أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صفوت سابا - المعارضون الأساقفة الأقباط















المزيد.....

المعارضون الأساقفة الأقباط


صفوت سابا

الحوار المتمدن-العدد: 8133 - 2024 / 10 / 17 - 17:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المعارضون الأساقفة

أن تسريب قائمة الأساقفة المعترضين على مشاركة الدكتور جوزيف موريس فلتس والدكتور سينوت شنودة في سيمنار المجمع المقدس ألحق الضرر بالكنيسة وبالأساقفة المذكورين في القائمة، وكذلك بالأفراد المعتَرَض عليهم، لأن نشر هذه الأسماء دون إذن مسبق يعكس عدم احترام لخصوصية الأساقفة والكنيسة، وعدم الالتزام بالإجراءات المتبعة في المجمع المقدس. كما أن مثل هذه التصرفات تؤثر سلبًا على صورة المجمع أمام المجتمع الكنسي وتزيد من الشعور بعدم الثقة بين أعضائه.

ولا شك أنه ليس من الواقعي التصور أن اعتراض الأساقفة نابع فقط من مخاوف تتعلق بالحفاظ على العقيدة الأرثوذكسية إذ إن هذا الافتراض يغفل الجوانب الأخرى التي تؤثر في اتخاذ القرارات داخل الكنيسة. فالاعتراض لا يقتصر على رفض أشخاص معينين، بل يشمل أيضًا الاختلافات حول الأفكار والآراء اللاهوتية التي يمثلها المعترضون والمُعْتَرَض عليهم. وعلى ذلك، فإن فهم هذا الموقف بشكل كامل، يحتم علينا النظر إلى العوامل الاجتماعية والشخصية والسياسية التي تؤثر على القرارات بشكل غير مباشر.

و تلعب العوامل الشخصية والسياسية دورًا مهماً في إدارة شئون الكنيسة، لا سيما عندما تحدث اعتراضات من هذا النوع، فتاريخ الكنيسة القبطية يكشف أن الخلافات داخل الكنيسة تتأثر بتفاوت الطموح والنفوذ والمكانة للمختلفين داخل الهيكل الكنسي. بالإضافة، في كثير من الأحيان، تكون هناك مصالح أو تحالفات غير معلنة بين الأطراف المعنية، مما يُشَكّل هذه الاعتراضات بالشكل التي تظهر به، وهي جوانب قد لا تكون واضحة للغالبية داخل المجتمع الكنسي. وعلى هذا فإن هذه الديناميات تشير إلى أن الخلافات الكنسية ليست بالضرورة انعكاسًا للقضايا اللاهوتية التي تطفو عل السطح.
فعلى مستوى الكنائس المحلية، يظهر تأثير العوامل الشخصية والسياسية في الصراعات حول القيادة داخل الكنيسة التي تبرزها الانقسامات الحادثة بين الكهنة والكهنة، العلمانيين والكهنة، مدارس الأحد ومجالس الكنيسة، وغيرها من المؤسسات الكنسية. وعلى مستوى قيادات الكرسي المرقسي خلال العقود السبع الماضية، ظهرت خلافات مثل التي كانت بين البابا كيرلس السادس والمتنيح الأب متى المسكين، والتي لم تكن ناتجة عن قضايا عقائدية بل عن اختلاف في النفوذ وأساليب القيادة داخل الكنيسة، مما يعكس صراعًا بين الطموحات الروحية والإدارية. كما ظهرت توترات بين البابا كيرلس السادس والأنبا شنودة أسقف التعليم، أدت إلى حرمان الأخير من الخدمة لفترة، وهي إشارة إلى مدى تأثير تلك العوامل الشخصية التي تتجاوز الخلافات العقائدية.

وفي عهد البابا شنودة الثالث، برزت خلافات داخل المجمع المقدس، خاصة في ما يتعلق بالعلاقة مع الدولة ومع الكنائس الأخرى. ومن بين هذه الخلافات نزاعه مع الأنبا غريغوريوس، الذي تحفظ على بعض سياسات البابا وإدارة الكنيسة. هذا الخلاف لم يكن عقائديًا في الأساس، بل ارتبط بعوامل شخصية وسياسية. خلاف آخر ظهر بين البابا شنودة والأب متى المسكين، الذي كانت له تأثيرات كبيرة في الحياة الروحية والفكرية للكنيسة القبطية. رغم معارضته من قبل بعض الأساقفة والكهنة، فإن الخلاف معه لم يكن بسبب آرائه اللاهوتية فحسب، بل أيضًا بسبب دعوته للإصلاح الفكري داخل الكنيسة، مما أثار المخاوف من تيار التجديد بقيادة الأب متى المسكين وتأثيره على التقاليد الكنسية الراسخة.

