أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مروان عبد الرزاق - سمك ميت يتنفس أشجار الليمون















المزيد.....

سمك ميت يتنفس أشجار الليمون


مروان عبد الرزاق
كاتب

(Marwan)


الحوار المتمدن-العدد: 8137 - 2024 / 10 / 21 - 16:21
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


لماذا سيموت السمك أيها الروائي الغائب. هل ستجف المحيطات والبحار والأنهر، ام ان بعض الزعران سيفجرون البحار بالديناميت، ام هناك سمك عملاق سيأكل السمك ويموتون، ام انها إشارة الى البشر الميتين في أقبية النظام الاستبدادي بعد تعذيبهم ويدفنون بمقابر جماعية و "لم يصل عليهم أحد"، أم هي للبشر الذي ينظر إليهم الفلاح الأول كأطفال يبحثون عن الحليب بعد ان جفت نهود أمهاتهم لنقص الغذاء ويبدأ موتهم تدريجيا الى ان يتوقف القلب. ام ماذا؟ انها إشكالية العنوان كما هي الروايات السابقة.
وتسرد الرواية قصة مجموعة من الصبايا والشباب، جمعتهم الحياة بكل تفاصيلها الجميلة والقبيحة، وتناقضاتها في العلاقة مع النظام الاستبدادي الظالم، ام ضده. حيث كانوا يشربون الحشيش والكوكائين ويغنون ويرقصون طلبا للنيرفانا، وأسسوا فرقة موسيقية، وسمح لهم الاب في الكنيسة لإحياء حفلتهم بمناسبة عيد الفصح، رغم ان اغلبيتهم مسلمين واعتبروا من رعايا الاب، وكانت حفلة رائعة عن الحب والمدن والقهر الإنساني، وتنديدها بتدمير السلطة لواجهة المدينة البحرية التاريخية، ووصفت أجهزة الامن الحفلة بانها خطيرة، وهؤلاء هم مجموعة شهود يهوه وماسونيين يريدون تخريب ثقافتنا الوطنية، وهم من عبدة الشيطان ومصاصي دماء. وهنا قالت منال: يجب ان نستقبل فجر ولادتنا كمسوخ. وكيف سنعيش كمسوخ، ونبحث عن الأقنعة، بعد ان شوه الأمن صورتنا وجعلنا منحلين أخلاقيا ونمارس الجنس الجماعي ونحن لسنا كذلك، لقد غنينا عن الحب والموت، والماضي، والقشور المتيبسة في حقول الليمون. ولم تتم دعوتنا الى أي مطعم اخر لإقامة الحفلات كنتيجة لموقف الامن، وشعرنا كم العالم أحمق وتافه للغاية.
وماريانا التي قتل والدها على أيادي النظام لأنه رفض التعامل مع الانقلابيين لأنهم قتلوا وسجنوا رفاقه، وأمها التي تزوجت ابن عمها وعاملها كعاهرة لأنها تزوجت بالمسيحي وهي مسلمة. فكانت يتيمة ونشأت في بيت جدتها وعمتها جورجيت التي تنتظر المسيح المقاتل كي تثأر لمقتل اخيها. وحين وصلت الجرافات لردم البحر في الكورنيش والناس مطأطئ الرؤوس، والشباب يصرخون وهم ساخطون حتى الثمالة، حاولت مع شهناز ان تقوم بمظاهرة، لكن الامن كان لهم بالمرصاد، بالاستجواب والإهانة وقالت: "لقد اخصونا واغتصبونا ". وتنضم لميس التي تشبه المخاط الى جوقة الامن والتي قامت بتسليم العديد من الشيوعيين للأمن بعد ان اخترقت تنظيمهم. وانتشرت غرفة البصاق في المدينة اذ كانوا يبصقون على الامن والقيادة، الذين دمروا البلد الى ابد الآبدين، وعلى الصور الجديدة، وكل من رفع شعار قذر يجب البصاق عليه، وحين لا تستطيع معاقبة القاتل فالبصاق عليه هو الحد الأدنى للغضب، كوسيلة للتعبير. وكانت منال مولعة بتنظيف غرفة البصاق وتجعل منها حفلة متعة تشبه محاكمة القتلة التي توضع صورهم فيي عمق الغرفة. وكانوا يبصقون وهم صامتون، والصمت يعني الرفض والكراهية العميقة لهذا العالم القبيح. والبصاق هو المرحلة الأولى، حيث فيما بعد سنجلبهم الى المحاكم ونحاكمهم على جرائمهم بحقنا وحق المدينة والوطن.
