|
بعض مفاهيم المقاومة الإسلامية
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 8138 - 2024 / 10 / 22 - 10:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وقف إطلاق النار ، والدعوة إلى المفاوضات
الدعوة إلى وقف إطلاق النار التي صدرت عن حماس وحزب الله وطهران ، ودخول الميليشيات الًولائية العراقية بمفاوضات مباشرة مع امريكا ، من وراء ظهر حكومة السوداني او برضا منها : تثلم مفهوم المقاومة وتمنعه من ان يكون : جامعاً ( لعناصر وأبعاد الظاهرة " المقاومة " ًًًً) ، ومانعاً ( التناقض من الدخول اليها ) كما يقول المناطقة ، لأن الدعوة إلى وقف إطلاق النار تنطلق من جيوش نظامية لدول متحاربة ، وهي تعبير رائج لدى قيادات الجيوش وجنرالاته وقيادات البلاد السياسية ، اي انها استراتيجية ثانية يمكن اللجوء اليها للمناورة وتفويت الفرصة على عدوها قبل ان يسحقها : والمقاومة ليست جيوشاً نظامية مستقلة بمعسكرات معروفة الأمكنة : فتخشى ضربها وتدميرها . لا تطلق المقاومة صرخات النجدة الّا حين تكون قد تحولت إلى وجود آخر غير مقاوِِم : إلى وجود بيروقراطي ومكاتبي مترهل يجبرها على الارتباط بببقعة جغرافية محددة . في كل تجارب المقاومة التي بلغت أهدافها وحررت أراضيها من الاحتلال : لم تنطلق الدعوة إلى وقف إطلاق النار من بين صفوفها بل من سلطات الاحتلال : فحين يكتشف المحتل بشيء من الرعب : بانه بقاتل ما يشبه الأشباح التي لم تتجسد لعينيه في شكل عسكري تقليدي ، وليس لها ارض محددة يمكن تحديدها وقصفها : يبدأ المحتل بإطلاق : التسوية والمفاوضات . وفقط حين ينسحب المحتل مهزوماً يخرج الى العلن الوجود المادي للمقاومة: اما قبل النصر : فان المقاومة غائبة عن الحضور المادي تمثل لأهل البلاد : شهقة خلاص ، توق وطني إلى الاستقلال والتحرر من هيمنة الأجنبي ، انها حلم عام وشامل : ورؤيا سياسية يعبر عنها الناس في تعاملاتهم اليومية وفي أشعارهم وموسيقاهم : المقاومة ثقافة جميع الشعوب التي تعرضت للاستعمار ، ولكنها لم تكن في أشعار الفيتناميين ولا في قصائد لوركا او الفرنسيين او في رواية الأم : أدب رصاص ودخان وقنابل وقصائد تمجد الهزيمة والمهزومين : كما هو واقعها في الثقافة العربية . المقاومة ثقافة تلمسها بوضوح لدى الشعب الفلسطيني ، وليس لدى تجار المقاومة ( أنا لا اتطاول على احد فجميع قادة المقاومة اورثوا عوائلهم قصوراً وحسابات بنكية بالملايين من ياسر عرفات الى إسماعيل هنية ، ومن هنا نكتشف السر وراء تهالكهم على المساعدات ) وفي هذا المستوى من المسار تتحدد علاقة المقاومة بالشعب : فهي ليست علاقة وصاية تدعيها ميليشيا او حزب : المقاومة توق إنساني عظيم للقضاء على الوجود الأجنبي والاستغلال والانعتاق من كل ألوان التشيء والاغتراب في آن واحد : وليس لخلق فروقاً طبقية جديدة : وهذا هو معنى العلاقة الصحيحة والصحية بين المقاومة والأمة ، وقد شبهها كبار الثوار المقاومين : بعلاقة السمكة بالماء ، حيث تموت السمكة ( المقاومة ) إذا خرجت من الماء ( الشعب ) ، وقد ماتت جميع المقاومات ، الفلسطينية والإسلامية لأنها خرجت من الماء ( ولم يعد في طاقتها فهم لغة شعبها او امتلاك الصبر على الاستماع اليه )
استراتيجية السمكة والماء
بعد هزيمة حزيران 1967 ، ازداد نموذج فتح قبولاً كاستراتيجبة وكعقيدة تحرير قتالية بديلة عن عقيدة الجيوش العربية الرسمية في تحرير. التراب الفلسطيني . لقد نجحت سمكة فتح في العيش داخل المياه العربية والفلسطينية ، وصارت تمدها بأوكسجين الحياة . وكبرت صورة الفدائي على شاشات وعي الشبيبة الذين بدأوا يميلون إلى تفضيل صورة الفدائي ؛ المتطوع للقتال على صورة الجندي العربي الذي تجبره سلطات بلاده . على اداء : " خدمة العلم " وكانت الانتصارات المتلاحقة لماو تسي تونغ في الصين ، وكيم إيل سونغ في كوريا الشمالية ، وهوشي