|
لماذا الجامعة الشعبية المغربية Université Populaire du Maroc UPM ؟ الجزء الرابع
المريزق المصطفى
الحوار المتمدن-العدد: 8141 - 2024 / 10 / 25 - 00:49
المحور:
قضايا ثقافية
موضوع الجامعة الشعبية المغربية، هو من بين المواضيع المرتبطة كليا بموضوع العدالة المعرفية والحرية الاجتماعية والمدنية.. وموضوع اللاعدالة المعرفية، يقودنا لفهم طبيعة سلطة المعرفة التي تفرض على الآخرين سلطتها إما بالوراثة أو بالتعسف أو بالتدجين، أو من خلال قوانين وتشريعات وعادات وأعراف تحددها وتدعو للتمسك بها داخل الأسرة، وفي الفضاء العمومي، وداخل الفضاء المدرسي والتربوي.. و على ضوء ما سبق ذكره، فقد كان للجامعة الشعبية المغربية الشجاعة للاعتراف بالمكتسبات المرتبطة بالحرية وحقوق الإنسان ببلادنا، وتحويلها إلى حقوق أساسية في كل ما له علاقة ب"وجودنا الاجتماعي"، من أجل فتح ثغرة في جدار الفكر المنغلق على الواقع، والذي لا يعترف إلا بنفسه وب"ورثته".. أما الجزء العظيم في هذه التجربة المواطنة، فهو ارتباط الجامعة الشعبية المغربية بالتراث الثقافي والفكري والعلمي والتربوي والتنويري الكوني والإنساني الذي خلفته العديد من تجارب "الجامعات الشعبية" عبر العالم منذ أزيد من 3 قرون، والتي تطورت بشكل كبير وملحوظ منذ القرن التاسع عشر..لذلك فهي لا تحتاج أن تكون محبوبة أو مكروهة من قبل أي كان، ما دام ينفذ منها النور والهواء النقي. ارتبطت نشأة الجامعة الشعبية المغربية بتصدر الحق في المعرفة للجميع كحق من حقوق الإنسان، بكثير من الاهتمام والفضول، في بيئة لازالت تؤمن ب"الشمولية" أكثر من إيمانها ب"النموذج"! ولأن العدالة المعرفية من باب اهتماماتها، سواء من جهة إنتاجها أو من جهة نقلها وحفظها، فهي من منظورها ( الجامعة الشعبية المغربية) قضية وأهمية مطلقة وجوهرية لتطور مجتمعنا في تنوعه الأكثر غنى، وفي ارتباطه بقيم العدالة والحرية والمساواة كما ينصّ عليها الدستور المغربي. ولأن الواقع المغربي وما يشهده من نفور واستبعاد وهروب من الثقافة، وما يعرفه من هدر مدرسي وجامعي، وما يتجرعه من "سموم" شبكات التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام المتخصصة في إنتاج ثقافة التفاهة، نتيجة أزمة بنيوية في التعليم وحقول التربية، ومنابع إنتاج ونقل المعارف في مختلف الحقول والاختصاصات؛ فإن كل المؤشرات السلبية تفضح اليوم إنهيار القيم الإنسانية النبيلة. وهو ما تعتبره الجامعة الشعبية المغربية، مسا فاضحا بالحرية والانعتاق. وفي ضوء ذلك، ما الذي ننتظره من الجامعة الشعبية المغربية؟ وأي دور لها في النهوض بثقافة العدالة المعرفية، وترسيخ الديمقراطية، وإشعاع الواجب التنويري الديمقراطي؟ منذ انطلاقتها الفعلية سنة 2018، بعد ندوة وتكريم المفكر الراحل محمد صلاح الدين بمكناس بحضور كل أفراد أسرته (موسم 2016-2017)، وضعت الجامعة الشعبية المغربية على عاتقها مسؤولية وطنية ثقيلة، تمثلت في الدور التنويري الذي من واجبها القيام به، لتكون منارة للعلم والفكر والمعرفة للجميع بالمجان، وركيزة من ركائز نمو وتقدم مغرب الحاضر والمستقبل. وفي ضوء تجربتها على مدار ما يقرب 10 سنوات، يستمر قيامها، في موسمها الجديد 2024- 2025، على ثلاث مبادئ أساسية، وهي مبدأ المساواة، ومبدأ العدالة، ومبدأ الإنصاف، لتكريس الحق في المعرفة كحق من حقوق الإنسان، وضمان تكافؤ الفرص. ومن دون أن تربط نفسها صراحة بحسب أو نسب من الأنساب السياسية أو الأيديولوجية، وضعت على عاتقها قضية النهوض بعدالة المعرفة كالتزام عملي يترجم أهدافها فعلا وممارسة، تكون هي ذاتها سيدة لنشر الثقافة والمعرفة في صفوف رائداتها وروادها ومحيطها، ولدى كل من يتابع ديناميتها من قريب أو بعيد. إن التفاوت الاجتماعي والاقتصادي والمجالي ، وما خلقه من تشوه وضعف بنيوي للطبقات بشكل عام، كرس اللاعدالة في الولوج إلى المعرفة في بلادنا، وعمق مظاهر التخلف، وعطل ماكينات إنتاج القيم بكل معانيها، وأنتج كبديل لها تسليع المعرفة في أسواق الربح والجشع، وضرب عرض الخائط مبدأ تكافؤ الفرص. وانطلاقا مما سبق، وعلى درب استمراريتها، تعمل الجامعة الشعبية المغربية على المساهمة في تحرير المعرفة الاجتماعية من الاحتكار ومن تسلط المجموعات الصغيرة عدديا عليها، في غياب حدوث "تفاعل" بين المفكرين والمثقفين النقديين، والطليعة الديمقراطية. وبطبيعة الحال، وانطلافا من ما راكمته الجامعة الشعبية المغربية خلال الفترة السابقة من رؤية نقدية للتوتر الاجتماعي في مجال التعليم والتربية والتكوين، فهي لم تخدع نفسها، ولا تعتبر إسهاماتها سيكون لها آثار على المستوى القريب والمتوسط، بل دور الجامعة المواطنة من أجل المعرفة للجميع وبالمجان، هي عملية تنويرية طويلة الأمد. ونقدها للواقع الاجتماعي ليس بالمعنى النظري الخالص، بل بطريقة عملية. وهكذا، فإن الشكل الجامعي للجامعة الشعبية المغربية التواقة للعدالة المعرفية تم تنظيمه، بمساهمة العديد من الأساتذة الباحثين والأطر المتطوعة، لنقد المغزى الاجتماعي لمحتوى المعرفة السائدة ولمقرراتها ومناهجها. وقد أنشأوا بأنفسهم مع رائدات ورواد الجامعة، مقررات دراسية جديدة، مشجعين إنعام التفكير النقدي بشأن المجتمع، وبشأن التعليم على وجه الخصوص. لا يمكننا هنا أن نقدم تاريخا وفيا لكل الأنشطة التي تم تنظيمها طوال هذه السنوات التي مرت كالبرق. ومن المؤسف أن مجانية التعلم في هذه الجامعة وتطوع أساتذتها وأطرها، لم تجلب أنظار المسؤولين الحكوميين وغير الحكوميين والفاعلين في القطاع الخاص كذلك! وهذا لا يمثل فقط مجرد هيمنة المعرفة الرسمية، بل هو، أساسا، التخلي عن كل ممارسة معرفية نقدية، والتخلي عن كل ما يمكن له أن يساهم في تحقيق النمو الشامل في المجتمع والحد من اللامساواة أمام غياب تكافؤ الفرص وانتشار البطالة والهدر المدرسي والجامعي، نظرا لانخفاض مستوى الوعي السياسي العام عند الفاعلين الوطنيين والديمقراطيين المعنيين بالتقدم والتغيير والتحسيس والتكوين والتوجيه، ورفع اليأس والتذمر من مستوى العفوية إلى مستوى