ا -هان كانج- تحصد جائزة نوبل في الأدب لعام 2024 (3-3) إشبيليا الجبوري/ ت: من اليابانية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8146 - 2024 / 10 / 30 - 10:04
المحور: الادب والفن
    

- عن كتاب الكتاب الأبيض (مراجعة)؛

كتبت المؤلفة الحداثية هان كانغ الكتاب الأبيض/ هشاشة الذات والحياة تأملاً ذاتيًا قويًا حول حياة وموت الأشياء الحديثة الولادة. ركزت فيها (عن حياة وموت أخت حديثة الولادة). إذ تعد تحفة هان كانج الحداثية بعد،النباتيـ/ة، كان تأثيرها التراكمي مؤلما. كنت أعلم أنني كنت أتعامل مع أكثر أنواع الذكاء الكتابي تطورًا. كم كان من مثير اهتمام اكتشاف عمل كاتب/ة كوري معاصر كبير. ولكن ما الذي يدور حوله؟ يتميز جوهر القصة؟

إن رواية "الكتاب الأبيض" الصادرة عام 2016/2017(). لهان كانج (شغلت قائمة الأشياء البيضاء الرئيسية؛
كأشرطة التقميط، ثوب حديثي الولادة، الملح، الثلج، الجليد، القمر، الأرز، الأمواج، اليولان، الطائر الأبيض، "يضحك بصوت أبيض"، الورق الفارغ، الكلب الأبيض، الشعر الأبيض، الكفن) ().

أثناء ثبات مسارها ككاتبة، ركزت الراوية المجهولة الاسم على اللون الأبيض لتوجيه آلامها الداخلية بشكل إبداعي. من خلال قصص غنائية مترابطة، تتصارع مع المأساة التي طاردت عائلتها، وتحاول إيجاد معنى لوفاة أختها الكبرى باستخدام اللون الأبيض. من محاولة تخيل أول مرة تنتج فيها والدتها حليب الثدي إلى مشاهدة تساقط الثلوج والتأمل في عدم ثبات الحياة، تنسج قصة مؤثرة وصادقة عن وجود الحزن في كل مكان والطرق التي ندرك بها العالم من حولنا.

إذ كتبت بلغة آسرة وجميلة بشكل صارخ، يقدم "الكتاب الأبيض" استكشافًا متعدد الطبقات للون وغيابه، وعناد وهشاشة الروح البشرية، ومحاولاتنا لتطعيم حياة جديدة من رماد الدمار.

لم يكن الكتاب الأبيض مصمماً ليحظى بالنطاق السردي الذي تتمتع به الروايتين (النباتية. دروس اليونانية)(). بل إنه بدلاً من ذلك تأمل ذاتي مجزأ في وفاة أخت الراوية الرضيعة التي لم يذكر اسمها، والتي توفيت بعد ساعتين من ولادتها. وتعطي هان بحكمة نفس القدر من القيمة لتلك الساعتين من الحياة المعززة كما تفعل لوفاتها. إن قصة ولادتها، كما روتها من وجهة نظر الأم، التي كانت تبلغ من العمر 22 عامًا عندما اضطرت إلى ولادة الطفل الخديج بنفسها، تُروى ببساطة.

من حين لآخر، كانت والدتها تشعر بالخوف وتسحب أحد أركان اللحاف، لكن عيني الطفل لم تفتحا إلا لفترة وجيزة، ثم أصبحتا باهتتين ثم انغلقتا. وفي مرحلة ما، لم تعد حتى هذه الاستجابة الضئيلة قادمة. ولكن قبل الفجر، عندما خرج الحليب الأول أخيراً من ثديي أمها، وضغطت بحلمة ثديها بين شفتيها الصغيرتين، وجدت أن الطفل ما زال يتنفس على الرغم من كل شيء. ورغم أنها فقدت وعيها بحلول ذلك الوقت، فإن الحلمة في فمها شجعتها على البلع بهدوء، ثم ازدادت قوة بالتدريج. وكانت لا تزال مغمضة العينين طوال الوقت. ولم تكن تعرف أي حدود، فتجاوزتها الآن.

