أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحلام راشد القاسمي - كيف غيَّر العصر الرقمي حياتنا الاجتماعية؟















المزيد.....

كيف غيَّر العصر الرقمي حياتنا الاجتماعية؟


أحلام راشد القاسمي

الحوار المتمدن-العدد: 8133 - 2024 / 10 / 17 - 12:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الشيزوفرينيا أو الفصام schizophrenia، كما يعرف الجميع، مرض عقلي، وتعرّفه الجمعية الأمريكية للطب النفسي بأنه «اضطراب عقلي مزمن يصيب أقل من 1% من سكان الولايات المتحدة. وعندما يكون الفصام نشطًا، يمكن أن تشمل الأعراض الأوهام والهلوسة والكلام غير المنظّم وصعوبة التفكير وقلة الحافز». ثم تحذّرنا الجمعية بأن الفهم الشائع للشيزوفرينيا غير صحيح لأن الشيزوفرينيا «لا تعني انقسام الشخصية أو تعدد الشخصيات» داخل الشخص الواحد. تسمى هذه الحالة الأخيرة باسم «اضطراب الهوية الفصامي»، وهو اضطراب يتشابه في الظاهر مع الشيزوفرينيا، إلا أن هذين اضطرابان مختلفان. إن الشيزوفرينيا ليست «اضطراب الهوية الانفصامي» dissociative identity disorder (DID) أو ما كان يُسمى باضطراب الشخصية المتعددة (MPD) (تغيّر الاسم في العام 1994، بسبب ظهور معلومات جديدة حول الاضطراب). ويشير اضطراب الشخصية الانفصامية أو الشيزوفرينية إلى وجود العديد من الشخصيات في شخص واحد، بينما يشير اضطراب الهوية الانفصامي إلى أن شخصية واحدة قد انقسمت إلى أجزاء عديدة. لكننا في هذا المقال نسعى إلى تطوير هذا الاضطراب بعد نقله من مجال الطب النفسي لتوظيفه في فهم ومعالجة اضطراب من نوع آخر، وهو اضطراب اجتماعي يفرض على كثير من الناس حالة من انقسام الشخصية وتعدّد الشخصيات داخل الشخص الواحد، وذلك أثناء التفاعل في الحياة الاجتماعية بين الواقع الاجتماعي الفعلي والعالم الافتراضي أو مواقع التواصل الاجتماعي.

سوف نسمي هذه الظاهرة باسم «الشيزوفرينيا الاجتماعية»، وسوف نعرّفها بأنها اضطراب اجتماعي يتمثل في اضطرار الكثيرين إلى إخفاء شخصياتهم الحقيقية والتظاهر بشخصيات أخرى غير حقيقية أثناء التفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي. وسنكتشف أن هذا النوع من الشيزوفرينيا الاجتماعية يناقض الشيزوفرينيا كاضطراب عقلي حيث يميل المريض بالشيزوفرينيا إلى الانسحاب من الحياة الاجتماعية، وتجنّب التفاعل الاجتماعي تجنّبًا لأي إحراج، في حين يميل المريض بالشيزوفرينيا الاجتماعية إلى التفاعل المكثّف داخل الحياة الاجتماعية الافتراضية، ربما كتعويضٍ عن نقص التواصل الفعلي في الحياة الاجتماعية الواقعة، وربما لجاذبية التواصل الاجتماعي الافتراضي، ولكونه يلبي حاجات ورغبات لم يعد الواقع الاجتماعي قادرًا على تلبيتها، وربما لأسباب أخرى.

أصبحنا نعيش في وقت يقضي فيه معظم الناس وقتهم وهم يستخدمون هواتفهم الذكية، ويقرأون على أجهزة الكمبيوتر المحمولة /‏ الأجهزة اللوحية بدلاً من الكتب الموجودة على رفوف المكتبة المتربة، ويعيشون من خلال الإنترنت، ويعيشون في هذا العصر الرقمي للبشر، وهو أمر سريع ومترابط وغريب. ومع ذلك، فإن هذه الجوانب من الإنترنت التي تساعد الناس على التعلم بشكل أسرع والتواصل مع أشخاص من جميع أنحاء العالم تجلب تحديات. إن كمية المعلومات المتاحة تجعل من الصعب علينا التركيز على شيء واحد. عندما نريد أن يكون لدينا المزيد من التفاعل بين شخص وآخر، فإن تكنولوجيتنا الخاصة تعترضنا أحيانًا في إنشاء هذه الرابطة ذات المغزى. وعندما نريد الخروج والقيام بأشياء، يجب أن ننتظر حتى يتم شحن أجهزتنا الرقمية حتى نتمكن من أخذها معنا ونشر الأنشطة التي نأمل في القيام بها على الإنترنت. هل العيش في هذا العصر من الإنترنت سيفيدنا كجنس بشري، أم أنه سيكون سبب الكثير من مشكلاتنا؟

