|
بوب أفاكيان – الثورة عدد 92 : لماذا يوجد السود في الوضع الذى يوجدون فيه اليوم – و الإمكانية المتواصلة لديهم كقوّة عتيّة من أجل ثورة تحريريّة
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 8133 - 2024 / 10 / 17 - 21:03
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
جريدة " الثورة " عدد 874 ، 7 أكتوبر 2024 www.revcom.us
هذا بوب أفاكيان – الثورة عدد 92 . في رسالتى الأخيرة ، نبّهت إلى أنّ : " إمكانيّة تحوّل السود إلى قوّة ثوريّة تبيّنت بقوّة في ستّينات القرن العشرين لكن جدّت تغيّرات كبرى مذّاك – في وضع السود في هذه البلاد و عبر العالم ككلّ . " و هذه التغيّرات الكبرى لم تتسبّب فيها العنصريّة الحقيقيّة جدّا في صفوف العديد و العديد من البيض ، أو مؤامرة في صفوف عدد من الناس الغامضين و الأقوياء . و ليست نتيجة " إرادة " إلاه ما أو جزءا من " مخطّط إلاهي " . لقد نجمت عن وهي نتاج الطبيعة و الديناميكيّة الجوهريّين للنظام الذى يحكم هذه البلاد و يهيمن على العالم ككلّ : النظام الرأسمالي – الإمبريالي . و منذ ستّينات القرن العشرين ، نظرا للتغيّرات في الاقتصاد ككلّ ، و نتيجة الصراع ضد الميز العنصري و الإضطهاد ، حدث نموّ هام في الطبقة الوسطى من السود – و نموّ في البرجوازيّة من السود ( سود – بمن فيهم أولئك الذين راكموا قدرا كبيرا من رأس المال من خلال الرياضة أو الترفيه – بإستثمارات و دخل بعدّة ملايين ) . و ترى الطبقة الحاكمة الرأسماليّة لهذه البلاد ، على رأس النظام المتجذّر تماما و القائم على تفوّق البيض ، ترى هذا التطوّر من البرجوازيّة و البرجوازيّة الصغيرة من السود ( الطبقة الوسطى ) مهمّا للغاية في تقويض و حرف نوع التطلّعات الثوريّة التي ميّزت شباب السود و آخرين في ستّينات القرن العشرين . و قد مضى هذا اليد في اليد مع ظروف يأس كبير لدي فئات هامة من السود . و خلال هذه الفترة نفسها ، في هذه البلاد جدّ فقدان كبير لمواطن شغل إنتاجيّة أجرها كان عاليا في الصناعات . و قد أثّر هذا سلبا على عدد كبير من الرجال السود ( و ضربت بصفة أقسى من العمّال البيض الذين كانوا يحتلّون قبلا هذه المواقع)، بنتيجة أنّ عديد الرجال السود اليوم مُجبرون على الإشتغال في مواطن شغل بأجور زهيدة ، و أعداد كبيرة بقيت عمليّا خارج الاقتصاد المنظّم ، و البعض دُفع إلى أعمال المافيا و الجريمة . و قد غذّى هذا نموّ العصابات و العنف في صفوف جماهير السود في هذه الظروف ، خاصة منهم الشباب . و في الوقت نفسه ، بينما وُجد نموّ في توظيف النساء السود ، وُجد أيضا عديد النساء السود العاملات بأجور بخسة ؛ و إنهيار تشغيل الصناعات ترافق مع نسب فقر أعلى بالنسبة إلى النساء و الأطفال السود ، في جزء منه لأنّ هذا يرفّع من أعداد النساء كوليّة وحيدة . ( و للمزيد حول هذا ، أنظروا مقال " الطفيليّة الإمبرياليّة و إعادة التشكّل الاجتماعي – الطبقي في الولايات المتّحدة من سبعينات القرن العشرين إلى اليوم : كشف للنزعات و التغيّرات " لريموند لوتا ، وهو ينطوى على تحليل غاية في الأهمّية للتغيّرات الكبرى في إقتصاد الولايات المتّحدة ككلّ ، كإقتصاد رأسمالي – إمبريالي معولم، و إنعكاسات ذلك على الجماهير الشعبيّة . و عمل لوتا هذا