أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خيري فرجاني - مبدأ الفصل بين السلطات















المزيد.....

مبدأ الفصل بين السلطات


خيري فرجاني

الحوار المتمدن-العدد: 8144 - 2024 / 10 / 28 - 02:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعتبر مبدأ الفصل بين السُلطات أحد أهم المبادئ الرئيسية التي تعتمد عليها أغلب الأنظمة الحاكمة في دول العالم، والذي يُساهم في تنظيمِ الحياة السياسية بأسلوب صحيح، ويتناسب مع طبيعة السلطة الحاكمة في الدولة، ويُعرف مبدأ الفصل بين السُلطات بأنه الوسيلة التي تضمن تحقيق التوازنِ بين السلطات الثلاث الرئيسية داخل الدولة، وهي السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، فيساعد ذلك في منع تداخل عمل هذه السلطات مع بعضها البعض، ويضمن استقلالية كل منها عن الأخرى.
الخلفية التاريخية لمبدأ الفصل بين السُلطات:
يعتبر المفكر الفرنسي "مونتيسكيو" هو أول من اهتم بوضع القواعد الأولى لهذا المبدأ السياسي الهام ، حيث تشير الأبحاث التاريخية إلى أن مونتيسكيو عمل على صياغة كافة الأفكار المرتبطة بهذا المبدأ في كتابه الهام المعنون بـ "روح القانون"، الذي ألفه عام 1748م، والذي كان له تأثيرا كبيرا على النظام الديمقراطي في فرنسا.
اعتمد مونتيسكيو على دراسة الوضع السياسي القائم في أوروبا في القرن الثامن عشر للميلاد، والذي تأسس على فكرة السلطة المطلقة، والتي تتحكم بكافة القرارات والقواعد المطبقة داخل النطاق الجغرافي للدولة، وتم تهميش دور العديد من الهيئات الإدارية، والتنفيذية في الدولة، ومع زيادة الوعي الفكري السياسي صار من الضروريّ استخدام مجموعة من المبادئ السياسية التي تساهم في النهوض بالدولة المدنية الحديثة، ومن أهمها مبدأ الفصل بين السلطات.
كما جاءت أفكار الفيلسوف "جان جاك روسو"، لتعزز من دور هذا المبدأ في الفصل بين السلطات السياسية داخل الدولة، من خلال كتابه المعنون بـ"العقد الإجتماعي"، فرأى أنه من الضروري أن يكون للشعب دور في اتخاذ القرارات، عن طريق وجود قواعد تساهم في تنظيم عمل السلطات المختلفة داخل الدولة (التنفيذية، والتشريعية، والقضائية)، باستخدام العديد من الوسائل، مثل: الاستفتاءات الشعبية والتصويت، وغيرها من الوسائل الأخرى.
وفي العصر الحديث مع مطلع القرن العشرين صارت معظم دول العالم تهتم بفكرة تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات كجزء من نظامها السياسي العام، وقد حرصت العديد من الدول في العالم على النص على هذا المبدأ في الدستور.
أنواع الفصل بين السُلطات:
ينقسم الفصل بين السلطات إلى نوعين رئيسيين، هما :
أولا : الفصل التام:
ويمثله النظام الرئاسي، مثل: الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الفصل الذي يحقق فكرة الاستقلالية التامة بين السلطات، والذي يضمن استقلال كل سلطة عن غيرها من السلطات، كفصل البرلمان (المجلس النيابي) عن الحكومة، وفصل الحكومة، والبرلمان عن الهيئة القضائية، وهكذا يتم تحقيق المساواة، والعدالة بين كافة السلطات الرئيسية داخل الدولة.
ثانيا : الفصل المرن:
ويمثله النظام البرلماني، مثل: بريطانيا، وهو الفصل الذي يساهم في توزيع الأدوار بين السلطات الرئيسية، مع المحافظة على إمكانية تطبيق التعاون بينها في العديد من القرارات، وأيضا يساهم في تطبيق التعاون الوظيفي بين السلطات، مثل: اختيار وزراء من أعضاء البرلمان. ويعتبر مبدأ الفصل بين السلطات أحد المبادىء الأساسية التي ترتكز عليها النظم الديمقراطية الغربية بصفة عامة، وهو مبدأ رئيس وهام للديمقراطية في جوهرها على نحو يماثل في الأهمية مبدأ سيادة الشعب.
أهميه مبدأ الفصل بين السلطات:
لقياس أهمية مبدأ الفصل بين السلطات يتعين علينا الإشارة إلى النظم الملكية التي كانت سائدة في أوربا حتى القرن الثامن عشر (الذي عاش فيه مونتيسكيو)، هذه النظم الملكية كانت تُأسس على فكرة الملكية المطلقة، وذلك بتركيز سلطات الدول التنفيدية والتشريعية والقضائية في يد شخص واحد هو الملك، فكانت السيادة حكرا على الملك وحده، حتى وإن كانت توجد مجالس وموظفون يعاونون الملك في إدارة شؤون الدولة والسلطة، إلا ان دورهم كان هامشيا؛ لأن القرارات الكبرى كانت تُتخذ بإرادة الملك وحده، ونتج عن ذلك شيوع الإستبداد والظلم والعدوان على حقوق وحريات الأفراد، وغياب دولة القانون والمشروعية.
بيد ان مبدأ الفصل بين السلطات وعدم تركيز السلطة بيد جهة واحدة يؤدي الى احترام كل سلطة للسلطات الأخرى وعدم تداخل السلطات، ومن خلال الرقابة التي تقوم بها كل سلطة على الاخري يمكن أن يحد من المخالفات.
