|
الشهرة مرض نفسي المعاصر.
ديار الهرمزي
الحوار المتمدن-العدد: 8129 - 2024 / 10 / 13 - 10:11
المحور:
قضايا ثقافية
سألني احد الأخوة لماذا انت شبه مجهول؟ قلت احب ان ابقى مجهولا لأنني لا احب الشهرة. الشهرة مرض نفسي المعاصر.
هنا الإجابة تحمل حكمة عميقة. الشهرة اليوم أصبحت مطمحًا للكثيرين، ولكنها في الواقع قد تجلب معها العديد من التحديات النفسية والضغوط. الشهرة تجعل الإنسان يعيش تحت مجهر الآخرين ويضطر أحيانًا للتخلي عن خصوصيته وحياته الشخصية.
في البقاء مجهولًا تجد حرية أكبر للتعبير عن أفكارك دون قيود وتجنب ضغوط المجاملات أو تلبية توقعات الجمهور.
هذا يمنحك سلامًا داخليًا ومساحة أكبر للتفكر بعيدًا عن صخب الحياة العامة.
مفهوم البقاء مجهولًا والابتعاد عن الشهرة وأثر ذلك على الفرد:
في العصر الحالي أصبحت الشهرة هدفًا يسعى إليه الكثيرون متأثرين بوسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية.
يسعى الناس ليكونوا معروفين ومحبوبين ويبحثون عن الإعجاب والمتابعة.
هذا السعي قد يحركه الحاجة إلى الشعور بالتقدير أو الرغبة في أن يكون للشخص تأثير على الآخرين.
الشهرة تجلب معها ضغوطًا كبيرة مثل الشعور بضرورة الحفاظ على الصورة المثالية أمام الجمهور.
يصبح الشخص دائمًا تحت الأضواء مما قد يؤدي إلى القلق والتوتر المستمر.
بالإضافة إلى ذلك يتعرض المشاهير للنقد المستمر سواء الإيجابي أو السلبي مما يمكن أن يؤثر على ثقتهم بأنفسهم وسلامتهم النفسية.
هذا هو السبب في أن العديد من المشاهير يعانون من مشاكل نفسية مثل القلق والاكتئاب والانعزال عن الحياة الواقعية.
بالنظر إلى التأثيرات السلبية يمكننا اعتبار الشهرة شكلاً من أشكال الإدمان.
بعض الناس يصلون إلى نقطة يصبح فيها الحفاظ على الشهرة أولوية قصوى حتى لو كان ذلك على حساب سعادتهم وراحتهم.
عندما يصبح الشخص مدمنًا على الاهتمام والإعجاب المستمر فإنه قد يدخل في دوامة لا نهاية لها من البحث عن رضا الآخرين مما يؤدي إلى اضطراب شخصيته وتناقص احترامه لذاته.
البقاء مجهولًا يمنحك حرية أكبر لتكون على سجيتك دون الحاجة إلى التظاهر أو التكيف مع توقعات الجمهور.
يمكنك التعبير عن آرائك وأفكارك بشكل صادق دون القلق بشأن تأثيرها على سمعتك أو كيفية استقبال الآخرين لها.
عندما لا تكون تحت الأضواء يمكنك أن تعيش حياتك وفقًا لرغباتك وقيمك الخاصة دون الحاجة إلى تلبية مطالب أو رغبات خارجية.
الشهرة تأتي بتكلفة كبيرة على مستوى الخصوصية فالمشاهير غالبًا ما يجدون أنفسهم محاصرين بتدخلات وسائل الإعلام والجمهور في حياتهم الشخصية.
البقاء مجهولًا يسمح لك بالتمتع بخصوصيتك الكاملة ويمكنك أن تعيش حياة هادئة بعيدًا عن الفضول والتطفل.
هذا يمنحك إحساسًا بالأمان ويمنع تعرضك للضغوط النفسية التي قد تأتي مع انتهاك خصوصيتك.
عندما تبقى مجهولًا تكون أقل عرضة للتقلبات المزاجية المرتبطة بتقلبات الشهرة.
لا تحتاج إلى الشعور بالقلق بشأن ردود أفعال الآخرين أو متابعة اتجاهات شعبية قد لا تعبر عنك.
في المقابل يمكنك التركيز على تطوير ذاتك والاهتمام بالأشياء التي تمنحك السعادة والرضا الحقيقي.
العزلة الإيجابية والتركيز على الأهداف: : البقاء مجهولًا لا يعني العزلة التامة عن المجتمع بل هو نوع من العزلة الإيجابية التي تسمح لك بالتفكر والتطور بعيدًا عن الضغوط المجتمعية.