على الرغم من أن الاختلافات في بعض القضايا اللاهوتية لا تعني بالضرورة وجود خطر على العقيدة، إلا أن البعض قد يراها تهديدًا. ومع ذلك، يمكننا النظر إلي رؤية هؤلاء ضمن إطار التعددية الفكرية والتفسيرية التي لا تشكل تهديدًا لعقيدة الكنيسة أو إيمانها التقليدي. المشكلة تنحصر احياناً في الأسلوب الذي تُعرض به هذه الأفكار، وليس بمضمونها ذاته. هذا التنوع في التفاعل مع الأفكار الجديدة يعكس أهمية الحوار البنّاء بين الاتجاهات المختلفة. ومن أمثلة هذه القضايا:
١ القضايا الافتراضية التي لا يمكن الإجابة عنها بدقة، مثل ما طرحه الدكتور جوزيف فلتس حول ما إذا كان السيد المسيح سيتجسد لو لم يخطئ آدم. هذه مسألة افتراضية لا يعلم إجابتها إلا الله، ولا تؤثر على جوهر العقيدة.
٢ التفسيرات اللاهوتية للكتاب المقدس التي قد تختلف الآراء بين اللاهوتيين حولها بعض دون أن يشكل ذلك تهديدًا لعقيدة الكنيسة. مثال على ذلك، الاختلاف في تفسير بعض النُبوءات أو القصص في العهد القديم، مثل التفاصيل الرمزية في سفر الرؤيا أو الدلالات المتعلقة بالمسيح. هذا التنوع في التفسير مسموح به طالما لا يتعارض مع المبادئ الأساسية للعقيدة مثل التجسد، الفداء، والثالوث، وغيرها.
٣ المسائل الليتورجية والطقسية التي قد تختلف بين الكنائس المحلية وكنائس المهجر. هذه الاختلافات تُعتبر مسائل إدارية أو تنظيمية ولا تمس جوهر الإيمان الأرثوذكسي، وبالتالي لا تهدد العقيدة.
٤ التجديدات الإدارية التي يقترحها البعض لتحديث مفاهيم الكنيسة بما يتناسب مع العصر، مثل الموقف من وسائل تنظيم الأسرة، كيفية التعامل التكنولوجيا الحديثة، مداخل إدارة التربية الكنسية وإدارة مجالس الكنائس، وغيرها مما لا تمثل خطرًا على العقيدة. هذه القضايا قد تشهد تباينًا في الآراء بين اللاهوتيين.

المعروف أنه بعد نياحة البابا شنودة وتولي البابا تواضروس، حدثت تغييرات واضحة في أسلوب القيادة الكنسية. يتميز البابا تواضروس بانفتاحه على الحوار والإصلاح، خاصة في ما يتعلق بالعلاقات المسكونية والقضايا السياسية والاجتماعية. هذا التوجه أثار قلق بعض من يتمسكون بالأسلوب التقليدي للبابا شنودة. الإصلاحات التي يقودها البابا تواضروس، مثل تطوير التعليم الكنسي وتعزيز الحوار مع الكنائس الأخرى، أثارت مخاوف بعض المحافظين الذين يرون في هذه التغييرات تهديدًا للتقاليد الراسخة.

و يُعد التحفظ على التغيير عاملًا مهمًا في ظهور الخلافات داخل الكنيسة منذ أن جلس البابا تواضروس على كرسي ما مرقس، حيث يستخدمه البعض كذريعة للدفاع عن الوضع الراهن بدعوى حماية العقيدة والإيمان. هؤلاء يشعرون أن التغييرات التي تشهدها الكنيسة في عهد البابا تواضروس قد تؤدي إلى “تخفيف” الهوية القبطية أو التأثير على التقاليد المتوارثة. وعلى الرغم من أنه لا يمكن التشكيك في نِيَّات هؤلاء المدافعين أو توجيه الاتهامات لهم، إلا أن الكثير منهم يُستخدمون التمسك بالتقليد كوسيلة لمنع أي تغيير في النهج التقليدي، حتى عندما لا يكون هناك تهديد حقيقي للعقيدة، وعلى الرغم من الاتفاق على أن الأوضاع القائمة غير ملائمة للتحديات العصرية. هذه الديناميكية تعكس الصراع بين المحافظة على التقاليد والاحتياجات الملحة للتغيير، مما يؤكد ضرورة إيجاد توازن بين الأصالة والتجديد في الحياة الكنسية.

