أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - المنهج النقدي عند محمد مندور















المزيد.....



المنهج النقدي عند محمد مندور


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 8128 - 2024 / 10 / 12 - 13:17
المحور: سيرة ذاتية
    


كان‭ ‬الناقد‭ ‬محمد‭ ‬مندور‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬النقاد‭ ‬العرب‭ ‬اهتمامًا‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ( ‬منهج‭ ‬نقدي‭ ) ‬قائم‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬والمعاصرة،‭ ‬وجسد‭ ‬بذلك‭ ‬استمرارًا‭ ‬حيًا‭ ‬للتقاليد‭ ‬التي‭ ‬أرساها‭ -‬طه‭ ‬حسين‭ ‬في‭ ‬محاكمة‭ ‬الأوهام‭ ‬في‭ ‬ثقافتنا‭ ‬ونزوع‭ ‬النقاب‭ ‬عن‭ ‬الأنظمة‭ ‬اللاعقلانية‭ ‬الموروثة،‭ ‬وإيقاظ‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬قانون‭ ‬يصبح‭ ‬المفكر‭ ‬فيه‭ ‬هو‭ ‬حقيقته‭ ‬دون‭ ‬تنازل‭ ‬أو‭ ‬تبرير‭. ‬

للناقد‭ ‬الأدبي‭ ‬الراحل‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬أبوعوف‭ ‬مقال‭ ‬تناول‭ ‬فيه‭ ‬سمات‭ ‬المنهج‭ ‬النقدي‭ ‬عند‭ ‬مندور‭. ‬

يقول‭ ‬أبوعوف،‭ ‬منذ‭ ‬أواخر‭ ‬الأربعينات‭ ‬ومحمد‭ ‬مندور‭ ‬يقدم‭ ‬الكثير‭ ‬لفكرنا‭ ‬النقدي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والسياسي،‭ ‬عاش‭ ‬حياة‭ ‬خصبة‭ ‬نحياها‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬حين‭ ‬نقرأه،‭ ‬قدم‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬مستهلها‭ ‬كتبه‭ ‬المضيئة‭ (‬في‭ ‬الميزان‭ ‬الجديد‭) ‬و‭(‬النقد‭ ‬المنهجي‭ ‬عند‭ ‬العرب‭) ‬و‭ (‬نماذج‭ ‬بشرية‭) ‬و‭ (‬الأدب‭ ‬ومذاهبه‭) ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬دراسات‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬ومحاضرات‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬والنثر‭ ‬…‭ ‬هذا‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬دراسات‭ ‬عن‭ ‬المسرح‭ ‬المصري‭ ‬والعربي‭ ‬ونشأته‭ ‬وتحولاته‭ ‬وتياراته،‭ ‬ومازال‭ ‬كتابه‭ (‬مسرح‭ ‬توفيق‭ ‬الحكيم‭) ‬مرجعًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬لفهم‭ ‬دور‭ ‬ومسرح‭ ‬توفيق‭ ‬الحكيم‭.‬

والبحث‭ ‬عن‭ ‬رحلة‭ -‬مندور‭ ‬النقدية‭ ‬يستلزم‭ ‬فهم‭ ‬مكوناته‭ ‬النقدية‭ ‬وعلاقات‭ ‬التفاعل‭ ‬بين‭ ‬تحولات‭ ‬فكره‭ ‬وعطائه‭ ‬مع‭ ‬تحولات‭ ‬الثوره‭ ‬الوطنية‭ ‬المصرية‭ ‬وصعودها‭ ‬لثورة‭ ‬ذات‭ ‬بعد‭ ‬تقدمي،‭ ‬ثورة‭ �‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬عبدالناصر‭.‬

درس‭ ‬مندور‭ ‬في‭ ‬كليتي‭ ‬الحقوق‭ ‬والآداب‭ ‬بتوجيه‭ ‬من‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬ثم‭ ‬سافر‭ ‬في‭ ‬بعثة‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬في‭ ‬الثلاثينيات،‭ ‬وظل‭ ‬يدرس‭ ‬هناك‭ ‬مدة‭ ‬تسع‭ ‬سنوات‭ ‬؟‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬ليسانس‭ ‬في‭ ‬الآداب‭ ‬ودبلوم‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السياسي،‭ ‬ودبلوم‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الأصوات،‭ ‬كذلك‭ ‬درس‭ ‬التراث‭ ‬اليوناني‭ ‬والحضارة‭ ‬اليونانية،‭ ‬وعاد‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة‭ ‬ليقدم‭ ‬رسالته‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬الدكتوراه‭ ‬عن‭ (‬النقد‭ ‬المنهجي‭ ‬عند‭ ‬العرب‭).‬

تأثر‭ ‬مندور‭ ‬بالثقافة‭ ‬الفرنسية‭ ‬واليونانية،‭ ‬ونهل‭ ‬بعمق‭ ‬من‭ ‬منابعها،‭ ‬وتوقف‭ ‬عند‭ ‬دراسة‭ ‬نقاد‭ ‬عظام‭ ‬مثل‭ (‬سانت‭ ‬بيف‭) ‬و‭ ( ‬تين‭) ‬و‭ ( ‬لانسون‭) ‬وبفلسفة‭ ( ‬ه‭. ‬بونكاريه‭)‬،‭ ‬درس‭ ‬التراث‭ ‬اليوناني‭ ‬وتعمق‭ ‬في‭ ‬الأساطير‭ ‬والدراما‭ ‬الإغريقية‭ ‬عند‭ ‬اسيخيلوس‭ ‬وسوفكليس‭ ‬وأيضًا‭ ‬الملاحم‭ ‬اليونانية‭: ‬الإلياذة‭ ‬والأوديسة‭ ‬لهوميروس،‭ ‬ودرس‭ ‬تفسيراتها‭ ‬المعاصرة،‭ ‬وألم‭ ‬بالمسرح‭ ‬الكلاسيكي‭ ‬الفرنسي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬فمندور‭ ‬تكوَّنَ‭ ‬أساسًا‭ ‬وواصل‭ ‬التكوين‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عاد‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬بأسس‭ ‬وأمهات‭ ‬الموسوعات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الأدب‭ ‬ونقده‭ ‬وفنونه،‭ ‬كالأغاني‭ ‬والأماني،‭ ‬والعقد‭ ‬الفريد،‭ ‬ونهاية‭ ‬الإرب‭ ‬ودرس‭ ‬عبدالقادر‭ ‬الجرجاني‭ ‬وإبن‭ ‬قتيبة،‭ ‬والجاحظ‭ ‬وأبوهلال‭ ‬العسكري‭ ‬وغيرهم‭.‬

كان‭ ‬مندور‭ ‬مرشحًا‭ ‬لأحداث‭ ‬ثورة‭ ‬في‭ ‬النقد‭ ‬العربي‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬حسه‭ ‬السياسي‭ ‬الناضج‭ ‬والواعي‭ ‬بتطورات‭ ‬الأحداث‭ ‬العالمية‭ ‬والعربية‭ ‬والمصرية‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جانبًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬ونشاطه‭ ‬لم‭ ‬يدرس‭ ‬دراسة‭ ‬كافية‭ ‬مثل‭ ‬إستقالته‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬قبل‭ ‬ثورة‭ �‭ ‬وتفرغه‭ ‬للصحافة‭ ‬الحزبية‭ ‬والعمل‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬طليعة‭ ‬الوفد‭ ‬حزب‭ ‬الأغلبية،‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬نائب‭ ‬في‭ ‬البرلمان،‭ ‬وهناك‭ ‬كتاب‭ ‬صدر‭ ‬عقب‭ ‬وفاته‭ ‬بعنوان‭ (‬كتابات‭ ‬لم‭ ‬تنشر‭) ‬ضم‭ ‬مقالات‭ ‬وطنية‭ ‬وسياسية‭ ‬وثقافية‭ ‬ساخنة‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬وطني‭ ‬اجتماعي‭ ‬متقدم‭.‬

