آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 8132 - 2024 / 10 / 16 - 00:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ولد الإنسان المقهور مع ولادة الله، تم تصنيعه لبنة لبنة، ليندب ويبكي ويتحول إلى طفل لا يقوى على حمل نفسه، يحتاج إلى أب لديه خصيتين كبيرتين ليحميانه من الانهيار.
عقدة الاضطهاد، تم تمريره عبر مؤلفات كثيرة، وأصبح هناك فلسفة لهذه العقدة، ترافق مع الدونية وحب الذل والاستمتاع بالمازوخية المقرفة.
كيف ستنتصر وفي أعماقك مقيم هذه الفلسفة المميتة؟
لمن ستهدي انتصارك، ذلك، وقرفك، وأنت تنتج أجيال وراء أجيال مبنية على هذا الحطام والهزيمة الذاتية.
هزيمتكم موضوعية، تنهل مجرى سواقيكم من ثقافتكم المازوخية، لهذا نرى كيف يخرج علينا تبع، يأخذوننا كقطيع واحد إلى المسلخ أو المذبحة.
العالم الإسلامي يعيش اليوم هذيان جماعي، قطيع أو طرش، لا عقل.
استطاعت منظمة إرهابية صغيرة أن تسوقهم إلى ملعبها دون تفكير، أو تخطيط لنتائج ما فعلته.
غدا كل واحد سيذهب إلى بيته وينام بملء عينيه، وسيبقى الإنسان الفلسطيني الأعزل في العراء، دون معين، وستبكي الام المسكينة اولادها الذين دفنوا أمامها.
اللاعاقل لا يفكر ولا يراكم خبرة ولا معرفة، باختصار الإنسان المؤمن كائن عاطفي لا ينتج أي نجاح
ثمانين سنة صراع مع إسرائيل لم نراكم أي شيء عليه قيمة، لم نبن دولة معاصرة، لا مجتمع مدني، لا ديمقراطية أو حريات، لا تنظيم في حياتنا، لا نقابات فاعلة ومستقلة، لا نادي رياضي مستقل عن السلطة.
لا زلنا مجتمع قطيعي، مأدلج تابع للسلطة، لا زال دستور الدولة العربية طائفي.
لا قوانين معاصرة تلتصق بشؤون المجتمع والمواطن، وأغلب القوانين لا تنفذ، ولا زال طويل العمر، الملك أو الأمير أو الرئيس هو الدولة، أنها إقطاعة له. نصف مخه مشغول حول كيف سيسرق الدولة والمجتمع.
لا زال الخراب النفسي والاجتماعي والسلوكي هو المتحكم في حياتنا.
الطوائف هي الطوائف، لا تحرر الأرض، ولا الإنسان، أنهم منازل قديمة تسكن في الماضي، كارهة للحياة.
والاسوأ عندما تتحول الطوائف سياسيًا إلى مشاريع سياسية فوق الواقع والمنطق.
والمشروع السياسي لهذه الطوائف هو استثمار السياسة للإبقاء على بقاءها، على استدعاء الماضي والدعك فيه، والبقاء فيه.
حزب الله، حماس، أمل، المردة، القوات اللبنانية، الأخوان المسلمين، الجهاد الإسلامي وتبع جنبلاط، كلهم، يلعبون بالوقت على حساب بناء الدولة الحديثة، والمجتمع الحديث، والمجتمع المدني لإفراغ الدولة والمجتمع من أي انتماء إلى الحداثة والعصر.
الطوائف كارهة للأوطان أو الانتماء إليه، وهذه الطوائف مكانها الطبيعي هو العصور الوسطى، مع العقل القبلي والعشائري.
وعليهم أن يتوقفوا عن العلاك بالمقاومة والانتصارات الخلبية الكاذبة، لأن الواقع لا يزال يقبل بهذا السوق العائم الفارغ من المحتوى أو المضمون، لمصلحة من يروج لها.
الطوائف هي الطوائف، لا تحرر أرض، ولا الإنسان، أنهم منازل قديمة تسكن في الماضي، كارهون للحياة.
والاسوأ عندما تتحول الطوائف سياسيًا إلى مشاريع سياسية.
والمشروع السياسي لهذه الطوائف هو استثمار السياسة للإبقاء على بقاءها، على استدعاء الماضي والدعك فيه، والبقاء فيه.
حزب الله وأمل والمردة والقوات اللبنانية وتبع جنبلاط، كلهم، يلعبون بالوقت على حساب الدولة والمجتمع اللبناني لإفراغ اللبنان ودولته ومجتمعه من أي انتماء إلى الحداثة والعصر.
ذلك الذي يدعى، حسن نصر الله، قفة بعمامة قديمة، زعيم طائفة، يريدنا أن نصدقه أنه مقاوم، ومناضل من أجل لبنان والمنطقة.
الطوائف كارهة للأوطان أو الانتماء إليه، وهذه الطوائف مكانها الطبيعي هو العصور الوسطى، مع العقل القبلي والعشائري.
ربما لم يحن الوقت أن يتوقف حسن نصر عن العلاك بالمقاومة والانتصارات الخلبية الكاذبة، لأن الواقع ما زال يقبل بهذا السوق العائم.
العقل كائن قائم بذاته، مقيم في الإنسان، يستطيع أن يحلق ويطير ويسرح إلى جوار النجوم، والعوالم الشمسية المتناثرة في الفضاء المفتوح، بيد أن الجسد هو العائق، أنه المشدود إلى الأرض.
هذا التناقض بين العقل والجسد مأساة الإنسان، ووجعه الدائم، بين التحلق والشد إلى الأسفل.
ليس بيده أن يطير كما ليس بيده البقاء.
إنه مأزوم وأزمته ليس لها علاج، ولهذا سيبقى مغتربًا غريبًا في وجوده.
ربما قريبًا، سيصبح للعقل جناحين، يطير بهما إلى أخر سماء في هذا الكون.
دائمًا ينتصر" الملك المالك للإله" على الدولة والمجتمع في البلدان الشرقي، يحولهما إلى شيء نافل.
المشكلة، كما ذكرنا قبل أيام، أن جميع النصوص تعيش في الماضي، ونقرأها كأنها حاضر، ولا يوجد نص أصلي، لهذا يجري الالتفاف على النص عبر التأويل، والتأويل يأخذنا إلى مسارات أخرى كتعدد القراءات، للهروب من مواجهة الحقيقة، كصرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى آخر يحتمله لدليل، وهذا الهروب يجعل هذا النص ينتعش مؤقتًا، يأخذ مسافة من الواقع، يميعه، يمارس التورية، يريد أن يقنعنا، ان ما يفعله هو محاولة مطابقة هذا الاخير مع الأول، أي الواقع مع النص.
هذه التورية هو كذب على الواقع، هروب من استحقاقاته.
العقل القومي والديني مفهوم قلق، متوتر، خائف على وجوده.
خوفه نابع من عدم قدرته في القبض على ذاته الحاضرة، لهذا يلجأ إلى السرديات التاريخية المملوءة بالخرافة أو الأسطورة ليمنحه التوازن النفسي والروحي.
إن قسوة الحاضر، العقلانية التي تفرضها الحداثة المعاصرة تجعل المؤمن بهذين المفهومين يعيشان حاضرًا مثقلًا بالاضطراب والخوف، بسبب معاول العلوم والاكتشافات العلمية وقدرتها على تفكيك الحاضر والماضي وإعادتهما إلى مربع البحث والدراسة.
الملاحم الرائعة التي كتبها السومريون، جلجامش، كانت مملوءة بالرموز الرائعة:
هاجس الإنسان، بحثه اللامتناهي عن الخلود، مؤشرًا على الصدام بين الحقيقة والخيال ومحاولة الدخول في النهائيات للوصول إلى الحقيقة.
تلك الاسئلة القلقة حولتها السلطات المتعاقبة إلى خرافات يعلكها البسطاء على مر القرون الطويلة الماضية.
اليوم، هناك صراع بين الحقيقة والوهم، بين الإنسان والسلطة وسيستمر إلى أن ينتصر أحدهما على الآخر بالكامل.
إن امتلاك الحقيقة، سيكون زمن الإنسان والطبيعة، والتداخل بينهما.
جميع الكائنات الموجودة في الطبيعة هي حيازة مؤقتة منها، منحته لهم كالحياة والبقاء والتجدد.
هي المالكة الحصرية لكل ما هو موجود على ظهرها، كالماء والهواء والضوء والتراب والمحيطات والأنهار والبشر والحيوانات والأشجار.
ولهذه الطبيعة قانونها الخاص، تحركه عندما يستدعي الأمر ذلك، بيد أن بالها طويل للغاية، تصبر على الضيم والغدر بها، ولكن إذا قررت أن تعلن الفيتو على تصرف ما لا يعجبها ستقلب الطاولة على الجميع.
لا يظنن أحدكم أنه يملك شيئًا في هذه الطبيعة، أنتم مجرد حيازة مؤقتة، يحق لكم أن تعيشوا، تأكلوا وتناموا وتتناسلوا، وفي النهاية ستمشون إلى قدركم النهائي.
تذكروا أنكم كائنات مجردة، منحة من الطبيعة فكونوا أوفياء لمن أعطاكم لذة البقاء.
علمتني الحياة أن لا أعالج الخطأ بالخطأ.
معالجة الخطأ بالخطأ كارثة.
كنت أقف على مسافة مني ومن الآخر، أراقبهما وكأننا واحد. لم أميزه عن نفسي. كنت أراه شريكًا أو الوجه الآخر لي. ثم أضع الاحتمالات لما ستؤول إليه الأمور.
لم أعش في الماضي إطلاقًا.
منذ أن وعيت كنت ابن المستقبل.
والحياة بالنسبة لي تعني المستقبل ودائم التفكير به، وكأنني جنين في داخله.
عندما تفكر في المستقبل فأنت ابن الحياة.
محاربة الإرهاب تتم بوسائل إرهابية، هذا هو نهج النظام الدولي، يشابه إلى حد كبير عندما يدافعون عن الأخلاق بوسائل لا أخلاقية.
تذهب الدولة لتسجن السارق أو القاتل، أو تخرجه من المجال العام أو تشوهه أو تفرض عليه أن يبقى معزولًا مكسورًا اجتماعيًا وإنسانيًا.
لا يوجد، ولم يوجد في ذهنها، أي الدولة، عبر التاريخ كله سوى العقاب.
العقاب قصاص تلجأ إليه الدولة لإنعدام العلاقة بينها وبين المجتمع ومصالحه، في العمق، ولعدم قدرتها أو ليس من مهامها أو ليس من طبيعتها أن تلغي القصاص أو العقوبة، لأن آليتها في البقاء، جزء حيوي من هذه المعادلة.
هذه هي طبيعة الدولة.
لهذا نقول أن حياة البشر ستبقى متأزمة إلى زمن بعيد عنّا، منوط بقدرة المجتمع على أخذ المبادرة.
أنها مهمة المستقبل.
ابن أختي طفل في الثامنة من عمره.
قالت لي أمه أن ابنها الصغير كيفن يريد المجيء إليك. إنه مشتاق لك ويريد أن يأتي إليك لقضاء بعض الوقت في هذا اليوم.
ركب القطار وجاء إلي. استقبلته في المحطة وسرنا معًا في الشارع. قال لي:
ـ ما هي خططك لقضاء هذا اليوم؟ قلت له:
ـ ليس لدي فكرة عن الخطط. قرر أنت ماذا تريد.
ـ لا أعرف. ليس لدي فكرة عن أي شيء.
ـ شو رأيك نركب الدراجات الهوائية ونسوح في الشوارع؟
ـ وبعد ذلك؟
ـ نذهب إلى النهر ونرمي فتات الخبز للبط.
ـ وبعد ذلك؟
ـ نذهب إلى الملعب ونشاهد مباراة كرة القدم.
ـ وبعد ذلك؟
ـ نذهب إلى المراجيح.
ـ وبعد ذلك ماذا سنفعل؟
نظرت إليه في حيرة، قلت له:
ـ قرر أنت ماذا تريد. قال:
ـ أريد العودة إلى البيت.
ـ قبل ساعة جئت وتريد العودة، لماذا؟
بكى وسكت، ثم طلب مني أن أضعه في القطار ليعود إلى بلدته المجاورة لنا.
كنت الأخ الكبير في العائلة, يرعى ويساعد أبيه في المصروف والتربية والاهتمام والرعاية بأولاده, على حساب حياته الشخصية ومستقبله واستقلاله. أي أن يحرق عمره من أجل أن يقف غيره على المنصة, بمعنى أن يترك حريته ودراسته واحتياجاته الشخصية ويضعها في مسار وتلبية احتياجات حياة الأخرين. أحيانًا كثيرة أنظر إلى والديّ, أقول في نفسي:
كيف يستطيعا أن يمارسا حياتهما كرجل وامرأة بشكل طبيعي في ظل هذا الكم الهائل من الشباب والبنات في بيت صغير وبسيط. والأنكى من ذلك أن والدي عاتبني عندما خرجت من السجن, قال لي:
ـ لقد هربت من مسؤولية البيت والأسرة, وذهبت إلى السجن, وتركت كل شيء علي. لقد كان حملي ثقيلًا.
وقفت أنظر إليه, إلى الكم الهائل من ثقافة الشرق في عقله. أن يرى أنني ذهبت إلى السجن بإرادتي, وإنني مسؤول عن عذابي وقمعي وضياع سنين عمري ومستقبلي. قلت له:
ـ إذًا, أنت تعيرني بسجني, فما بال الأخرين, الحمقى وأتباع السلطة والمتزلفين والمهزومين والمستلبين. ثم أنت من قرر إنجاب عدد كبير من الأطفال. أنت المسؤول عن قرارك ورغباتك. لم أطلب منك أن تنجب لي الكثير من الأخوات. هذا قرارك وقرار أمي, أو بالأحرى قرارك أنت, لأنك تعتبر نفسك ديكًا وتريد أن يكون لك الكثير من الاتباع, أليس هذا هو الشرق وأمراضه؟
كنت أجلس في غرفة النوم المرتبة, السرير المرتب, التناسق بين الألوان, كل قطعة في مكانها الصحيح. لقد منعت والدتي أي كائن يدخل الغرفة, اعتبرته غرفة عرسي وزواجي. اعتبرتني موجودًا, امارس الحياة الطبيعية في البيت, وشجرة باسقة تطل على غرفة الأحلام لكائن لم يكن موجودًا, تداعب الغرفة بظلالها الرقيقة.
كنت استلقي على السرير ضجرًا, أنظر إلى لمبة النيون, يجتاحني كم هائل من الفراغ والألم, إنني وحيد في هذا المكان الجميل, لأن قسوة الزمن, غربتي عن نفسي, غرب الزمن عني. أقف مرات, وأجلس على الكرسي مرات ثم استلقي على السرير كأنني أعوض ما فاتني من آلق وجمال.
كان السرير مفصلا, اختارته والدتي بنفسها, أسود اللون, فرشه أبيض نقي, المرآة في الواجهة. أجلس عليه وأنظر إلى وجهي الشاحب, مرارة الزمن قابعة عليه. جلبت صوري القديمة وقارنتها بالصورة التي على المرآة, وجهي الجديد, المشوه. أحزن على الأيام التي سرقها المارق, المشوه حافظ الأسد. أدور وآتاوه, أضرب الجدار. قلت لنفسي:
ـ لمن أحاكم أو أرمي سبب ما يحدث. القوة جزء من الوقاحة, أو يتماثلان. كلاهما صنعا تاريخ البشرية, كلاهما أداة بيد أرذل أنواع البشر. هل أحاكم الوقاحة أم القوة؟أم كلاهما, وإذا حاكمتهما وجدانيًا ما هي الفائدة التي أجنيها من هذا؟ كنت أتمنى لو أن الإنسان يعيش مع الطبيعة بعيدا عن الجدران القاسية التي اخترعها ليقزم نفسه ووجوده. لقد بنى حضارته بما يضمن خراب حياته. فالامنيات جزء من رغبات الإنسان المهزوم.
أقف في مكاني وحيدًا, أتخيل زوجتي وأطفالي معي, إلى جانبي, نلعب معًا أو نسمع الموسيقى أو نركض وراء بعضنا أو أعلمهم دروسهم. استبدلت وجوه أخواتي وأخي بعائلتي التي لم تنشأ. صنعها خيالي الجارف, أضع في كل مكان كائن من روح وجسد, يتحرك, لأداعب الوحشة والفراغ. أسمع صوت نفسي يرتد علي, اتأمل, وأرصد الخيبة.
أجلس أمام التلفاز, أدخل غرفة الاستقبال, تأتيني أصوات الراحلين من أخواتي وأخي, بعثرتهم الأيام والسنين وكل واحد في مكان من هذا العالم. الكم الهائل من الفراغ كان يخاطبني عبر صمته القاتل. أدخل الحمام, أقول:
ـ تغير كل شيء. المكان حيادي, أثول, صامت لا يرد على خلجات قلبي. احتاج إلى كل شيء, إلى كم هائل من الذكريات التي تحتاج أن ترمم. أنظر إلى الهاتف, أراقبه, علّ صوت حنون يأتي من مكان ما يرفق بي, بوحدتي, أن ينتشلني من حالة الارتباك, الارباك الذي أنا فيها, ويأخذني إليه. كنت أرى فيه صوت أنفاس امرأة مثلي تبحث عن إنسان لا مكان له في هذه الغربة, مهمشًا يريد أن يثبت قدميه في هذه الأرض. شعرت إنني بلا جذور وأن الأرض قبل السجن مختلفة تمامًا عما هي عليه بعد السجن, وأن لون البيوت لها وقع خاص في النفس قبل السجن عما هي بعده. يشعر السجين أن الأرض لا أرض, وقدماه ليست عليها, وأنه عائم في مكان لا يحمله, إنه تائه يبحث عن شيء ما لا يعرفه, عن وجوده الضائع, عن وجوه غائبة. يتحول إلى إنسان طائش, كل الاتجاهات غريبة عنه ولا يعرف أين هو, ولا يعرف من أين هو موقعه. الوجوه القديمة لا وجوه, ينكرها ويريد أن يتحرر منها, كأنهم صدى وجع له. وحدها المرأة كحقيقية موضوعية لا تتبدل, إنها كامنة في اللاشعور, وحدها يمكن أن تبدد الغربة وتحول الجفاف إلى نبع حنان, بيد أين هي في هذه الفترة؟ كيف يمكننا أنا وهي أن نلتقي ونحول هذا اليباب إلى أرض خضراء, أجنحة عصافير وبحار ترقص في السماء.
في اليوم السادس أو السابع اتصل الأمن السياسي بوالدي, حيث لم أكن في البيت. قال لي:
ـ اتصلوا بك, يريدون منك أن تذهب إليهم غدا الساعة السابعة مساءا. أرجوك يا آرام أن تكون متعاونًا معهم, أن لا تكون قاسيًا في ردودك. كن لطيفًا حتى لا يؤذوك. أعرف أنك شجاعًا, بيد أن الشجاعة مع الوحوش ليست شجاعة, إنه تهور. بالله عليك يا أبني لا تحرق قلبينا, أنا وأمك. إن لا يعيدوك إلى السجن مرة ثانية. إنهم وحوش, تذكر ذلك. هذه المرة سيقتلوك.
سعى حافظ الاسد منذ وصوله إلى السلطة على كسر الروح المعنوية للإنسان في بلدنا, تحقيره لذاته, تدمير بنيته النفسية والروحية, وتفتيت العلاقات الاجتماعية وتخريب ما يمكن تخريبه.
هذا الرجل عدو لسورية وشعب سورية. وسلم الراية لعائلته من بعده.
الفارق بين حافظ الاسد, والاثول ابنه بشار, أن الأول حول سورية الى مزاد عام بيد انه كان الدلال, أما الثاني فلم يحظ بهذه الصفة. حولها إلى مزاد وجعل من روسيا وايران والصين الدلالين. ولمن يدفع اكثر.
الموسيقى والفن والأدب يجملون الوجع الإنساني, ينقلونه من الأرض إلى السماء, ومن السماء إلى الأرض. ومن المجرد إلى المحسوس ثم تتبدل الأزمنة في داخل الشيء, وذاته. ويبدأ التحول من ذاته لذاته, ومن المحسوس إلى المجرد. ويجعلون من الوقائع الحزينة فرجة ربانية. ويعيدونها, ليشكلونها لوحة, وشم, زينة لرصد الواقع العاجز. وحمله. وتأويله, ثم رسمه ووشمه من جديد بألوان مختلفة.
في كل الثورات حمل السلاح عمل مشروع, بيد أن السؤال متى:
عندما يكون هناك تجمع وطني شامل في داخل البلد, لديه برنامج سياسي يلتف حوله الناس, يعطي ضمانات سياسية لهم كبديل سياسي حقيقي, ويعبر عن مصالحهم. يطرح برنامج سلمي وينزل الناس إلى الشوارع, اعتصامات, اضرابات. وجاهز للمفاوضات على المرحلة المقبلة. وعندما يستعطي هذا العمل السلمي, يحمل السلاح كبديل لا بد منه. ويجب أن يكون قادرًا على تأمين السلاح بشروطه دون أن يرهن الثورة لهذا الطرف أو ذاك. ويجبر العالم على الاعتراف بمطالبه.
هل تحقق هذا الشيء في بلدنا؟
النص الحي هو ابن الحقيقة. والحقيقة خالدة.
الحقائق الخالدة كالحرية والحب والموت والعشق لا يموتون.
والنص الحي يتحرك ويعيش في الحقيقة.
نحن نتكلم عن النصوص التي تعيش في الماضي ونقول عنها أنها ميتة
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