|
لستُ فتاة عادية
رشا أرنست
(Rasha Ernest)
الحوار المتمدن-العدد: 1779 - 2006 / 12 / 29 - 11:55
المحور:
سيرة ذاتية
يتهمونني كثيراً أنني لا اهتم كثيراً بأشياء كان لابد أن تكون لها مكانة و اهتمام اكبر منى ، فعندما اعلم بان فلان مات أو فلان أصابته أزمة قلبية . يكون وقع الخبر بسمعي عادي . و عندما أقرا خبر عاجل عن الغلاء و ارتفاع الأسعار يكون شيء عادى . و عندما علمت أن هناك فرسان سيطروا على جامعة القاهرة لدقائق قليلة بملابس غريبة و نداءات أغرب و قدموا عرضاً عسكرياً و لم يجدوا من يسألهم ماذا تفعلون ، أيضاً هذا عادي . حتى عندما يُصارحني شاب بأنه يشعر اتجاهي بشيء من الحب و أن ظهوري بحياته غيرها تماماً أقول له عادي . يستغربون كلمتي عادي .. و ماذا أصبح بحياتنا لا يكون عادي ؟ فكل ما سبق هو عادي سواء كان بحكم الحياة و الطبيعة كالموت و الحياة و المرض أو بحكم البشر كارتفاع الأسعار و عروض الأخوان المسلمين التي يُقدمونها يومياً في مجلس الشعب و الفضائيات أو أخوانهم الذين تشعبوا بكل مكان . و أن كان على الحب فهو أيضاً أصبح عادي جداً ، اليوم أنت تحب و غداً كأن شيئاً لم يكن ، فالتغيير الذي يرددونه الشباب عن انه نتيجة للحبّ هو تغيير مؤقت وقته معلوم لا أكثر و لا أقل ، هذا ليس لأنه ليس حبّ و إنما لأن كل شيء بحياتنا أخذ مبدأ السرعة . كل شيء نقوم به يبدو سريعاً جداً بريقه لا يكاد يلمع حتى ينطفئ . نأكل بسرعة ، نمشي بسرعة ، ننام و نصحو بسرعة ، نقتل و ندمر و تقوم الحروب أيضاً بسرعة . فلماذا لا يكون الحبّ هو أيضاً بغاية السرعة ؟ كنت أسمع و أنا صغيرة بأفلامنا المصرية عن الحب من أول نظرة . فالنظرة تستطيع أن تمتلئ بالكثير ، إحساس و نبض و نظرة عميقة ، خاصة لمن وهبهم الله بالبصيرة حتى يعرفوا صدق من ينظرون له و يستطيعوا أن يدركوا اتجاه مشاعرهم . و كنت أقول كيف استطيع أن أحب بنظرة عين ؟ هذا شبه مستحيل كيف تدركني هذه النظرة ؟ ، كيف تعرفني و تحبني بهذه السرعة ؟. و الآن الحب ليس بنظرة أصبح بطرفة عين ، بكلمة من خلال الهاتف و ربما من خلال وسائل العصر الحديثة ألا و هي الانترنت . و يقولون لي كل شيء عندك أصبح عادي . لا لم يُصبح كل شيء بنظري عادي فالعادي يكون عادي لإنسان فارغ . و أنا لم أكن أبداً يوماً ما فارغة . كيف أكون ذلك و أنا نضجتُ بالألم ، عبرت من الطفولة إلي الشباب و أنا على سرير الموت . كيف يكون كل شيء عادي و أنا فتاة غير عادية . ليس معنى أنني أردد كلمة تعبيراً عن ما أراه و أسمعه و أعيشه يومياً أن هذه الكلمة أصبحت نهج حياتي . لم أقبل يوماً أن أكون عادية ، لم أقبلها عندما علمت أنني لن استطيع الذهاب للجامعة التي أدرس فيها لأنها غير مجهزة لأمثالي المقعدين على كراسي تتحرك بهم و أكملت دراستي . لم أقبلها عندما علمت بعد سنوات تخرجي ، سنوات أدرك كيف كانت بالنسبة لفتاة في عمر العشرين مثلي أنها لن تٌقبل بعمل هي ترغبه أو لا ترغبه لأنها فقط مُقعدة . و ظلت بداخلي الرغبة و التحدي جعلتني ابحث في كل مكان حتى استطعت أن أعمل مُدرسة بأحد المدارس الخاصة . لم أقبلها عندما قررت أن أتحدى خوف أهلي و أقود سيارة وسط هذا الكم من السيارات و وسط طرق السواقة الحديثة في بلدنا و التي أقل ما يُسمى عنها أنها غير أخلاقية . لم أقبلها عندما مسكت بالقلم مرات كثيرة و أنا اخطط لأحلامي الجديدة كل يوم . كيف أكون عادية و أنا أملك قوة غير عادية من إله غير عادي . الحياة هي مَن أصبحت عادية و ليس أنا . فكل شيء أصبح عادي و أقل من العادي . قتل أطفال أبرياء أصبح عادي ، الأسر و القتل و الذل و القهر و الجوع أصبح عادي . الحرب و الدمار و الطائفية و التعصب أصبح عادي . الهجوم على دولة لأي سبب أيضاً عادي . أن تُشاهد الدماء متناثرة بكل ركن في هذا العالم أصبح عادي . القليلون فقط هم الغير عاديون ، القليلون فقط هم مَن مازالوا يؤمنون . أرسل نظرتي إلى بعيد إلى حيث تشرق الشمس ربما هي أيضاً ستشرق يوماً بشكل غير عادي على بشر ربما يرون مستقبل أفضل يكون غير ما نحن اليوم نعيشه . مستقبل يملئ عيون الأطفال بابتسامة آمان . مستقبل يُعيد البراءة و الأمل للشباب . مستقبل ينشر الحب و السلام . مستقبل يحتوي الجميع . و لكن لن يكون هناك مستقبل مثل هذا إلا إذا كانت البداية من الآن . بداية نزرع فيها الحب ، بداية نتغاضى فيها عن الاختلافات ، بداية تجعلنا نرى أنفسنا و الآخرين بنظرة جديدة و ليست سريعة ، بداية عهد مع رب هو للكل ، حبه للكل ، أرضه للكل ، عطائه للكل . بداية تجعلنا ننظر لأبعد من نظرة عين . بداية تجعلنا نرى أنفسنا جميعاً أننا عاديين لأننا أصبحنا متشابهين بالحب و الأمل و العمل .
#رشا_أرنست (هاشتاغ)
Rasha_Ernest#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشوار الصداقة
-
إذا وجدت
-
رفيق
-
قلمي
-
تعددت الأنواع و الزواج لم يعد زواج
-
الشحاذ بين الماضي و الحاضر
-
وقت بلا عنوان
-
دعوة للحبّ
-
الصعيد ضحية إعلامنا المستنير
-
إعاقات متنوعة
-
أطفال يحملون الأثقال
المزيد.....
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|