وتتبني الانظمة السياسية والدستورية مبدأ الفصل بين السلطات، من خلال تحريم ان يجمع شخص واحد او هيئة واحدة السلطتين التشريعية والتنفيذية، حتي لا تنعدم الحرية السياسية وتسير مصالح الدولة سيرا حسنا، وتصان الحريات الفردية وتحول دون استبداد الحكام، غير ان الفصل بين السلطات لا يعني الفصل التام المطلق وانقطاع اصره الصلة بينها بشكل كامل.
السلطة السياسية :
يقصد بالسلطة السياسية هي تلك الهيئة المنظمة التي تتولى حكم الشعب، والاشراف على مصالحه ورعايتها وادارة الاقليم وحمايته وتعميره، وتنظيم استغلال ثرواته، والسلطة هي ظاهرة ملازمة لكافة المجتمعات البشرية على مر التاريخ -حتى الفوضوية منها- وهي تظهر في المجتمعات السياسية من أجل المحافظة على الوجود الجماعي، وحماية سكان المجتمع والدفاع عنه، والدليل على ضرورة وأهمية السلطة أنه كلما ضعفت السلطة نشأت مكانها سلطة أخرى، والسلطة السياسية هي المعيار المميز للدولة عن غيرها من الجماعات السياسية التي لم تصل بعد إلى مستوى الدولة، كالقبيلة والعشيرة، كما أنها تميز الدولة عن غيرها من الوحدات الأخرى.
سلطات الدولة الثلاث (التنفيزية، التشريعية القضائية):
تتكون الدولة من ثلاث سلطات رئيسية وهي:
- السلطة التشريعية.
- السلطة التنفيذية.
- السلطة القضائية
أولاً: السلطة التنفيذية:
يقع على عاتق السلطة التنفيذية تنفيذ ماتقرره السلطتان التشريعية والقضائية ويختلف تشكيل السلطة التنفيذية من نظام إلى آخر. فالنظام الرئاسي يتم بها انتخاب الرئيس مباشرة من قبل الشعب، وبعد ذلك يقوم الرئيس بتعين الوزراء، أمافي النظام البرلماني فقد يكون منصب الرئيس او الملك منصب فخري, عندها يتولي رئيس الوزراء قيادة البلاد, ويتم تشكيل الحكومة من قبل الاغلبية البرلمانية, او من خلال ائتلاف لمجموعة من الاحزاب السياسية, وينظر الي التجربة الامريكية كأفضل تجربة رئاسية في العالم، بينما تعتبر التجربة البريطانية من افضل النماذج علي الطريقة البرلمانية .
وظائف السلطةالتنفيذية:
من أهم وظائف السلطة التنفيزية حق اقتراح القوانين التي ترفعها للسلطة التشريعية، حق الاعتراض على القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية، حق إصدار اللوائح والأنظمة، المفاوضات وعقد المعاهدات، اعتماد السفراء وقبولهم وقيادة السياسة الخارجية في المحيطين الإقليمي والدولي، منح الأوسمة، العفو الخاص، حماية الوطن في وجه المخاطر الداخلية والخارجية، تعين كبار موظفي الحكومة، تقديم الموازنة للبرلمان بعد إعدادها من قبل وزارة المالية. هذا، بالإضافة إلى العديد من الوظائف الذي ينص عليها دستور الدولة .
ثانياً: السلطةالتشريعية:
هي سلطة يتم انتخابها من قبل الشعب مباشرة وبشكل دوري لمدة معينة تختلف من دولة الي اخري بالاضافة الي اختلاف عدد النواب، وللسلطة التشريعية نظام للانعقاد والحل والدعوة للانعقاد والاجازة، وتختلف تسميتها من دولة لأخري.
فقد تتكون السلطة التشريعية من مجلسين إحداهما منتخب والآخر معين أوكلاهما منتخب، بحيث يكون لكل حالة مميزات وسلبيات في نفس الوقت، فنظام المجلسين يؤدي الي سن قوانين وتشريعات بعد مناقشتها بشكل مستفيض وموسع، بينما في نظام المجلس الواحد تكون هناك سرعة كافية في نظام اعتماد التشريعات والقوانين بسبب عدم الحاجة للذهاب الي مجلس اخر للنقاش والمداولة .
وتعتبر الولايات المتحدة مثالا للمجلسين، مجلس النواب ومجلس الشيوخ وكلاهما يشكلان الكونجرس وهما منتخبان، وفي بريطانيا مجلسين، مجلس العموم ومجلس اللوردات الأول منتخب والثاني معين.
وظائف السلطة التشريعية:
للسلطة التشريعية عدة وظائف هامة، منها اقتراح مشاريع القوانين وإقرارها بعد مناقشتها بالقراءات المختلفة، مناقشة سياسة الحكومة داخليا وخارجيا، إقرار الموازنة العامة بعدإعدادها وتدقيقها من قبل السلطة التنفيذية، إقرار العفو العام بعد صدوره من السلطة التنفيذية، سحب الثقة من الحكومة أو أحد أعضائها خاصة في الديمقراطيات البرلمانية كما هو الحال في بريطانيا، مساءلة الحكومة أوأحد أعضائها كماهو الحال في النظام البرلماني، مراقبة السلطة التنفيذية في سياساتها وسلوكها العام.
ثالثاً: السلطةالقضائية:
وهي التي تمثلها المحاكم المختلفة بأنواعها المتعددة، والتي تبدأ من المحاكم الإبتدائية والاستئناف ومحكمة النقض، بالإضافة إلى المحاكم الدستورية، والمحاكم الإدارية.
وظائف السلطة القضائية:
تقوم السلطة القضائية بتنظم العلاقة بين الأفراد، تنظم العلاقة بين الأفراد والدولة ويتولاها القضاء الإداري، تفض المنازعات، مراقبة السلطتين التشريعية والتنفيذية ومدى التزامهم بالدستور وهو عمل المحاكم الدستورية، حماية حقوق الناس وحرياتهم الأساسية ومنع انتهاكاتها، إقرار مدى دستورية التعديلات التي تتخذها السلطة التشريعية، خاصة فيما يتعلق بالتعديلات التي تجري على الدستور.