وكانت ماريانا تعشق سام ويتلاشيا بين اضلعهم وروحهم، وان تتلاشى يعني ان تتحول الى لا شيء بالروح والجسد واللذة الرائعة. وبين اغصان الليمون مخدعها لكنهها رفضته لأنه يعاشر النساء الاخريات فهو غير وفي في الحب، كما انه مسلم ورفضت الزواج منه، واصبحت علاقتهم تشبه قشور الليمون اليابسة، وسافرت الى أمريكا مع زوجها جورج التافه المرابي الذي قام بتأجير امه مقابل المال. وسام هو الشخصية المفارقة بينهم، وقد وصفه موسى بالسلطة والانتهازي وشتمه وشتم ابن عمه وعائلته، وذلك لعلاقته وشراكته مع ابن عمه ضابط المخابرات والذي قدم له وظيفة وراتبا وشقة سكنية، وكان يتعامل مع عمته سمسار المخابرات بتامين الإجازات والزيارات للسجناء السياسيين، ويتحدث عن الثورة لكنه يكره اي تغيير. وكان هو السبب الرئيسي في تفرقنا، وفي لقائنا الأخير ازداد الخلاف بين موسى وسام، وكنا نخفي سكاكيننا وراء ظهورنا فلكل رايه بعصبية وفوقية وتعالي على الحياة وانتهت الفرقة كأحياء يريدون التعبير عن الحب والحياة، وكمسوخ نبحث عن الأقنعة اللازمة.
وتذكر سام كلام ميسون التي التقاها صدفة حين قالت له "حتى لو غرقت في التفاهة لن تنجو، وأنتم مجرد كلاب، يجب رميكم الى المزبلة"، وبقي لخيانته دون ماريانا كضفدع متيبس، وكذلك حال صديقه انس الذي تزوج من صديقة حبيبته وطلقها لأنه لم يستطع تجاوز شبح حبيبته الأولى. وعاد الى الشلة مهزوماً منكسراً. وبقيت ماريانا امرأة لا أحد، تتحدث عن الظمأ الى الحب، وهي قشور الليمون الجافة تقاوم الاندثار.
وموسى يعشق منال والتي كانت بلقائها الاول كوهج ينبعث من جسده وأنقذه من الخراب الذي يعيش فيه. وهي ابنة البؤس والقهر الإنساني كله. فأبوها بائع سندويش المقالي والفلافل في كراج حلب، ومغسل للأموات، ويبيع الفتيات العذراوات الى الكبار في السن ويقبض العمولة مع سمسار العقارات وضابط الشرطة، وباع اختها وقام بتطليقها حين أصبحت جلد وعظم كأنها أصيبت بصدمة، وتحولت الى عاهرة، فهو يعرف أسعار اللحم البشري، وحين جاء دورها ذهبت الى الحمام وبواسطة زجاجة الكولا فقدت عذريتها وشاهد ابوها وامها دمائها وهي تترف، بحيث أصبحت غير صالحة للبيع، وشعرت بالانتصار على ابوها، وشعرت بحريتها رغم حطامها. واخوها الذي حبسها فيي الغرفة حين اكتشف عشقها لموسى لأنه يريد ان يصبح قاتلا وسفاحا مأجورا، واستهوته في النهاية ان يكون جلادا. وعمل جلادا في شعبة المخابرات، وكان الجلادون يبولون على السجين الميت، لأنه يخذلهم بموته، وموت السجين هو أكبر خازوق للجلاد، وتزووج من ابنة جلاد، وافتض بكارتها بعصاه الغليظة، وفي النهاية تم طرده من الفرع لأنه أصبح يقتل المعتقلين، وقامت زوجته بتطليقه وأخذت أولادها، وبقي اجدبا في ساحة المدينة يصرخ وفق مواله، وأخيرا الى مشفى الأمراض العقلية. وامي تموت في المشفى، وابي قاتل النساء هرب الى جهة غير معلومة، وهذا هو حال النظام الاستبدادي، حيث يقذف بجلاديه الى الجحيم بعد استخدامهم، واختي عاهرة رخيصة في شوارع المدينة. ووسط هذا الألم كله تعيش ماريانا مع القهر الإنساني كله عاشقة لموسى في بيروت واللاذقية وانجبت طفلين جميلين ويعيشون بين أغصان الليمون، وتغني بقصائدها عن الموت والحب المعطوب والقلوب اليابسة والمدن المهزومة واوراق الشجر الصفراء في الشوارع.
وتنتمي الرواية الى الروايات الواقعية، حيث تسرد العلاقات الاجتماعية بين البشر، بلغة شاعرية بسيطة، في مدينة اللاذقية، وتبحث عن احلامهم في الحب الجميل، والامزجة المتعددة الغنية، وانكساراتهم، حيث تسيطر الأجهزة الأمنية على الشارع والعائلات، وتعمل على تفتيت العائلات، والفرق الموسيقية والخيرية بين مؤيد، ومتمرد، بحيث ان الأخ يشي بأخيه او ابيه، ويكونون في صراع دائم، بدلا عن الألفة والمحبة. ويتوزعون بين البصاق، او الذهاب الى اغصان البرتقال، او الى قبر مهجور، وعرفنا السمك الميت، بأنهم هؤلاء الفرقة الموسيقية التي تم إفشالها بسبب الأمن والذين ذهبوا منفردين يغنون: "نحن سمك ميت يتنفس اشجار الليمون، ونضع الزهور على مقابر الأمهات، وكل مواعيد حياتنا خاطئة، بعد ان أصبحنا مسوخا، وننزل أدراج الكنيسة، وسأقبلك كما لو كنت قاتلي، وانبش قلبي، واخرج ما فيه من زهور يابسة". وهذا هو حال الشعب السوري الذي يعيش القهر والموت كل لحظة في ظل الاستبداد.
مروان عبد الرزاق-٣٠٩٢٠٢٤



