|
يوميات نازح في وطنه : مؤانسة أستاذ أحمد عن حلفا الجديدة (1-2 )
مزمل الباقر
الحوار المتمدن-العدد: 8139 - 2024 / 10 / 23 - 09:28
المحور:
سيرة ذاتية
بناءاً على رغبتي بالتعرف على مدينة حلفا الجديدة من خلال لسان أهلها، عملاً بالمقولة السودانية الشهيرة:(سمح الغنا في خشم سيدو)، تفضل عم/محمد محمود (أبو حديدة) مشكوراً بالتنسيق مع الأستاذ/ أحمد محمد أحمد طه، ليحدثني عن المدينة الجديدة (حلفا) مقارنةً بالنسخة القديمة للمدينة (وادي حلفا). بعد صلاة عصر أمس السبت 26 أغسطس 2023م بالجامع الكبير لبلوك أربعة ( (Block 4أو الحي الرابع، رافقت عم/محمد محمود داخل شوارع وأزقة الحي في جزئه الشمالي (صرص) – بفتح جميع الأحرف بهذا الاسم – حيث يجتمع أستاذ/ أحمد وأصدقائه ومجايليه بالحي الرابع ويجتمع أنسهم الذي – كعادة كل أهلنا السودانيين – يتطرق للثقافة، السياسة والدين وأحياناً لمباريات كرة القدم وبطولاتها في ال Premier League أو ال La Liga أو الاثنين معاً. يجتمعون تحت سقيفة - أو كما نسميها في السودان: الراكوبة بفتح حرف الراء وضم حرف الكاف وفتح حرف الباء – وقد تحلق معظمهم - تحت تلكم (الراكوبة) - حول لعبة (الضُمّنة) – بضم حرف الضاد وفتح حرف الميم وهي سودنة – نسبة للسودان - للعبة Domino’s - كانوا يلعبونها بشغف لا يضاهى. كوب الشاي بيمناي، وعيناي موزعةً نظراتها بتركيز بين قطع (الضمنة) التي تضمها أيدي اللاعبين الأربعة، وبين ما يلقى على اللوح الخشبي في الأرض. فتطرب أذناي للقرع المتعمد من أيدي اللاعبين لقطعة (الضمنة) عند وضعها على لوح خشبي، يتوسط مكان جلوسهم تماماً، محدثين بذلك صوتاً مميزاً يزيد من حماس اللعبة. أصغي لأحد أعمامنا في العقد السادس من عمره - اللاعب الأول في اللعبة - يرفع عقيرته بالنداء وقد ألقى بإحدى قطع (الضمنة) على الأرض فوق اللوح الخشبي.
جهاز .. والواطة نهار ليلقى اللاعب الثاني في منتصف العمر - زميل اللاعب الرابع في اللعبة - بقطعةٍ أخرى يفصل نقاطها الأربعة خط أسود في المنتصف عن نقاطها الخمس .. صائحاً :
بيش فيعود اللاعب الثالث - أصغر بسنوات قلائل من زميله اللاعب الأول في اللعبة - ليلقي قطعة موزعةً عدد نقاطها بين الخمس والست .. صائحاً :
شيش فيعود اللاعب الرابع الستيني – زميل اللاعب الثاني في جلستهم الرباعية تلك حول اللوح الخشبي الذي يتوسطهم تماماً – يعود ليلقي قطعة توزعت نقاطها بين النقاط الست والنقاط الثلاث.. ليرفع عقيرته بالنداء: سي وما بين النداءات للتعريف، بعدد نقاط قطع كل قطعة من قطع لعبة (الضمنة) كما هو متعارف عليه بين من يلعبوها من السودانيين، بين تلكم النداءات، تجئيني – كل هنينة - عبارات ترحيب بي، بعامية وسط السودان. ويتبادلون الأنس فيما بينهم باللغة النوبية – تلك اللغة المقدسة لديهم مثل آثارهم، أرضهم، نخلهم، ونيلهم. والمحببة – حد الثمالة – لقلبي. تلك اللغة النوبية التي يتحدثها النوبيون السودانيون بالمدينة القديمة (وادي حلفا) مثلما يتحدثونها نوبيو مدينة: حلفا الجديدة وهي النسخة الأحدث عمرياً – إن جاز لي التعبير - مقارنة بمدينة: وادي حلفا ( حلفا القديمة ) يتحدثون ذات اللغة النوبية التي يُتحاكى بها داخل مناطق المحس في مدن:(عبري) و (عكاشة) وفي جزيرة ( صاي ) وجزيرة ( أرنتا ) غيرها. وهي لغة نوبية تختلف عن لغة نوبية اخرى يتحدثها نوبيون يعرفون بالدناقلة نسبة لمدينتهم النوبية التاريخية: مدينة (دنقلا) - بضم حرف الدال، تسكين حرف النون وضم حرف القاف – وتختلف هاتين اللغتين النوبيتين عن اللغة النوبية التي يتكلم بها النوبيون في قرى النوبة وفي داخل مدينة (أسوان) بمصر.. فتامل !.
