|
هل يجوز رد دعوى المدعي ومن ثم الحكم لصالحه؟ قراءة في قرار المحكمة الادارية العليا
سالم روضان الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 8133 - 2024 / 10 / 17 - 22:13
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
هل يجوز رد دعوى المدعي ومن ثم الحكم لصالحه؟ قراءة في قرار المحكمة الادارية العليا أصدرت المحكمة الإدارية العليا قرارها العدد 100/قضاء اداري-تمييز/2024 في 22/5/2024 الذي قضت فيه بنقض قرار محكمة القضاء الإداري ورد دعوى المدعي ومن ثم الحكم له بمبلغ التعويض، وحيث ان هذا الاتجاه امر غير مألوف على مستوى فقه المرافعات وتطبيقات القضاء الاعتيادي، لان رد دعوى المدعي يعني انه لا يملك سنداً في القانون يدعم دعواه ولا يجوز الحكم لصالحه، اما اذا كان يستحق بعض ما يطلب فان الحكم الصادر يكون الحكم بالجزء الذي يستحقه ورد الدعوى بالمتبقي، لكن ما ورد في القرار أعلاه كان على خلاف ما تقدم، وللوقوف على هذ الاتجاه الصادر عن المحكمة الإدارية العليا، ومدى استجابة فقه المرافعات وفقه القانون الإداري لهذا الاتجاه اعرض قراءة لقرار الحكم وعلى وفق الاتي: 1. منطوق القرار: سوف انقل الشق الأخير من القرار وعلى وفق الاتي ( وحيث ان المحكمة لم تراعِ ما ورد أنفاً مما اخل بالحكم المميز، لذا قرر نقضه ولما كانت الدعوى مهيئة للحسم قررت المحكمة الإدارية العليا رد دعوى المدعي لعدم وجود سند لها من القانون وتعويض المدعي المبلغ الذي قدرته اللجنة المركزية ومقداره (0000) وتحميل المدعي الرسوم والمصاريف واتعاب محاماة لوكيل المدعى عليه /إضافة لوظيفته مبلغاً مقداره (100,000) مائة الف دينار استناداً لأحكام المادتين (166) و (214) من قانون المرافعات والمادة (63 محاماة وصدر الحكم بالأكثرية بتاريخ ....) 2. وصف الواقعة محل النزاع: ان اصل الدعوى تتمثل بطلب المدعي من محكمة القضاء الإداري الغاء قرار اللجنة المركزية لتعويض المتضررين من جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية، وبعد المرافعة أصدرت محكمة القضاء الإداري قرارها بتعديل قرار اللجنة المركزية وزيادة مبلغ التعويض، ومن ثم طعن وكيل المدعى عليه بالقرار امام المحكمة الإدارية العليا، ومن خلال ذلك فان اصل الدعوى هو اعتراض على قرار اللجنة المركزية للتعويض المشكلة بموجب قانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الارهابية رقم 20 لسنة 2009 المعدل، وجاء في المادة (7/ثانياً) من القانون أعلاه نص يجيز للمتضرر من قرارات اللجنة المركزية حق الطعن في قراراتها لدى محكمة القضاء الاداري بعد (30) ثلاثين يوما من تاريخ التبليغ بنتيجة القرار ويكون قرار المحكمة قابلا للطعن لدى المحكمة الادارية العليا خلال (30) ثلاثين يوما من تاريخ التبليغ بقرار الحكم الصادر من المحكمة او اعتباره مبلغا به. 3. طبيعة الدعوى: نجد ان الدعوى التي تقام امام محكمة القضاء هي طعن باعتبار تلك المحكمة جهة الطعن وهذا يجعل منها محكمة تدقيق في الوقائع وتطبيق القانون، وقراراها الفاصل يكون اما بتأييد القرار محل الطعن اذا كان قد صدر على وفق احكام القانون او تعديله بالزيادة او النقصان او الغائه اذا لم يتوفر على أسبابه القانونية، وما قضى به قرار محكمة القضاء الإداري محل الطعن العدد 2920/ق/2023 في 31/12/2023 هو تعديل قرار اللجنة المركزية للتعويض بزيادة مبلغ التعويض وهو ما يتفق مع منطق القانون، حيث ان تلك المحكمة قضت بتأييد قرار لجنة التعويض تعديلاً، اما المحكمة الإدارية العليا فإنها وجدت ان محكمة القضاء الإداري لم تراعِ بعض النقاط التي اثارها قرار النقض، فقررت نقضه، ثم وجدت ان الدعوى مهيئة للحكم فقررت الفصل