبين الإنسان والبيئة المحيطة به. من هذا المنطلق، اعتبر الفلاسفة مفهومَي "القوة والإرادة" تجسيدًا لإمكانيات الإنسان، وتعبيرًا عن كيفية توجيه تلك الإمكانيات نحو تحقيق التوازن بين الطموحات الذاتية والقيم الأخلاقية.
في الفكر الأوروبي، بدأ الفلاسفة الإغريق، مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو، بدراسة الإرادة كوسيلة لتحقيق السمو العقلي وتجاوز الشهوات، حيث رأوا أن القوة تكمن في قدرة الفرد على التحكم في نفسه واتخاذ قراراته بناءً على العقل. ومع تطور الفلسفة، قدم الفيلسوف الألماني نيتشه مفهوم "إرادة القوة" كتعبير عن إرادة التفوق والتحرر من القيود المجتمعية، بينما تناول الوجوديون مثل هايدجر وسارتر الإرادة كوسيلة للبحث عن المعنى وتحقيق الحرية الفردية، مع تركيزهم على مواجهة تحديات الحياة بلا قيود خارجية. أما ميشيل فوكو، فقد ركز على القوة كعملية اجتماعية، معتبراً أن الإرادة تتشكل من خلال علاقات القوة بين الأفراد والمؤسسات، مما يعكس التفاعلات المعقدة بين الفرد والمجتمع.
في المقابل، تميز الفكر الإسلامي بنظرة متوازنة تجمع بين العقل والإيمان في فهم "القوة والإرادة". فالفلاسفة المسلمون، مثل الكندي والفارابي وابن سينا، تناولوا الإرادة من منظور عقلاني وأخلاقي، معتبرين أنها تنبع من العقل وتُحقق عبر الفضائل الأخلاقية، حيث تسهم في الارتقاء الروحي وتوجيه السلوك نحو الخير. وركز أبو حامد الغزالي على الإرادة كوسيلة لتحقيق السعادة الروحية، إذ رأى أن القوة الحقيقية تكمن في تزكية النفس والسيطرة على الشهوات والامتثال للإرادة الإلهية. كما رأى ابن خلدون أن الإرادة تتجاوز الفرد لتشمل الإرادة الجماعية، معتبرًا أن القوة الحقيقية للأمة تنبع من تماسك إرادتها وتضافر جهود أبنائها، بهذا، تتشكل صورة شاملة عن القوة والإرادة تجمع بين الفكر الفلسفي الأوروبي والإسلامي، حيث يلتقي العقل والإيمان، ويتجسد التفاعل بين الإنسان وعالمه في بحث مستمر عن تحقيق الذات، وتوازن الإرادة بين المسؤولية الفردية والأخلاقية.
في هذا الإطار، سنستعرض مختلف الآراء الفلسفية حول هذه المفاهيم، مع التركيز على السياقات التاريخية والثقافية التي أثرت في تطور هذا الفهم، لتكوين رؤية شاملة حول القوة والإرادة وكيفية تشكلهما في حياة الإنسان.
1. الفلسفة الكلاسيكية – أفلاطون وأرسطو
أفلاطون: يرى أن الإرادة ترتبط بالروح الإنسانية المقسمة إلى ثلاثة عناصر: العقل، والشهوة، والعاطفة. بالنسبة لأفلاطون، يكون الإنسان قويًا عندما يتحكم العقل في الشهوة والعاطفة، مما يؤدي إلى انسجام داخلي. القوة هنا ليست جسدية، بل هي الإرادة في تحقيق الانسجام والعدالة داخل الفرد، وهي جوهر الفضيلة.
أرسطو: في الأخلاق النيقوماخية (هي واحدة من أشهر أعمال الفيلسوف اليوناني أرسطو، وقد كتبها كدراسة معمقة للأخلاق والفضيلة وكيفية تحقيق السعادة الحقيقية)، يعبر عن الإرادة كفضيلة تحقق "الحياة الجيدة" من خلال الفضائل العقلية والأخلاقية، حيث يضع الإرادة تحت سيطرة العقل. القوة من منظور أرسطو هي القدرة على الاختيار الأخلاقي، وممارسة الفضائل من خلال الإرادة المدروسة.
2. الفلسفة الحديثة – ديكارت وسبينوزا
ديكارت: يعد الإرادة أحد عناصر النفس الأساسية، ويعتبرها قدرة مطلقة لدى الإنسان، حيث تتفوق على القوة الجسدية. يرى أن الإرادة يمكنها تجاوز المعرفة والتصور، مما يجعلها مصدرًا أساسيًا للحرية. في رأيه، الإرادة القوية تتحكم في العواطف وتتخذ قرارات حرة، مما يعزز قوة الإنسان أمام الشك والضغوط الخارجية.
سبينوزا: يطرح منظوراً مخالفاً من خلال فلسفة الحتمية؛ حيث يرى أن الإرادة الإنسانية تابعة للقوى الطبيعية والكونية، وأن القوة الحقيقية هي فهم الإنسان لموقعه في الطبيعة. الإرادة تصبح هي معرفة الضرورة وتقبلها، فيما يتحقق التحرر من خلال الوعي بالحتميات.
3. فلسفة عصر التنوير – كانط
يعتبر إيمانويل كانط أن الإرادة الحرة أساسًا للأخلاق، ويؤكد على ضرورة وجود "إرادة طيبة" لتحقيق الواجبات الأخلاقية. يرى أن الإرادة ليست مجرد رغبة شخصية، بل يجب أن تكون منضبطة بالعقل الأخلاقي وموجهة لتحقيق القانون الأخلاقي، ما يعزز قدرة الإنسان على مواجهة تحديات الوجود. القوة الأخلاقية تكمن في الالتزام بالواجب دون تراجع، بما في ذلك التضحية بالمصالح الشخصية.
4. الفلسفة الحديثة المتأخرة – نيتشه
يرى نيتشه أن إرادة القوة هي المحرك الأساسي للحياة، وهو دافع يتجاوز البقاء أو المتعة ليشمل الرغبة في التفوق والتطور الذاتي. يرفض نيتشه القيم التقليدية التي تعتبر التواضع والخضوع فضائل؛ بل يعتقد أن الأفراد يجب أن يسعوا لتحقيق أنفسهم بجرأة وقوة. في فلسفته، لا ترتبط القوة بالظلم أو القهر، بل بإرادة الإنسان لتشكيل مصيره وتجاوز حدوده.، ويرى نيتشه أن الإرادة ليست فقط مصدرًا للحرية الشخصية، بل هي قوة كونية تسعى للسيطرة والنمو. كما أنه يرفض بشدة المفهوم التقليدي للأخلاق، ويرى أن الإرادة تتجاوز الخير والشر. يصف القوة كوسيلة لتحقيق الذات وتأكيدها، معتبراً أن "الإنسان الأعلى" يستخدم إرادته لتحطيم القيود الاجتماعية وتوجيه الحياة نحو أهداف خلاقة.
5. الفلسفة الوجودية – سارتر وهايدجر
جان بول سارتر: في الوجودية، تتمثل الإرادة في القدرة على اتخاذ القرارات الحرة، حتى في ظل غياب القيم الثابتة. يقول سارتر إن الإنسان "محكوم عليه بأن يكون حراً"، مما يعني أن القوة تتمثل في القدرة على تشكيل المعنى الشخصي للحياة وتحمل المسؤولية عن اختياراته، حتى في ظل انعدام الغاية الموضوعية.
مارتن هايدجر: يركز على مفهوم "التصميم " (Dasein)، حيث يرى أن الإنسان يمارس إرادته بوعي وجودي، وتكمن القوة في امتلاك الوعي بوجوده في العالم وفهم حدوده. الإرادة هنا ليست قهرية بل هي وعي بالوجود والزمان، مما يجعلها قوة هادئة تتقبل الوجود كما هو.
6. التحليل النفسي والفلسفة المعاصرة – فرويد وميشيل فوكو
سيغموند فرويد: يرى أن الإرادة ليست حرة بالكامل، حيث تحكمها دوافع لا واعية. القوة، وفقًا لفرويد، تأتي من القدرة على فهم الصراعات الداخلية بين الهو (الدوافع الغريزية) والأنا العليا (القيم المجتمعية)، ومن ثم توازنها لتحقيق "الأنا" الواعية.
ميشيل فوكو: يربط مفهوم القوة بالأنظمة الاجتماعية والمعرفية، حيث يرى أن الإرادة الإنسانية مقيّدة بالبنى الاجتماعية والمعرفة السلطوية. يركز فوكو على "إرادة الحقيقة" كقوة موجهة للتحكم في الأفراد وتشكيل وعيهم، موضحاً كيف أن الإرادة قد تكون خاضعة لنظم القوة السياسية والمعرفية.
القوة والإرادة من منظور إسلامي
شهد الفكر الإسلامي تناولًا عميقًا لمفهومي "القوة والإرادة"، حيث سعى الفلاسفة المسلمون إلى دمج الفلسفة العقلية بالمبادئ الدينية في مقاربة هذه القضايا. لقد عُدَّت الإرادة الإلهية المرجع الأعلى الذي تتناغم معه الإرادة الإنسانية، في حين أن القوة تمثلت في تحقيق التوازن بين قدرات الإنسان واستجابته لتوجيهات الشريعة. تعددت نظرات الفلاسفة المسلمين حول كيفية استخدام الإرادة وتوجيهها لتحقيق الخير والسعادة، وكيف يمكن أن تُستمد القوة من العلم، والعقل، والوعي الأخلاقي، مع تجنّب الانغماس في الشهوات.
تناول الفلاسفة المسلمون مثل الكندي، الفارابي، وابن سينا هذه القضايا في إطار البناء العقلي والأخلاقي للفرد والمجتمع، بينما اهتم الغزالي بارتباط الإرادة بالتزكية الروحية، ورأى ابن تيمية القوة الحقيقية في التوكل على الله. من جانبه، قدم ابن خلدون منظورًا اجتماعيًا يربط الإرادة بتماسك المجتمع. هذه الرؤى تسلط الضوء على أهمية الإرادة الحرة والقوة الداخلية كسبيل لتحقيق التوازن بين الطموح الفردي والمصلحة الجماعية، وهو ما يعكس بوضوح التكامل بين الدين والفلسفة في الفكر الإسلامي. وفيما يلي، نستعرض بعض أبرز آراء الفلاسفة المسلمين في هذا السياق:
1. الكندي
أبو يوسف الكندي، أول الفلاسفة المسلمين، ربط بين الإرادة الإنسانية وإرادة الله، معتبرًا أن القوة الإنسانية هي انعكاس للقوة الإلهية في الكون. يرى أن الإنسان، عبر العقل، يستطيع السيطرة على شهواته وتحقيق الفضائل. بالنسبة له، الإرادة تُبنى على الحكمة والمعرفة، وهما مصدران أساسيان للقوة الأخلاقية، حيث يتمكن الإنسان من الاقتراب من الكمال الروحي.
2. الفارابي
الفارابي، فيلسوف ومفكر إسلامي شهير، يركز في فلسفته على مفهوم "المدينة الفاضلة"، التي تُبنى على تعاون الأفراد لتحقيق الكمال الأخلاقي والمعرفي. يرى الفارابي أن الإرادة مرتبطة بالقوة العقلية التي تُسيطر على النفس، وأن القوة الحقيقية للفرد تتحقق عندما يعمل من أجل الخير العام وليس لتحقيق رغباته الفردية. الإرادة القوية هنا تتجسد في تجاوز الرغبات الشخصية والعمل من أجل المجتمع.
3. ابن سينا
ابن سينا (أو الشيخ الرئيس)، وهو من أبرز الفلاسفة في التراث الإسلامي، يرى أن الإرادة الإنسانية تتأثر بالعقل والقدرة على التمييز بين الخير والشر. يرى أن الإرادة القوية تأتي من القدرة على السيطرة على الدوافع الغريزية وتحقيق السمو الروحي. في فلسفته، الإرادة الإنسانية تستمد قوتها من المعرفة، حيث أن الشخص الذي يتمتع بالعلم لديه القدرة على توجيه إرادته لتحقيق الخير والسعادة الحقيقية.