#خيري_فرجاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام السياسي وديمقراطية الاجتثاث:
- جدلية العلاقة بين الدين والتنوير
- مفهوم الفردانية في الفكر السياسي الحديث
- الليبرالية في مواجهة الأصولية
- محمود عساف مؤسس مخابرات الإخوان:
- أهمية توطين صناعة السفن في مصر:
- الأطر المحددة لبنية النظام العربي
- أهم التحديات التي تواجه المنطقة العربية
- استراتيجية استشراف المستقبل العربي في ظل التحديات الراهنة
- العلاقة بين صولية الدينية والرأسمالية الطفيلية:
- أهمية الوحدة العربية في ظل التحديات الراهنة:
- صورة الله في المخيال الأصولي:
- طه حسين رائد التنوير
- الأصولية ووهم الخلافة -من البنا إلى البغدادي-:
- إشكالية علاقة المثقف بالسلطة في المجتمعات العربية:
- دور الإصوليات الدينية في إدارة الصراع السياسي:
- مبدأ تكافؤ الفرص:
- تأثير الحرب في غزة على الاقتصاد المصري:
- مفهوم دولة القانون
- دور الإسلام السياسي في نشر خطاب الكراهية


المزيد.....




- مصر.. ما يحصل بالبحر المتوسط ومصير مدن مثل الإسكندرية بعد في ...
- ترامب يمارس -ضغوطا هائلة- لتمرير مشروع قانون يثير قلق الجمهو ...
- ميكروبات تحوّل النفايات البلاستيكية إلى باراسيتامول
- هل تشكل صحة العظام قلقا للرجال؟
- مصدران أميركيان: إيران أجرت استعدادات لتلغيم -مضيق هرمز-
- موجة حر مبكرة تجتاح دولا أوروبية.. وتسجيل درجات حرارة قياسية ...
- أكسيوس: إسرائيل مستعدة لمحادثات مع حماس لإتمام صفقة الرهائن ...
- بسبب انخفاض المخزون.. أميركا توقف شحنات أسلحة إلى أوكرانيا
- دولة أوروبية تحظر استخدام الألعاب النارية ليلة رأس السنة
- الاتحاد الأوروبي يعلن استعداده لتسهيل استئناف مفاوضات البرنا ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خيري فرجاني - مبدأ الفصل بين السلطات