أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - اللّهم شماتة: انهيار المحاكم الإسلامية














المزيد.....

اللّهم شماتة: انهيار المحاكم الإسلامية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1779 - 2006 / 12 / 29 - 11:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دون مقدمات، ولم يكد يستوي نظام المحاكم على عرش السلطة الوثير، حتى أزيح عنها في رابعة النهار وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع الذي اكتفى بنقل، ومتابعة مسلسل الانهيار المثير بصمت مريب. هزيمة لن تستطيع كل أدبيات الخطاب السياسي الإسلامي التقليدي أن تجد لها تبريراً، أو تفسيراً، إلا من وجهة نظر واقعية عسى تكف الجماعات، من خلالها، عن الاتجار بالأديان لمصالح سياسية واضحة وبينة، ولا لبس فيها، وعدم الخلط مجدداً بين السياسة والدين، فقد انكشف وتعرى هذا الخطاب ولم يعد يجد من يصدقه سوى قلة ممن لا تزال تعوّل على الغيبيات والمعجزات.

هكذا إذن، انهارت، وبشكل سريع، ومبهر، حكومة إمارة المحاكم الإسلامية وفر زعماؤها، وقادتها، الأتقياء المعصومون وانجرت البلاد إلى مرحلة من الفوضى غير الخلاقة، إثر فراغ السلطة الذي خلفه الهروب الجماعي لقادة المحاكم التي اتخذت من شكل الحكم الطالباني المتزمت أنموذجاً لها للحكم. وسادت عقب ذلك أعمال النهب والسلب واستبيحت المناطق المحررة لتسقط البلاد في دوامة جديدة من الفوضى والعنف والأفق المفتوح على شتى الاحتمالات.

ولم يترك "الملا" شيخ شريف شيخ أحمد، أمير المؤمنين المعظـّم في ولاية الصومال الإسلامية، ورئيس المكتب التنفيذي للمحاكم التنفيذية، أي مجال للحدس والتأويل والتكهنات، ولا حتى بقية ثمالة لأماني الإسلامويين الباقية، حين أعلن عن انسحاب قواته من العاصمة الصومالية مقديشو. ويشكّل هذا الانسحاب، وبهذه السرعة مفاجأة إستراتيجية عسكرية، ومن العيار الثقيل، لكل من عوّل على استمرارية هذا النظام، ذي الصبغة الطالبانية القحة. وأتت هذه الهزيمة على خلفية التدخل الإثيوبي لصالح الحكومة الصومالية الانتقالية الشرعية. وكما كان ظهور وتقدم هذه المحاكم سريعاً، فقد كان انهيارها وزوالها أسرع، ولم تخفف تصريحات مسؤولييها من وطأة الهزيمة، وأن ذلك "الانسحاب" كان لـ"دواع إنسانية" ولحقن الدماء الصومالية.

وإن كانت هذه هي النهاية المنطقية المتوقعة لهذا الشكل من الحكم البدائي، وبغض النظر عن البعد العسكري والعملياتي لهذه التطورات، فثمة بينات باتت لا تقبل الشك حول تعثر المشروع الإسلاموي، برمته، وبشكل عام، لا بل فشله في غير مكان من العالم بسبب تخلف أدواته، وخطابه، وآلياته. وبات من الضروري مراجعة شاملة لأدبيات هذا المشروع والخطاب الإقصائي الذي لا يملك أية رؤية حضارية ومدنية متجددة تقاوم عوامل الفناء، وبات يغرد خارج العصر وخارج كل منطق. فهل آن الأوان لجماعات الإسلام السياسي ذوات التوجهات السلطوية الواضحة، للكف عن ضخ أفكارها في هذا البئر الذي لا قرار له ولا طائل منه، وأن مشروع الدول الدينية كان دائماً موضع إشكال، وعاملاً من عوامل تفشي الحروب والصراعات. وأنه الأوان قد آن فعلاً للتخلي عن هذا الحلم الذي يراود مخيلة الكثيرين من عشاق الفكر الديني، وأن تكون ممارسة الديانات والعبادات، داخل دور العبادة فقط، وألا تخرج منه على الإطلاق، لأنه حال خروجه من ذلك النطاق، فإنه سيعني صداماً بسلسلة لا تنتهي من المعوقات والإشكاليات. وأن لا سبيل إلا للدولة المدنية العلمانية التي يكون فيها عامل المواطنة هو الأعلى الذي يعلو ولا يعلى عليه، لا عامل الدين والعرق وكل دعاوي الاصطفاء الرباني، والديني، والسماوي.