فيها على وفق احكام المادة (214) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل، وأصدرت قرارها برد دعوى المدعي لعدم توفرها على اسبابها القانونية، لغاية الان الإجراءات تتفق ومنطق القانون واحكام قانون المرافعات، بمعنى ان المدعي ليس له أي حق في المطالبة بل انها حملته كافة المصاريف والرسوم والتي يتحملها من خسر الدعوى وعلى وفق احكام المادة (166/1) من قانون المرافعات ، الا انها بعد ذلك قضت بتعويض المدعي المبلغ الذي قدرته اللجنة المركزية ومقداره (0000)، وهذا ما لا يتفق ومنطق القانون. 4. طبيعة القضاء الإداري: ان القضاء الإداري وكما يراه فقهاء القانون ومنهم الدكتور محمد رفعت عبدالوهاب في كتابه الموسوم (القضاء الإداري- ج1- منشورات الحلبي الحقوقية – طبعة بيروت عام 2005 – ص8) حيث يقول بان القضاء الإداري (في الغالب قضاء انشائي يقوم بدور يفوق دور المشرع في ابتداع وخلق قواعد القانون الإداري بصفته فرعاً من فروع القانون العام، وقيامه بهذا الدور هو نتيجة قلة التشريعات الإدارية الرسمية وعدم قدرة المشرع في كثير من الحالات عن ملاحقة التطورات الاجتماعية والاقتصادية) وهذه لربما هي العذر الذي يتعكز عليه انصار فقه القانون الإداري، الا ان هذا الدور يقف عند القواعد الموضوعية وليس القواعد الإجرائية، حيث يبقى يخضع للقواعد الإجرائية التي رسمها القانون الخاص به، وفي العراق تكون المادة (7/حادي عشر) من قانون شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 المعدل النافذ هي التي حددت القواعد الإجرائية المتبعة في مرافعات وعمل الهيئات القضائية المرتبطة بمجلس الدولة (المحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الإداري ومحكمة قضاء الموظفين) وعينت تلك القواعد الواردة في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل وعلى وفق النص الاتي (تسري احكام قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 و قانون الاثبات رقم (107) لسنة 1979 و قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 و قانون الرسوم العدلية رقم (114) لسنة 1981 في شأن الاجراءات التي تتبعها المحكمة الادارية العليا ومحكمة القضاء الاداري ومحكمة قضاء الموظفين فيما لم يرد فيه نص خاص في هذا القانون) وبهذا التقييد تجاه القواعد الإجرائية فان القضاء الإداري لا يمكن له ان يجتهد خارج نصوص تلك القواعد وليس له أي دور انشائي، 5. موقف قانون المرافعات: اما عن موقف قانون المرافعات المدنية فان الحكم لابد وان يكون خالياً من العيوب الشكلية والموضوعية، ومن أهمها ان لا يكون منطوق الحكم متناقض مع بعضه، حيث يعتبر ذلك من قبيل الأخطاء الجوهرية في الحكم التي توجب نقضه وعلى وفق ما ورد في الشق الأخير من المادة (203/5) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل التي جاء فيها الاتي (اذا وقع في الحكم خطا جوهري، ويعتبر الخطأ جوهريا اذا اخطأ الحكم في فهم الوقائع او اغفل الفصل في جهة من جهات الدعوى او فصل في شيء لم يدع به الخصوم او قضى بأكثر مما طلبوه او قضى على خلاف ما هو ثابت في محضر الدعوى او على خلاف دلالة الاوراق والسندات المقدمة من الخصوم او كان منطوق الحكم مناقضا بعضه لبعض او كان الحكم غير جامع لشروطه القانونية) ومن تطبيقات محكمة التمييز الاتحادية ما جاء في قرارها العدد 13659/هيئة الأحوال الشخصية والمواد الشخصية/2022 في 16/10/2022 الذي جاء فيه (لمحكمة رجحت بينة المدعى عليه على بينه المدعية ومنحتها حق توجيه اليمين الحاسمة بالصيغة التي حددتها بشان خروجها من دار الزوجية لزيارة أهلها ورفضها العودة وموارده المالية ورفضت توجيهها وبذلك تكون قد خسرت ما