ويذكر‭ ‬أبوعوف،‭ ‬يتفق‭ ‬معظم‭ ‬الدارسين‭ ‬لمنهج‭ ‬محمد‭ ‬مندور‭ ‬النقدي‭ ‬على‭ ‬تسميته‭ (‬بالمنهج‭ ‬الذوقي‭ ‬الانطباعي‭) ‬برغم‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬ينجح‭ ‬أحيانًا‭ ‬إلى‭ ‬الجانب‭ ‬الدراسي‭ ‬التحليلي‭ ‬أو‭ ‬التقييم‭ ‬الأيديولوجي‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ (‬طه‭ ‬حسين‭) ‬الذي‭ ‬يغلب‭ ‬على‭ ‬منهجه‭ ‬الطابع‭ ‬التحليلي‭ ‬العقلاني،‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬موقف‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬فكر‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬مفاهيم‭ ‬الحتمية‭ ‬التاريخية‭ ‬الطبيعية‭ ‬وعلى‭ ‬العقلانية‭ ‬الديكارتية‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الإجرائية‭ ‬ويجنح‭ ‬نحو‭ ‬علمنة‭ ‬الدراسات‭ ‬الأدبية‭ ‬عمومًا‭ (‬كما‭ ‬يقول‭ ‬محمود‭ ‬أمين‭ ‬العالم‭). ‬

أما‭ ‬محمد‭ ‬مندور‭ ‬فكان‭ ‬يقف‭ ‬مواضعائيًا‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬موضوعي‭ ‬وأنما‭ ‬على‭ ‬مواصفات‭ ‬نسبية‭ ‬ولهذا‭ ‬فلا‭ ‬سبيل‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬الحقيقة‭ ‬علميًا،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬أيضًا‭ ‬محمود‭ ‬أمين‭ ‬العالم‭.‬

ويمكن‭ ‬رصد‭ ‬رحلة‭ ‬مندور‭ ‬في‭ ‬ألبحث‭ ‬عن‭ ‬منهج‭ ‬نقدي‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬ثلاث‭:‬

أولًا‭: ‬مرحلة‭ ‬المنهج‭ ‬التاريخي‭ ‬الأسلوبي‭: ‬وقد‭ ‬تأثر‭ ‬فيها‭ ‬بمبادئ‭ ‬مدرسة‭ (‬لانسون‭) ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬المنهج‭ ‬التاريخي‭ ‬أي‭ ‬متابعة‭ ‬مختلف‭ ‬النصوص‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬تسلسلها‭ ‬التاريخي‭ ‬لمعرفة‭ ‬خصائصها‭ ‬الذاتية‭ ‬والقيام‭ ‬بالدراسة‭ ‬المقارنة‭ ‬بين‭ ‬أساليبها‭ ‬المختلفة،‭ ‬وثمرة‭ ‬هذا‭ ‬المنهج‭ ‬كتابه‭ (‬النقد‭ ‬المنهجي‭ ‬عند‭ ‬العرب‭). ‬

ويؤكد‭ ‬مندور‭ ‬أن‭ ‬الذوق‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المرجع‭ ‬النهائي‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬النقدي،‭ ‬كما‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬المختلفة‭ ‬للنقد‭ ‬وأساليب‭ ‬التعبير‭ ‬الأدبي‭ ‬لضمان‭ ‬سلامة‭ ‬الحكم‭ ‬النقدي،‭ ‬وهو‭ ‬يعرف‭ ‬النقد‭ ‬عمومًا‭ ‬بأنه‭ ‬دراسة‭ ‬النصوص‭ ‬والتميز‭ ‬بين‭ ‬الأساليب‭ ‬المختلفة‭.‬

ثانيًا‭: ‬مرحلة‭ ‬المنهج‭ ‬الذوقي‭ ‬التأثري‭: ‬ويطلق‭ ‬عليها‭ ‬نظرية‭ (‬الشعر‭ ‬المهموس‭) ‬وقد‭ ‬عرض‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ (‬الميزان‭ ‬الجديد‭) ‬وهي‭ ‬ترفض‭ ‬كلاً‭ ‬من‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬والرومانسية‭ ‬وتتخذ‭ ‬طريقًا‭ ‬وسطيًا‭ ‬يحاول‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬الذات‭ ‬والموضوع‭ ‬وحدة‭ ‬واحدة،‭ ‬كذلك‭ ‬الوجدان‭ ‬والعقل‭ ‬فيما‭ ‬يسمى‭ ‬عدة‭ ‬أدوات‭ ‬منها‭ ‬الهمس‭ ‬والإيحاء،‭ ‬والاقتصاد‭ ‬في‭ ‬إختيار‭ ‬الكلمات‭ ‬وتجسيد‭ ‬المشاعر‭ ‬والصور‭ ‬والأخيلة‭ ‬ولقد‭ ‬خدمت‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬النقدية‭ ‬مدرسة‭ ‬أبولو‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬غير‭ ‬أنهم‭ ‬غالوا‭ ‬في‭ ‬الفردية‭ ‬والوجدانية‭.‬