الوعي، وتقوية حبال التطوع والتضامن، والرفع من مستوى المشاركة السياسية وتمكين الجميع من المساهمة في صناعة القرار بشكل قاعدي وليس فوقي. ومن جهة أخرى، إن وظيفة الجامعة الشعبية لا يمكن تعريفها إلا في إطار العوامل المباشرة المساهمة في تكريس الهوة والفوارق في أنماط التكوين والتعليم بكل أطواره، في ضوء خدمات تعليمية وتربوية غير متوازنة، و في غياب التزاوج بين مخرجات الإصلاحات البعيدة عن الديناميكيات المجتمعية ومتطلبات تحقيق التنمية المستدامة، خاصة في زمن "مدارس التميز" و "معاهد النخب" ومدارس "صناعة البطالة". المصطفى المريزق رئيس الجامعة الشعبية المغربية
#المريزق_المصطفى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا الجامعة الشعبية المغربية PM ؟ الجزء الثالث
-
لماذا الجامعة الشعبية المغربية UPM ؟ الجزء الثاني
-
لماذا الجامعة الشعبية المغربية UPM؟
-
نص الكلمة التي قدمتها أمام الحضور بمناسبة افتتاج الموسم 8 لل
...
-
الجامعة الشعبية المغربية PM تختتم موسمها الجامعي 2022/2023 ب
...
-
الجامعة الشعبية المغربية ترفع مذكرة لرئيس الحكومة المغربية ح
...
-
منتدى مغرب المستقبل- حركة قادمون وقادرون- بيـــان فاتح ماي 2
...
-
بيان بخصوص اغتصاب طفلة بضواحي تيفلت
-
منتدى مغرب المستقبل: تضامننا المطلق مع كل -ضحايا البراشوة-
-
كلمة بمناسبة الذكرى الأربعينية لرحيل المرحوم الأستاذ عبد الق
...
-
منتدى مغرب المستقبل- حركة قادمون وقادرون، ينعي وفاة المناضل
...
-
البيان العام الختامي لمنتدى مغرب المستقبل-حركة حركة قادمون و
...
-
بيان منتدى مفرب المستقبل ( حركة قادمون وقادرون) بمناسبة 8 ما
...
-
الجامعة الشعبية بمكناس تفتح أبوابها للتكوين والدراسة
-
-المنفيون- الجدد..
-
منتدى مغرب المستقبل (حركة قادمون وقادرون): بلاغ
-
أرضية مشروع مجلة جديدة
-
الطريق الرابع..طريق مقاومة السيطرة
-
منتدى مغرب المستقبل- حركة قادمون وقادرون سابقا: بيان الرؤية
...
-
النموذج التنموي الجديد و-الحاشية السفلى-
المزيد.....
-
محمد رمضان يثير الجدل مجددا بفيديو ساخر.. -رمضان أحلى-
-
نتنياهو يغادر إلى واشنطن ومكتبه يوضح الهدف من الزيارة
-
بوتين: ترامب سيعيد النظام بسرعة كبيرة والنخب الأوروبية سترضخ
...
-
الشرطة البريطانية تعتقل رجلا حرق القرآن في بث مباشر غداة مقت
...
-
ترامب وزوجته ونائبه -يرثون- حسابات أسلافهم على السوشيال ميدي
...
-
مكالمة السيسي وترامب في الإعلام المصري: -التوتر يتراجع ودعوا
...
-
اتفاق مصري جيبوتي على استعادة الأمن وحركة الملاحة في باب الم
...
-
لبنانيون يحاولون العودة إلى بلداتهم رغم وجود الجيش الإسرائيل
...
-
بوتين: ترامب سيعيد النظام بسرعة كبيرة والنخب الأوروبية سترضخ
...
-
إسرائيل تستأنف الإثنين المفاوضات مع حماس بشأن المرحلة الثاني
...
المزيد.....
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أنغام الربيع Spring Melodies
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|