|
باي حال عدت يا عيد
خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 1780 - 2006 / 12 / 30 - 12:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لن يجد العقيد بعلوشة من يقبلهم صبيحة يوم العيد.. ولن تستمتع زوجته برؤية فلذات كبدها وهم يلبسون الملابس الجديدة ويحملون ألعابهم ويخرجوا إلى الشوارع ليلعبوا مع أقرانهم.. وهدى أبو غالية لن تجد صبيحة هذا العيد صدر أمها الحنون ليضمها إليه.. ولن تفرح باللعب مع إخوتها ولن تتمكن من الاستمتاع بتناول إفطار العيد المميز دائما معهم .. وبدلا من ذلك سيقضي العقيد بعلوشة وعائلته والطفلة هدى أبو غالية نصف نهارهما عند قبور احبائهما.. يبكيان بحرقة.. وهم الآن وأكثر من أي وقت سيشعروا بالفراغ وبالفراق المر لاعزائهما.. أما صديقي الضابط في احد أجهزة الأمن-- فسيشرب ليلة العيد ونهاره علبة كاملة من المهدئات-- كي لا ينفجر دماغه لعجزه عن توفير ما يلزم أطفاله من ملابس للعيد ومن مأكولات خاصة تعود أن يأتي بها لأطفاله في كل الأعياد.. وحتى لن يستطيع منح أطفاله ما يطلبونه أو ما يفرحهم من النقود . فالفوضى والفلتان الأمني وحرب الإخوة الأعداء.. جعلتا حياتنا جحيما لا يطاق.. ولم يعد المواطن الفلسطيني آمنا لا على روحه ولا على أملاكه.. كل ذلك لغياب الأمن واندحار القانون.. أمام جحافل الزعران والخارجين عن القانون.. وأمام ميليشيات التنظيمات والعائلات.. القلق سيد الموقف-- ففي كل لحظة تسمع صوت إطلاق نار من عابثين بالسلاح أو مستعرضين به يبغون إرهاب خصم لهم أو واحد من الناس-- يكون قد تهور في لحظة وانتقد تصرفا مشينا بدر منهم ( وما أكثر تصرفاتهم المشينة ).. أو تسمع خبرا عن طوشة استخدمت فيها الأسلحة البيضاء أو النارية.. أو يأتيك خبر حادثة اعتداء على مؤسسة خاصة أو عامة.. أو تسمع عن عملية تهديد أو ابتزاز لشخص ما أو عائلة ما.. وفي الغالب يكون معظم الضحايا من الناس الأبرياء-- الذين لا ذنب لهم إلا لأنهم بلا ظهر أو لأنهم كانوا في التوقيت الخطأ في المكان الخطأ .. وفي كل نشرة أخبار أو على كل موقع إخباري الكتروني تقرا أو تشاهد ما يغم بالك وتشمئز منه نفسك.. فتبقى طوال الليل تفكر إلى أين نحن سائرون..؟؟ ونحو أية هاوية نحن متجهون..؟؟ فالعقيد بعلوشة حرم من أطفاله الذين قتلوا بدم بارد-- وبيد فلسطينية.. فكيف سيستقبل هذا العقيد يوم العيد..؟؟ وماذا سيقول لزواره الكثر الذين سيأتون صبيحة يوم العيد لمجاملته ومواساته.. هل سيقول لهم اطمئنوا ولا تخافوا على أطفالكم فقد تم إلقاء القبض على المجرمين..!! وان القتلة ومن وراءهم في طريقهم لينالوا حكما قضائيا يستحقونه.. أم انه سيقول لهم-- ليشتري كل واحد منكم السلاح الذي يقدر على شرائه.. وليستعد للدفاع عن نفسه بالشكل الذي يراه مناسبا.. وبذلك تتحول حياتنا إلى غابة من السلاح-- غابة نعيش فيها كالوحوش-- القوي فيها يأكل الضعيف.. أما هدى أبو غالية.. وأطفال بيت حانون.. وأهالي الشهداء في قباطية والسيلة الحارثية ونابلس وجنين ومخيمي بلاطة والعين وباقي مدننا وقران ومخيماتنا.. فكيف سيستقبلون العيد-- وفي كل بيت فيها يوجد شهيد أو جريح أو أسير.. كيف سيستقبلون العيد وجرائم المحتل تتواصل.. وتتزايد وتيرة تهديداته بوقوع الأسوأ.. قطاع غزة المظلوم بوصفه محرر يئن من وطأة حصار بري وبحري وجوي.. جعل حياة الناس هناك أسوأ أكثر مما كان سابقا-- وخصوصا مع حالة الاقتتال الداخلي-- التي تهدا أحيانا لكنها لا تنتهي-- وذلك لان طرفي الصراع هناك يقفان بمواجهة بعضهما البعض كالديوك.. ويتنازعان على سلطة اقل ما يقال عنها أنها سلطة ( مهريّة ).. الشهداء أصبحوا عندنا مجرد أرقام تطول وتطول.. والمشاركون في الجنازات يقلون يوما بعد يوم.. ليس لان الشعب لا يحترم الشهداء-- ولكن