أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خيري فرجاني - محمود عساف مؤسس مخابرات الإخوان:















المزيد.....

محمود عساف مؤسس مخابرات الإخوان:


خيري فرجاني

الحوار المتمدن-العدد: 8135 - 2024 / 10 / 19 - 03:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ نشأتها الأولى اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين نفسها دولة داخل الدولة، تعاملت مع الدولة المصرية من هذا المنطلق، فقد اعتبر البنا نفسه زعيما روحيا للمسلمين، ليس في مصر فقط، وإنما على مستوى العالم الإسلامي، وهو ما صرح به فيما يعرف بـ "استاذية العالم"؛ حيث صور له خياله- المريض- أنه خليفة المسلمين المفقود الذي تم عزله قبل بدء دعوة البنا بأربع سنوات في العام 1924م. وكان النظام الخاص يمثل الذراع العسكري للجماعة، فيما يعتبر سعيد رمضان زوج ابنة البنا وزير خارجية الجماعة، كما كان يحلوا لهم تسميته بذلك.
لسنوات طويلة لم يعلم أحد من قادة الإخوان أن محمود عساف، القيادى الإخوانى هو مؤسس أول جهاز مخابرات لجماعة الإخوان المسلمين، فقد ظل هذا السر مقصورا عليه وعلى المرشد المؤسس حسن البنا. كان عساف موهوبا فى الحصول على المعلومات وتحرى الدقة، وهو ما دفع البنا إلى أن يختاره لهذه المهمة الخطيرة. فاحداث كثيرة بعضها خاص لا يرغب الإبن أيمن عساف فى نشرها، والبعض الآخر دوَّنه الوالد محمود عساف فى مذكراته المعنونة بـ "مع الإمام الشهيد حسن البنا"، التي تضمنت العديد من المفاجأت التي لم تكن معروفة للجماعة حتى تم نشر هذه المذكرات.
الحقيقة التي أكد عليها عساف في مذكراته أن هيكل الجماعة كان يعتمد بالدرجة الأولى على ما يعرف بـ "النظام الخاص"، وكان يتكون من خمسة أشخاص محمود عساف أحدهم، بينما كان مكتب الإرشاد لا يعلم بوجود هذا النظام الخاص. ورغم أن الجهاز الخاص مكون من خمسة أفراد فقط، إلا أنهم جميعا لا يعلمون أن احدهم "محمود عساف"، هو رئيس فرع المعلومات بالجهاز أو إن صح القول رئيس مخابرات الجماعة، كما يؤكد نجله أنه لم يكن يعلم أن والده كان يشغل هذا المنصب، إلا قبل وفاته بسنة، وتحديدا فى عام 1995م، والذى اطلعه على هذه المعلومة هو نجل البنا أحمد سيف الإسلام. يقول أيمن عساف: نزلت علينا هذه المعلومة كالصاعقة، وحين سألنا والدنا عن حقيقة ذلك لتوثيقه ابتسم، وقال: إننى كنت رئيسا لفرع المعلومات، بينما كان البنا نفسه هو الذي يتولى رئاسة جهاز المخابرات!
ويشير أيمن عساف إلى أنه عندما بدأ الوالد فى كتابة مذكراته عام 1993م، لم يذكر هذه المعلومة بشكل صريح، ولكن القارئ للمذكرات سيدرك تماما أنه هو الذى كان يشغل هذا المنصب الحساس الخطير فى هذه الجماعة، التى يتسم غالبية نشاطها بالسرية التامة. وللحقيقة فإن المعلومة كانت مفاجأة لنا جميعا، أفراد اسرته. وهو ما أكده بعد ذلك محمود عبدالحليم فى كتابه المعنون بـ "الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ"، فقد عمل مساعدا لـ محمود عساف فى فرع المعلومات.
كما لعب عساف دورها هام في الرد على حزب الوفد بطريق غير مباشر، حيث أصدر محمود عساف مجلة فكاهية "الكشكول الجديد"، وهى مجلة متخصصة فى النوادر والفكاهة. ورغم كونها مجلة فكاهية إلا أنها كانت تنشر أخبار جماعة الإخوان بين السطور، فكانت من الباطن هى مجلة إخوانية بخلاف إعلامهم الرسمى الناطق بإسم وتوجه الجماعة، ولم يكن لـ محمود عساف علاقة بهذا الإعلام الرسمى ولكن كانت مجلة "الكشكول الجديد"، تلعب دور الإعلام البديل فى حالة مصادرة الإعلام الرسمي، إذ كان لابد من البحث عن بدائل حال المصادرة.
والسبب وراء إصدار هذه المجلة بهذا الأسلوب الماكر الخبيث، هو الحملة التى قادها حزب الوفد ضد جماعة الإخوان، فقد نشرت صحف الوفد أخبار الاستقالات الجماعية من الجماعة، فما كان من المرشد إلا أن قرر إصدار المجلة للرد على صحف الوفد بنفس الأسلوب، وكان قانون المطبوعات المصرى يشترط - آنذاك - فى صاحب امتياز أى جريدة أو مجلة أن يكون حاصلا على شهادة عالية. فيما كان الجيل المؤسس للجماعة من العمال، فاضطر البنا إلى اللجوء لعساف للرد على حملة الوفد بأسلوب رادع بشرط ألا تظهر الجماعة بصورة مباشرة، إذ رأى البنا أنه ينبغى أن تنأى جريدة الإخوان اليومية عن هذا الأسلوب.
وبالفعل بدأت مجلة "الكشكول الجديد"، ترد على صحف الوفد من خلال السُباب والتشهير بأسلوب السخرية والتورية، وكانت هذه طريقتهم المثلى فى الرد على المعارضين للجماعة .
