|
الصومال امتداد لمشروع الشرق الاوسط الكبير
كاظم محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1779 - 2006 / 12 / 29 - 10:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان هذه المنطقة من افريقيا وخاصة القرن الافريقي تكتسب اهمية في حسابات المصالح الاستراتيجية الامريكية ومصالح الامن الاستراتيجي الاسرائيلي وحرب المياه الخفية ، وخاصة ما يتعلق بمضيق باب المندب كممر بحري حيوي ، والذي تشرف عليه اليمن من الجهة الشرقية وجيبوتي وارتيريا من الجهة الغربية ، اضافة الى منابع نهر النيل الازرق في المناطق الممتدة من بحيرة تانا في الهضبة الاثيوبية ، اما الصومال ، هذا البلد المنهك فيمتلك الموقع الاستراتيجي والثروات الطبيعية كاليورانيوم والغاز الطبيعي والنفط الذي تقدر بعض التقارير بانه موجود بكميات تجارية كبيرة ، اضافة الى النحاس والقصدير والملح والثروة البحرية الهائلة ، حيث يمتد الساحل الصومالي لأكثر من 3000كم ، والتي تتعرض للنهب من قبل الدول الكبرى ، بحكم ضعف الدولة وفقدان اسس البناء التحتي لمقوماتها التنموية والسيادية . اصبح هذا البلد المترامي الاطراف بمساحته الواسعة والتي تزيد عن 600000 كم مربع ، اصبح ومنذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين تحت الاحتلال والاستعمار المباشر وبأجزائه الجغرافية المختلفة ، حيث صار الصومال الشمالي تحت السيطرة البريطانية ، والجنوبي تحت السيطرة الايطالية ، اضافة للجزء الفرنسي الصومالي ، اما اقليم ( اوغادين) الصومالي والذي يقع غرب البلاد فقد تنازلت بريطانيا عنه لأثيوبيا سنة 1948 ، وهذا جزء من السياسة البريطانية المعروفة لأبقاء بؤتر التوتر والنزاعات قائمة ما بين دول الشقاء هذه .
لقد كانت اثيوبيا وطوال عقود مضت ، تعمل جاهدة على عدم قيام حكومة مركزية قوية ، تستطيع لملمة شتات هذه البلاد المحطمة ، فعملت على ايواء امراء القبائل المناوئين لسياد بري ، بعد فشل حرب تحرير اوغادين 1978 ، وسلحت ودعمت هؤلاء عند الاطاحة بسياد بري ، وشجعت على تقاسم المناطق بين امراء الحرب في مختلف المناطق الصومالية ، اضافة الى دفع الكثير منهم لمناوئة الحكومة الارتيرية نيابة عنها ، بعد ان تم ترسيم الحدود بينهما وحرمان اثيوبيا من الحصول على منفذ بحري . ان المخاوف الاثيوبية ارتبطت دائمآ بقضية اقليم اوغادين الصومالي والمقتطع لصالحها ، وبنفس الوقت خوفها من التمدد الاسلامي تحت راية حكومة موحدة قوية في الصومال ، وتاثيره على مسلمي اثيوبيا ومن ثم على طبيعة تركيبة السلطة الحاكمة هناك . لقد التقت هذه المخاوف مع الرغبة الامريكية الجامحة في تامين منطقة القرن الافريقي كمنفذآ استراتيجي لمخزون الطاقة ، وممرآ بديلا لضرب الحلقات الناشئة والمراكز المحتملة للقاعدة كما تدعي ، وهي في الحقيقة تعني ضرب وانهاء اي بوادر سلطة وطنية محتملة ، تتخذ من الاستقلال والسيادة وتحت اي مظلة ، كمبادئ لبناء دولتها بعيدآ عن الاملاءات الامريكية ورغبات قادة البيت الابيض . ان مؤشرات النهج الامريكي لطغمة المحافظين الجدد في الشرق الاوسط عمومآ ، لم تختلف عنها في افريقيا او في امريكا اللاتينية ، ويمكن الاستدلال عليها من كونها مرتبطة بمنهجية عقلية القطب الاوحد الذي يشرب من عقيدة رأس المال في جشعه ونهمه في السيطرة والاستغلال ، ولذلك فأن سياساته هي تعبير عن هذا النهج الذي لا يتورع في اشعال الحروب المباشرة او بالوكالة ، وخلق الفتن المذهبية والطائفية ، واللجوء الى التفكيك والتفتيت ، واستغلال (الشرعية الدولية) المأسورة لتمرير الغايات والاهداف المطلوبة . لم يبتعد السينارو الجاري في الصومال عن ما تمت الاشارة اليه ، فالحكومة المؤقتة ، والتي اكتسبت شرعيتها من مجموعة الغات والتي تضم دولآ افريقية ، هي اصلا لها مشاكل مزمنة مع الصومال ، لا تملك اي سيطرة حقيقة عل الارض ، وهي جزء من المشكلة ، لأنها تتكون من اطراف الصراع الاهلي الدموي الذي ادى الى قتل الالوف من السكان ، وهؤلاء نفسهم من حول البلاد الى اقطاعيات مافيوية ترزخ تحت انظمة وقوانين امراء الاقطاعيات والكانتونات الكرتونية ، وبحماية ودعم اثيوبي مباشر ، وامريكي عن بعد بواسطة البوارج الراسية قبالة الشواطئ الصومالية . وبعد ان اصبح تجمع المحاكم الاسلامية قوة شعبية مؤثرة واستطاع وبالتفاف شعبي واسع من تجميع الادارات الذاتية والحكومية وتوحيد اجزاء كبيرة من الوطن الصومالي واقرارالامن والامان ، كرد فعلٍ على حالة التشظي والتفكك والفلتان ، هربت من امامه مجاميع الحرب وامرائهم الى اثيوبيا وكينيا ، ووجدت الحكومة المؤقتة نفسها امام شرعية الشارع الشعبي الذي فرض خياره الوطني ، فأنكفأت الى بلدة صغيرة بجوار العاصمة لتدق طبول شرعيتها المغتصبة من قبل ( المتطرفين) ولتتناغم مع اثيوبيا حول الخطر الارهابي الذي تشكله المحاكم الاسلامية على امنها القومي ، وليجري اتهام ارتريا بدعم وتسليح هذه الجماعة ، وانها اي المحاكم الاسلامية لها علاقات مع تنظيم القاعدة . يتكرراليوم المشهد للبناني والسيناريو الامريكي ، في الصومال حيث قامت اسرائيل بالوكالة بحربها الفاشلة ضد لبنان ، لضرب وانهاء المقاومة الوطنية وكسر الارادة الشعبية وتكريس حكومة اقطاب المتعاونين مع التوجه الامريكي ، وتقوم اثيوبيا بغزو الصومال نيابة عن امريكا واستجابة لمصالح امنها القومي كما تدعي ولتفرض بقوة السلاح اقطاب الحكومة المؤقتة ، ولتنهي قوة المحاكم الاسلامية وتكسر الارادة الشعبية المطالبة بوحدة الصومال واسترجاع المغتصب من الارض من قبل اثيوبيا وكينيا ، والساعية لخيار وطني مستقل ، يعمل على بناء دولة القانون التي تستطيع استغلال ثروات بلادها لصالح شعبها . وكما اعاقت امريكا مجلس الامن من اتخاذ اي قرار يوقف العدوان الاسرائيلي على لبنان ، فان امريكا اعاقت امس 27-12-2006 مجلس الامن من وقف الغزو الاثيوبي والدعوة لوقف القتال ، حيث هي نفسها التي اعطت تاشيرة الغزو للاراضي الصومالية ، وهي تنتظر انهاء المهمة ، كما املت في انهاء(مهمة ) اسرائيل في لبنان ، ويتحرك دبلوماسييها لأعاقة اي تحرك عربي او افريقي جدي على هذا الطريق .
ان عيون الولايات المتحدة الامريكية تترقب وعن كثب مجريات الامور هناك ، فهي تنظر للمنطقة كلها من باكستان ، الى موريتانيا بنظرة واحدة وبمنظار واحد ، متناسق تسوده لمساتها وترتيباتها لشرق اوسط كبير، تسيطر عليه بالترغيب والترهيب ، فافغانستان والعراق ولبنان والسودان وفلسطين والصومال وو ، كلها مواقع مرسمة في خارطة المصالح الحيوية الامريكية ، التي تريدها وقفا لها ، ولمشاريعها غير الشرعية ، لكن ليست كل الرياح مضمونة العواقب والاتجاه ، و ستسيرالرياح بما لاتشتهي السفن الامريكية . ان هذه البلدان والشعوب لها ان تتقاتل ولها ان تجوع ولها ان تتفكك الى كانتونات او فدراليات ولها ان تبيع نفسها ، لها ان تفعل اي شيء الا التعافي والتوحد والقوة ، وخاصة اذا كان الاسلام هو الهوية الموحدة لارض وشعب الصومال ، فالامر يستدعي من الامريكان والاسرائيلين والاثيوبيين والمعتدلين محاربته ! لانه حجر العثرة والمعيق لأمتدادات الشرق الاوسط الكبيرالذي تريده طغمة الحرب الامريكية .
#كاظم_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصالحة على عجل ( النسخة الثالثة)
-
حركة مكشوفة في التوقيت والمكان
-
مهمة التحرير والبديل الوطني العراقي
-
المتغيرات واستراتيجية حزب الله
-
هل حملت زيارة رايس أي معاني استراتيجية ؟
-
القرارات الدولية وهستيريا العبث الأمريكي
-
فاشية المسلمين ! أم فاشية رأس المال الأمبريالي
-
معالم ما بعد قرار مجلس الأمن المنتظر
-
معالم ما بعد قرارمجلس الأمن المنتظر
-
قراءة في متغيرات التكتيك الأمريكي وفرص نجاحه
-
ضربة الردع المحدودة
-
التوقيت الأمريكي لغياب الزرقاوي !
-
الديمقراطيات الوطنية خيار اصيل لمجتمعات الشقاء
-
حكومة دائمة لعراق مؤقت وموقوت
-
المنتفضون ! ليس السُنة من يحابيهم زلماي خليل زادة !
-
الحالة العراقية بين الواقع والطموح
-
العراق الى اين ؟ سمات المشهد العراقي
-
وانقلب السحر على الساحر
-
المواجهة المؤجلة ومصير المشروع الامريكي
-
مشروع ليبرالي عالمي ام ديمقراطية وطنية
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|