من الملاحظ أن ثمة غض طرف، وتسامح دولي فيما يتعلق بالتدخل الإثيوبي الذي أزاح نظام المحاكم الإسلامية من سدة الحكم، بكل ما لذلك من دلالات على دعم دولي، وعدم تهاون في قيام أنظمة متشددة من هذا القبيل تكون مسرحاً، ومصدراً، وحاضناً، للقوى التكفيرية كما كان حال أفغانستان الطالبان. فلم يكن هناك أي تصريح لإدانة أو وقف هذا التدخل مثلاً، بل ربما، وهو الأرجح سيترك حتى يكمل مهمته في القضاء على آخر فلول نظام المحاكم ورجاله الذين بدؤوا يتجمعون في "كيسمايو" الجنوبية التي تعتبر معقلهم الرئيسي وهي بمثابة "قندهار" الصومال.

غلطة العمر التي ارتكبتها القوى العظمى بتحالفاتها المسبقة مع هذه الجماعات والقوى السلفية، يبدو أنها لن تتكرر، حتى ولو اضطر الأمر لتغيير شروط اللعب، وذلك باعتماد وكلاء محليين، كالسابق، وإبان الحرب الباردة، وذلك للتعامل مع كافة صنوف الخروج عن قواعد اللعب المعروفة، بعد التجارب المرة، والفاشلة، في التدخل المباشر في العراق، وأفغانستان. والثضاء على الدولة الطالبانية الفتية بهذا الشكل الدراماتيكي، ودون ترك مجال للترحم والوساطات المعتادة، ما كان له ليتم لولا بركات المجتمع الدولي واتفاقه التام حول الموضوع. والكلام لك أيتها الكنة الصومالية فاسمعي أيتها الجماعات الإسلاموية.

دولة الخلافة الدينية تبتعد أكثر وأكثر، وتكاد تصبح مجرد تصورات افتراضية صماء في مخيلة أصحابها فقط لن تفتأ الإرادة الدولية عن إجهاضها فوراً. فها هو إذن مشروع إسلامي آخر على النمط الطالباني يتهاوى، غير مأسوف عليه، وسط توافق وأمام تصميم دولي جاد بعدم تكرار هذه النماذج المؤرقة التي لا أمان لها، ولا يمكن التحالف معها، وقد تخرج عن الإطار المرسوم في أية مرحلة من مراحل اللعبة، وبكل ما يشكل ذلك من تهديد وبعثرة للمخططات الدولية في رؤيتها الإستراتيجية لمستقبل وشكل هذا العالم. مشروع لم، ولن يفلح البتة، طالما أنه لا يراعي أدنى متطلبات نشوء الدولة الوطني بالرغم من كل كل دعاء الفقهاء وذاك الضخ الإيديولوجي العرمرم الرومانسي الفضفاض، وادعاء العصمة والطهرانية ونيل بركات السماء.".

واللهم شماتة.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة الظلّ الوهابية المصرية
- هل أصبحت إسرائيل ضرورة قومية؟
- الكاميرا الخفية
- أهلاً بكم في تلفزيون الحوار المتمدن
- انطلاقة لعصر إعلامي جديد
- الإنترنت السوري ومهمة الدعوة إلى الله
- سيدي الوزير: لا تعتذر !!!
- كيف فضحتهم إيران الصفوية؟
- انتفاضة محاكم التفتيش السلفية
- الهَيْلَمة السياسية
- نساء مصر، و-كامب- الشيخ محمد بن عبد الوهاب!!!
- هولندا والمسلمون: نهاية حقبة
- الفياغرا في زمن البداوة
- هل يعود السفير الأمريكي إلى دمشق؟
- الأمّة الافتراضية
- إيلاف وليبرالية الأعراب
- محاكمة صدام: فشل سياسة الجواكر البوشية
- حزب الله الفلسطيني: والخيارات الإلهية!!!
- الجريمة والنقاب
- هل هي قصة لحم مكشوف، أم فكر مكشوف؟


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - اللّهم شماتة: انهيار المحاكم الإسلامية