|
هذه ليست حربنا ! و في حربِنا : يجب التساؤل من أجل من و من أجل ماذا ؟
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 8140 - 2024 / 10 / 24 - 22:16
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
لِيلِى بابايى ، جريدة " الثورة " عدد 876 ، 21 أكتوبر 2024 www.revcom.us
ملاحظة من الناشر : هذا نصّ مقال هام صاغته لِيلِى و قرأته يوم 9 أكتوبر 2024 على " وجهة نظر " ، على ).Radio Zamanah’s program " برنامج إذاعة زمانه " ( موجات و ترجمه من اللغة الفارسيّة متطوّعون من موقع أنترنت revcom.us ، و قد أضيفت في النسخة الأنجليزيّة كلمات بين معقّفين لمزيد التوضيح . لِيلِى بابايى شيوعيّة ثوريّة من أنصار الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) (cpimlm.org)، و هي مناصرة للقائد الثوريّ بوب أفاكيان . و إذاعة زمانه محطّة إذاعيّة باللغة الفارسيّة تبثّ من أوروبا و لها مستمعون من العالم بأسره ، بما في ذلك إيران . --------------------------------------------------- النظامان ، النظام الإسرائيلي و نظام جمهوريّة إيران الإسلاميّة ، أبناء عمّ لأنّهما في الأساس نتاج السير العادي لذات النظام الاقتصادي – الاجتماعي العالمي المسمّى نظام الرأسماليّة – الإمبرياليّة . و في هذا المقال ، نلقى نظرة على واقع هذه الحرب [ الإسرائيليّة – الإيرانيّة ] – أسبابها الكامنة و مداها المتّسع – فضلا عن مزاعم الجانبين الذين يقرعان طبول الحرب و يتّهمان الواحد الآخر . بتاريخ 9 أكتوبر 2024 ، تاريخ كتابة هذا المقال ، ليس من الجليّ ما هي التراجيديّات الأخرى ستعيشها شعوب الشرق الأوسط و خاصة إيران في الأسابيع القادمة . مسمّمين بحملتها الإباديّة الجماعيّة في غزّة و مذابحها و دمارها في لبنان ، أعلنت إسرائيل أنّها تُعدّ لشنّ هجمات ساحقة في العمق الإيراني . و أفصح وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت أنّهم سيحوّلون طهران إلى غزّة و بيروت . و هذا ليس تهديدا فارغا . إنّه منسجم مع العقيدة العسكريّة الإسرائيليّة . و ببساطة ، ستهاجم قوّات الدفاع الإسرائيليّة ، رغم التأكّد من إحداث إصابات مدنيّة عالية . و في ظلّ القانون الدولي ، هذه جريمة حرب . لكن إسرائيل لم تعتبر نفسها أبدا ملزمة بمثل هذه القوانين . و يشجّع رضا بهلوي الذى أصبح الناطق الرسميّ [ الإيراني ] باسم نتنياهو على الهجوم الإسرائيلي بينما يعِدُ مساندون آخرون بأنّ الهجوم الإسرائيلي " لن يضرّ بالشعب " و بأنّ " إيران ستتحرّر ! " . هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، يزعم خاميني أنّ سبب الحرب و عدم الاستقرار في المنطقة هو وجود الولايات المتّحدة و الغرب . و كلّ هذا بروباغندا / دعاية تستهدف فئة من الناس السذّج . و في هذا المقال ، هدفنا هو أن نبيّن للمستمعين [ و القرّاء ] الصورة الأشمل و ندلّل على جذور هذه الأكاذيب الحربيّة في هيكلة النظام الرأسمالي العالمي ( الرأسماليّة – الإمبرياليّة ). و حتّى نظاما إسرائيل و جمهوريّة إيران الإسلاميّة هما ذاتهما نتاج هذا النظام و تعبير خاص عن طبيعته و سيره . و فهم هذا الموضوع سيبيّن أنّ هذه الحرب ليست حرب الشعب في إيران و لبنان و فلسطين و إسرائيل و أنحاء أخرى من العالم . بالأحرى ، إنّها حرب بين القوى الإمبرياليّة المتنوّعة حول المصالح المتنافسة في الشرق الأوسط ، بإسرائيل تمثّل طرفا و جمهوريّة غيران الإسلاميّة طرفا آخر . و بطريق الحتم ، مختلف حكومات العالم ، سواء حكومات القوى العظمى أو الإقليميّة ، هي الآن ، أو ستكون ، إلى جانب طرف من الطرفين – أكان ذلك بسفور أو بشكل سرّيّ . و بإعتبار التداعي الفوضويّ للنظام العالمي القديم ، كلّ طرف يجتهد من أجل الحصول على قسم أكبر من السلطة في ما يمكن أن يظهر من " نظام جديد " – وهو ببساطة بنفس الإضطهاد أو أكثر . لكن العامل الحيويّ من أجل مستقبل إيجابي سيكون [ الجماهير ] الشعبيّة في كلّ بلد ، و خاصة في إيران ، موحّدة عن وعي ضد كلّ من هذين الطرفين و [ بدلا من ذلك ] التوحّد حول مصالحها الخاصة و المصالح المشتركة مع شعوب العالم، و نبذ أيّ حركة سياسيّة أو سياسة ترغب في تحويل الجماهير الشعبيّة إلى كبش فداء خدمة للمصالح السياسيّة / الطبقيّة الخبيثة . و ليس كافيا ببساطة أن نندّد بهذه الحرب و الأطراف المشاركة فيها دون فضح النظام الاجتماعي الذى يخلق مثل هذه الحروب و المصالح التي يمثّلها الفاعلون فيها . دون هذا ، الحكم و إستخلاص الإستنتاجات قائمة على مجرّد المظاهر و المزاعم يمكن أن يدفع كلّ شخص – حتّى مع أولئك ذوى النوايا الحسنة – إلى الوقوف إلى جانب أحد الرجعيّين ، أحد القطبين المعاديين للشعوب في هذه الحرب . من هو العدوّ ؟ في خطابه أمام مصلّين يوم الجمعة 4 أكتوبر ، قال الخاميني ، " عدوّ الأمّة الإيرانيّة هو ذات عدوّ الشعب الفلسطيني و الشعب اللبناني و الشعب العراقي و الشعب اليمني و الشعب المصريّ . العدوّ هو ذاته لكنّه يستخدم طُرُقا مختلفة في بلدان مختلفة ". لكن عمليّا ، جمهوريّة إيران الإسلاميّة و إسرائيل هما جزءان من ذات العدوّ المشترك [ للشعوب ] و طرقهما مختلفة في البلدان المختلفة . و قد صرّح نتنياهو أنّ هدفه من توسيع مدى حروب إسرائيل إلى لبنان وإيران هو " خلق نظام جديد في الشرق الأوسط ". و هذا ، وفق نتنياهو ، سينظّف لبنان و إيران و فلسطين من حضور جمهوريّة إيران الإسلاميّة و وكلائها ، و هكذا " تحرّر إيران ". و بعد ذلك ، سيسود " السلام " و " الإزدهار " في الشرق الأوسط ! من يمكن أن يصدّق هذه الكلمات و الحال أنّ تاريخ ما بعد الحرب العالميّة الثانية يخبرنا أن مع كلّ حرب ، و كلّ إنقلاب ، و كلّ تعزيز لكلّ طاغية مصّاص دماء ، و كلّ مجزرة وحشيّة للقوى الوطنيّة [ الثوريّة ] و الشيوعيّة في إيران و في العراق و في فلسطين و في مصر ، و فى تركيا إلخ، يعِدُ إمبرياليّو الولايات المتّحدة بالنموّ و الإزدهار و الديمقراطيّة لشعوب الشرق الأوسط ؟ هذا من ناحية و من الناحية الأخرى من هذه الحرب الفظيعة ، يوجد النظام التيوقراطي الفاشيّ لجمهوريّة إيران الإسلاميّة و أعضاؤه – مهما كان موقعهم في الطيف من الإصلاحيّين إلى الأصوليّين – غارقون في الفساد و النهب و القمع بلا رحمة للجماهير الشعبيّة . ماليّا و سياسيّا ، هذا النظام مرتبط وثيق الإرتباط بالإمبرياليّين الصينيّين و عسكريّا بالإمبرياليّين الروس. و كلاهما يبذلان طاقتهما للتقدّم بمخطّطاتهما الإمبرياليّة الخاصة في تنافس مع الولايات المتّحدة . و يُزعم أنّهما يقفان على الخطوط الجانبيّة . . إلاّ أنّهما يستخدمان جمهوريّة إيران الإسلاميّة لإضعاف الهياكل الإمبرياليّة الأمريكيّة للهيمنة على الشرق الأوسط و التأثير فيه . و إلى جانب [ جمهوريّة إيران الإسلاميّة ] هناك مأجوري " محور المقاومة " الذين في تنافس مع مساندى [ رضا ] بهلويّ (1) لنتنياهو من أجل القوّة العسكريّة و النوويّة " للقيصر العظيم " (2) و هؤلاء الأتباع السذّج لنتن- النازي أو بوتن- النازي يجب أن يحذروا : ما يشمّونه ليس كباب زكيّ الرائحة و إنّما لحم حمير يجرى شواؤه على حديد الوسم الحار . حينما يقول رضا بهلوي إنّ حرب جمهوريّة إيران الإسلاميّة ليست حربا قوميّة – وطنيّة ، فهو يعنى أنّ على الشعب الإيراني أن يصطفّ مع إسرائيل ضد جمهوريّة إيران الإسلاميّة . (3) و حينما يتكلّم قادة جمهوريّة إيران الإسلاميّة عن " الدفاع عن إيران و الإيرانيّين " ، ما يقصدونه هو الدفاع عن [ نظام ] جمهوريّة إيران الإسلاميّة . و دعاية الطرفين تدور حول جعل الناس كبش فداء في حرب فيها ستزداد سلاسل الأسر و عذابات الشعوب ، مهما كان الطرف الذى سيكسبها . و على النحو عينه ، تعتبر مسيح عليّ نجاد (4) هذه الحرب " حرب الخميني و حرسه الثوري الإرهابيّ " ، و تُبرّء الطرف الآخر من الحرب . ما نوع هذه الحرب ؟ الإبادة الجماعيّة طوال سنة في غزّة و التي لا تزال مستمرّة لم تكن نتيجة هجوم حماس [ في 7 أكتوبر ] ، مهما كان ذلك الهجوم قبيحا و رجعيّا . هذه الإبادة مواصلة و قفزة في توطيد 76 سنة من الحكم الإستعماري الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني . و بالفعل ، هو تناقض بين دولة إستعماريّة و أمّة مستعمَرَة . لكن تعقّدها الراهن يكمن في واقع أنّها متداخلة مع تيّارين آخرين : توسّع تأثير الأصوليّة الإسلاميّة في فلسطين فرضت نفسها على المقاومة المناهضة للإستعمار للشعب الفلسطيني طوال الثلاثين سنة الماضية ، خاصة بمساعدة من إسرائيل و جمهوريّة إيران الإسلاميّة ؛ و تطوّر و تمركز تناقضات النظام الرأسمالي - الإمبريالي العالمي إلى ظرف يبتلع العالم راهنا . و يتمظهر هذا في إنهيار علاقات القوّة القائمة بين القوى العظمى عقب الحرب العالميّة الثانية و المؤسّسات العالميّة التي أُرستها القوى الإمبرياليّة لتنظيم العالم . و قد وفّرت علاقات و مؤسّسات القوّة هذه إطارا للمنافسة و التواطؤ بين القوى الإمبرياليّة . لكن كلّ هذا يتداعى على نحو غير مسبوق . و في هذا الإطار ، منذ 2015 ، إمبرياليّو الولايات المتّحدة و إسرائيل كانوا يعملون على خطّة تسمّى " MENA " جزء منها إتّفاقيّات أبراهام . و بالفعل ، هذه الخطّة تسعى إلى إعادة تنظيم البلدان العربيّة في الشرق الأوسط و إسرائيل ، جالبة إيّاهم إلى حلف عسكريّ كبير معروف ب " ناتو الشرق الأوسط " . و قد دافع وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بينى غانتز ( وهو معارض سياسي لنتنياهو )عن شنّ هجوم على إيران للإطاحة بجمهوريّة إيران الإسلاميّة قائلا إنّه ضروريّ لتعزيز الخطّة إيّاها . (5) و منافس الولايات المتّحدة / إسرائيل هو منظّمة تعاون شنغاي (SCO ) و عضواها الأساسيّين هما الصين و روسيا و إيران عضو دائم فيها . بإختصار ، عمليّات إسرائيل و جمهوريّة إيران الإسلاميّة تعبير عن الأزمة التي يقع فيها هذا النظام في هذا الظرف . جشع مشعلى الحرب في هذين النظامين و واقع أنّ شهوة الجرائم تنمو بإستمرار ، تعبير عن هذه الأزمة التي تغلى في الأسس . رأس المال يحتاج إلى حروب فظيعة – ليس من أجل أرباح صناعة الحرب ، كما يقول البعض ، بل لسبب أكثر جوهريّة : رأس المال ، زمن أزمة مراكمة ، لا يمكن أن يتوسّع إلاّ عبر التدمير [ الكبير ] . و تنبع الأزمة من التناقض بين قاعدة مراكمة رأس المال الإمبريالي محلّية – أي في بلد إمبريالي معطى – لكن المراكمة تجرى على نطاق عالمي . و التحالف الجوهريّ لجمهوريّة إيران الإسلاميّة مع الإمبرياليّين في الصين و روسيا يضعها على طريق المواجهة مع إمبرياليّة الولايات المتّحدة و مع إسرائيل التي تمثّل الحامية العسكريّة للولايات المتّحدة في الشرق الأوسط . و رغم أنّ الولايات المتّحدة موضوعيّا على المسار الصدامي ذاته ، لا ترغب في الإنخراط العسكريّ الشامل في الشرق الأوسط في هذا الظرف لسببين إثنين : أوّلا ، الجسد الحاكم من البرجوازيّة الإمبرياليّة للولايات المتّحدة ، من القمّة إلى القاع ، منخرط في صدام عدواني دفعه إلى حافة الحرب الأهليّة . و ثانيا ، تخشى أن تغرق في أوحال حرب أخرى في الشرق الأوسط ما سيجعلها أقلّ قدرة على التركيز على مواجهة امبرياليّى الصين و روسيا . و فعلا ، هذا الإنقسام في صفوف الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة يغذّى التوتّر بين البيت الأبيض و نظام نتنياهو الذى يتلقّى الأوامر من ترامب أكثر ممّا يتلقّاها من بايدن . و المواجهة بين جمهوريّة إيران الإسلاميّة و الولايات المتّحدة / إسرائيل تضع كذلك ضغطا على الإصطفافات السياسيّة لمعارضى جمهوريّة إيران الإسلاميّة ، قاسمة إيّاهم إلى إثنين ، و هم يحاولون تحويل الجماهير الشعبيّة إلى كبش فداء في جيش هذا الطرف أو ذاك . و إن لم يكن ذلك نابعا من ضرورة و إمكانيّة التقدّم بطريقة أخرى ، حجّة أنّ " هذه الحرب ليست حربنا " كانت لتكون أقلّ حيويّة . لماذا هذه الحرب ليست حربنا ؟ الصُراخ بواقع أنّ " هذه الحرب ليست حربنا " ليس يعتمد فقط على العمال الإجراميّة الماضية و الحاضرة للنظامين ، جمهوريّة إيران الإسلاميّة و إسرائيل . و ليس حتّى قائما على واقع ، مهما كان عمليّا الحال كذلك ، أنّ هذه الحرب اليوم تدفع الشرق الأوسط – منطقة يقطنها زهاء ال400 مليون نسمة – نحو حرب تدميريّة قد تتّخذ بُعدا نوويّا و تكون لها تبعات على الناس في هذه المنطقة لعقود ، [ متسبّبة لهم في ] الموت أو الحياة حياة مؤلمة . و أسس تقييم أنّ " هذه الحرب ليست حربنا " يمضى أعمق ، لأنّه يستند إلى الوقائع الهيكليّة الفعليّة الموصوفة أعلاه . و النظامان ، إسرائيل و جمهوريّة إيران الإسلاميّة ، أبناء عم لأنّ كلاهما في الأساس نتاج السير العادي للنظام الاقتصادي – الاجتماعي عبر العالم قاطبة و هذا النظام إسمه الرأسماليّة – الإمبرياليّة . و هذا السبقا العسكري المجرم بين النظامين ، في نهاية المطاف ، سبقا عسكري و تسلّح بين القطبين من الرأسماليّة الإمبرياليّة للولايات المتّحدة ( و أوروبا ) من جهة ، و روسيا والصين من الجهة الأخرى . لا إسرائيل و لا جمهوريّة إيران الإسلاميّة بوسعهما التحرّك دون حرّاسهم الإمبرياليّين. لهذا قلنا بأنّ العدوّ العام لكافة شعوب العالم هو ذاته . بيد أنّه في بلدان مختلفة ، يتّخذ هذا العدوّ شكلا مختلفا . النزاع بين جمهوريّة إيران الإسلاميّة و إسرائيل لا صلة له بدعم " شعبي فلسطين و لبنان المضطهَدين " و نزاع إسرائيل مع جمهوريّة إيران الإسلاميّة لا صلة له ب " حرّية الشعب الإيراني " . طبيعة خصومتهم واضحة . و الشعارات و الإيديولوجية الذين يخوض بهما كلّ منهما عداوته لا تأثير لها على الطبيعة الفعليّة للمسألة التي نحن بصددها ، و لا تأثير لها كذلك على نتيجة مثل هذه الحرب . و الدعاية الديماغوجيّة لكلا الطرفين تجرى على هذا النحو لأنّه كما وضع ذلك لينين، حتّى الرجعيّين لا يستطيعون فعل أيّ شيء دون الجماهير . يحتاجون إلى تنفيذ جرائمهم . لهذا كلّ من إسرائيل و جمهوريّة إيران الإسلاميّة يحاولان إستقطاب الناس ليصطفّوا معها . و يعد نتنياهو الفاشيّ الشعب الإيراني ب " الحرّية " ، و يعد الخاميني الفاشي الشعب الفلسطيني ب " الحرّية " ، كي يهتف البعض لإسرائيل و يهتف آخرون لجمهوريّة إيران الإسلاميّة. من أجل من و من أجل ماذا يتعيّن أن يهتفوا ؟ من أجل إسرائيل التي عبرت حدودا جديدة في الإبادة الجماعيّة و " تعد " الآن بجعل طهران مثل غزّة و بيروت ؟ أم من أجل جمهوريّة إيران الإسلاميّة التي لُقِّبت بجمهوريّة الإعدامات و تعتبر تحرير النساء الإيرانيّات أكبر مشكل أمني ، أكبر حتّى من كلّ من إسرائيل أو الولايات المتّحدة ، و التي تتسبّب في العمى للشباب غير المسلّح ( بإطلاق النار على عيونهم ] في الشوارع ، و سجونها مكتظّة بأفضل أبناء و بنات كافة أنحاء هذه البلاد ،و التي تقبر العمّال في أعماق [ مناجم الفحم الحجريّ المنهارة ] ؟ و كلّ هذا يؤدّى إلى إستنتاج أنّه لا يجب أبدا أن ننسى تحذير لينين : " لقد كان الناس و سيظلّون أبدا ، في حقل السياسة ، ضحايا ساذجة يخدعهم الآخرون و يخدعون أنفسهم ، ما لم يتعلّموا إستشفاف مصالح هذه الطبقات أو تلك وراء التعابير و البيانات و الوعود الأخلاقيّة و الدينيّة و السياسيّة و الإجتماعيّة . [ فإنّ أنصار الإصلاحات و التحسينات سيكونون أبدا ضحيّة لخداع المدافعين عن الأوضاع القديمة طالما لم يدركوا أنّ كلّ مؤسّسة قديمة مهما بدت بربريّة و متعفّنة تبقى قيد الوجود بقوّة هذه الطبقات السائدة أو تلك . ] " (6) الطريق قُدُما معقّد و هذا التعقيد لا يُعزى فحسب إلى معلومات ناقصة لدينا عن المناورات الجارية وراء الستار . بالأحرى، بسبب القوى المشاركة – حتّى بالنسبة للقوّة عدد واحد في العالم ، الولايات المتّحدة – الوضع معقّد للغاية بحيث لا يقدرون على إتّخاذ القرارات بسهولة . و أيّ عمل في هذا الوضع يمكن أن يتحوّل [ إلى ضدّه ] . هذا واقع لا يمكن للكثيرين فهمه إذا نظروا فقط إلى القدرات العسكريّة لا غير لإسرائيل و الولايات المتّحدة . هناك إجابات بسيطة على هذا الوضع المعقّد ، سواء التوسّط للمصالحة بين من لا يمكن المصالحة بينهما أو التهليل لمعسكر أو آخر . و يتطلّب الوضع إجابات راديكاليّة لأنّ النظام واقع في أزمة هيكليّة . يحتاج إلى إعادة هيكلة . و إعادة الهيكلة هذه لن تتّخذ شكل الإنتقال السلميّ ! و فيما يتعلّق بالإستراتيجيا الثوريّة ، يتعيّن أن نعرف أنّ هذا الوضع المحوريّ الواقع موقع القلب من المواجهات العسكريّة الممتدّة ، يجعل كذلك من الممكن