بفضل الإنترنت والتكنولوجيا والهواتف الذكية، أصبحنا أكثر اتصالاً من أي وقت مضى. نحن متصلون بمصدر غير محدود تقريبًا للمعلومات، ونستطيع الاتصال بأي شخص تقريبًا من أي مكان في العالم بنقرة زر واحدة على جهة اتصال، ويمكننا ترفيه أنفسنا لساعات وساعات. ولكن، ماذا يأتي من هذا داخل مجتمعنا؟ لكل منا تجربته الشخصية مع هذه التكنولوجيا، وكلنا نعيش ونرى الإيجابيات والسلبيات التي يمكن أن تسببها التقنيات التي يمكننا جميعًا الوصول إليها الآن بشكل عام وبصورة يومية سواء كان ذلك عبر ساعات ضائعة في مشاهدة مقاطع الفيديو أو تصفّح مواقع التواصل الاجتماعي. هناك شعور بمحاولة خلق الذات على الإنترنت بحيث يمكن للجميع رؤيتها والإعجاب بها. أتاحت لنا هذه التكنولوجيا الجديدة فرصًا إيجابية عديدة، لكنها وفّرت لعدد أكبر من الأشخاص الاستعداد للبقاء في المنزل والتواجد على الإنترنت وهواتفهم بدلاً من الخروج والقيام بشيء لا يمكنهم القيام به في منازلهم. إن كمية الوصول إلى المعلومات والوسائط والأفلام والمزيد من راحة منزلنا أسهل من الاضطرار إلى النهوض والذهاب إلى حيث يمكننا الوصول إلى هذه الأشياء.

إن الإدمان الذي قد يخلقه نمط الحياة المتمثل في التواجد على الإنترنت يمكن أن يكون له تأثير سلبي ليس فقط على المستخدم، بل وعلى الأشخاص من حوله. في الفيلم الوثائقي «Lo and Behold: Reveries of the Connected World» لعام 2016 للمخرج فيرنر هيرتزوغ، أجرى هيرتزوغ مقابلة مع مدمن إنترنت متعافي. يناقش هذا الفرد كيف لم يكن إدمانه لأسلوب حياة «اللاعبين» يدمره فحسب، بل كان يؤذي من حوله. يقول كيف كان يجلس على الكمبيوتر لأكثر من 16 ساعة في اليوم، وأصبحت علاقاته مع كل من عائلته وصديقته غير موجودة، وبدأت رغبته في الحياة تتلاشى إلى اليأس بسبب ذلك. لقد فكرت في كيف فقدت ساعات ثمينة لا يمكنني استعادتها، لأنني أفضل لعب لعبة فيديو بدلاً من استخدام برنامج Face Time أو الاتصال بصديقتي أو أحد أفراد عائلتي، وهذا الفعل جعلني أشعر بالرعب بشأن كيف أن التكنولوجيا تضر بالعلاقات التي تربطني بها علاقة وثيقة. مثل العديد من الأشخاص، تمكنت من فهم كيف كان هذا يضر بي وتمكنت من كبح هذه العادة بسرعة عندما أدركت ذلك على الفور. بالنسبة للبعض، تصبح هذه العادة إدمانًا مثل الرجل الذي تمت مقابلته في هذا الفيلم الوثائقي ويمكن أن يكون لها عواقب وخيمة في الحياة الواقعية.