أذ أن الكتاب الأبيض؛ يستغرق الأمر بضعة فصول حتى يوجه القارئ نفسه ويصبح مرتاحًا لأسلوب الكتابة المجزأ والمتقطع. استمعت إلى الكتاب بالصوت ووجدت نفسي أعيد تشغيله عدة مرات لإعادة زيارة المكان الذي كنت فيه في القصة. ولكن بمجرد أن توقفت عن الاستماع لإشارات القصة التقليدية، انجرفت إلى النثر التأملي. تبدأ المؤلفة بسرد قائمة بالأشياء البيضاء. فاللون الأبيض هو لون الحزن في بلدها الأم كوريا الجنوبية. ولديها حدس مفاده أن كتابة كتاب مرتبط بالأشياء البيضاء سوف يشفيها. والقارئ هو مراقب لملاحظاتها. وتتدفق الأحداث والانطباعات، ولكنها تعود دائمًا إلى الحدث الرئيسي: فقدان والدتها لرضيع بعد ساعتين فقط من الولادة. وبينما تستكشف المؤلفة الحزن المحيط بالرضيع الذي لم تقابله قط، تدرك القارئة أنها لم تعالج التأثير الذي خلفه ذلك على حياتها. وتتخيل المؤلفة تجربة الرضيع في الحياة خلال تلك الدقائق القصيرة. وتتساءل عما إذا كانت ستولد لو لم يمت الطفل الأول. وتتساءل كيف كان ليكون لها أخت أكبر. ومن خلال هذه التخيلات، تحزن على وفاة والدتها مؤخرًا أيضًا.

وكأن هذه القصة نفسها أصبحت رحماً "نشأت فيه المؤلفة". كتبت هان هذه القصة أثناء إقامتها ككاتبة في وارسو. وعندما تتجول في الرواية حول مبنى دمر ذات يوم في غارة جوية عام 1944 ثم أعيد بناؤه، تلاحظ كيف أعيد بناؤه بأمانة، ودمج في هيكله الجديد بعمود قديم نجا. وهي تدرك أن وجود أختها، مثل ذلك العمود، يشكل جزءاً من تاريخها، وتتساءل عما إذا كانت تستطيع من خلال الكتابة عن وفاتها أن تمنحها حياة جديدة.

لا غرو. الكتاب الأبيض هو رحلة شعرية عبر حزن المؤلفة عن الحرمان. ومع ذلك، كما هو الحال مع معظم الأحزان، يكتشف القارئ، إلى جانب المؤلفة، أكثر من مجرد حزن واحد. يسمح حزن الموت للمؤلفة بمواجهة حياة مليئة بالخسائر. نلتقي بها وهي تستكشف وارسو، المدينة التي كادت أن تُدمر أثناء الحرب العالمية الثانية. تمشي المؤلفة على طول الشوارع مندهشة من مزيج الجديد والقديم الذي يتناقض مع أحزان الماضي وأفراح الحاضر. يتردد صدى القوة الساحقة للحياة في مواجهة الموت في جميع ملاحظاتها. هو رسالة عن الحزن واللون الأبيض بنظرة حادة وحساسة

دون شك يشكل عبارة عن اعتراف بالحب من راوية مجهولة لأختها الكبرى التي ماتت عندما كان عمرها بضع ساعات فقط. تتكون قصة الأخت من حليب الثدي والقماط وجلد الطفل الأبيض الأرزي. يتم دمج بياضها مع ذكريات بيضاء أخرى، والصباح الضبابي وقطعة السكر وكلب الجيران الأبيض ينسجون الأخت في حياة الراوي.

وينمو اللون الأبيض ليصف النفس البشرية وقدرتها على الصمود والحياة التي تنهض من رماد الدمار. الألم والحزن والجمال كلها تلمع باللون الأبيض ولا يمكن تمييزها عن بعضها البعض.

إن فكرة سيبالديان هذه هي الجانب الأكثر إثارة للاهتمام في الكتاب الأبيض، وهي بالتأكيد مصدر إلهام لكتاباتها الأكثر أهمية. تشرع الراوية في إعداد قائمة بالتركيز على الأشياء البيضاء التي تتفاعل بشكل مباشر أو غير مباشر مع موت أختها وحياتها بشكل انتقائي ومتوالي “دائري” ملفت() : أربطة التقميط، والملح، والأرز، والعظام، والحبوب، والشعر، وحليب الثدي، والضباب... وهي تأمل أن تكون عملية الكتابة "تحويلية، وأن تتحول هي نفسها إلى شيء مثل المرهم الأبيض الذي يوضع على التورم، مثل الشاش الذي يوضع فوق الجرح"().

يدور الكتاب حول الأشياء البيضاء التي تصبح جزءًا من طقوس الحداد والتذكر. وفي تأملها لحصاة بيضاء معينة، تلاحظ هان: "إذا كان من الممكن تكثيف الصمت في أصغر الأشياء وأكثرها صلابة، فهذه هي الطريقة التي نشعر بها"(). والموضوع السائد هو الزوال، والحياة الزائلة وقبول الهشاشة البشرية. إن عاصفة ثلجية في وارسو تمحو تفاصيل شوارعها، ولكن عندما تسقط على كم معطف أسود، فإنها "تكشف عن بلوراتها حتى للعين المجردة. مسدسات غامضة تذوب تمامًا"().

تكتب هان كانغ، الحائز على جائزة بوكر، عن اللون الأبيض والموت بحدة مذهلة وفي نفس الوقت بلطف. تم ترشيح الكتاب الأبيض، وهو جزء من السيرة الذاتية، لجائزة بوكر، وأشاد النقاد بمزيج الرواية الماهر من النصوص والصور الفوتوغرافية.

من حين لآخر، يقاطع لون آخر لوحة الألوان البيضاء هذه: أقدام طائر حمراء، أو طائر كرين يشق طريقه خارج الماء نحو صخرة. فقط عندما يعتقد المخلوق أنه لن يتأذى من مراقبة الإنسان لرحلته، فإنه يقف ساكنًا ويسمح للشمس بتجفيف قدميه.

في الفصل الخاص بمكعبات السكر الأبيض، تلاحظ المؤلفة كيف يتعلم الناس الاستمتاع بالحياة حتى في الحزن. تقول، "المعاناة لا تنفي الأفراح". ويتأمل فصل آخر عن الحصى البيضاء الصمت. تقول المؤلفة أنه إذا كان الصمت لونًا، فسيكون "أبيض كالحصى"(). لقد أذهلني الفصل الخاص بالسحب لكونه غنائيًا بشكل خاص واستمعت إليه مرتين أثناء الجلوس في الخارج، متذكرًا لعبة الطفولة في البحث عن صور داخل شكل سحابة. يصف أحد الفصول الأخيرة نذير الموت بالحبر الأسود على ورق أبيض. كان وجه المولود الجديد "أبيضًا مثل كعكة الأرز على شكل هلال القمر"() بينما كانت عيناها سوداوين. أعادت الصورة إلى الأذهان الطريقة التي ينتشر بها الحبر المائي على الورق الأبيض. "لقد استطعت أن أرى وجه الطفلة في ذهني وظل الموت وكأن فرشاة الرسم قد رسمت على خدها. يشعر القارئ بالذعر الذي يشعر به المرء على وشك فقدان شخص يحبه. وفي نهاية الكتاب، تقارن المؤلفة بين الحياة والموت، وتتهم الحياة تقريبًا بأنها غير كافية لحماية نفسه. تقول: "ستدير الحياة ظهرها لي"(). إنها حقيقة واضحة، لكننا غالبًا ما نتجاهلها. بمجرد أن يعرف الشخص الموت، وخاصة عندما تفقد الأم طفلها، لا يمكن نسيانه. الولادة من جديد

في أكثر حالاته جاذبية، تقترب الكتابة من أن تصبح جغرافيا نفسية رائعة للحزن، حيث تتحرك كما تفعل بين المكان والتاريخ والذاكرة. إذا كانت نغمة هان الرتيبة متوازنة بلا هوادة ولا تتراجع أبدًا عن الكرامة الهادئة، فربما لا يمكن كتابتها بأي طريقة أخرى. إنه لمن دواعي سروري أن أصادف شيئًا أبيض ليس حرفيًا مثل الحبوب البيضاء أو الشعر الأبيض، مثل عبارة "الضحك الأبيض"()، وهو تعبير تشرح الراوية أنه ربما "لا يوجد إلا في لغتها الأم"(). إن الضحك الأبيض يعني الضحك ولكن ليس الضحك الصادق: "الضحك الخافت، الكئيب، الذي يتحطم نقاءه بسهولة. والوجه الذي يشكله"().