فيما نقل نجل محمود عساف هذه الواقعة، مؤكداً من خلالها أن هناك بعض أعضاء الجماعة كانت لهم صلات وثيقة بالقلم السياسى، وأن البنا اكتشف بعضاً ممن يعملون مع البوليس السياسى، فكان يبعث إليهم ويواجههم بالأمر ثم يقنعهم بالذهاب إلى محمود عساف، مدير شركة الإعلانات العربية، وهى من شركات الإخوان، للحصول على الأخبار الصحيحة، وبالفعل كان البنا قد أبلغ والدى بهذا الاتفاق، وكان يبعث له كل يوم بأهم الأخبار فى ظرف مغلق، أو يبلغها له فى آخر الليل، وكان والدى يعد أوراقاً يكتبها بنفسه على الآلة الكاتبة كل منها يحتوى على خمسة أو ستة أخبار، بحيث يكون هناك خبر مكرر عند كل اثنين، وبذلك يؤكد كل منهما على تقرير الآخر المرفوع للقلم السياسى!
أما فيما يتعلق بالموقف من الشيوعيين فكانت هناك معارك عديدة بين الشيوعيين والإخوان، وكان ذلك يتضح فى مهاجمتهم الإخوان فى نشراتهم المختلفة، لدرجة دفعت الجماعة إلى زرع أحد المتعاطفين مع الإخوان وسط الشيوعيين ليمدها بأخبارهم، وكان هذا المتعاطف يتقاضى مبلغ خمسة جنيهات، ويرسل أخبارهم إلى محمود عساف لنشرها فى مجلة الكشكول الجديد، أما الأخبار المهمة فترسل مباشرة للمرشد، وفى بعض الأحيان كانت الجماعة ترسل بعض الأخبار المتعلقة بالشيوعيين إلى مدير الأمن العام، أو وكيل الداخلية أحمد مرتضى المراغى الذى أصبح وزيراً للداخلية فيما بعد، وبذلك وصل الأمر بالبنا إلى حد إمداد الجهات الأمنية بمعلومات كالتى أشارت إليها الوثيقة البريطانية من أن الشيخ البنا قدم قوائم بأسماء الشيوعيين إلى البوليس السياسى للتخلص منهم.
كما أن هناك معلومات مؤكدة حول اتصال البنا بسكرتير السفارة الأمريكية "فيليب أيرلاند"، وأنه اتفق معه على الحصول على أموال لمقاومة ما عرف بـ"المد الشيوعى" فى المنطقة، وقد أشار الوالد إلى هذا اللقاء، لأنه كان أحد المشاركين فيه، وهذه الواقعة على وجه التحديد كانت مثار جدل واسع؛ لأن وقائعها دارت فى منزل سكرتير السفارة الأمريكية، والحقيقة أن "فيليب أيرلاند" أرسل مندوباً للمرشد لتحديد موعد المقابلة بالمركز العام للإخوان المسلمين بمقره القديم بالدرب الأحمر، ووافق البنا على اللقاء، ولكنه طلب أن يكون اللقاء فى منزل سكرتير السفارة، لأن المركز العام للإخوان مراقَب من قبل البوليس السياسى، وأى تفسير لهذه الواقعة سيكون بالطبع ضد الإخوان.
فى هذا اللقاء، قال أيرلاند بلغة عربية واضحة إن موقفكم من الشيوعية معروف لنا، ولقد عبرتم كثيرا عن أن الشيوعية إلحاد يجب محاربته، واطلعت على مقال فى جريدتكم اليومية يهاجم الشيوعية باعتبارها مذهبا هداما يحرض على الثورة المسلحة، وتلك هى سبيل الشيوعيين فى كل مكان وطريقهم معروف، وهو نشر الإباحية التى تستهوى كثيرا من الشباب، ولقد قلتم فى تصريحاتكم العلنية إن الحل لتلافى أخطار الفكر الشيوعى المنحرف هو الإصلاح الاقتصادى وتحديد الملكية الزراعية وزيادة الإنتاج القومى والعودة إلى تعاليم الإسلام، وأن الأساليب البوليسية لن تجدى فى محاربة الشيوعية، بل ستزيد الشيوعيين إصرارا وتجعل الناس يتعاطفون معهم باعتبارهم معتدى عليهم.
فرد البنا وفق ما ذكره عساف في مذكراته: إن الشيوعية بدأت تنتشر فى بلادنا العربية، وهى تمثل خطرا كبيرا على شعوب المنطقة شأنها شأن الصهيونية، بل هى أخطر فى المدى القريب، ولدينا معلومات كثيرة عن التنظيمات الشيوعية فى مصر، وقال أيرلاند: لقد طلبت مقابلتكم، حيث خطرت لى فكرة، وهى لماذا لا يتم التعاون بيننا وبينكم فى محاربة هذا العدو المشترك وهو الشيوعية؟ أنتم برجالكم ومعلوماتكم، ونحن بمعلوماتنا وأموالنا، فرد الشيخ البنا: فكرة التعاون فكرة جيدة، غير أن الأموال لا محل لها لأننا ندافع عن عقيدتنا ولا نتقاضى أجرا عن ذلك. ذلك على حد زعمه؛ لأنه ببساطة شديدة كان يتقاضى مبالغ مالية من شركة قناة السويس البريطانية!
ثم أكمل البنا حديثه قائلا: لكن لا مانع لدينا من مساعدتكم بأن نمدكم بالمعلومات المتوافرة عنها، وحبذا لو فكرتم فى إنشاء مكتب لمحاربة الشيوعية، فحينئذ نستطيع أن نعيركم بعض رجالنا المتخصصين فى هذا الأمر، على أن يكون ذلك بعيدا عنا بصفة رسمية، ولكم أن تعاملوا هؤلاء الرجال بما ترونه ملائما دون تدخل من جانبنا غير التصريح لهم بالعمل معكم، ولك أن تتصل بمحمود عساف، فهو المختص بهذا الأمر إذا وافقتم على هذه الفكرة.
نخلص من هذا الحوار بحقيقة هامة واضحة جلية، أن البنا كان يغازل المخابرات الأمريكية من خلال ما كان يتم نشره عن موقفالإخوان من الشيوعية؛ بما جعل المخابرات الأمريكية هي التي تسعى إليه. وفى اعتقادى أن عبدالناصر والسادات كانا يعلمان بتاريخ والدي محمود عساف المخابراتى، ورشحاه فيما بعد لتولى إدارة إحدى الشركات التجارية المهمة فى مصر، وبالفعل تولى إدارتها، لكن نهاية علاقة الوالد بالإخوان كانت مع اغتيال البنا، وبعدها بشهور انتهت علاقته بالجماعة بصورة شبه نهائية، وظل خائفاً من أن يتم الانتقام منه، فقد شهدت هذه المرحلة عمليات انتقامية بـالهدايا المفخخة.