مع الإنترنت، غيرت البشرية تفكيرها وطريقة تفكيرها. بالنسبة للبعض، يبدو التفكير النقدي جوهر إحداث التغيير، ولكن في وقت يمكنك فيه فقط البحث عبر الإنترنت عن الإجابات، فإن التفكير النقدي هو الطريق الأصعب لحل المشكلات. مع التقنيات الجديدة والاتصال عبر الإنترنت، تريد شركات مثل SpaceX بقيادة إيلون ماسك، استغلال هذه النافذة الزمنية لاستخدام التفكير النقدي والإنترنت كأدوات لإرسال الناس إلى كواكب أخرى. من خلال العيش في العصر الرقمي، يمكن للمفكرين من جميع المجالات المختلفة التفاعل والتعلم ومناقشة الأشياء معًا من أجل التقدم. هذه طريقة يمكن أن تفيد بها الحياة في العصر الرقمي مجتمعنا. ما يضر مجتمعنا في هذا العصر الرقمي هو الاختراق المحتمل، والتصيد /‏ التنمر على الإنترنت، واستخدام الإنترنت كوسيلة تشتيت بدلاً من أداة نافعة للشخص العادي. من خلال الاتصال بالإنترنت، قد نتمكن من توسيع خبرتنا كبشر وتعلم كيفية الاعتماد بشكل أكبر على التقنيات التي نبتكرها.

العيش في العصر الرقمي غريب ومختلف عن ذلك الذي عاشته الأجيال التي سبقتنا. نحن أكثر ارتباطًا من أي وقت مضى، ومع ذلك فإننا نعزل أنفسنا أكثر من أي وقت مضى. على سبيل المثال، يفضل المراهقون في الوقت الحاضر البقاء في المنزل بدلاً من الخروج والتواجد مع الناس.

هل العيش في هذا العصر الرقمي سيعود بالنفع عليّ وعلى من حولي وعلى البشرية؟ في تقرير نشرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD في العام 2019، ويتناول تأثير التحول الرقمي الجاري على حياة الناس عبر الأبعاد الرئيسية الـ11 التي تشكل ما يسمى إطار «كيف هي الحياة؟» للرفاهية: (الدخل والثروة، والوظائف والأرباح، والإسكان، والحالة الصحية، والتعليم والمهارات، والتوازن بين العمل والحياة، والمشاركة المدنية والحوكمة، والاتصالات الاجتماعية، والجودة البيئية، والأمن الشخصي، والرفاهية الذاتية). يسلط التقرير الضوء على 39 تأثيرًا رئيسيًا للتحول الرقمي على رفاهية الناس. يُظهر الاستعراض أن هذه التأثيرات يمكن أن تكون إيجابية حيث تعمل التقنيات الرقمية على توسيع حدود توافر المعلومات وتعزيز الإنتاجية البشرية، ولكنها قد تنطوي أيضًا على مخاطر على رفاهية الناس، بدءًا من التنمر الإلكتروني إلى ظهور التضليل أو القرصنة الإلكترونية. باختصار، يتطلب جعل الرقمنة تعمل لصالح رفاهية الناس بناء فرص رقمية متساوية ومحو الأمية الرقمية على نطاق واسع والأمن الرقمي القوي. ستكون هناك حاجة إلى مواصلة البحث والجهود لتوسيع معرفتنا بالعديد من هذه الموضوعات.



#أحلام_راشد_القاسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -بمثابة مفاجأة-.. مصادر تكشف لـCNN رد فعل إدارة بايدن بشأن م ...
- بلينكن يتصل بنظيريه السعودي والقطري بشأن غزة.. وواشنطن توضح ...
- مقتل السنوار ضربة قوية لحماس، لكنه ليس نهاية الحرب
- الجيش الإسرائيلي يقر بأن قتل السنوار كان -صدفة-
- خبير أميركي: استخدام قاذفات بي-2 في اليمن رسالة لإيران والح ...
- أمريكا: قصف الحوثيين بالقاذفة -الشبح- يحمل رسالة إلى إيران
- أذكر 3 أشياء لطيفة عن خصمك؟ سؤال يفاجئ ترامب وهاريس
- مقتل السنوار.. تداعياته على مستقبل عمليات إسرائيل العسكرية ف ...
- بلينكن يبحث مع نظيريه القطري والسعودي مقتل السنوار وملفات ال ...
- بايدن يصل برلين في آخر زيارة رسمية لألمانيا


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحلام راشد القاسمي - كيف غيَّر العصر الرقمي حياتنا الاجتماعية؟