|
اغتيال السنوار .. وما هي تحديات المرحلة القادمة؟؟
حسين علي محمود
الحوار المتمدن-العدد: 8135 - 2024 / 10 / 19 - 23:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نشر الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك بيانا مشتركا في 17 أكتوبر 2024 ، أعلنا فيه قتل 3 أشخاص في عملية نفذها الاحتلال في قطاع غزة، من ضمنهم زعيم حركة حماس يحيى السنوار.
ولد السنوار عام 1962 في مخيم للاجئين في خان يونس، في قطاع غزة، كان عمره خمس سنوات عندما استولت إسرائيل على القطاع من مصر في حرب الشرق الأوسط عام 1967. كانت عائلته من بين أكثر من 700 ألف فلسطيني فروا أو طردوا من منازلهم على يد القوات الإسرائيلية في حرب عام 1948 التي انتصرت فيها إسرائيل وأعلنت استقلالها. تنحدرعائلته من المدينة المعروفة الآن باسم عسقلان، والتي تقع بالقرب من الحدود الشمالية لقطاع غزة. تلقى تعليمه في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية بغزة ويتخرج منها بدرجة البكالوريوس في شعبة الدراسات العربية. كان ليحيى السنوار نشاط طلابي بارز خلال مرحلة الدراسة الجامعية، إذ كان عضوا فاعلا في الكتلة الإسلامية، وهي الفرع الطلابي لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين. أسس مع خالد الهندي وروحي مشتهى -بتكليف من مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين– عام 1986 جهازا أمنيا أطلق عليه منظمة الجهاد والدعوة ويعرف باسم "مجد". وكانت مهمة هذه المنظمة الكشف عن عملاء وجواسيس الاحتلال الإسرائيلي وملاحقتهم، إلى جانب تتبع ضباط المخابرات وأجهزة الأمن الإسرائيلية، وما لبثت أن أصبحت هذه المنظمة النواة الأولى لتطوير النظام الأمني الداخلي لحركة حماس. أدين من قبل إسرائيل في العشرينيات من عمره، بقتل أربعة مخبرين فلسطينيين، وخلال 23 عاماً في السجن، تعلم العبرية ودرس عدوه جيدا، حيث إسرائيل لديها سجلات أسنانه وبصمات يديه وعينيه من حمضه النووي، ما يمكنها من تحديد هوية الجثة إذا كانت له أم لا. السنوار كان قد سجن العديد من المرات في حياته وقد حاول الهرب من السجن اكثر من مرة. ▪︎ اعتقل لأول مرة عام 1982 بسبب نشاطه الطلابي وكان عمره حينها 20 عاما، ووضع رهن الاعتقال الإداري 4 أشهر وأعيد اعتقاله بعد أسبوع من إطلاق سراحه، وبقي في السجن 6 أشهر من دون محاكمة. ▪︎ وفي عام 1985 اعتقل مجددا وحكم عليه بـ8 أشهر. ▪︎ في 20 يناير/كانون الثاني 1988، اعتقل مرة أخرى وحوكم بتهم تتعلق بقيادة عملية اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين، وقتل 4 فلسطينيين يشتبه في تعاونهم مع إسرائيل، وصدرت في حقه 4 مؤبدات (مدتها 426 عاما).
خلال فترة اعتقاله تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون لدورتين تنظيميتين، وساهم في إدارة المواجهة مع مصلحة السجون خلال سلسلة من الإضرابات عن الطعام، بما في ذلك إضرابات أعوام 1992 و1996 و2000 و2004. تنقل بين عدة سجون؛ منها المجدل وهداريم والسبع ونفحة، وقضى 4 سنوات في العزل الانفرادي، عانى خلالها من آلام في معدته، وأصبح يتقيأ دما وهو في العزل. حاول الهروب من سجنه مرتين، الأولى حين كان معتقلا في سجن المجدل بعسقلان، والثانية وهو في سجن الرملة، إلا أن محاولاته باءت بالفشل. في سجن المجدل، تمكن من حفر ثقب في جدار زنزانته بواسطة سلك ومنشار حديدي صغير، وعندما لم يتبق سوى القشرة الخارجية للجدار انهارت وكشفت محاولته، فعوقب بالسجن في العزل الانفرادي. وفي المحاولة الثانية في سجن الرملة استطاع أن يقص القضبان الحديدية من الشباك، ويجهز حبلا طويلا، لكنه كشف في اللحظة الأخيرة. تعرض لمشاكل صحية خلال فترة اعتقاله، إذ عانى من صداع دائم وارتفاع حاد في درجة الحرارة، وبعد ضغط كبير من الأسرى أجريت له فحوصات طبية أظهرت وجود نقطة دم متجمدة في دماغه، وأجريت له عملية جراحية على الدماغ استغرقت 7 ساعات.
● مؤلفاته في السجن استثمر يحيى السنوار فترة السجن التي استمرت 23 عاما في القراءة والتعلم والتأليف، تعلم خلالها اللغة العبرية وغاص في فهم العقلية الإسرائيلية، وألف عددا من الكتب والترجمات في المجالات السياسية والأمنية والأدبية، ومن أبرز مؤلفاته:
▪︎ ترجمة كتاب "الشاباك بين الأشلاء"، لكارمي جيلون، وهو كتاب يتناول جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك). ترجمة كتاب "الأحزاب الإسرائيلية عام 1992″، ويعرف بالأحزاب السياسية في إسرائيل وبرامجها وتوجهاتها خلال تلك الفترة. ▪︎ رواية بعنوان "شوك القرنفل" صدرت عام 2004 وتحكي قصة النضال الفلسطيني منذ عام 1967 حتى انتفاضة الأقصى. ▪︎ كتاب "حماس: التجربة والخطأ"، ويتطرق لتجربة حركة حماس وتطورها على مر الزمن. ▪︎ كتاب "المجد" صدر عام 2010 ويرصد عمل جهاز "الشاباك" الصهيوني في جمع المعلومات وزرع وتجنيد العملاء، وأساليب وطرق التحقيق الوحشية من الناحية الجسدية والنفسية، إضافة إلى تطور نظرية وأساليب التحقيق والتعقيدات التي طرأت عليها وحدودها.
أطلق سراح السنوار ضمن أكثر من 1000 سجين فلسطيني في صفقة تبادل في عام 2011 مقابل جندي إسرائيلي واحد، جلعاد شاليط. أُختيرَ رئيسا للحركة في قطاع غزة عام 2017 ومرة أخرى عام 2021، وفي 2024 انتخب رئيسا للمكتب السياسي للحركة بعد اغتيال إسرائيل إسماعيل هنية.
تعتبره إسرائيل مهندس عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023، التي كبدتها خسائر بشرية وعسكرية وهزت صورة أجهزتها الاستخباراتية والأمنية أمام العالم، فأعلنت أن تصفيته أحد أهداف عمليتها "السيوف الحديدية" على القطاع، والتي جاءت ردا على عملية طوفان الأقصى.
يعد السنوار صاحب النفوذ الأكبر في الأراضي الفلسطينية، حيث يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن التخلص من السنوار سيعجل بانهيار حماس عسكرياً، كما سيضع نهاية للحرب التي بدأت بهجوم حماس الدامي على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر. لا شك ان مقتل السنوار ضربة قوية لحماس، لكنها ليست نهاية الحرب لان حركة المقاومة في فلسطين لن تتوقف وستستمر، فحماس حركة مؤسسات، وبالتالي فإن اغتيال أي من قادتها لا يؤثر على التراتبية التنظيمية أو القيادية فيها، وقادتها جميعهم مهيئون للشهادة، لذلك فإن المؤسسات في حماس ضابطة وحاكمة، ولن يحدث أي فراغ قيادي بعد استشهاد قائد الحركة يحيى السنوار. يعتبر السنوار هو كل المعادلة وهو محور المواجهة، بغيابه ستكون حماس أمام خيارات صعبة للغاية، وستكون المرحلة القادمة مليئة بالتحديات، أهمها محاولة إبقاء الحركة كقوة مواجهة، وعدم السماح بتحويلها لقوة مهادنة لإسرائيل كما يريد نتنياهو، لأن هذا هو الهدف الذي دفع إسرائيل لشن حرب تدمير شامل في غزة، وستحاول إسرائيل أن تجعل من قتل السنوار الأساس الذي يُفترض أن تقوم عليه (حماس الجديدة) في المرحلة المقبلة، أي حماس تعكس التصور الإسرائيلي القائم على القبول بكل شيء، ولكن الذي يقرأ تاريخ هذه الحركة، يدرك تماماً إنها لن تكون هدفاً سهلاً لتصورات نتنياهو. السنوار شخصية "استثنائية" في حماس تتمتع "بتأييد كبير داخل الحركة من الجناحين السياسي والعسكري". لعب السنوار دوراً دبلوماسياً رئيسياً في محاولة إصلاح العلاقات بين السلطة الفلسطينية بقيادة حركة فتح في الضفة من جهة، وحركة حماس في غزة من جهة أخرى، ولكن لم يُكتب لهذه المحاولة النجاح. كما عمل السنوار في مجال إعادة تقييم لعلاقات حماس الخارجية، بما في ذلك تحسين العلاقات مع مصر. في سبتمبر/أيلول 2015، أدرجت الخارجية الأمريكية يحيى السنوار على لائحتها السوداء "للإرهابيين الدوليين".
يعتبر الضابط السابق بجهاز الأمن الداخلي (الشين بيت) ميخا كوبي أحد أكثر الإسرائيليين معرفة بالسنوار؛ ذلك أنه استجوب الأخير لأكثر من 150 ساعة في أثناء اعتقاله في نهايات الثمانينيات وبدايات التسعينيات، وفقاً للواشنطن بوست. وفي تقييم استخباراتي إسرائيلي للضابط السابق في الامن الداخلي ( الشين بيت ) وهو ميخا كوبي بأن السنوار "صارم، ومؤثر" مع الآخرين ذلك ما يعزو إلى دموية هجوم السابع من أكتوبر بحق الكيان الصهيوني.
وكما ذكرت ان الحرب مستمرة في غزة ولن تتنتهي بإغتيال السنوار وإسرائيل مستمرة بحربها على الشعب الفلسطيني واخر الاحداث، استشهد 25 فلسطينياً في غارة على شمال غزة، كما بررت إسرائيل إنها ضربت مركز قيادة لحماس، وسط تأكيد الأطباء في المستشفى المحلي أن العشرات من الجرحى الذين عالجوهم كانوا مدنيين. الحرب ضد الكيان الصهيوني مستمرة ولن تتوقف وبينما تحتفل إسرائيل بقتل السنوار، لا تزال حماس لديها رهائنها وما زالت تقاتل بالرغم من اشادة الإسرائيليين بمقتل زعيم حماس يحيى السنوار، ووصفوا ذلك بأنه تبرئة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لكن ذلك يزيد أيضاً من الضغوط التي يتعرض لها لإنهاء القتال وتحرير الأسرى الذين ما زالوا في غزة بعد عام من الحرب. ووصف نتنياهو موت السنوار بأنه "بداية النهاية" للصراع الذي امتد إلى لبنان واليمن، قائلاً إن هذا الصراع يمكن أن ينتهي إذا ألقت حماس سلاحها وأعادت 101 أسير إسرائيلي وأجنبي تحتجزهم في غزة. تجمعت عائلات الرهائن الـ 101 المتبقين في غزة في تل أبيب بينما تقول إسرائيل ان نصفهم ماتوا بالفعل، لكن مطالبات العائلات من الحكومة الإسرائيلية على إطلاق مفاوضات جديدة لإعادة أبنائهم إلى ديارهم. ناشدت عيناف زانغاوكر، والدة الرهينة ماتان زانغاوكر، رئيس الوزراء قائلة : "نتنياهو، لا تدفن الرهائن، اخرج الآن إلى الوسطاء والجمهور واعرض مبادرة إسرائيلية جديدة، بالنسبة لمتان وبقية الرهائن في الأنفاق، فقد نفد الوقت، لديك صور النصر، الآن أحضر صفقة!" وأضافت : "إذا لم يستغل نتنياهو هذه اللحظة ولم ينهض الآن لعرض مبادرة إسرائيلية جديدة، حتى على حساب إنهاء الحرب، فهذا يعني أنه قرر التخلي عن الرهائن في محاولة لإطالة أمد الحرب وتعزيز حكمه، لن نستسلم حتى يعود الجميع". الكثير من الاطراف الدولية تأمل أن يكون مقتل السنوار اللحظة التي ستجمع الأطراف على طاولة المفاوضات، التي ستساعد في تسريع نهاية الحرب في غزة. لكن على ما يبدو ان نتينياهو ماضي في الحرب قدما وهو ما اعلنه بعد اغتيال السنوار.
#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيلم Black Death
-
انهيار الحضارات وفشلها في التأقلم مع التحديات
-
فلسفة التغيير تبدأ من خارج الصندوق
-
الإلهاء والتخادمات في الفكر السياسي
-
قوة الدولة واللا دولة
-
إسرائيل وإيران بين الحرب الشاملة وضربات الردع الستراتيجية
-
ثقافة الإلغاء نتاج منظومة القطيع
-
المواطن المستقر
-
العيد الوطني العراقي
-
ماذا بعد اغتيال نصر الله
-
التسرب المدرسي وإفرازاته الخطيرة في المجتمع
-
البيجر واحداثه الغامضة
-
على ابواب العام الدراسي الجديد
-
حقوق الإنسان زرق ورق في مفاهيم الكيان الصهيوني
-
حياة الماعز Goat life
-
العمل الانساني وتحدي الصعوبات
-
من يريد ان يخدم المجتمع من اي موقع يستطيع
-
اغتيال هنية لغز من ألغاز السياسة البراغماتية
-
فرنسا من بلد الكاثوليكة إلى بلد الشذوذ الجنسي !!
-
اختفاء الباكستانيين وما هي التبعات في قادم الأيام؟؟
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|