يمكن العثور عليه على موقع أنترنت revcom.us [ وهو متوفّر باللغة العربيّة على صفحات الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي ] ) . و إلى جانب هذه التغيّرات الكبرى داخل الولايات المتاّحدة ، هناك أيضا تغيّرات كبرى عالميّا منذ ستّينات القرن العشرين كان لها تأثير سلبيّ جدّيّ . بالعودة إلى ستيّنات القرن العشرين و إلى سبعيناته ، جدّت حينها موجة كاملة من نضالات التحرّر الوطني المناهض للإمبرياليّة في ما يسمّى بالعالم الثالث ( آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينيّة ) ، لا سيما حرب تحرير الشعب الفيتنامي المظفّرة ضد الإمبرياليّة الأمريكيّة . و إلى موت قائدها الثوري ماو تسى تونغ ، سنة 1976 ، كانت الصين دولة إشتراكيّة قويّة ، توفّر بديلا حيويّا و تحريريّا لهذا النظام الرأسمالي – الإمبرياليّ . و كلّ هذا وفّر إلهاما و تشجيعا و دعما للشعوب المضطهَدَة – و الشعوب الناهضة ضد الظلم عامة – عبر العالم بما في ذلك السود و آخرين داخل هذا البلد الإمبرياليّة الأعتى ( الولايات المتّحدة الأمريكيّة ) . و قد إمتزج مع و عزّز التفاؤل الذى تمّ الشعور به في صفوف السود حينها ، و قد تحرّروا من التمييز السافر ( " جيم كرو " ) و إرهاب الكلو كلوكس كلان اللذان تعرّض لهما السود لقرن من الزمن حتّى بعد الإلغاء الرسمي للعبوديّة بواسطة الحرب الأهليّة في ستيّنات القرن 19 . و بخاصة ، شباب السود في ستّينات القرن العشرين كانوا مصمّمين على أنّهم لن يقبلوا بعدُ بالإضطهاد العنيف و المحطّ الذى فُرض على الأجيال السابقة ، و "كانت الثورة في الجوّ " في صفوف عديد هؤلاء الشباب السود ( و آخرين ) ، كما مثّلهم بوجه خاص حزب الفهود السود و قد رأى مؤسّسوه نضال السود من أجل التحرير كجزء من نضال الشعوب المضطهَدَة كافة ضد النظام الإمبريالي . لكن ، في الزمن مذّاك ، جرت الإطاحة بالإشتراكيّة و أعيد تركيز الرأسماليّة في الصين ؛ و في ما يسمّى بالعالم الثالث الموجة القويّة لنضالات التحرّر الوطني في ستّينات القرن العشرين ( و إلى سبعيناته ) حلّ محلّها على نطاق واسع حكم و تأثير القوى الرجعيّة و الفاسدة المتنوّعة في العالم الثالث ، الباحثة عن موقع أفضل لنفسها ضمن العالم كما هو – مهيمن عليه من قبل النظام الرأسمالي – الإمبريالي . و كلّ هذا كان له نهائيّا تأثير سلبيّ على الشعوب عبر العالم ، بما في ذلك في الولايات المتّحدة : خفض نظرة الناس ؛ و تعزيز وجهة النظر المسوّق لها بلا توقّف من طرف الطبقة الحاكمة بأنّه لا بديل لهذا النظام ، و بالتالى كلّ ما تستطيعوا الإجتهاد من أجله هو مكان أفضل ضمن هذا النظام الوحشيّ – بالتعبير الأقسى لهذا توجّه المضيّ قُدُما و دوس كلّ شخص آخر ، بأيّة وسائل كانت . و أثناء هذه الفترة عينها ، تأثير الهيمنة الإمبرياليّة في العالم و خاصة في البلدان الأفقر جعل الحياة غير قابلة للعيش بالنسبة إلى الجماهير الشعبيّة هناك ، ما أفضى إلى هجرة كبرى عبر الكوكب . و داخل الولايات المتّحدة – القوّة الإمبرياليّة المسؤوليّة أكثر من غيرها عن دمار هذه البلدان المضطهَدَة – وُجد نموّ هام في المهاجرين القادمين خاصة من المكسيك و أنحاء أخرى من أمريكا اللاتينيّة مساهمين في نموّ نسبة غير الأوروبيّين