يمكنك الاستفادة من هذا الوقت للتركيز على تطوير مهاراتك وتوسيع معارفك والعمل على مشاريع شخصية تهدف إلى تحقيق ذاتك دون تدخل خارجي.
الشهرة قد تشتت الانتباه وتُلهي الفرد عن أهدافه الحقيقية.
بقاءك مجهولًا يسمح لك بالتركيز على الإنجازات التي تهمك حقًا والعمل على الأهداف التي تشعر بالشغف تجاهها بعيدًا عن ضغوط الشهرة يمكنك اتخاذ قرارات تلائم طموحاتك الشخصية دون الحاجة إلى إرضاء الآخرين.
مقارنة بين الشهرة والبقاء مجهولًا من منظور فلسفي:
الشهرة تعتمد على ردود فعل الآخرين وآرائهم وبالتالي فإن الشخص يصبح أسيرًا للتقدير الخارجي مما يجعله يعتمد على الآخرين في تحديد قيمته الشخصية.
أما البقاء مجهولًا فهو يركز على التأثير الداخلي حيث يعتمد الشخص على نفسه وعلى قناعاته الخاصة ويجد قيمته الذاتية من إنجازاته الفردية وقناعاته العميقة.
عندما يسعى الشخص للشهرة فإنه يعيش في كثير من الأحيان لأجل الظهور وإثبات نفسه أمام الجمهور،
أما في البقاء مجهولًا، فهو يعيش لأجل تحقيق غاياته وأهدافه الشخصية.
هذا يمنحك عمقًا ومعنى في حياتك لأنك تعيش لتحقيق رؤيتك الخاصة وليس لملء توقعات الآخرين.
البقاء مجهولًا يتيح لك حرية العيش بعيدًا عن ضغوط الشهرة ومتطلباتها.
يُعد الابتعاد عن الأضواء حمايةً للخصوصية و وسيلة للحفاظ على التوازن النفسي.
في عالم اليوم، حيث أصبحت الشهرة تفرض تحديات وضغوطات على الشخص فإن اختيار العيش مجهولًا يمثل رفضًا للسعي نحو المرض النفسي المعاصر وتفضيلًا للتركيز على السلام الداخلي وتحقيق الذات.
#ديار_الهرمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا ينبغي أن يكون الدين ضحية لممارسات فاشلة
-
المواقف المؤلمة تكشف اعماق الإنسان
-
القارئ الجيد هو الكاتب الجيد والعكس صحيح
-
الفلسفة هي فهم الإنسان والعالم
-
البحث عن الذات
-
الفلسفة ليست حكرًا على الحضارة اليونانية
-
الصفحات الإلكترونية التوركمانية تجمع بين الأصالة الحداثة.
-
الإعلام سلاح ذو حدين
-
هل تاريخ هو فلسفة ام فلسفة هو التاريخ؟
-
تجاوز الأفكار الكلاسيكية وطرح أفكار جديدة
-
تحسين المجتمع تساهم في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة
-
لا داعي لوجود الجامعة العربية والحكام العرب والجيوش العربية
...
-
الحضارة الإنسانية نحو السقوط
-
المفكر والمثقف و حتى الفيلسوف غير مرغوب فيهم في بعض المجتمعا
...
-
العمر دون العلم يُعادل حياة بلا نور
-
القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية
-
مهزلة الجامعة العربية والحكام العرب
-
ماذا يريد الغرب من الشرق الأوسط؟
-
فلسفة تقوية الذاكرة
-
الأمة الإسلامية اليوم تجد نفسها في وضع حرج
المزيد.....
-
إسرائيل: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن قبل اختراق المجال الجوي
...
-
الدوري الإنكليزي: ليفربول يتفوق بثلاثية على ليستر سيتي ومانش
...
-
تونس: هجوم بسكين على عنصر أمن نفذه شقيق مشتبه به في قضايا إر
...
-
مقتل عنصري أمن في اشتباكات بحمص بين إدارة العمليات العسكرية
...
-
نتنياهو يضع عقبة جديدة أمام التوصل لصفقة تبادل للأسرى
-
زلزال عنيف يضرب جزيرة هونشو اليابانية
-
موزمبيق.. هروب آلاف السجناء وسط أعمال عنف
-
الحوثيون يصدرون بيانا عن الغارات الإسرائيلية: -لن تمر دون عق
...
-
البيت الأبيض يتألق باحتفالات عيد الميلاد لعام 2024
-
مصرع 6 أشخاص من عائلة مصرية في حريق شب بمنزلهم في الجيزة
المزيد.....
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أنغام الربيع Spring Melodies
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|