وسكاني مدينة: حلفا الجديدة إضافة إلى نوبيي حلفا القديمة الذين هُجروا إليها قبل أن غرق مدينتهم التاريخية ( وادي حلفا ) في أمواه النهر الخالد في أعقاب إنشاء السد العالي ، إضافة لهؤلاء النوبيين المهجرين توجد مجموعات إثنية سودانية أخرى كما سنعرف كم أستاذ أحمد في معرض مؤانستي لي عن حلفا الجديدة. ولأن الحديث مع أهلنا الحلفاويين – نسبة لمدينتهم وادي حلفا – لابد أن يتطرق عفواً أو عن قصد لقضية تهجير السودانيين - ممثلة في حكومة الفريق/ إبراهيم عبود – للسودانيين – ممثلين في أهل مدينة: وادي حلفا (حلفا القديمة) وإن شئت التدقيق – مدينة: حلفا الغارقة بفعل إنشاء السد العالي بعد الشلال الأول لنهر النيل العظيم. حديث التهجير هو جرح لا يندمل بذاكرة الحلفاويين – بشئ من التخصيص – وعلى العموم بذاكرة معظم السودانيين في بقية مدن وقرى الولايات الأخرى غير الولاية الشمالية التي تقع مدينة: وادي حلفا على حدودها مع جنوب مصر. ولأن ملف التهجير هو جرح - ما أفك يحفر عميقا وبشكل مزعج ومؤلم في الذاكرة الجمعية للشعب السوداني، فقد تركت أستاذ/ أحمد يسترسل في حديثه كما يشاء ولم ألاحقه بكثير أسئلة مثل صحفي مبدئ بصحيفة مغمورة توزع نسخها الورقية بالكاد عبر أكشاك بيع الجرائد والمجلات بشوارع وأزقة الخرطوم العاصمة - بمدنها الثلاث: الخرطوم، أم درمان والخرطوم بحري. ولعل هذه المؤانسة لولا فضل الله وتوفيقه ثم تنسيق عم/محمد محمود (أبو حديدة) ومعاونة كاميرا الهاتف المحمول للصديق الشاب: محمد نور. لما أخذت – تلك المؤانسة – لها حيزاً من تلكم اللحظات الجميلة بصحبة الذاكرة الحية – حفظها الله – لأستاذ أحمد – الذي أصر على إقامة المؤانسة رغم مرض الإنفلونزا الذي زاحم – بالإكراه – جهازه التنفسي بسبب دخول فصل الشتاء على استحياء لبيوت وطرقات المدينة القديمة وأزقتها. والحمد لله قبل أن أنشر ( برومو ) هذه المؤانسة (1) وتخللت المؤانسة قفشات الحلفاويين(نسبة لمدينة:وادي حلفا) تلك القفشات التي اشتهروا بها وتأتي عفواً خلال حديثهم اليومي الاعتيادي.. مما حدا بي للضحك كثيرا( تحت الهواء) قبل هذه المؤانسة وبعدها. فإلى مؤانسة أستاذ أحمد محمد أحمد طه في جزئها الأولى عبر الرابط المرفق بحاشية هذا المقال (2).
مزمل الباقر وادي حلفا في 26 أغسطس 2023
حاشية:
(1) برومو مؤانسة استاذ أحمد عن مدينة حلفا الجديدة :
https://www.tiktok.com/@muzamilalbagir/video/7271882106861669634
(2) مؤانسة استاذ احمد عن حلفا الجديدة (1 – 2 ) :
https://www.tiktok.com/@muzamilalbagir/video/7275493083712670978
#مزمل_الباقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوميات لاجئ في أم الدنيا (1) : في أول صباح اسواني
-
يوميات نازح في وطنه: بجزيرة صاي وبحي صيصاب .. كنت قبالة منزل
...
-
غناء الراب ( النسخة السودانية ) أو الراب السوداني بين فلبتر
...
-
بس خلي البحر .. وراك!!
-
غناء الراب ( النسخة السودانية ) أو الراب السوداني بين فلبتر
...
-
غناء الراب ( النسخة السودانية ) أو الراب السوداني بين فلبتر
...
-
الراب السوداني ( النسخة السودانية ) أو الراب السوداني بين ف
...
-
لعل الزمن لم يعد كفيلاَ بتناسى الأخطاء ( 1-3)
-
خاطرة اليوم دا : ورحل صاحب المواكب 😔
-
خاطرة اليوم دا 😉: تحديداً للسودانيات والسودانيين ..
...
-
توباك لم يقتل أحداً
-
خاطرة اليوم دا : جداريات إستاد التحرير( كلاكيت تاني مرة )
-
خاطرة اليوم دا: ( إذا أحب الله عبداً .. حبب إليه خلقه )
-
خمس ملاحظات سريعة عن مواكب أمدر في مليونية 24يناير 2022
-
بعض من مشاهد مليونية 9 يناير
-
رؤية
-
ما بعد تحرير أسعار الوقود في السودان
-
قبل أن يثور القاش ( 3 - 3 )
-
قليلاً من الرقابة يا حكومة الثورة
-
(لجنة البل) و (الكيزان).. أو الصفعة الداوية للأخوان المسلمين
...
المزيد.....
-
بايدن ينتقد ترامب و-أصدقاءه الجمهوريين- بتصريحات مثيرة دعمًا
...
-
هل ينبغي أن يخرج بايدن لدعم حملة هاريس؟ كاتب خطابات أوباما س
...
-
-طفل مدلل يريد إطلاق النار-.. زيلينسكي يدخل في هيستيريا
-
الفصائل العراقية المسلحة تستهدف إيلات
-
الجيش الإسرائيلي يقصف جسرا يربط بين بلدتين لبنانيتين على الح
...
-
كيف سيكون هجوم إيران الحاسم ضد إسرائيل؟
-
البحرين تطلق -شبكة الأمل- العالمية الداعمة لتنافسية الشباب
-
الإمارات وقطر تؤكدان على منع توسيع الصراع في المنطقة و-حل ال
...
-
وسائل إعلام سودانية: مقتل 31 مدنيا بنيران الدعم السريع في ول
...
-
ما الذي يفعله الرئيس الإسرائيلي هذه الأيام؟! (فيديو)
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|