للنظام نفسه أن يخرُج عن السكّة . و في الأثناء ، القوى الثوريّة الواعية يجب أن تستغلّ الفرص – كما فعلنا في القرن الماضي ، على سبيل المثال ، ثورة أكتوبر خلال الحرب العالميّة الأولى و الثورة الصينيّة بعد الحرب العالميّة الثانية – و إستخدام هذا الخروج عن السكّة لندفع قُدُما ديناميكيّة الثورة . نحن لا نبدأ الحروب [ الرجعيّة ] إلاّ أنّه بوسعنا أن نكون عاملا محدّدا في مآلها . الحروب لا تفرز فقط العذابات ، فهي توفّر أيضا إمكانيّة تغيير الوضع و أحيانا تجعل ممكنا أكثر تغيير للنظام [ أو تغيير ثوريّ ] للنظام . و أحد أسباب تحوّل مثل هذا التغيير إلى تغيير ممكن أكثر هو تآكل شرعيّة الطبقة الحاكمة و ضعف سيطرتها على تفكير الناس . و رغم أنّ اللاشرعيّة الحاليّة للنظام الإسرائيلي عفويّا يخدم مصلحة جمهوريّة إيران الإسلاميّة ، و لاشرعيّة جمهوريّة إيران الإسلاميّة عفويّا تخدم مصلحة إسرائيل ، بالتعويل على إمكانيّات لاشرعيّة الإثنين ، القوى الواعية يمكن أن تُغ]ّر أبعاد حقل المعركة بإتّجاه معارضة الإثنين ، و كلّ التمييز العنصريّ و الإضطهاد الذين ينتجانهما – لصالح ثورة [ فعليّة ] . هل أنّ جميع الحروب سيّئة ؟ حلّ هذا الوضع ليس المقاربة السلميّة التي تدعو إلى أخلاق المصالحة بين المتنافسين الدمويّين دون أخذ المواجهة الضروريّة للرأسماليّة الإمبرياليّة العالميّة التي تولّد مثل هذه الحروب الحتميّة بعين النظر . و كذلك الحلّ ليس مقاربة السياسة الواقعيّة للواقعيّة - الحتميّة - الجبريّة التي تبقى في إطار حدود ما يوجد بعدُ -أي إمّا جمهوريّة إيران الإسلاميّة و" محور المقاومة " و إمّا إسرائيل و الولايات المتّحدة – و عدم رؤية أيّ إمكانيّة أخرى عدا هتين الإمكانيّتين ، و تستنتج أنّ كلّ مجموعة ، إعتمادا على ما تعتبره مصالحها القريبة المدى ، يجب أن تُصبح كبش فداء لواحد من هذين الجيشين . الحلّ يكمن في التقدّم بطريقة أخرى : طريقة أخرى غير ما هي عليه جمهوريّة إيران الإسلاميّة ، و مستقبل أفضل ممّا يمكن أبدا أن توفّره ؛ طريقة أخرى غير التحوّل إلى كبش فداء للإمبرياليّين الصينيّين و الروس في مواجهتهما و تنافسهما مع إمبرياليّة الولايات المتّحدة و إسرائيل ؛ طريقة أخرى غير المستقبل الذى تعدّه إمبرياليّة الولايات المتّحدة / إسرائيل و المعارضة اليمينيّة لجمهوريّة إيران الإسلاميّة داخل إيران – خاصة أولئك المتحالفين مع الكتلة الفاشيّة لترامب و الحزب الجمهوريّ – التي سترث بالضرورة جهاز قمع جمهوريّة إيران الإسلاميّة و عنصريّتها و باسم الإستثمار الأجنبيّ ، ستلتهم كلّ قطرة من البيئة و من حياة الناس .نحتاج طريقة توفّر مستقبلا تحدّ>ه ثورة تركّز جمهوريّة إشتراكيّة جديدة . و نحن ، شعوب إيران ، و فلسطين و لبنان و العالم بأسره ، نحتاج إلى هذه الثورة أكثر من أيّ شيء آخر . بكلمات بوب أفاكيان ، " إذا لم تكونوا تفهمون لماذا نحتاج إلى ثورة و كيف يمكن لتلك الثورة أن تكون ممكنة ، عندئذ لا تعرفون ما تحتاجون إلى معرفته " . لأجل القيام بالثورة ، يجب أن نقاتل السلطات القائمة و نحوّل تفكير الناس بإتّجاه الثورة التي تصبح حتّى أكثر إستعجاليّة . و أهمّ إعداد هو توسيع الوعي الثوريّ و التنظيم الثوريّ حول هذا الوعي . نحن ضد هذه الحرب الثوريّة و ضد