#خيري_فرجاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهمية توطين صناعة السفن في مصر:
- الأطر المحددة لبنية النظام العربي
- أهم التحديات التي تواجه المنطقة العربية
- استراتيجية استشراف المستقبل العربي في ظل التحديات الراهنة
- العلاقة بين صولية الدينية والرأسمالية الطفيلية:
- أهمية الوحدة العربية في ظل التحديات الراهنة:
- صورة الله في المخيال الأصولي:
- طه حسين رائد التنوير
- الأصولية ووهم الخلافة -من البنا إلى البغدادي-:
- إشكالية علاقة المثقف بالسلطة في المجتمعات العربية:
- دور الإصوليات الدينية في إدارة الصراع السياسي:
- مبدأ تكافؤ الفرص:
- تأثير الحرب في غزة على الاقتصاد المصري:
- مفهوم دولة القانون
- دور الإسلام السياسي في نشر خطاب الكراهية
- اللوبي الإخواني داخل أوروبا:
- جدلية الفكر والتكفير
- الأمن الغزائي العربي في ظل التحديات الراهنة
- أهمية التكامل الاقتصادي العربي
- العقد الاجتماعي


المزيد.....




- قائد الثورة الاسلامية: حماس حية وستبقى حية
- ورقة مساومة أم -سيناريو بن لادن-.. ما مصير جثة السنوار؟
- أغاني طيور الجنة بيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر ن ...
- رسالة قائد الثورة الاسلامية الى الشعوب الاسلامية وشباب المنط ...
- قائد الثورة الاسلامية: باستشهاد السنوار لن تشهد جبهة المقاوم ...
- قائد الثورة الاسلامية:الشهيد السنوار كان الوجه المشرق للمقاو ...
- قائد الثورة الاسلامية:لقد وجه الشهيد السنوار صفعة قوية وشجاع ...
- قائد الثورة الاسلامية:وترك ضربة 7 اكتوبر التي لايمكن اصلاحها ...
- قائد الثورة الاسلامية:لن تتوقف جبهة المقاومة عن التقدم باستش ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن مهاجمة -هدف عسكري- شمال ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خيري فرجاني - محمود عساف مؤسس مخابرات الإخوان: