أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - كريم اعا - هذا هو أبي: محمد إعا - شذرات من الذاكرة















المزيد.....

هذا هو أبي: محمد إعا - شذرات من الذاكرة


كريم اعا

الحوار المتمدن-العدد: 8130 - 2024 / 10 / 14 - 02:49
المحور: سيرة ذاتية
    


ولد الراحل أبي محمد بن الحو بن موحى جبور نايت إعا الزدكي الموساوعليوي بإيغرم أيت موسى وعلي سنة 1945 كما هو مدون في الأوراق الرسمية لكن، وحسب قوله، فعمره الفعلي أكبر بثلاث سنوات تقريبا.
تقع قرية أيت موسى وعلي على ضفاف واد زيز، وتتبع إداريا لجماعة امزيزل، إقليم ميدلت، المغرب.
والدي هو ابن الحو نايت إعا الموساوعليوي، ابن موحى جبور إعا المساوعليوي وعائشة الهواري من أيت بنيحيى وابن عائشة نايت الحادج المساوعليوية، ابنة موحى نايت الحادج ويطو جبور.
كان الذكر الوحيد الذي نجا من الموت بعد إخوة ذكور ثلاثة لم يتجاوز كبيرهم الست سنوات(غالبا بسبب أمراض لم تكن ترحم أجساد الصغار)، مما جعل والدته عائشة نايت الحادج تحمله في عينيها ولا تذخر جهدا للقيام بكل ما من شأنه أن يحفظه لها حتى لا يعرف مصير إخوته الذكور. كانت تطلب بركة "الشرفاء" والأولياء والصالحين وتستعين بالتمائم لعلها تحفظه من الشر وأعين السوء، كما كانت تكثر من النذور والصدقات والقرابين.
حكى لنا أبي كيف كانت تتدلى من رأسه ضفيرة كانت عائلة آل إعا تربيها لأطفالها الذكور حتى يبلغوا سن الرابع عشرة، وكيف اضطر إثر شجار مع أحد الأتراب أن يتخلص منها لأن خصمه كان يمسكها في محاولة لإخضاعه والحد من حركته. تفهمت والدته الموقف رغم أنها منت النفس أن يحتفظ بضفيرته حتى يبلغ السن المطلوبة.
لأبي ثلاث أخوات رحلت اثنتان قبله: كبيرتهن يطو نتيجة سكتة قلبية؛ ووسطاهن رابحة بعد أن أعياها المرض والشيخوخة. وودعت الثالثة: عائشة بعد أقل من أربعة أشهر من وفاة أبي. علاقة أبي بأخواته كانت راقية وتعكس قوة الصلات التي تربطهم. كن دائمات الحضور إلى جانبه وكان نعم السند لهن في مجابهة صعوبات الحياة.
كبرنا مع عمتي رابحة التي رعتنا كالأبناء الذين لم تنجبهم.
أتذكر كيف كانت توصينا خيرا بأبينا وهو لم يبلغ بعد مرحلة الوهن.
كانت تكرر أمامنا أنه مهما كبر فإنه يظل طفلا يتوجب رعايته والصبر على نوبات غضبه النادرة وطلباته الملحة.
عاش أبي طفولة أبناء الإيغرم.
برع في لعب الكلة وكان كثيرا ما يعيد بيع الكلل للأطفال ويدخل على والدته بشيء مما اشتراه من الدكان.
مارس جميع الألعاب التي ميزت جيله وكان مميزا في صيد العصافير. كثيرا ما حدثنا عن براعة صديقه احماد اولحسن دحني في قنص الطيور وكيف كان يحمل جرابا يعود به عند نهاية اليوم مليئا بكل أصناف ذوات الريش.
تعرض أبي وهو طفل لا يزال، رفقة والده وأبناء عمومته لاعتقال تعسفي زمن الاستعمار في مركز الريش، نتيجة تكالب القائد الذي خلف عدي وبيهي على العائلة التي لم تكن تخفي عدم مناصرتها له. اتهموا ظلما بسرقة خاتم يعود لزوجة أحد الفرنسيين بالإيغرم.
كاد أبي أن يفقد حياته في السجن الانفرادي(السيلون) حيث رمي رفقة والده قبل أن يحول للسجن العادي. حكى لنا الراحل جدي عن تلك الأيام العصيبة التي كادت تطفئ نور عيونهم، وكيف تعاطف معهم أحد الحراس الذي كان يزودهم ببعض الماء والخبز إنقاذا لحياة طفل رمى به ظلم الاستبداد في غياهب السجن.