#مروان_عبد_الرزاق (هاشتاغ)       Marwan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكرى السنوية لرحيل الروائي خالد خليفة- فلسفة الحرية
- الحب المستحيل، والطغيان-رواية خالد خليفة السادسة
- الشعب يموت بين االنظام المستبد والطغمة الاسلامية المعارضة-رو ...
- رواية خالد خليفة الراابعة، فالموت حرقا اشرف من الموت جوعاً
- رواية خالد خليفة الثالثة -مديح الكراهية-، وكيف نتخلص منها، ض ...
- رواية خالد. خليفة الاولى- حارس الخديعة، والبحث عن العدالة
- رواية -دفاتر القرباط- هموم المجتمع والعشق المحرم
- غزة، السجن الكبير، طوفان الاقصى
- الديمقراطيون الجدد
- حول الانتفاضة السورية الثانية -لن نصالح-
- بين الاستعمار والجزائر- الديوان الإسبرطي
- ملاحظات حول ندوة الدوحة في: ٤و٥شباط٢٠ ...
- الحل السياسي -المستحيل- في سوريا
- السودان من الثورة، إلى الانقلاب العسكري
- القوقعة.. والرحيل إلى المجهول: وثيقتان أدبيتان في زمن التوحّ ...
- طالبان من الإرهاب، إلى السلطة
- الانتفاضة في الثورة التونسية
- ردّاً على - قُحولة الرأي- لدى كاتب شيوعي ومعتقل سياسي!
- الذكرى العاشرة للثورة السورية مازلنا -محكومون بالأمل- من جدي ...
- رواية عزازيل: ثورة على الجهل المقدس ومفهوم الموروث الديني


المزيد.....




- اتهام مشاهير لأول مرة بالمشاركة في اعتداء مزعوم.. شون كومز ي ...
- جباليا تستغيث وتئن تحت وطاة الحصار العسكري: إسرائيل تنفذ خطة ...
- انضمام دول عربية لمجموعة بريكس: مكاسب كبيرة أم خسائر فادحة؟ ...
- قتلى في قصف إسرائيلي استهدف نازحين أجبرتهم القوات الإسرائيلي ...
- نيبينزيا: الولايات المتحدة تقع رهينة سياستها الخاصة في الشرق ...
- بوتين وبن زايد يفتتحان مركزا للتعاون الدولي مع الإمارات في م ...
- أوستن يعلن عن حزمة مساعدات بقيمة 400 مليون دولار لأوكرانيا
- مصدر قيادي بالقسام: مقتل أسيرة إسرائيلية في ظروف غامضة
- مؤتمر باريس -للدعم الإنساني- هكذا يراه اللبنانيون
- -تسببت في ضرر كبير-.. الكشف عن شبكة تجسس إيرانية في إسرائيل ...


المزيد.....

- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مروان عبد الرزاق - سمك ميت يتنفس أشجار الليمون