ثالثًا‭: ‬مرحلة‭ ‬النقد‭ ‬الأيديولوجي‭: ‬ومع‭ ‬تطور‭ ‬الحركة‭ ‬الوطنية‭ ‬وظهور‭ ‬طبقات‭ ‬جديدة‭ ‬بدأت‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬بارزًا‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬جدل‭ ‬العملية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬كالعمال‭ ‬والفلاحين،‭ ‬تجاوز‭ ‬مندور‭ ‬الرؤية‭ ‬الفردية‭ ‬والوسطية‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬المهموس‭ ‬وتوصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ (‬النقد‭ ‬الأيديولوجي‭) ‬وقد‭ ‬عرضه‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬كتب‭ ‬أبرزها‭ (‬المذاهب‭ ‬الأدبية‭ ‬والفنية‭) ‬و‭ (‬قضايا‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬الحديث‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬خاض‭ ‬معارك‭ ‬حافلة‭ ‬ضد‭ ‬أنصار‭ ‬الفن‭ ‬للفن‭ ‬ودعا‭ ‬إلى‭ ‬أدب‭ ‬واقعي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحياة‭ ‬يصور‭ ‬البسطاء‭ ‬والمطحونين،‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الموضوعية‭.‬

غير‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬التسجيلية‭ ‬دون‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬جدلي‭ ‬في‭ ‬تصوير‭ ‬الواقع‭ ‬بشموله‭ ‬وترابطه‭ ‬وتناقضاته‭ ‬وتحولاته‭ ‬وتصوير‭ ‬النموذج‭ ‬الفني‭ ‬بتعدّد‭ ‬جوانبه‭ ‬وتمثيله‭ ‬للعصر‭.‬

كان‭ ‬مندور،‭ ‬وفق‭ ‬رأي‭ ‬أبوعوف،‭ ‬الحلقة‭ ‬الوسطى‭ ‬بين‭ ‬النقد‭ ‬الإجتماعي‭ ‬والتاريخي‭ ‬والنقد‭ ‬الواقعي‭ ‬الجدلي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬تأسيس‭ ‬منهج‭ ‬علمي‭ ‬للنقد،‭ ‬فقد‭ ‬ترجم‭ ‬بإتقان‭ ‬بعضًا‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬والنقدية‭ ‬أهمها‭ ‬رواية‭ (‬مدام‭ ‬بوفاري‭) ‬لغوستاف‭ ‬فلولير‭ ‬و‭ ( ‬نزارت‭ ‬مربان‭) ‬لألفريد‭ ‬دى‭ ‬موسيه‭ ‬وكتاب‭ ( ‬دفاع‭ ‬عن‭ ‬الأدب‭) ‬لجورج‭ ‬ديهاميل‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬عدة‭ ‬مسرحيات‭.‬

ويبقى‭ ‬دور‭ ‬مندور‭ ‬كأبرز‭ ‬نقاد‭ ‬المسرح‭ ‬تعريفًا‭ ‬بنظرية‭ ‬الدراما‭ ‬وأصول‭ ‬واتجاهات‭ ‬المسرح،‭ ‬كذلك‭ ‬تاريخ‭ ‬المسرح‭ ‬المصري‭ ‬في‭ ‬ازدهاره‭ ‬في‭ ‬الستينات‭ ‬وكتب‭ ‬عن‭ ‬نعمان‭ ‬عاشور‭ ‬وسعدالدين‭ ‬وهبه‭ ‬والفريد‭ ‬فرج‭ ‬ويوسف‭ ‬إدريس‭ ‬ولطفي‭ ‬الخولي‭ ‬ومحمود‭ ‬دياب‭ ‬وميخائيل‭ ‬رومان‭ ‬ورشاد‭ ‬رشدي‭..‬إلخ‭.‬

كما‭ ‬قام‭ ‬بالتدريس‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬الفنون‭ ‬المسرحية‭ ‬منذ‭ ‬نشأته‭ ‬وتجلى‭ ‬حصاد‭ ‬جهده‭ ‬التعليمي‭ ‬في‭ ‬ظهور‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬نقاد‭ ‬وفناني‭ ‬المسرح‭ ‬الذين‭ ‬مازالوا‭ ‬يلعبون‭ ‬دورًا‭ ‬بارزًا‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬المسرحية‭ ‬والفنية‭ ‬والأدبية‭ ‬والصحفية‭.‬