بعد شهر من المعاناة والاستنطاقات المتكررة اقتنع المسؤول الاستعماري ببراءة المعتقلين وطالب القايد باسترجاع الخاتم بكل استعجال وهو ما تم وآل إعا في السجن.
غادر أبي المعتقل وبداخله جرح لم يندمل، وفي ذاته خوف من مسمى الريش والسيلون والعسس والعسكر.
ولج أبي المدرسة الابتدائية بأيت موسى وعلي وبلغ السنة الرابعة ابتدائية سنة 1957 فكان لزاما عليه الانتقال إلى الريش ليكمل شهادته الابتدائية لكن مخلفات اعتقاله التعسفي جعلته يعود للإيغرم لسنتين أخريين قبل أن يلتحق بمدرسة الريش ويتحصل منها على شهادة الدروس الابتدائية في ماي 1960 والتي تسلمها آنذاك وزارة التربية الوطنية. عاصر أبي حينها فترة المدير ذي الأصول الجزائرية الذي ترك صيته بين الريش واملشيل، السيد أوْجيت أمْقران محمد والذي غادر المنطقة سنة 1964.
ينحدر أبي من عائلة لها مكانتها في الإيغرم لكن أوضاعها المعيشية لم تكن تختلف كثيرا عن حال أغلب الأسر. اضطر أبوه لبيع بعض الحقول حتى يضمن له شيئا من ظروف إكمال تعليمه بثانوية ميدلت.
تم حرمانه من منحة كاملة بالداخلية بداعي أنه ينحدر من أسرة ميسورة واكتفوا بمنحه نصف منحة فقط. كان يحكي لنا كيف كان الشيخ الإداري بتيغجدت يسلمه شهادة يضمنها وضعية العائلة وكيف يناديه بأعلى صوته عندما يهم بالمغادرة: يا ابن إعا! إياك أن تعدل أو تصحح شيئا في الوثيقة التي تسلمتها للتو!
كان الموظف الفرنسي المكلف بالداخلية في الثانوية يستغرب من التناقض بين ما تتضمنه وثيقة الوضعية المعيشية للأسرة وما يحكيه أبي عن اضطرار والديه لبيع أرضهما الفلاحية لتوفير مصاريف دراسته.
قبل أن يمكنه المسؤول الفرنسي من مهمة Maître d’internat كان يتنقل من ميدلت نحو خنيس حيث أخته رابحة أو يحل ضيفا على عائلة عمر ابنموح الخياط الذي لم ينس فضله يوما.
مارس أبي جميع صنوف الرياضة المدرسية، ويحكي لنا كيف تعرض لإصابات متنوعة لا يزال إبهام يده اليسرى يحمل آثار كرة طائرة طائشة أرسلته رأسا نحو المستشفى.
تميز بعشقه للمطالعة وللغة موليير فترك لنا خزانة ملآى بصنوف الكتب والاتجاهات والمدارس. يروي لنا كيف كانت عطلة الصيف تمر في مساعدة والديه في الأشغال الفلاحية وفي التهام ما توفر من الكتب. لم ينكر يوما فضل ريوش لحسن المهندس المعماري الذي زوده ببعض المؤلفات وبأول قاموس للغة الفرنسية.
أراه اللحظة كما أخبرنا وهو فوق دابته وبين يديه رواية لبالزاك أو مسرحية لموليير.
تمكن من اكتساب لغتي زمانه فكان ملما باللغة الفرنسية حتى صار قاموسا متحركا، وكتب بعربية رصينة تنم عن قراءات لفطاحلة الأدب والشعر.
تحصل أبي على شهادة الدروس الثانوية التي تمنحها وزارة التربية الوطنية والشبيبة والرياضة في يونيو 1963.
التحق في بداية الموسم الدراسي 1964 ـ 1963 بمركز تكوين المعلمين بقصر السوق التابع لنيابة مكناس حيث عين معلما متدربا بداية أكتوبر من سنة 1963، ليتخرج من هناك حاملا لشهادة الدروس العادية للمعلمين في يونيو 1964 والتي تسلمها وزارة التربية الوطنية.
قيمة المنحة الشهرية التي يتحصل عليها المتدرب آنذاك محددة في 520 درهما. حكى لنا الراحل أن أول منحة شهرية تسلمها عرفت طريقها نحو جيب الخياط الوحيد في قصر السوق الذي يصنع البذلات.
