أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرضا المادح - الرضعة الاخيرة...!














المزيد.....

الرضعة الاخيرة...!


عبد الرضا المادح
قاص وكاتب - ماجستير تكنلوجيا المكائن


الحوار المتمدن-العدد: 8140 - 2024 / 10 / 24 - 23:56
المحور: الادب والفن
    


سكبتْ آخر قطرات من الماء في قدر كبير لثمانية افواه، السِنة النار أكلت ماتبقى من شجرة السدر التي احتطبوها من حديقة الدار، والتي اسدلت الروح بفعل شظية قذيفة مدفع اصابت اسفل جذعها .
بدأ الماء يغلي، اضافت بعضا ً من البصل وملعقة طعام من معجون الطماطم، بيدها الاخرى حركت محتويات القدر بملعقة كبيرة، ثم اضافت قطعا ً من الخبز اليابس لتصطبغ باللون الأحمر ، سكبت بعضا ً من الطعام في اناء كبير، تحلّق الاطفال حولها يلتهمون الحساء بتوتر وعراك لاينتهي. التفتت الى زوجها قائلةً:
ـ عليك الذهاب الى النهر لجلب الماء.
ـ كيف سأصل والنهر بعيد..!؟
ـ الاطفال عطشى.
ـ القذائف تنهمر على المدينة.
ـ لقد تعودنا.
ـ الخروج يعني الموت !
ـ ليس لدي ماء لعمل الحليب .
خرج حاملا سطلا ًفارغا ًوهو يتمتم بعصبية وبكلمات غير مفهومة تشبه الهذيان، سارَ في الزقاق ببطء متخذا ًمن الجدران المتشققة حاجزا ًترابيا ً، وحشة المكان زادت من توتره، سَمعَ ازيز قذيفة مرت من فوقه، كوّرَ جسده كالقنفذ الى اسفل جدار، مرّ بقربه كلب يركض مرعوبا ً، العصافير تطايرت بأتجاهات مختلفة كأنها شظايا، سمع صوت الانفجار البعيد نسبيا ً.
ـ سقطت في البصرة القديمة.
ردد مع نفسه مُشجعا ً وحمل جسده على قدميه المرتعشتين، خرج من بين الازقة الى الشارع العام مهرولا ً، هبط الى اسفل النهر فغاصت قدماه في الطين المتعفن، مَلأ السطل بماءٍ اخضرٍ قاتم، دفع ثقل السطل قدمية اعمق في الطين، سحب جسده بصعوبة من مصيدة النهر، تركت قدماه رسوما ً تجريدية ًعلى اسفلت الطريق، عيناه مشدودتان الى السماء، خيط ماء متعرج يرسم أثرا ًخلفه، دفع باب الدار وهو يشعر بخفة في وزنه.
صرخت زوجته:
ـ أين الماء ..!؟
ـ ..............!؟
نظر بعينين مرعوبتين الى السطل، فرأى آخر قطرة تسقط من ثقب في القعر.
ـ الاطفال يصرخون عطشى.
تملكه الغضب وصرخ:
ـ الى الجحيم..
ـ يجب ان تأتي بالماء.
ـ لن اذهب..
ـ لماذا..!؟
ـ كُدتُ اموت.
ـ أي رجل أنت..!؟
ـ أنتِ عاهرة........
اختلط صراخهما ببكاء الاطفال، مشهد هستيري طغى على ازيز قذيفة اخرى، خطفت يده سكينةً لتنغرس تحت نهدها الذابل، صرخت وارتمت الى الخلف، تمدد جسدها الى جانب رضيعها، التقت عيناها بعينيه المتوسلتين،
تناولت رضّاعته الفارغة، ووضعتها تحت الجرح الأحمر النازف وهي تكتم آلامَها، هدأ الرضيع وهو يشعر بدفء وحنان أمه وهو يتدفق الى عروقه اليابسة.



#عبد_الرضا_المادح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كذبة الصعود للقمر وكذبة 11 سبتمبر...!
- أدلِرْ والقمر
- لقاء في المزبلة...!
- فراغ في النفق
- صرخةٌ من غزة ...!
- عبـــاس الفــَــوْري
- درب التبـّــانه
- الوهم / عاشقة طيور الحب / قصتان قصيرتان
- زقاق في الحيدرخانه
- الجورنيكا تُكتبُ من جديد ...!
- جرّافـة الموتى ...!
- حَصارُ الأحلام ...!
- وجع السنين ...!
- لقمة عيش ...!!
- الدفان والحرب
- الخبـزُ وعبـدُالله *
- في وداع عباس رَش
- حرق القرآن عمل مُدان !!
- صائد - البازنينو -
- الرسالة السادسة – صراحة شيوعي ، أزمة الحزب الشيوعي العراقي ! ...


المزيد.....




- إسرائيل لم تضرب المنشآت النووية والنفطية الإيرانية فهل هي مس ...
- طوفان الأقصى يشعل حرب السايبر
- من مدرسة قرآنية إلى مركز فن حديث.. تجديد إبداعي لمعلم تاريخي ...
- الحوارية وتعدد الأصوات.. ثورة ميخائيل باختين في عالم الرواية ...
- خامنئي يغرّد في منصة -إكس- باللغة العبرية حول -حماقة- ارتكبت ...
- نتائج الثالث متوسط 2024 الدور الثالث بالاسم والرقم الامتحاني ...
- حساب مكتب قائد الثورة الاسلامية باللغة العبرية عبر منصة إكس: ...
- حساب مكتب قائد الثورة الاسلامية باللغة العبرية عبر منصة إكس: ...
- كندة علوش تنتقد استغلال اللاجئين سينمائيا وتدعو لإنتاج أفلام ...
- قرار عاجل بشأن نجم مصري شهير تم القبض عليه في حالة تلبس! (في ...


المزيد.....

- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرضا المادح - الرضعة الاخيرة...!