من وجهة نظري، فإن الكثير من اعتراضات التيار التقليدي في الكنيسة لا ترتبط بالحفاظ على الإيمان أو حماية العقيدة، بل تعود إلى التغيير في أسلوب القيادة الذي أدخله البابا تواضروس منذ توليه الكرسي البابوي. فقد قاد المتنيح البابا شنودة الثالث الكنيسة القبطية لعقود بأسلوبه الخاص في معالجة القضايا الكنسية والسياسية، حيث اعتُبر من قبل الكثير زعيم تقليدي قوي حافظ على هوية الكنيسة وتماسكها في فترات صعبة. بالإضافة، فإن المتنيح البابا شنودة الثالث كان معروفًا بمواقفه الحازمة في التعامل مع الدولة والمجتمع، حيث لعب دورًا بارزًا في حماية الأقباط خلال مدة حساسة من تاريخ مصر. في المقابل، يُنتقد البابا تواضروس الثاني بسبب اتباعه أسلوبًا أكثر هدوءًا وبراجماتية في التعامل مع الحكومة والأزمات الطائفية. هذا الأسلوب يُفسره البعض، خاصة من المحافظين، على أنه ضعفٌ بالمقارنة بمنهج البابا شنودة الأكثر مواجهة - خاصاً في بداية عهده - الذي اعتُبر أكثر فعالية في حماية حقوق الأقباط.

ويزيد الأمر تعقيدًا أن المناهضين للبابا تواضروس كانوا يحتلون مكانة بارزة في عهد البابا شنودة، وهم الآن يشعرون بالتهميش في ظل القيادة الجديدة، مما يفسر معارضتهم الشديدة له. على الأساقفة الذين ينتقدون البابا تواضروس بسبب ولائهم للبابا شنودة أن ينحوا جانباً علاقاتهم الشخصية وعواطفهم التي قد تبدو غير ناضجة في هذا السياق، وأن يضعوا مصلحة الكنيسة فوق أي اعتبارات أخرى. من المهم أن يركزوا على تقوية علاقتهم بالسيد المسيح، لأن ذلك قد يساعدهم على رؤية البابا تواضروس من منظور روحي أكثر نضجاً، بعيداً عن المشاعر السلبية ومحاولات تصيّد الأخطاء. ففي النهاية، ينبغي أن يكون الحفاظ على وحدة الكنيسة وخدمتها من أهم أهدافهم، وليس التركيز على الخلافات الشخصية أو الانتقادات غير البناءة. فالحفاظ على وحدة الكنيسة لا يقل أهمية عن الحفاظ على العقيدة، فكما أوضح لنا السيد المسيح نفسه «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ." (مت ١٢:٢٥).



#صفوت_سابا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قُلْ يَا أَبِي ...
- أمي ماتت مرتين
- من مذكرات طفل الملجأ ...
- لم أُولَد في أَزْمِنة الفَقْرِ
- فيلم- ريش- : عندما يزن الريش أطناناً
- في فَقْه الدورة الشهرية في الكنيسة القبطية
- قبل ما اشوفك
- إعدام راهب: قراءة في تقرير مجلس حقوق الإنسان
- الفن: بيان الجمعية المصرية للتنوير
- الحُزْن الحَزِين
- - زَارَتْنِي أُمِّي بالأمْسِ -
- البابا والإصلاح
- رأس البابا وأُذُن فان جوخ
- البابا والصحفية والجيوش الإلكترونية
- بابا الإِسْكَنْدَرِيَّةُ والأساقفة
- مَجْهُولٌ أَخْرَق
- أُورْشَلِيمَ تأكل أَفْرَخها
- آخِر وصَايَا إمرأة مَهْزُومَة
- وَحْيٌ يُضْحِك الثَّكْلَى
- يا صاحبي: لا تنس أيامًا قَضَيْناها - ديسمبر 1986


المزيد.....




- السيد الحوثي: انظمة عربية وصفت ما تقوم به حماس والجهاد الاسل ...
- السيد الحوثي: مكة والمدينة مستهدفة من العدو الاسرائيلي وفق ا ...
- السيد الحوثي: اليهود ظهروا منذ اليوم الأول متوحشين وفي نفس ا ...
- السيد الحوثي: استمرار عمليات المجاهدين في غزة بالرغم من الاج ...
- السيد الحوثي: الاحتلال كان يتصور ان جرائم الاغتيالات بحق الق ...
- السيد الحوثي: العدو الاسرائيلي هو من بدأ بالاعتداء على داخل ...
- السيد الحوثي: من قام بالرد هي الجمهورية الاسلامية اما العدو ...
- المقاومة الاسلامية في العراق تعلن مهاجمة احد الاهداف العسكري ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن استهداف تجمعا للاحتلال بمست ...
- اقتحام الكنيسة الأرثوذكسية في مدينة تشيركاسي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صفوت سابا - المعارضون الأساقفة الأقباط