أيّ حرب رجعيّة أخرى . لكن الإنتصار الثوري ، الضروري ، مرتهن بالإنتصار في حرب ثوريّة . و مع ذلك ، خوض حربنا و هدف حربنا و منهج حربنا سيكون مغايرا . وسائلنا و أساليبنا في الحرب ستكون متناغمة مع هدفها . و هذا يعنى ، في المقام الأوّل ، أنّ ملايين الناس في إيران ، و الشرق الأوسط ، و عبر العالم قاطبة يجب أن يدركوا علميّا واقع أنّ عدوّهم الحقيقيّ هو الأنظمة الحاكمة في كلّ بلد ، وهي نتاج لنظام طبقيّ إسمه الرأسمالية – الإمبرياليّة ، و أنّ البديل الوحيد لمثل هذا النظام هو ثورة إشتراكيّة تطيح بسلطة الطبقة الرأسماليّة و تمكّن من السلطة و تحرّر الشعب ليضع نهاية للإستغلال الرأسمالي و ليجتثّ [ كافة ] أشكال الإضطهاد الاجتماعي النابعة منه . و " العيوب السبعة " هي الطريقة التي يتمظهر فيها الإضطهاد في إيران اليوم : 1- وضع نهاية لتدخّل الدين في شؤون الدولة و المجتمع ؛ 2- وضه نهاية للقمع السياسي ، و السجن و الإعدامات ؛ 3- وضع نهاية للحروب الإقليميّة ؛ 4- وضع نهاية للفقر و البطالة ؛ 5- وضع نهاية لإضطهاد النساء و المثليّين و المتحوّلين و المزدوجين جنسيّا ؛ 6- وضع نهاية للتمييز العنصري و الإضطهاد للقوميّات المضطهَدَة من الأكراد و البالوش و العرب و التركيك و التركمان إلخ. 7- وضع نهاية لتدمير البيئة . يغدو ملايين الناس واعين و ينظّمون صفوفهم لفقط مثل هذا المستقبل اليوم ، من خلال النضال حول هذه العيوب السبعة [ في إيران ] و لوضع نهاية لها . و بهذا التوجّه ، يمكن تشكيل تحالف واسع ضد العدوّ في الوطن ( جمهوريّة إيران الإسلاميّة ) و العدوّ العالمي ( النظام الرأسمالي – الإمبريالي و حكوماته ) . هوامش المقال : ( من صاحبة المقال مع إضافة المرتجمين لبعض التوضيحات ) 1- رضا بهلوي إبن و كان على ما يبدو وريث شاه إيران السابق ، محمّد رضا بهلوي . و الشاه ، الذى كان حليفا مقرّبا و وكيلا للولايات المتّحدة [ ركّزه في السلطة إنقلاب 1953 الذى نظّمته السى أي أي ) ، و تمّت الإطاحة به سنة 1979. 2- " القيصر العظيم " كُنية ل [ آية الله ] الخميني أطلقها عليه الكسندر دوجين ، المستشار الديني لبوتن ، وهو أصولي مسيحي فاشيّ . و يعتبر ألكسندر دوجين الخميني القائد الحقيقيّ الذى سينقذ الإنسانيّة من شرّ العالم " المعاصر " . وهو ضيف دوريّ في الندوات في قم [ مدينة في إيران تعتبر مقدّسة بالنسبة للموالي المسلمين – الشيعة الذين يحكمون البلد ]. 3- و يحيل أيضا على الحرب الإيرانيّة – العراقيّة التي يعدّها حربا قوميّة وطنيّة و بصفة متكرّرة قد شكر الحرس الثوري الإسلامي لذلك ! كانت طبيعة الحرب الإيرانيّة – العراقيّة كذلك رجعيّة و لا صلة لها بالمصالح الآنية و البعيدة المدى للشعوب في إيران والعراق . وللمزيد ، الرجاء الإطّلاع على سلسلة مقالات معنونة " الحرب الإيرانيّة - العراقيّة الرجعيّة"، التي نُشرت في تسعة أعداد من مجلّة آتاش / شعلة عدد 119-128 ، على موقع أنترنت cpimlm.org . 4- مسيح علي نجاد متكلّمة لمدّة طويلة باسم الموالين للولايات المتّحدة كسب شُهرة في وسائل الإعلام الغربيّة قبل أكثر من عقد لتعليقها على النضال ضد إجباريّة إرتداء الحجاب في إيران . 5- بانى غانس ، جريدة " النيويورك تايمز " ، 5 أكتوبر 2024 . 