منة في فيتنام : وجيفارا وكاسترو في كوبا : قد أقنعت الشباب العربي يفضل استراتيجية حرب العصابات على حرب المدافع والدبابات . وقد عبر شباب العرب عن موقفهم المساند لمنظمات العمل الفدائي بطريقة جعلت الشاعر محمود درويش يصرخ : انقذونا من هذا الحب القاسي " ويبدو ان فتح وعموم الفصائل الفدائية : استراحت لهذا التمجيد الخرافي : فغفلت عن المهمة الأرأس التي يجب ان تركز عليها : مهمة تطوير استراتيجية نضالية خاصة بها نابعة من صميم القضية الفلسطينية التي تتسم بالتعقيد الشديد . لقد نجحت فتح في بعث طائر الفينيق من رماد فلسطين ، وحصلت على اعتراف عربي ودولي بها :, لكن هذا الاعتراف غير كافٍ لحل المسألة الفلسطينية التي تزداد تعقيداً كلما طال الزمن : اذ تنفرد المقاومة الفلسطينية من بين مقاومات العالم - بانها تقاوم استعماراً استيطانياً وليس مجرد قوات احتلال عسكرية .. لكن فتح التي انتشلت الشباب العربي من السقوط بعقدة الشعور الدائم بهزيمة 1967 : لم تنجح في هذه المهمة التاريخية العظيمة وتكون بارقة الأمل التي يبحث عنها الشباب العربي للخروج من عقدة الهزيمة : فبعد أربع سنوات على هزيمة 1967 القومية الشاملة ، تعرضت فتح لهزيمة اشد وأقسى في أيلول الأسود 1971 ، بسبب من طموحاتها التي أخرجتها من كونها مقاومة يجب ان تتشكل وتعمل تحت الارض الى ان تكون سلطة مكشوفة على الارض. كان على فتح بدلاً من الذهاب بعيداً في نفخ الذات : ان تركز جهدها على الإجابة على سؤال: عن مقدار وعبها في انها تقاوم استعمارا من نوع خاص : هو الاستعمار الاستيطاني ، يفرض عليها ، وعلى المنظمات الفدائية الأخرى الارتقاء إلى مستوى التمييز - في الاستيطان - بين وجودين :واحد عسكري وآخر مدني ، وأن عليها ان تتعامل معهما كوجودين لا كوجود واحد ؟ وبعد مرور ما يقرب نصف قرن من تأسيس فتح ، وبالضبط مع حرب حماس التي فجرتها تحت إسم " طوفان الأقصى " 2023 ، يكتشف الجميع بانهم تعاملوا مع وجور واحد هو الوجود العسكري ( الذي كلفهم الكثير : من رهن ارادتهم للولي الفقيه إلى اضافة مليونين ونصف المليون الى قائمة المشردين ) وأنهم لم يتعاملوا مع الوجود المدني بخطاب خاص …
لماذا تتهيب الطليعة الفلسطينية المفكرة ( وهم عدد ضخم ومميز فكرياً وأدبياً ) من ايجاد خطاب خاص : يحرر قضيته من همجية الثأر ويحرر التصور الشعبي وخياله الغارق في المآسي المتلاحقة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني منذ 1948 إلى اليوم ؟ بعد ان تلمس الجميع فشل ستراتيجية الخروج من العمل تحت الارض إلى العمل فوقها كجيوش نظامية : لماذا يتهيب النضال الفلسطيني من ايجاد استراتيجية جديدة للتعامل مع الوجود المدني داخل اسرائيل الذي ظل منبوذاً ومحتقراً ومتعالياً عليه حتى هذه اللحظة ؟ لقد استطاعت سلطة الليكود في اسرائيل من اختراق التجمعات الأهلية في فلسطين وفي غيرها من الأقطار العربية : وأوجدت لها عملاء ، وكان بامكانها ان تتوجه إلى الشعوب العربية بخطاب إنساني لايجاد رأي عام مناصر لحقها في العيش المشترك مع الفلسطينيين ، لكن جذورها الفكرية الغائرة في عمق خرافة شعب الله المختار الذي منح ارض فلسطين لهم ، منعتها من التواضع الإنساني وترك عبارة القوة الغاشمة، ولم تفعل السلطة الفلسطينية ذلك ولا حماس في التوجه إلى داخل اسرائيل لخلق رأي عام مناصر لحق الفلسطيني في العودة والعيش المشترك داخل اسرائيل . العمليات الفدائية داخل الأسواق والمطارات ووسائط النقل العام وسط جموع المدنيين التي دعا إلى بعثها خالد مشعل تدل على ان العقلية التي قادت إلى اكبر هزيمة بعد هزيمة 1967 ، ما زالت ميتة الإحساس والضمير وأنها تعشق إشعال الحرائق وهي جالسة في شرفة احد قصور العائلة الحاكمة لقطر . لا يصلح الجسد البشري اداة لهذا التحرير : فالإنسان في هذه الاستراتيجية الإنتحارية تابع وعبد للأرض ( المقدسة ) وليس الارض تابعة له فهو الذي عمرها وقدسها ومنح لها الآلهة لحماية مدنها . يجب تعديل العلاقة بين الارض والإنسان ، وان يسعى الفلسطينيون إلى إنقاذ الاسرائيليين من أسر الوعي الصهيونى ، لكن علينا اولاً ان نبدأ بتحرير اجسادنا من أسر خيال الأحزمة الناسفة ، وان تكون غير مفخخة ، وتدل مشيتها التي تخلو من الغرور والكبرياء بانها طاقة من التسامح ومن افعال الرحمة والتعاطف …