لان الشعب تعود على حالات الاستشهاد وعلى جرائم المحتلين.. وبالتالي أصبحت عندنا المشاركة بالجنازات ( فرض كفاية بعد أن كانت فرض عين ).. والأسوأ من كل ذلك والأخطر هو حالة الفقر والجوع.. التي تتسبب بأمراض اجتماعية أخذت تستفحل وتنتشر في مجتمعنا كالأوبئة.. حيث تتفكك الأسر.. وتتغلغل ظواهر الفساد والسقوط الأخلاقي في المجتمع وتنتشر كالنار في الهشيم-- دون أن يتنبه لها أو يسلط الضوء عليها أي من الكتاب أو أي من مراكز البحث.. أو حتى يفكر بتداعياتها على مستقبل شعبنا ونضاله أي من الساسة أو القيادات.. فصديقي ضابط الأمن ( وكل زملاؤه العاملين في أجهزة الأمن وعددهم يفوق الخمسين ألفا ).. لم يحصلوا على رواتبهم منذ أكثر من عشرة شهور.. وكل ما تلقوه من سلف لم يتجاوز الثلاث مرات-- وفي كل مرة لم يستلموا أكثر من ألف شيكل.. فمن يعين هؤلاء الذين لا تفكر بهم الحكومة-- لأنهم محسوبين على الرئاسة أو بالاحرى محسوبون على فتح.. أما الرئاسة التي وحسب القانون هي المسئولة عنهم.. فتركتهم للجوع والفاقة-- لتسجل النقاط على الحكومة.. وغير هؤلاء يعيش عشرات آلاف الموظفين العاملين في الأجهزة المدنية دون امن على مستقبل رواتبهم.. وما زال البعض منهم يعاني من انعدام الرواتب أما البعض الآخر فيعاني من عدم انتظام دفعها لهم.. والى جانب كل هؤلاء يعيش مئات آلاف العمال ظروفا اقتصادية غاية في الصعوبة.. وينتظرون في كل شهر أن تقوم بعض المؤسسات باستيعابهم على ما يتيسر لها من برامج للبطالة.. أو ينتظرون المساعدات الإنسانية.. التي تتكرم بها عليهم بعض المؤسسات الدولية.. هذه هي أجواء العيد هذا العام في بلادنا.. ومع كل ذلك ما زال المواطن يقول لأخيه عندما يسأله عن أحواله ( جيدة والحمد لله ).. وما زلنا جميعا نتمنى في كل عيد أن يأتي العيد القادم ونحن نعيش بحال أفضل مما نحن فيه.. قد يكون الأمل هو سلاح شعبنا الذي يقاوم فيه عاتيات الزمن.. ومن المؤكد انه كذلك أسهم إلى درجة كبيرة في استمرارنا بالعيش على هذه الأرض.. ولكن الأمر الذي لا جدال فيه أن كل عيد يأتي تكون فيه حياتنا أسوأ من العيد الذي سبقه.. وهذا ما ينطبق على عيدنا هذا العام.. انه عيد بائس حزين.. عيد يفتح الجروح الكبيرة بدلا من أن يساهم بالتئامها.. وحتى الأطفال الذين كنا نقول أن العيد هو عيدهم-- لن يستمتعوا هذا العيد.. ولن ينالوا ما يتوقعوه من الفرحة والبهجة..
#خالد_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدنا حل
-
يا هيك النساء يا بلاش - حانونيات فلسطينيات
-
المتمردون
-
- شهداء وضحايا
-
الانروا تكافح الارهاب الفلسطيني..!!
-
من حق المضربين رفض توجيهات الرئيس
-
الاضراب ليس كفرا ولا خيانة
-
بين حانا ومانا
-
لا مقاومة ولا مساومة
-
ولى زمن الاوغاد
-
إنها شيطانة.. فارجموها
-
آن الأوان ليقوم الفلسطينيون مجتمعون بإعلان حل السلطة وتحميل
...
-
فتح وحماس.. دمع على الحكومة ولعاب على المنظمة
-
وثيقة الاسرى الفلسطينيين.. تحليل وموقف وتوقعات
-
الحوار الحقيقي لم يبدأ.. وفتيل الانفجار لم ينزع
-
هتافات لمسيرة بمناسبة بدء الحوار الوطني الفلسطيني
-
كلمة في مهرجان مخيم الفارعة بالذكرى ال 58 للنكبة
-
هنيئا لاولمرت بيوم الأرض
-
اللعنة على السياسة
-
استحداث وزارة لشئون اللاجئين في فلسطين خطوة بالاتجاه الصحيح
المزيد.....
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
-
إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق
...
-
مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو
...
-
وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
-
شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
-
فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|