أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - من خزعبلات العقل البشري !














المزيد.....

من خزعبلات العقل البشري !


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8130 - 2024 / 10 / 14 - 13:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ثار مشايخ الأزهر غاضبين سنة 1905 ضد التوجه لبناء جامعة القاهرة، بدعوى عدم جواز تعليم أبناء البلاد غير العلوم الشرعية وأن الجامعة المنوي إنشاؤها ستعلم الفسق والفجور. وفي مصر أيضًا، صدر فرمان إلغاء تجارة الرقيق وتحرير العبيد عام 1877. ووقعت مصر إتفاقية إلغاء الرق والعبودية عام 1926، لكن بعض المشايخ ذاتهم اعترضوا على القرار لأنه برأيهم تغيير لشريعة الله باتفاقيات بشرية وقوانين وضعية. وبدعوى نشرها للفسق والفجور والفكر الكافر، وقف الأزهر ضد ادخال المطبعة إلى مصر، بعد حملة نابليون على أرض الكنانة سنة 1798 وحرموا استخدامها.
ومن مصر إلى أوروبا في مراحل الظلام، وهيمنة الفكر الديني. هناك، وكما يخبرنا برتراند راسل، اعتقد الناس في تلك الأزمنة أن الأمراض عقاب يوقعه الله على البشر بسبب ارتكابهم المعاصي. وكانوا ينسبون تلك الأمراض في الأغلب إلى فعل الشياطين، ومن الممكن الشفاء منها عن طريق شفاعة القديسين إما بشخوصهم أو عن طريق ما يخلفونه من بقايا مقدسة. ويمكن الشفاء أيضًا، عن طريق الصلاة والحج إلى بيت المقدس أو طرد الشياطين والأرواح النجسة من الجسد. وما أشبه يوم بعض ديارنا العربية بأمس أوروبا في أنماط تفكير من هذا النوع!!!
وقد وجدت هذه الممارسات دعم الكنيسة وتأييدها، حيث ذهب القديس أوغسطين "إلى أن جميع أمراض المسيحيين ترجع إلى هذه الشياطين".
وفي انجلترا، ساد اعتقادٌ بأن الملك إذا لمس إنسانًا مصابًا بمرض أسموه "شر الملوك" شفاه. وزعموا أن الملك القديس تشارلز الثاني شفا وحده عن طريق اللمس نحو مائة ألف شخص. ونشر الجراح الخاص بجلالته عن ستين ألف حالة شفاء من هذا القبيل. وذكر جراح آخر أنه رأى بعيني رأسه مئات من حالات الشفاء، التي ترجع إلى لمسة الملك وأن حالات كثيرة تتجاوز قدرات أمهر الجراحين على الشفاء.
وفي سنة 1680 اجتاح الطاعون روما، وقيل حينها إن السبب غضب القديس سباستيان، الذي تجاهله الناس وأهملوه دون وجه حق. وبعد انقشاع الوباء، ربطوا ذلك بإقامة نصب تذكاري للقديس إياه. قبل ذلك، وعلى وجه التحديد سنة 1522، اعتقد الرومان أن الطاعون الذي اجتاح روما يرجع إلى غضب الشياطين. وللتخلص من الوباء، لجأوا إلى تقديم ثور كأضحية للإله جوبيتر في مجمع الالهة. وبعد أن تبين لهم عدم جدوى ذلك، نظموا المواكب للتزلف إلى العذراء واسترضاء القديسين. وتسبب تفشي الطاعون آنذاك بانتشار الخزعبلات، من مختلف الأنواع في أماكن عدة. ومن أكثر تلك الخزعبلات لفتًا للنظر الإقدام على قتل اليهود كوسيلة مفضلة لتهدئة غضب الله. ففي اقليم بافاريا، قُتل اثنا عشر ألف يهودي، وثلاثة آلاف في إيرفورت، وحُرق ألفان في ستراسبورغ. وكان البابا، هو الوحيد الذي اعترض على هذه الإبادة الجماعية.
وبعد اكتشاف الدورة الدموية الصغرى على يد هارفي، حظرت الجامعات الإسبانية تدريسها. واستمرت في حظر تدريسها حتى نهاية القرن الثامن عشر. وتجدر الإشارة إلى أن مكتشف الدورة الدموية الكبرى، هو العالم ابن النفيس.
أما اكتشاف التلقيح ضد الجدري، فقد أثار عاصفة من اعتراض رجال الدين. وقد تصدت جامعة السوربون للهجوم اللاهوتي على التلقيح. في سياق رفض التلقيح، نشر قسيس أنجليكاني موعظة جاء فيها إن قروح أيوب ترجع إلى تلقيحه من قِبَل الشيطان. من جهتهم، أعد كثيرون من قساوسة اسكتلندا بيانًا قالو فيه "إن التلقيح محاولة لإصابة حكم الله وتقديره بالإرتباك". وذهب رجال الإكليروس إلى أن التطعيم ينطوي على تحدٍّ للسماء، بل وتحدٍّ لإرادة الله. وحتى وقت متأخر من سنة 1885، حيث اجتاح الجدري مدينة مونتريال في كندا، قاوم الكاثوليك ورجال الإكليروس التطعيم ضد الوباء. وقال أحد القساوسة:"إذا كنا قد ابتلينا بمرض الجدري، فإن ذلك يرجع إلى ما مارسناه من عربدة في الشتاء الماضي، فقد انغمسنا في شهوات الجسد لدرجة أثارت غضب الله". وما يزال كلام كهذا يتردد في مجتمعاتنا العربية، حتى يوم الناس هذا في القرن الحادي والعشرين!
وكان اكتشاف التخدير مناسبة أخرى أثارت غضب اللاهوتيين. ففي عام 1847، اقترح سيمبسون استخدام التخدير لتخفيف آلام الولادة. لكن رجال الدين رفضوا ذلك، منطلقين من الإصحاح الثالث في سفر التكوين التوراتي آية 16، حيث يقول الله لحواء بحسبهم:"بالوجع تلدين أولادك...". وتساءلوا باستنكار: كيف يتحقق كلام الله عندما تكون المرأة تحت مخدر الكلورفورم؟!
لكن علم الطب لم ييأس، وواصل تقدمه وكشوفاته، غير آبه بخزعبلات رجال الدين وتفكيرهم القروسطي الساذج، فأثمر ابداعات أسعدت الإنسان على صعيدي تحسن صحته وإطالة عمره.
خلاصة: بدأت أوروبا ترتقي في سلم النهوض والتقدم، بعد تخليها عن هذه الخزعبلات والأرضية التي عليها نبتت وإحالتها إلى متحف التاريخ، وراحت تتألق في فضاءات العقل والإبداع والإبتكار.



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغباءٌ أضرُّ من التواطؤ أحيانًا !
- أساطير مقدسة !
- الكيان اللقيط يخسر
- أرانب وأسدٌ ونمر/ قصة قصيرة
- العقل والنقل
- لا دليل على أن هارون ويوشع بن نون مدفونان في الأردن؟!
- الخوف المقدس أفعل وسائل ترويض الإنسان !
- ابن العلقمي كان حاضرًا !
- أدواء وأدوية
- تصرف غريب وسلوك مستهجن !
- تواطؤ وغدر ضد المقاومة !
- نُتفٌ من اللامعقول تحت المجهر !
- المشكلة ليست رُمانة سميرة توفيق !
- محددات السياسة الخارجية الأميركية تجاه القضايا العربية*
- لامعقول التوزير في الأردن وألغازه !
- اعلام الدولة واعلام الحكومات !
- مخاطر التطبيع في مجال الإعلام *
- الوهم التوراتي الأسطوري -أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل ...
- من تجليات التمحل الثقافي في واقعنا العربي !
- مجرم حرب يتحدث عن أيديولوجيا قاتلة تحيط بكيانه !


المزيد.....




- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - من خزعبلات العقل البشري !