وعي الفلسطينيين المتقدم
والحق ان مراكز الأبحاث الفلسطينية زوّدتنا بقائمة طويلة من الأبحاث والدراسات والكتب التي غاصت وتغوص في المجتمع المدني الاسرائيلي ، وكشفت لنا عن الكثير من أبعاد الشخصية الاسرائيلية ونوعية الظروف والملابسات التي شكلتها . . لكن هذا الكم الهائل من المعرفة لم تنجح المقاومة في استلهامه للتعامل مع المجتمع الاسرائيلي ، وليس مع غلافه العسكري السميك الذي لا يمكن لأي عقلية بدوية ( يحيى ، صدام ، ، جمال ، القذافي ، الخامنئي) اختراقه ، الا من خلال الكنز المعرفي الفلسطيني الذي بدأته مجلة الآداب البيروتية منذ النكسة تحت شعار اعرف عدوك . فظل هذا الكنز العظيم من الدراسات ( الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والعسكرية ) تحت سيطرة الحرس القديم من اصحاب : نظرية الثأر وتفخيخ الجسد واشعال الحرائق ، والإلقاء في البحر . كانت الخطوة التي لم تتخذها فتح تتمثل بتحويل الكنز المعرفي الفلسطيني إلى أسلوب جديد في السياسة : تتمثل في لفت المجتمع المدني الاسرائيلي إلى مسؤوليته في وضع حل ( حد ) لمأساة اللاجئين الفلسطينيين . لكن فتح لم تجد لها منفذاً للدخول إلى داخل اسرائيل والعمل على صناعة رأي عام مؤيد لحق العودة والعيش المشترك . لم تكن فتح ( الاخونچية ) مهيأة فكرياً ونفسياً لاختراق حاجز : نص جهاد الدفع الموروث والإتيان بنص جديدترفعه إلى الشرعية الطرف العازمي الجديد بعد مرور 1400 سنة على النص القديم . لقد مارس جميع قادة المقاومة النقاط الحدودية وتخصم لنفسها حصة خاصة : ومارسوا أمورا اخرى تجاوزوا بها على الشريعة ، فلماذا يخشون تجربة ما مردوده إيجابي وعظيم على الشعب الفلسطيني من غير خسارة المدن بأهاليها ؟، —
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقاومة والمقاومة الإسلامية
-
أنا إنسان
-
أنا حزين
-
ضاحية بيروت
-
ترجم الموروث الديني والأدبي
-
الفردانية وولاية الامة على نفسها
-
إعصار فرنسيس
-
الكتابة إلى الذات - الجزء الثالث -ابتكارالكتابة
-
رسائل إلى الذات - الثالث - ابتكار الكتابة
-
الكتابة إلى الذات : الابتكار / الجزء الثاني
-
الكتابة إلى الذات
-
الرد الايراني
-
ايران في وردة
-
ايران واسرائيل
-
هو : محاولة في التذكر
-
هو : محاولة في تذكره
-
قتل إسماعيل هنية شيء مخيف
-
تآكل هيبة الإسلاميين - الأدب الرمزي الفلسطيني
-
تآكل هيبة الإسلاميين ، الجزء السابع ، حماس والوعي الحضاري
-
امطار غيمة مهاجرة
المزيد.....
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024.. القناة الأولى لأناشيد وبر
...
-
الترفيه والتعلم في قناة واحده.. تردد قناة طيور الجنة 2024 لم
...
-
الجهاد الاسلامي والشعبية: ندين المجزرة الدموية بحق صحفيين في
...
-
الجهاد الاسلامي: ندين بأشد العبارات المجزرة البشعة بحق الاعل
...
-
إدانات لدخول وزير الأمن القومي الإسرائيلي لحرم المسجد الأقصى
...
-
الإمارات تدين اقتحام وزير الأمن الإسرائيلي المسجد الأقصى
-
“في خمس خطوات”.. حدّث الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025
...
-
الوزير المتطرف بن غفير يقتحم المسجد الأقصى في أول أيام عيد -
...
-
خارجية الأردن: اقتحام بن غفير المسجد الأقصى خطوة استفزازية م
...
-
بن غفير يقتحم الأقصى احتفالا بعيد -الأنوار- اليهودي ومكتب نت
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|