ترتبط هذه الإشارات الأولى رمزية إلى اللون الأبيض بالحياة: الملابس الملفوفة وحليب الثدي. تروي المؤلفة الطريقة التي غالبًا ما تحكي بها الأم قصة وفاة الرضيع. يمكن اختصارها تقريبًا في عبارة واحدة، "من أجل الله، لا تموتي". هذه الجملة التي نطقت بها والدة المؤلفة للمولود الجديد، تصبح تعويذة تربط كل الأحداث معًا حتى مع إدراك القارئ والمؤلف جيدًا أن كل شيء يمر.

إن الكتاب الأبيض قد يعتبر لدى البعض. نص غامض، وربما يكون في جزء منه كتاب اغتراب. أو ابتهال علماني. ولربما يشكل وقفة إعجاب لي. عن بنية الكتاب وإطار الفكرة وهدفه. وتأتي بعض أكثر الكتابات المؤثرة عندما تتحدث الراوية مباشرة إلى أختها الصغرى. "أردت أن أريك أشياء نظيفة. قبل الوحشية والحزن واليأس والقذارة والألم، الأشياء النظيفة التي كانت لك وحدك، الأشياء النظيفة قبل كل شيء. ولكن الأمر لم يخرج كما كنت أقصد. لقد نظرت مراراً وتكراراً إلى عينيك، وكأنني أبحث عن شكل في مرآة سوداء عميقة”.

على الرغم من أن موضوع هذا الكتاب مؤلم، فإن النهج الشعري يسمح للقارئ بالابتعاد عن الحزن الذي تم تصويره. تدفع تأملات المؤلفة إلى التأمل ووجدت نفسي أتساءل، "إلى أي مدى يتخلى أي منا عن الماضي؟ هل من المفترض أن نفعل ذلك؟ متى يكون الوقت "المناسب" ؟"()

يمكن للحزن أن يشكل كل جوانب الهوية تقريبًا. إذا عشنا حياة متوازنة، فإننا نكون حزنًا وفرحًا في نفس الوقت." من خلال تأملات المؤلفة، يتم توجيه القارئ إلى أن يكون على وعي بالحياة: لا تدع الأفراح الصغيرة تمر دون أن يلاحظها أحد. في نهاية القصة، تعد المؤلفة أختها بأنها سترى الحياة من خلال عينيها، قائلة: "في كل تلك الأشياء البيضاء، سأتنفس آخر نفس أطلقته". تضغط بقلمها على المخطوطة وتكرر المانترا، "لا تموتي"، مضيفة، "عيشي"().


أخيرا. يمكننا التوقف بمسافة قول: إنه لا يوجود لأحداث روايات هان أي شيء مشترك تقريبًا مع سابقاتها باستثناء كتابتها الجميلة المذهلة وانشغالها بالموت. إنه كتاب يتحدى النوع ويتحدى القارئ لفهم بنيته غير العادية. من غير المرجح أن يجذب الكتاب الأبيض. عشاق الرواية التقليدية، لكنه سيكافئ القراء بذوق لسرد أكثر غير تقليدي.

وإن بدأ الكتاب الأبيض بقائمة رمزية مرتبطًة باللون الأبيض: ثوب طفل حديث الولادة، والثلج، والأرز، والورقة الفارغة، والمزيد. "مع كل عنصر كتبته، سرت موجة من الاضطراب عبر جسدي"، كما توضح الراوية. كما بينا أعلاه. "شعرت أنني بحاجة إلى كتابة هذا الكتاب وأن عملية كتابته ستكون تحويلية، وستتحول في حد ذاتها إلى شيء مثل المرهم الأبيض الذي يوضع على التورم، مثل الشاش الموضوع فوق الجرح. شيء كنت في احتياج إليه"().

لكن الإضافة هي تفتح أفق شراكة معرفية خلالها يتعلم القارئ أن الراوية لكاتبة كورية تعيش مؤقتًا في مدينة أوروبية مغطاة بالثلوج. في الآونة الأخيرة، أصبحت مشغولة بأفكار أختها الكبرى، التي ماتت بعد ساعات من ولادتها: "أكثر الحيوانات الصغيرة عجزًا. طفلة صغيرة جميلة، بيضاء مثل كعكة أرز على شكل قمر. كيف ولدت وترعرعت في مكان ذلك الموت". المدينة، التي دمرها النازيون تقريبًا أثناء الحرب العالمية الثانية، تلهم في الراوية أفكار الموت والبعث.