من سكّان الولايات المتّحدة ، بينما في الوقت ذاته تراجع الوزن النسبيّ للأمريكيّين من أصول أفريقيّة ضمن السكّان غير الأوروبيّين . و كانت لهذا تأثيرات متناقضة و منها التأثير السلبي للتوتّر و النزاع المتناميين بين السود و المهاجرين . و بدلا من القوى الثوريّة ، الطبقة الوسطى من السود ، و خاصة البرجوازية الغنيّة جدّا من السود ، جرى التسويق لها على أنّها " أدوار نموذجيّة " للسود ، حتّى مع عدم وجود إمكانيّة واقعيّة لجماهير السود ليصعدوا إلى المواقع نفسها . و مثلما تحدّثت عن ذلك بوضوح في " أمل من أجل الإنسانيّة على أساس علميّ " : " السود ككلّ يعانون من الإضطهاد الفظيع بأشكل متعدّدة ، بما فيها التعبيرات الأكثر شناعة لهذا ، القتل على يد الشرطة و كذلك التمييز المستشرى ضدّهم و العنصريّة عبر المجتمع ؛ لكن الطبقات و الفئات و القطاعات المختلفة من السكّان السود يعيشون هذا بشكل مختلف و يتفاعلون معه بشكل مختلف . " نموذجيّا ، برجوازيّة السود و البرجوازيّة الصغيرة من السود ( الطبقة الوسطى ) " ينظران إلى الحلّ على أنّه العمل صلب هذا النظام و الحصول على موقع أفضل ضمن هذا النظام " – و وجهة النظر هذه التي تروّج لها بإستمرار المؤسّسات المهيمنة لهذا النظام لها تأثير قويّ في صفوف الجماهير المفقّرة و السود اليائسين . " ( " أمل من أجل الإنسانيّة على أساس علميّ ، القطيعة مع الفرديّة و الطفيليّة و الشوفينيّة الأمريكيّة " متوفّر على موقع أنترنت revcom.us [ وهو متوفّر باللغة العربيّة على صفحات الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي ] ). و كافة هذه التغيّرات عكسها تغيير بارز في الثقافة السائدة أو لها المبادرة في صفوف السود بتأثير هام ضمن الفئات الأوسع من الناس في هذه البلاد ( و في العالم الأرحب ) . و قريبا ، سأتعمّق أكثر في بعض التعبيرات السياسيّة و الثقافيّة المتخلّفة بشكل هام و حتّى الفاسدة التي تؤثّر في السود ، و في الحاجة إلى التغيير الراديكالي لهذا الوضع من خلال النضال بشراسة . لكن مع كلّ هذا ، يبقى الواقع أنّ السود يواصلون التعرّض للإضطهاد الأكثر فظاعة . و مثلما كتبت قبلا : " مهما تكن مكانتهم ، لا يمكن للسود أن يشعروا " بالأمن و الأمان " في هذه البلاد حيث في كلّ مستوى من المستويات تفوّق البيض مبنيّ في هياكل و سير النظام – تفوّق بيض يتأكّد و يُفرض بصفة منهجيّة و عادة بعنف . ( منذ 1960 ، عدد السود الذين قتلتهم الشرطة أكبر من الآلاف الذين وقع قتلهم بوقا طوال كامل زمن التمييز السافر و إرهاب الكلو كلوكس كلان عقب الحرب الأهليّة .) و في صفوف السود كجماهير تتواصل " رغبة التي يُعبّر عنها أحيانا بصورة مفتوحة و أحيانا أخرى بطرق جزئيّة و أحيانا بطرق خاطئة لكن رغبة عميقة و عميقة جدّا في التخلّص من القرون الطويلة من إضطهاد السود " و مرّة أخرى : " هناك إمكانيّة شيء جميل غير مسبوق يظهر من قبح لا يوصف : أن يلعب السود دورا حيويّا في وضع نهاية ، أخيرا ، لهذا النظام الذى لطالما لم يستغلّهم و يجرّدهم من إنسانيّتهم فحسب بل كان يُرهبهم و يُعذّبهم بآلاف الطرق– وضع نهاية لهذا بالطريقة الوحيدة التي يمكن بها القيام بذلك – بالنضال من أجل تحرير الإنسانيّة ، لوضع نهاية لليل الطويل إنقسم خلاله المجتمع الإنساني إلى سادة و عبيد ، و وقع خلاله جلد جماهير الإنسانيّة و إغتصابها و قتلها و تقييدها و تُغرقها في الجهل و البؤس . " لكن هذه الإمكانيّة الواقعيّة جدّا يجب النضال من أجلها نضالا شرسا – ضد القوى و التأثيرات السياسيّة و الثقافيّة العتيّة الساعية إلى إطفاء جذوة هذه الإمكانيّة و إخضاع السود إلى الإهانات و الإضطهاد المتواصلين و الذين يزدادون سوءا . تاليا : السود – إمكانيّة ثوريّة عتيّة ، في تعارض مع ثقافة و سياسة فاسدة و منحطّة .
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 93 : السود – إمكانيّة ثوريّة قويّة
...
-
غزّة : إثر سنة من المذابح المدمّرة للفلسطينيّين و الفلسطينيّ
...
-
إسرائيل تصعّد مجازرها و جرائم حربها عبر لبنان : - نتنياهو يه
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 90 : من أنا لأقول للناس الحقيقة الت
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 91 : قتال عميق من أجل روح السود : أ
...
-
حمّام الدم الذى تقترفه إسرائيل عبر المنطقة : من لبنان إلى ال
...
-
الخطر المتنامي لحرب إقليميّة مدمّرة في الشرق الأوسط : الهجوم
...
-
سنة من الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة في غزّة : رسالة مفتوحة
...
-
إزاء تصاعد عدوان الولايات المتّحدة – إسرائيل في الشرق الأوسط
...
-
مقدّمة الكتاب 49 : حرب الشعب الماويّة في الهند و الحزب الشيو
...
-
مذابح إسرائيل المتعطّشة للدماء و المدعومة من الولايات المتّح
...
-
[ رسالة من سجن أفين بإيران : ] - مشينا حفاة في طريق مزروعة ب
...
-
إسرائيل تفخّخ - البيجر - – قاتلة العشرات و جارحة الآلاف في ل
...
-
سرقة مستقبل 625 ألف طفل في غزّة : كيف أوقف بايدن و هاريس تمو
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 85 : المناظرة بين ترامب و هاريس : ر
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 86 : هذا النظام نظام أعمال وحشيّة د
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 83 :تصويت - الناس - ليس الطريقة الأ
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 84 : النظام الرأسمالي اليوم نظام إس
...
-
لنطلق غضب النساء كقوّة جبّارة من أجل الثورة : الذكرى الثانية
...
-
بينما - يتجادل - ترامب و هاريس حول من يُوالى إسرائيل بأكثر ت
...
المزيد.....
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
-
شولتس أم بيستوريوس ـ من سيكون مرشح -الاشتراكي- للمستشارية؟
-
الأكراد يواصلون التظاهر في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن أوجل
...
-
العدد 580 من جريدة النهج الديمقراطي
-
الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تُعلِن استعدادها
...
-
روسيا تعيد دفن رفات أكثر من 700 ضحية قتلوا في معسكر اعتقال ن
...
-
بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
-
بلاغ صحفي حول الاجتماع الدوري للمكتب السياسي لحزب التقدم وال
...
-
لحظة القبض على مواطن ألماني متورط بتفجير محطة غاز في كالينين
...
-
الأمن الروسي يعتقل مواطنا ألمانيا قام بتفجير محطة لتوزيع الغ
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|