ولا‭ ‬ينتهي‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬محمد‭ ‬مندور‭ ‬دون‭ ‬تسجيل‭ ‬مدى‭ ‬صدق‭ ‬رؤيته‭ ‬السياسية،‭ ‬وقت‭ ‬تفرغه‭ ‬للعمل‭ ‬الصحفي‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬آواخر‭ ‬الأربعينات،‭ ‬حيث‭ ‬ناضل‭ ‬ضد‭ ‬حكومات‭ ‬الأقلية‭ ‬والانقلابات‭ ‬على‭ ‬الدستور،‭ ‬ودافع‭ ‬عن‭ ‬قضية‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬و‭ ‬الاستقلال،‭ ‬وتعرض‭ ‬للسجن‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬إسماعيل‭ ‬صدقي‭ ‬باشا‭ ‬في‭ ‬الاعتقالات‭ ‬الشهيرة‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬عام‭ �،‭ ‬حيث‭ ‬اعتقل‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المثقفين‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬والشيوعيين‭.‬

وإذا‭ ‬عدنا‭ ‬إلى‭ ‬مقالاته‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬فسنجد‭ ‬في‭ ‬معظمها‭ ‬مطالب‭ ‬حققتها‭ ‬ثورة‭ �‭ ‬كالدعوى‭ ‬لتأميم‭ ‬شركة‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ ‬والحياد‭ ‬الإيجابي‭ ‬وضرورة‭ ‬تدخل‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والدعوة‭ ‬للعدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ورفض‭ ‬الليبرالية‭ ‬الغربية‭ ‬والمطالبة‭ ‬بديمقراطية‭ ‬اجتماعية‭ ‬والتحذير‭ ‬من‭ ‬العدو‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬محمد‭ ‬مندور‭ ‬نموذجًا‭ ‬للمثقف‭ ‬المرتبط‭ ‬بقضايا‭ ‬وهموم‭ ‬شعبه‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬مؤسسي‭ ‬الثقافة‭ ‬الوطنية‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬لذلك‭ ‬سيظل‭ ‬رمزًا‭ ‬للعقل‭ ‬والتنوير‭ ‬والتقدم‭.‬



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا تزال أوروبا تدور في الفلك الأمريكي؟
- الكتابة والحرية
- هل تراجعت الهيمنة الأمريكية؟
- يوسف سلامة.. فيلسوف العقل والتغيير
- كتاب «وجهة نظر»
- الدولة العميقة في الولايات المتحدة
- المفكّر برهان غليون وحديث عن الطائفية
- الدولة الفلسطينية والانقسام الأوروبي
- الأنانية تقتل الليبرالية
- المفكر الكبير لويس عوض
- الصراع الروسي الأمريكي أكبر من أوكرانيا
- حديث عن تغييب العقل وغياب الوعي
- 52 عامًا على اغتيال الأديب غسان كنفاني
- «لن نصوِّت لك»
- جرجي زيدان أبرز أركان النهضة العربية
- «الدولة العربية: بحث في المنشأ والمسار»
- حركات التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني وخطاب «اللاسامية»
- تنامي القوة الاقتصادية للصين
- الشرق الأوسط وطرح الأسئلة الصعبة
- شيخ المثقفين السوريين


المزيد.....




- ضابط ألماني: أمل زيلينسكي في الغرب خاب
- السبب الكامن وراء الشعور بالتعب المستمر
- رئيس وزراء السويد كريسترسون يطالب الاتحاد الأوروبي بتصنيف ال ...
- -القبول بحل الدولتين أصبح أكثر إلحاحاً بعد السابع من أكتوبر- ...
- الكرملين: الحديث عن تهديد روسيا -الناتو- مغلوط وغير منطقي
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيرتين قادمتين من سوريا
- الإعلام العبري يقارن بين حرب 6 أكتوبر وأحداث 7 أكتوبر
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع ...
- دمشق.. وصول طائرة مساعدات فنزويلية للنازحين اللبنانيين (صور) ...
- تزامنا مع -القمر الدموي العملاق-.. اكتشاف ارتباط بين البدر و ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - المنهج النقدي عند محمد مندور