توجهت به اليمين وان المحكمة اشارت لذلك بحكمها المميز ومع ذلك فأنها حكمت للمدعية بالنفقة الماضية والمستمرة وكان يقتضي بالمحكمة رد دعواها بالمطالبة بذلك لثبوت تركها دار الزوجية بدون اذن وبدون عذر شرعي وان يقتصر الحكم على نفقة ابنة المتداعيين فقط وان ما تقدم يعتبر من قبيل الخطأ الجوهري عملا" بأحكام المادة (203/5) من قانون المرافعات المدنية) وهذا يعني ان المحكمة لا يجوز ان تقضي برد الدعوى ومن ثم تحكم للمدعي، لان رد الدعوى يعني أن المحكمة قد قررت رفض الدعوى المرفوعة من قبل المدعي، ومن ثم لا يجوز ان تحكم له بعد ذلك الخلاصة: ان اتجاه المحكمة الإدارية العليا هو اتجاه جديد لم يألفه العمل القضائي او فقه المرافعات، لانه لا يتفق مع ما استقر عليه التطبيق في القضائي الاعتيادي ولا يتفق مع القواعد الإجرائية التي تنظم عملية اصدار الاحكام، لان قانون المرافعات هو القانون الاجرائي الواجب اتباعه في حال عدم وجود نص قانوني خاص، لانه هو القانون المرجع لكافة القواعد الإجرائية بشكل عام وعلى وفق احكام المادة (1) مرافعات التي جاء فيها (يكون هذا القانون هو المرجع لكافة قوانين المرافعات والاجراءات اذا لم يكن فيها نص يتعارض معه صراحة) وعلى وجه الخصوص في القضاء الإداري وعمل المحكمة الإدارية العليا لان قانون مجلس شورى الدولة (مجلس الدولة) رقم 65 لسنة 1979 المعدل النافذ قد الزمت الرجوع الى قانون المرافعات في حال عدم وجود نص قانوني صريح وخاص. قاضٍ متقاعد
#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما هي عقوبة من يمارس المحاماة واسمه غير مسجل في نقابة المحام
...
-
ان النزاهةَ شجاعةٌ تًخلِدً صاحبها (الشهيد نصرالله)
-
هل يجوز للمواطن ان يشارك في اعداد التشريعات؟
-
هل يسري سبق الفصل على القرار التفسيري؟ قراءة في القرار التفس
...
-
قوانين الوطن وقوانين الأنظمة في المنظومة التشريعية العراقية
-
كيف يؤدي المواطن واجبه الدستوري بحماية المال العام؟
-
أسباب الخوف والقلق من مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية؟
-
مدة تحديد جلسة النطق بالحكم في المادة (156) مرافعات، هل هي ح
...
-
النشيد الوطني الحسيني (يحسين بضمايرنه)
-
نبذة تاريخية عن قانون الأحوال الشخصية النافذ منذ عام 1959 وم
...
-
اتفاق التحكيم بين الشرط والمشارطة وإشكالية التنفيذ في ضوء ال
...
-
الأوضاع الاقتصادية وأثرها على كتابة الدستور (الدستور العراقي
...
-
قراءة أولية في مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية
-
قراءة دستورية لمناسبة عيد الغدير الاغر
-
الحاكم والحج والحواشي
-
هل تعتبر جميع دعاوى المحكمة الاتحادية العليا دعاوى دستورية؟
...
-
ماهية انعدام الاحكام والاثار المترتب عنها
-
زهرة النرجس بين جمال المنظر وقباحة السلوك
-
دستورٌ تحت التجربة (دستور العراق انموذجاً)
-
هل المحكمة الاتحادية العليا مختصة بإصدار القرارات الولائية (
...
المزيد.....
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
-
مفوضية شؤون اللاجئين: 427 ألف نازح في الصومال بسبب الصراع وا
...
-
اكثر من 130 شهيدا بغارات استهدفت النازحين بغزة خلال الساعات
...
-
اعتقال رجل من فلوريدا بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك
-
ايران ترفض القرار المسيّس الذي تبنته كندا حول حقوق الانسان ف
...
-
مايك ميلروي لـ-الحرة-: المجاعة في غزة وصلت مرحلة الخطر
-
الأمم المتحدة: 9.8 ملايين طفل يمني بحاجة لمساعدة إنسانية
-
تونس: توجيه تهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام إلى عبير موسي رئيسة
...
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|