عشق أبي المظهر الحسن واعتبره ملازما لرسالة المربي والمعلم وكذلك أمضى حياته.
أخبرنا كيف صاحت بفخر إحدى المدرسات الفرنسيات خلال حفل التخرج بمركز تكوين المعلمين ما أن أعلن اسمه: "C’est mon élève".
كان ذ. موحى ويوب ممن جايلوه في مرحلة التكوين هاته.
عين الراحل أبي في مدرسة بولعجول بداية أكتوبر 1964 لينتقل بعد سنة واحدة إلى مدرسة يتزر(أكتوبر 1965) حيث تحصل على شهادة الأهلية البيداغوجية Certificat d’aptitude pédagogique (CAP) سنة 1966.
يسرد بفخر كيف كانوا ثلاثة بميدلت من تحصلوا على شهادة الأهلية وما تعنيه من امتلاك للمعارف وللبيداغوجيا ولفنون التدريس. يذكر كيف مرت حصة الرياضة في الساحة وكيف اجتهد في جعل الدروس تمر في أجواء صحية ومثمرة، وكيف صال وجال أعضاء اللجنة في الأسئلة والاستفسارات، وكيف تدخل أحدهم بعد نهاية اليوم قائلا لزميله: "Fous lui la paix" إيذانا بنهاية أصعب الاختبارات في المسيرة المهنية للمعلم آنذاك.
اقترن أبي بصاحبة الجلالة في 13 شتنبر من سنة 1965 بعد أن أنهت شهادتها للدروس الابتدائية في يونيو 1965 بقصر السوق، والتي تسلمها يومها وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة والشبيبة والرياضة.
في نهاية الموسم الدراسي 1966 ـ 1965 تبادل أبي مع ذ. اليزمي والتحق بمدرسة كرامة المركز في فاتح أكتوبر 1966. استقر مع والدتي هناك طيلة موسمين دراسيين اثنين. عندما كانت تنتظر مولودها الثاني كان يستعمل دراجة نارية للالتحاق بمقر عمله بكرامة بداية الأسبوع والعودة نحو الإيغرم في نهاية يوم الجمعة. عرفت هذه الفترة ميلاد أول أطفاله الذكور والذي لم يعمر طويلا قبل أن تنير بيتنا أختنا فاطمة إعا في 28 مارس 1968 بأيت موسى وعلي.
بعد موسمي 1967 ـ 1966 و 1968 ـ 1967 انتقل للعمل في مدرسة أيت موسى وعلي والتي كانت بدءا تابعة لمجموعة مدارس الريش قبل أن تستقل كمجموعة مدرسية جديدة على رأسها ذ. بوزيان موسم 1969 ـ 1968. يذكر أن مدرسة أيت موسى وعلي فتحت أبوابها سنة 1947 في مرآب تابع لمنزل قائد الاستعمار آنذاك قبل أن تنتقل لمقرها الحالي.
أمضى الوالد ثلاثة مواسم كاملة يعمل بمسقط رأسه حيث شهد له تلامذته وكل من عرفوه بالجدية والحرص على تحقيق نتائج تبوئ أبناء إيغرمه المكانة التي تليق بهم ويتمناها لهم. رأى النور خلال هذه المرحلة أخونا سعيد إعا في 24 فبراير 1970 بأيت موسى وعلي.
بداية الموسم الدراسي 1072 ـ 1971 انتقل والدي للعمل بمدينة مكناس.
سكن رفقة أسرته الصغيرة ووالديه الشيخين برج مولاي عمر حيث رأى النور كاتب هذه السطور عبد الكريم إعا في 05 مايو من سنة 1972.
عمل بمدرسة المنزه(البساتين) ابتداء من فاتح أكتوبر 1971، ثم مكلفا بمدرسة البرج للبنات قبل أن يعود لمدينة الريش، مدرسة البنين موسم 1975 ـ 1974(شتنبر 1974).
أثناء مقامه بحاضرة عبيد البخاري عمل الوالد على تحسين مستواه اللغوي في مادة اللغة الإنجليزية فاجتاز بنجاح اختبارات المستوى الأول للمركز الثقافي الأمريكي فاس ـ مكناس في يونيو 1972 مستمرا في شغفه باللغات وفي الانفتاح على ثقافات أخرى.
خلال هذه السنوات أدمن المركز الثقافي الفرنسي واقتناء الجرائد واليوميات وإغناء مكتبته الخاصة. واظب على زيارة القاعات السينمائية وعلى زيارة معالم المدينة رفقة والديه وأسرته الصغيرة ومن زاره من أفراد العائلة هناك بمكناس.
عشق هذه المدينة وود الاستقرار بها للأبد لولا إصرار والديه على العودة إلى الإيغرم، فكان لرغبتهما مستجيبا ولدعواتهما ملبيا. احتفظ في أعماقه بحب كبير ل"مكة وناس" كما كان يحب أن يناديها، وهو ما طفا للسطح مجددا عندما عاد إليها متقاعدا عن العمل سنة 2008.
خلال سنته الأولى بعد العودة من حاضرة عبيد البخاري ازدان فراش الوالدين بأخي ابراهيم إعا في 22 غشت 1974 بأيت موسى وعلي.
أمضى الراحل أبي خمس سنوات معلما بمدرسة البنين في مدينة الريش.
اكترى لمدة سنة وبضعة أشهر بيتا من غرفتين ومطبخ وساحة في شارع العياشي (عند الراحل عدي الحو) ثم اقتنى بيتا صغيرا بحي الباطوار حيث رأى النور أخي شاكر إعا يوم 24 نونبر 1976 قبل أن ينتقل لمنزل أكبر مساحة في نفس الحي، زنقة مراكش رقم 25، وهو العش الذي شهد ميلاد أخواي مراد إعا في 29 دجنبر 1978 وأخي الذي غادرنا باكرا، واسطة عقدنا ونوارة أسرتنا الراحل محسن إعا الذي ولد يوم 10 فبراير 1981 والمتوفى في 26 مارس 2023.
تحصل الوالد على شهادة البكالوريا، شعبة الآداب العصرية دورة يونيه 1978 أحرار بالراشدية. تسجل بعدها بكلية الآداب بظهر المهراز بفاس لكنه لم يتمكن من إكمال تعليمه الجامعي. يحكي لنا كيف تزامن أول امتحان له هناك مع تدخل قمعي ضد المضربين، وكيف شاهد صنوف الضرب الوحشي واللاإنساني ضد طلاب عزل. كانت تجربة أعادت له ذكريات السيلون السيئة الذكر فقرر التخلي عن حلمه الجامعي.
خلال الموسم الدراسي 1980 ـ 1979 التحق الوالد بمجموعة مدارس املشيل الشرقية مديرا(شتنبر 1979) حيث أمضى موسمين اثنين التحق بعدهما بمجموعة مدارس أيت موسى وعلي موسم 1982 ـ 1981(شتنبر 1981) ليخلف ذ. العربي كرومي الذي انتقل لمركز الريش.
كانت رحلته الأموكرية غنية بالعمل على توسيع العرض المدرسي وتوفير الشروط الأساسية لتمدرس تلامذة المنطقة، وبالقصص والمغامرات الملازمة لمسؤول عن رقعة جغرافية تمتد من تغندوزت إلى أيت يعقوب وأفراسكو، إلى أنفركال وتازارين. كان من كثرة التحرك راجلا يضطر لتغيير حذائه كل أسبوعين اثنين. حكايات الشيوخ التي رويت لي عندما التحقت بالعمل في تلك المنطقة مطلع تسعينيات القرن العشرين نياشين على صدر والدي الطيب.
ربع قرن أمضاه الراحل أبي متحملا مسؤولية التدبير الإداري لمجموعة مدرسية كانت تتغير تركيبتها مع كل اجتهاد لمصلحة التخطيط والخريطة بالنيابة الإقليمية للوزارة بالرشيدية.
ضمت م.م. ايت موسى وعلي بداية منطقة تمتد من إيجورار إلى تماكورت، ثم من تماكورت إلى ايت موسى وعلي، ثم من ايت موسى وعلي إلى إيجورار، قبل أن تستقر على ما هي عليه اليوم: مركزية ايت موسى وعلي، وحدة ولال ووحدة تلهمومت.
تم تغيير اسم مجموعة مدارس أيت موسى وعلي لتحمل مسماها الحالي مجموعة مدارس مولاي اسماعيل.
اجتاز الوالد امتحانات ولوج مركز تكوين المفتشين بالرباط لكنه أقصي بعد الاختبارات الشفوية. اقتنى المراجع الأساسية من المركز المذكور وكان خصص برنامجا للاستعداد والتحضير للمباراة. كثيرا ما كان يشركنا في تمارين الرياضيات أو يطلعنا على بعض من أفكار البيداغوجيا.
لم تكن الأوراق البيضاء ولا الكتب مختلفة الأحجام والمواضيع تفارق يديه وفضاءاته المعيشية.
ظل وفيا لعادة المطالعة حتى بدأت ذاكرته تخونه.
كلما صادف عنوانا إلا وتصفحه.
عديدة هي الأسئلة التي كان يوجهها إلينا ليختبر بعض معارفنا.
اشتغل الوالد مديرا بمجموعة مدارس أيت موسى وعلي إلى غاية يناير 2006 حيث أحيل على التقاعد لحد السن ليخلفه ذ. لحسن أيت لفقيه.
ينقل أحد المعلمين الذي اشتغل معه وهو مدير كيف كان يقدم دروسا نموذجية في الخط يحرص خلالها على جعل المتتبع يتملك تقنيات رسم الحروف وفن جمالية الكتابة. كان يملأ المساحات الفارغة على جدران البيت بالآيات وعبارات الابتهالات. بعض البطاقات لا تزال شاهدة على ترويض جيد للقلم والريشة.
ساهم في غرس الأشجار والنباتات في ساحة المدرسة وفضاءاتها.
جعل من الرياضة المدرسية ورشا ممتدا. دوريات مدرسية منتظمة لكرة القدم. ملعب كرة طائرة في فضاء المدرسة. ميداليات انتزعها التلاميذ في العدو الريفي وفي أنواع أخرى من المنافسات.
طيلة السنوات التي عاشها أبي بعيدا عن هموم الإدارة كانت الحيوية والنشاط سمة يومه حتى نزل سيف المرض والشيخوخة.
استمر في ولعه بالأرض والفلاحة والمغروسات والحيوانات، وظل ارتباطه بالإيغرم وبأهله متقدا ووهاجا.
كان يفرح لكل تراكم أو مكتسب يتحقق للساكنة ولا يتأخر في المساعدة وتقديم يد العون خدمة للصالح العام.
لم يكن للوالد اصطفاف سياسي معلن رغم وعيه السياسي الذي تلمسه وأنت تناقشه أو تجادله.
كان مواطنا بسيطا يحب الناس ويتمنى الخير للجميع ولا يتوانى في التضحية بماله ووقته خدمة لمحيطه الواسع والضيق.
لم يكن محبا للأضواء ولا باحثا عنها. كان شعاره : "العمل يخبر عن صاحبه".
أزهر بين أهله، وإن ظلمه ذوو القربى ذات زمن ولى، محبا للجميع وصافحا عن كل الإساءات والأخطاء.
عاش سنوات تقاعده متنقلا بين أيت موسى وعلي والريش ومكناس والرباط والدار البيضاء والمحمدية وآسفي قبل أن يقعده المرض ذات 26 غشت 2023 إثر خلع في عظم الفخد وتضخم في البروستات استحال التدخل الجراحي لمعالجته نتيجة معاناته من مرض القلب.
أمضى والدي حوالي سبعة أشهر متنقلا بين مستشفيات مكناس وبيته الريشي قبل أن يترجل عن صهوة الحياة ليلة السبت 6 أبريل من سنة 2024 نتيجة نزيف داخلي.
كانت الليلة ليلة قدر اشتعلت فيها أضواء بيته بأيت موسى وعلي حيث ووري الثرى بعد صلاة الظهر ليوم الأحد بين ذويه الذين عشقهم بصدق وعمق.



#كريم_اعا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أستاذ من المغرب يدق أبواب الشهادة.
- مفاهيم فلسفية تسائلنا.
- شيء من بأس اللغة.
- ميثاق اللاتمركز المتمركز.
- الأونروا، -صفقة القرن- وتصفية الحق الفلسطيني.
- فلسطين التاريخ، فلسطين المستقبل.
- مستجدات مشروع القانون - الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة الت ...
- في راهنية ثورة أكتوبر.
- لفائدة من يتم تدمير المدرسة العمومية؟
- العمل المنزلي والعبودية المقننة.
- الظلامية الدينية وعرقلة تحديث التعليم بالمغرب.
- التعليم والعولمة.
- مصادرة حق الإضراب باسم الديمقراطية البرجوازية.
- الشغيلة التعليمية وضرب حقها في الشغل القار.
- بؤس في بؤس
- الانتهازية وخطر تسميم النضال الجماهيري.
- لا وفاة لمن أوفى.
- الوعي الطبقي للعمال وهجوم الرأسمال.
- النظام التعليمي بالمغرب (6).
- النظام التعليمي بالمغرب (5).


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - كريم اعا - هذا هو أبي: محمد إعا - شذرات من الذاكرة