6 – لينين ، " مصادر الماركسيّة الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة " ، الصفحة 38-39 من المجلّ الخامس من " لينين – المختارات في 10 مجلّدات " ، دار التقدّم موسكو ، الطبعة باللغة العربيّة . و قد ذكره بوب أفاكيان في خطابه " القيام بالثورة و تحرير الإنسانيّة " و في كتابه " الشيوعيّة الجديدة : العلم و الإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " [ الشيوعيّة الجديدة ..." متوفّر باللغة العربيّة بمكتبة الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي ].
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسرائيل تمطر الموت و الدمار عبر لبنان – و الولايات المتّحدة
...
-
غزّة : 10 أيّام من فظائع الإبادة الجماعيّة المقترفة من آلة ا
...
-
رسالة من اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) إل
...
-
شعوب الشرق الأوسط شعوبنا ! لا للإمبرياليّة ، لا للأصوليّة ال
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 89 : ليندا رونستادت :الحقيقة القويّ
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 92 : لماذا يوجد السود في الوضع الذى
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 93 : السود – إمكانيّة ثوريّة قويّة
...
-
غزّة : إثر سنة من المذابح المدمّرة للفلسطينيّين و الفلسطينيّ
...
-
إسرائيل تصعّد مجازرها و جرائم حربها عبر لبنان : - نتنياهو يه
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 90 : من أنا لأقول للناس الحقيقة الت
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 91 : قتال عميق من أجل روح السود : أ
...
-
حمّام الدم الذى تقترفه إسرائيل عبر المنطقة : من لبنان إلى ال
...
-
الخطر المتنامي لحرب إقليميّة مدمّرة في الشرق الأوسط : الهجوم
...
-
سنة من الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة في غزّة : رسالة مفتوحة
...
-
إزاء تصاعد عدوان الولايات المتّحدة – إسرائيل في الشرق الأوسط
...
-
مقدّمة الكتاب 49 : حرب الشعب الماويّة في الهند و الحزب الشيو
...
-
مذابح إسرائيل المتعطّشة للدماء و المدعومة من الولايات المتّح
...
-
[ رسالة من سجن أفين بإيران : ] - مشينا حفاة في طريق مزروعة ب
...
-
إسرائيل تفخّخ - البيجر - – قاتلة العشرات و جارحة الآلاف في ل
...
-
سرقة مستقبل 625 ألف طفل في غزّة : كيف أوقف بايدن و هاريس تمو
...
المزيد.....
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
-
شولتس أم بيستوريوس ـ من سيكون مرشح -الاشتراكي- للمستشارية؟
-
الأكراد يواصلون التظاهر في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن أوجل
...
-
العدد 580 من جريدة النهج الديمقراطي
-
الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تُعلِن استعدادها
...
-
روسيا تعيد دفن رفات أكثر من 700 ضحية قتلوا في معسكر اعتقال ن
...
-
بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
-
بلاغ صحفي حول الاجتماع الدوري للمكتب السياسي لحزب التقدم وال
...
-
لحظة القبض على مواطن ألماني متورط بتفجير محطة غاز في كالينين
...
-
الأمن الروسي يعتقل مواطنا ألمانيا قام بتفجير محطة لتوزيع الغ
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|