4. الغزالي
حجة الإسلام أبو حامد الغزالي، من أشهر علماء وفلاسفة الإسلام، تحدث عن الإرادة والقوة من منظور أخلاقي وروحي. يرى أن الإرادة يجب أن تتناغم مع مشيئة الله، وأن القوة الحقيقية تكمن في توجيه الإرادة نحو الطاعة والابتعاد عن الشهوات. في رأي الغزالي، الإنسان يحتاج إلى تزكية النفس والتغلب على أهواء الجسد لتحقيق الإرادة الحرة. يُعد التحكم في الرغبات واختيار الطاعة طريقًا للوصول إلى الله وتحقيق القوة الداخلية.
5. ابن رشد
ابن رشد، الفيلسوف الأندلسي، يشدد على أهمية العقل كعنصر مركزي في تكوين الإرادة. يعتبر أن الإرادة الحرة للإنسان تُبنى على قدرته على الفهم والتحليل. يرى أن الإنسان يتمتع بإرادة مستقلة، لكن عليه استخدامها بطريقة منسجمة مع القوانين الطبيعية والإلهية. بالنسبة له، القوة تتجسد في الحكمة العملية واستخدام الإرادة لتحقيق العدالة والتوازن.
6. ابن تيمية
ابن تيمية، فيلسوف وفقيه إسلامي، يربط بين الإرادة الحرة والمسؤولية أمام الله. يرى أن الإنسان يمتلك حرية الاختيار، وأن هذه الإرادة يجب أن تُستخدم في سبيل الخير والإيمان. يشدد على أن القوة الحقيقية تكمن في التوكل على الله، وممارسة الإرادة بما يتوافق مع الشريعة. يرى أن إرادة الإنسان القوية تتجسد في الامتثال لأوامر الله، وتحقيق التوازن بين الواجبات الدينية والدنيوية.
7. ابن خلدون
ابن خلدون، رائد علم الاجتماع، يعالج مفهوم الإرادة والقوة من منظور اجتماعي وتاريخي. يرى أن الإرادة الإنسانية هي عنصر أساسي في تشكيل الحضارة، وأن القوة الحقيقية تكمن في تماسك المجتمع ووحدة إرادته. يعتبر أن الإرادة الفردية تحتاج إلى دعم من الإرادة الجماعية لتحقيق النمو والتطور، وأن ضعف الإرادة يؤدي إلى ضعف المجتمع وسقوط الحضارات.
وختامًا، يمكن القول إن مفهومَي "القوة والإرادة" قد تطورا ليصبحا من المفاهيم المحورية في الفلسفة الإنسانية، سواء في الفكر الأوروبي أو الإسلامي. فقد شكّلت الإرادة القوة الداخلية التي تمنح الإنسان القدرة على تحقيق ذاته في مواجهة تحديات الحياة، بينما تجسدت القوة كقدرة على السيطرة على النفس وتوجيهها نحو الأهداف النبيلة، سواء كانت فردية أو جماعية. تتفق رؤى الفلاسفة من مختلف الثقافات على أن الإرادة، رغم تنوع مصادرها الفكرية والدينية، تمثل جوهر الكرامة الإنسانية، حيث تعكس قدرة الفرد على الاختيار وتشكيل مسار حياته.
في الفكر الأوروبي، شهد مفهوم "القوة والإرادة" تطورًا متسارعًا من المفاهيم الكلاسيكية التي طرحها سقراط وأفلاطون حول السيطرة العقلية على النفس، إلى "إرادة القوة" التي قدمها نيتشه كتعبير عن طموح الإنسان للتحرر من القيود الاجتماعية والأخلاقية التقليدية. كما عبّر الفلاسفة الوجوديون، مثل سارتر وهايدجر، عن الإرادة كاختيار حر يتطلب شجاعة أمام العدم وفوضى الحياة، حيث يجب على الإنسان أن يُشكل هويته بفاعلية ويواجه مسؤولية قراراته دون أعذار. أما فوكو، فقد رأى أن القوة والإرادة لا يمكن فهمهما بمعزل عن الديناميات الاجتماعية والسياسية، حيث تُشكل الأنظمة المعرفية السلطة التي تؤثر على الفرد وتوجه إرادته.
على الجانب الآخر، قدّم الفلاسفة المسلمون فهمًا للإرادة والقوة يجمع بين الإيمان والعقل، حيث تُعَد الإرادة انعكاسًا لمشيئة الله ورغبة الإنسان في تحقيق الخير. ركّز الكندي والفارابي وابن سينا على أن الإرادة تُعزز عبر المعرفة والفضائل الأخلاقية، حيث تمنح القوة الحقيقية للفرد السيطرة على شهواته وتحقيق الانسجام بين الرغبات الشخصية والمبادئ الأخلاقية. أما الغزالي، فقد رأى أن قوة الإرادة تكمن في تزكية النفس والتغلب على الرغبات الدنيوية للوصول إلى السعادة الروحية، بينما شدد ابن تيمية على أن الإرادة تتحقق من خلال الامتثال للشريعة والتوكل على الله. من جهته، رأى ابن خلدون أن الإرادة تتجاوز الفرد لتشمل الإرادة الجماعية التي تشكّل أساس الحضارات ونهضة المجتمعات.
هذا التناول المتنوع والعميق لمفهومي "القوة والإرادة" في الفلسفتين الأوروبية والإسلامية يعكس نظرة شمولية للإنسان؛ ففي كلتا الفلسفتين، تم التركيز على ضرورة توجيه الإرادة نحو تحقيق التوازن بين الحرية الفردية والمسؤولية الاجتماعية. القوة ليست مجرد قدرة جسدية أو سلطة سياسية، بل هي، في أعمق صورها، قدرة على تحقيق الذات والتغلب على التحديات الذاتية والخارجية لتحقيق الخير الأكبر. تجمع الفلسفة الإسلامية بين القيم الروحية والأخلاقية، بينما يُركز الفكر الأوروبي على الإرادة كوسيلة للتحرر الوجودي، وهو ما يمنحنا نظرة ثرية ومتنوعة حول القوة الحقيقية التي تقود الإنسان نحو بناء حياة متكاملة وهادفة، تتوافق مع ذاته وبيئته ومجتمعه.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع القيم وتحرير الإنسان: قراءة في العلاقة الفلسفية بين مار ...
- من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الأخلاقي: مسار التغيير في ...
- صحافة المواطن في العصر الرقمي: التحديات والفرص نحو مستقبل جد ...
- الإلحاد الإبستمولوجي بين النقد الفلسفي وآفاق الفكر الحديث
- من النظرية إلى التطبيق: كيف يمكن تحقيق الاشتراكية العلمية؟
- عوامل نجاح الدور الصيني في إفريقيا
- تداعيات عملية «طوفان الأقصى» المسارات والمآلات
- تداعيات التغلغل الإيراني في القرن الإفريقي على الأمن القومي ...
- تداعيات إنشاء ممر -زانجيزور- في منطقة جنوب القوقاز، وانعكاسا ...
- عن الاقتصاد الأخلاقي أتحدث
- دور الاتصال التنظيمي في صناعة الصورة الذهنية للمنظمة
- تأثيرات العولمة على التدفق الإعلامي الدولي
- علاقة إيران بطالبان ومستقبل الشيعة الهزارة بأفغانستان
- الأساس الفلسفي والفكري للعولمة
- البعد الإعلامي للعولمة ... السمات والتأثير والمخاطر
- أسباب الأزمات التنظيمية وكيفية مواجهته؟
- الإعلام و إدارة الأزمات في المؤسسات الحكومية
- كيف يسهم الاتصال التنظيمي في صناعة الصورة الذهنية للمنظمة؟
- اقتصاد الانتباه كأحد أشكال الثروة
- هل تستطيع المؤسسات العربية الاندماج في اقتصاد المعرفة؟


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمدي سيد محمد محمود - القوة والإرادة: جدلية العقل والإيمان بين الفلسفة الأوروبية والإسلامية