كما تفسخ خيارات أستراتيجية فيما يتألف البنية للكتاب الأبيض من وظائف مؤثرة وفاعلة اشتقاقات من خلال عدة فصول صغيرة، تحمل أغلبها اسم شيء أبيض، وكلها مرتبطة بطريقة ما بعائلة الراوية أو المدينة التي وجدت نفسها فيها. يستغرق الفصل الذي يحمل اسم حليب الثدي سبع جمل فقط لسرد قصة والدة الراوية المفجوعة، بعد يوم من وفاة طفلتها، وهي تعصر تيارًا من الحليب لن يستخدم لإطعام أي شخص. في "العاصفة الثلجية"()، تتذكر الراوية أنها علقت في عاصفة ثلجية في سيول منذ سنوات، "غير قادرة على فهم ما يمكن أن يكون عليه الأمر، هذا الشيء البارد للغاية، والعدائي للغاية. هذا الهشاشة المتلاشية، هذا الوزن القمعي للجمال".

وإنها لا تلغي وجود حبكة حقيقية في الكتاب الأبيض؛ ولا تجعل بديلاً من حبكة القصة، بل تقدم هان سلسلة من التأملات القصيرة حول الحزن والتحديات التي يفرضها الحداد على أحد أفراد الأسرة الذين لم تقابلهم قط. في بعض الأحيان، يبدو الأمر أشبه بمجموعة شعرية أكثر من أي شيء آخر - تحتوي بعض الفصول على فواصل أسطر، وهي تقنية تستخدمها هان بفعالية كبيرة لإيقاع القارئ على حين غرة. إن تركيز هان على لون واحد وموضوع الخسارة يذكرنا بكتاب تولستوي الحرب والسلم()، وهو الكتاب الذي تحدى أيضًا تصنيف النوع بعناد، على الرغم من أن الكتابين يستخدمان نهجين مختلفين تمامًا.

لكن محاولة استنباط نوع العمل الذي يمثله الكتاب الأبيض تبدو غير ذات صلة تقريبًا - فكتابة هان، والترجمة التي قامت بها ديبوراه سميث، دقيقة ورائعة للغاية، ويبدو أن محاولة تصنيفها في أي نوع أدبي مضيعة للوقت. إليكم كيف تصف هان مجموعة من الغسيل التي سقطت عن طريق الخطأ من شرفة: "انزلق منديل واحد، ببطء شديد، إلى الأرض أخيرًا. مثل طائر بجناحيه نصف مطويين. مثل روح تبحث بتردد عن مكان قد تحط فيه". تجد هان جمالًا غير مباشر في كل شيء تفكر فيه؛ يشعر القارئ بالإغراء لقراءة كل فصل مرارًا وتكرارًا بمجرد انتهائه.

تكون هان في أفضل حالاتها عندما تفكر الراوية في الأخت التي لم تتعرف عليها أبدًا، وكيف أصبح غيابها شيئًا أشبه بعضو آخر في العائلة. تتأمل الراوية أنه لو عاشت أختها، لما وُلدت قط: "هذه الحياة تحتاج إلى واحد فقط منا ليعيشها. لو كنت قد عشت بعد تلك الساعات القليلة الأولى، لما كنت أعيش الآن. حياتي تعني أن حياتك مستحيلة"().

الكتاب الأبيض رواية يصعب وصفها، ولكن من السهل أن تحبها. إنه كتاب دقيق، يصعب معرفته، ومن المستحيل تحديده، لكنه مليء ببعض أفضل كتابات هان حتى الآن. وهو أيضًا أحد أذكى التأملات حول ما يعنيه تذكر أولئك الذين فقدناهم. تكتب هان: "هناك ذكريات معينة تظل غير قابلة للانتهاك من ويلات الزمن. ومن معاناة المعاناة. ليس صحيحًا أن كل شيء ملون بالزمن والمعاناة. ليس صحيحًا أنهما يجلبان كل شيء إلى الخراب"().
لقد نجح الكتاب الأبيض، بسلاسة حبكته، في عكس رغبة هان الملحة في تجاوز الألم باللغة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2024
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 10/30/24
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات