|
اليوم هل يجوز للمرأة لبس الألوان الفاتحة ؟ وغدا هل يجوز للمرأة أن تتنفس ؟
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 8137 - 2024 / 10 / 21 - 22:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اليوم هل يجوز للمرأة أن تلبس ألوانا فاتحة ؟ .. غدا هل يجوز للمرأة أن تتنفس ؟ =============================================
«المرأة» منذ بدء الخليقة ، تحمل آثام البشر ولعنات الطبيعة.. «المرأة» يُزج بها فى الصراعات السياسية المحلية والدولية ، وفى المعارك الانتخابية ، وفى ترويج الشامبوهات والزيوت الخالية من الكوليسترول ، والأجنة الخالية من الكرامة . دائمًا هى فى الصفوف الخلفية . تلبس الفضفاض الذى يخفى تضاريس الجسد . يضعونها أمام الكاميرات ، شبه عارية تلبس الضيق المحزق، لكى تعلن عن منتجعات الأثرياء وأعشاب استعادة الذكور للفحولة المفقودة ، وتصنع دعاية لفيديوهات غنائية ، خالية من الألحان ، مشوهة المعانى ، تؤديها أصوات أكثر تشوها . على مر العصور، المرأة «كبش فداء» للعُقد التى يرثها الذكور وللتعصبات الدينية مدعية الفضيلة والعفة ، والحفاظ على الدين والدفاع عن شرع الله ، واحترام وتبجيل أخلاق الرسل والأنبياء. هى " المذنبة " ولو كانت هى المقتولة ، أو المذبوحة . «المرأة» كائن تَحار فيه المجتمعات على مر الأزمنة، هل يتغطى أم يتعرى؟. هل يتكلم أم يُقطع لسانه ؟ . هل نتركها لشهوتها الجنسية ، أم نقطعها ونبترها ؟. هل يتعرض للشمس والهواء ، أم لروائح الطبيخ ، وروائح السائل المنوى ، وبلل الأطفال ، وشهوات الذكور الحاضرة طوال الأربع والعشرين ساعة ؟. منظمات وجمعيات ومراكز ، تتلقى المعونات ، تحت اسم تنمية وتمكين المرأة، ولا تنال منها المرأة ، الا المزيد من عدم التنمية ، وعدم التمكين ، والموت بسبب جرائم الشرف ، معدومة الشرف . «المرأة» ، وهى جنين ، تخاف مواجهة الناس ، بأنها " أنثى " . تخاف التحرش إذا خرجت من البيت ، وتخاف «نظرة البواب " وهمسات الجيران ، وضرب " القوام " إذا تأخرت، وإذا ضحكت ومرحت تخاف إثارة الشكوك . وتخاف موت شخص فى الأسرة والعائلة ، حتى لا ترث نصف مقدار الذكر . تخاف من العنوسة ، تخاف ألا ينزف غشاء البكارة، تخاف ألا تطيع الزوج فيضربها ، أو يقطع المصروف عنها ، أو يذهب إلى عشيقة خفية غير شرعية ، غير مقننة غير محترمة ، أو يلجأ إلى ثلاث نساء معلنات شرعيات، مقننات، محترمات . تخاف الطلاق ، والترمل ، وضياع الشباب . فى جميع الأحوال تخاف ، ألا تكون محجبة أو منتقبة ، حتى لا تثير حفيظة أب ، له ميول إخوانية ، أو زوج له وجدان سلفى، أو أخ له أصدقاء داعشيون، أو جيران يتعاطفون مع إقامة الخلافة الإسلامية، أو إعلام ذكورى عنصرى دينى بذىء اللغة ، يصطاد فى الماء العكر، يثير الفتن والضغائن . هذه الأفكار مرت بخاطرى ، بعد قراءة فتوى أحد المشايخ ، عندما ساله شاب ، فى حيرة : «هل يجوز للمرأة أن تخرج إلى الشارع وهى تلبس أثوابًا فاتحة الألوان ؟ . جاءت فتوى الشيخ : " الألوان الفاتحة غير مستحبة ، لأنها تلفت الأنظار، ولفت الأنظار يثير الفتنة والشهوات، وإثارة الفتنة والشهوات ، تجر إلى المهالك والعياذ بالله .. الألوان القاتمة ، وقار وحشمة وزهد ، يرفع من شأن المرأة.. والله أعلم ". إذا كان " الله أعلم " فلماذا إذن الفتاوى التى تنهمر علينا ، ليل نهار ، وتنفجر فى وجوهنا مثل القنابل وطلقات الرصاص ؟ . والنساء هن " الحيطة المايلة " ، التى يتفق المزاج القبلى البدوى ، الوهابى السلفى والاخوانى ، على تحقيرها ، وصناعة الشبهات الأخلاقية ، حول أبسط حقوقها . هى ليست فى نظرهم " انسانة " . بل أداة بيولوجية ، للاكثار من نسل أمة ، لا اله الا الله ، محمد رسول الله ، الذى من سنته : " تناكحوا تكاثروا فانى مباه بكم الأمم ". يضيّقون علينا الدنيا، يجعلون الحياة ظلامًا وقيودًا تستعبدنا، يثيرون الفوضى واللخبطة والبلبلة وعقد الذنب ، وتأنيب الضمير .. ثم يقولون " الله أعلم ". لا كهنوت فى الاسلام . وبالتالى ، فان الوسطاء بيننا وبين الله ، وهم كثر ، ينتهكون هذا المبدأ . ان " بيزنس " الفتاوى ، الذى يكبر ويزدهر ، على حساب انسانية وكرامة النساء ، دليل دامغ ، يعاملنا كأننا " أدمغة " بلا عقول ، أو أطفال قصر ، كائنات تحتاج الى قوة أو سلطة خارجية ، تميز لنا الخطأ من الصواب ، ما القبيح ، وما الحسن ، وبدونه سوف نتوه ، ونضيع ، وتتحول حياتنا الى فوضى أخلاقية ، وشتى أنواع الانحرافات الجنسية . قال ابن خلدون 27 مايو 1332 – 17 مارس 1406 : " فى فترات التراجع الحضارى ، وانحدار وضعف الأمم ثقافيا وأخلاقيا ، يصبح استغلال الدين ، أكثر الموجات رواجا ". ان المرأة ، تخوض حربا شاملة يومية ، منذ الميلاد وحتى الموت ، كل شئ فيها متاح ، مثل كل الحروب ، التى تحتل وتستعمر وتخرب . حرب تنهرها أن تكون " انسانة " ، تملك نفسها ، وليست فى " عهدة ذكر " ، أو " على ذمة زوج " ، أو " فى كنف مِحرم " ، أو " وراء ضل راجل " . وأغلب الفقهاء الذين يقدسهم المسلمون والمسلمات ، شرعنوا هذه الحرب ، وخططوا لها معاركها ، وأسلحتها المتجددة . حرب شرسة متنمرة ، تأبى الا أن ينتصر " الذكور " ، " خلفاء الله فى الأرض " ، حراس الفضيلة والشرف الذكورى ، الذى لا ينتفض الا بسبب ممارسة المرأة ، الجنس ، خارج الكتالوج ، المختوم برضا الذكور . أقترح ندوات تثقيفية عاجلة مكثفة لمنْ يشتغل فى الاعلام ، المرئى والمسموع والمقرؤء ، عنوانها " نسف الذكورية " . ليس من المعقول أو من المقبول ، ونحن ننادى بالعدالة بين الجنسين ، وعدم التمييز العنصرى ضد النساء فى جميع المجالات ، وفى مؤسسات الدولة ، وداخل البيوت من خلال تشريعات عادلة لقوانين الأحوال الشخصية ، أن يطل علينا الاعلام فى غالبية الأحوال ، بأفكار وحوارات ومقابلات ، وتعليقات ، وآراء ، من اعلاميات واعلاميين ، غارقين فى اثقافة الذكورية ، التى هى " توأم " الدولة الدينية . هما يأتيان معا ، وينتهيان معا . ليس من المعقول أن تضع الدولة ، بجانب كل اعلامية واعلامى ، شخص يراقب عدم التمييز العنصرى ، وخلو البرامج من الفكر الذكورى ، الفاسد قلبا وقالبا ، شكلا ، وموضوعا . الذكورية منفرة ، تروجها النساء ، أو الرجال . لكن اذا شاهدت أو سمعت أو قرأت لاعلامية تتبنى الثقافة الذكورية ، التى تقهرها وتهينها وتجعلها ، فى مرتبة العبيد والجوارى ، ويقتل الأمل فى التغيير . من الناحية النفسية ، يتماهى المقهور مع القاهر ، يتخذه قدوة ، ويستميت فى الدفاع عن أفكارها ، وقوانينها . وفى أحيان كثيرة ، يصبح البوق الدعائى ، للمفاهيم التى تبقيه أدنى ، أكثر من القاهر نفسه ، ولا يفكر فى التغيير . وهذا يعرف بمتلازمة استوكهولم . وهنا يطمئن الطرف القاهر ، فلم يعد محتاجا الى بذل الجهد ، لاعادة انتاج شروط الاستعباد . فهى تنتج نفسها ، من خلال المقهور شخصيا . أنصح كل الذين يسعدون بالفكر القامع للمرأة ، أن يهاجروا الى أفغانستان . هناك سيجد النساء ، وقد طبق عليهن ، حرفيا وبكل دقة ، شروط التوأم ، الدولة الذكورية والدولة الدينية . لابد من تكثيف الوعى ، بأن تأييد وترسيخ الدولة الذكورية ، هو فى الوقت نفسه ، وبالضرورة تأييد وترسيخ الدولة الدينية ، وأن حكم الوطن ، يبدأ بحكم النساء . لا ينقصنا إلا فتوى تجيب عن التساؤل : " هل يجوز للمرأة أن تتنفس؟ " ، لكى نرضى الفرع المصرى ل " طالبان " .
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا أتكلم بالعين والحاجب .. الزمن .. انهضى حبيبتى ثلاث قصائد
-
فى أزمنة الخيش قصيدة
-
هل حفظنا الدرس بعد اغتيال السادات فى 6 أكتوبر 1981 ؟
-
قصيدة لا شئ أخسره
-
اربع قصائد جثة الظلام .. النساء .. كن نفسك .. هى وأنا
-
أين موطن - الاسلام الصحيح - ؟
-
ثلاث قصائد لا تركب قطارى .. لن أشهد .. أريد أن أطفش
-
لا تضعوا العطور فوق أكوام القمامة
-
رسالة بالبريد السريع القلق .. ارجعى يا مصر الينا
-
تيد كازينسكى كيف تحول من عبقرى الى مجرم ؟
-
- فنسنت فان جوخ - يقتل نفسه و - ثيو فان جوخ - يقتله سلفى جها
...
-
اليه أعود .. فى ليلة ممطرة قصيدتان
-
تجديد الفكر الدينى يحتاج الى تجديد فى الفكر والثقافة
-
المسرحية .. أين قلبى ؟ .. شهوة النكاح ثلاث قصائد
-
يعيشون فى القرن الواحد والعشرين بعقلية القرن السابع لشبه الج
...
-
فى المطار .. انتحلت شخصيتى قصيدتان
-
القرار .. فقط حينها .. الطبيب الشرعى ثلاث قصائد
-
أعجز عن النوم مع - الكذب - فى فراش واحد
-
وردة دُفنت .. أحبك قصيدتان
-
- المصرية اليوم - تهدى باقة ورد الى - المصرى اليوم -
المزيد.....
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|