أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سامي عبدالقادر ريكاني - الديناميكيات الجيوسياسية في الشرق الأوسط: تحليل للصراع الثلاثي وتداعياته الإقليمية والدولية-















المزيد.....

الديناميكيات الجيوسياسية في الشرق الأوسط: تحليل للصراع الثلاثي وتداعياته الإقليمية والدولية-


سامي عبدالقادر ريكاني

الحوار المتمدن-العدد: 8128 - 2024 / 10 / 12 - 00:11
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


يشهد الشرق الأوسط منذ عقود صراعًا ثلاثيًا معقدًا بين إيران وتركيا والعالم العربي، متجذرًا في عمق التاريخ الإسلامي ومتشابكًا مع القوى الدولية الكبرى. هذا الصراع، المتستر بغطاء ديني ومذهبي، يمتد جذوره إلى العصور الأولى لتشكل الواقع السياسي الإسلامي، متبلورًا بوضوح في العصرين العباسي والعثماني، ومرورًا بالعهد الصفوي الفارسي، وصولًا إلى ظهور الحركة السلفية الوهابية.

في العصر الحديث، تبلورت ملامح هذا الصراع الثلاثي خلال فترة الحرب الباردة، واكتسب زخمًا جديدًا في أعقاب ما يُعرف بـ"الربيع العربي". وقد شهدت هذه الفترة تحولات جذرية في التحالفات الإقليمية والدولية، حيث انضمت المملكة العربية السعودية، ممثلة للتيار الوهابي، إلى المعسكر الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية وبالاخص في السبعينات بعد ان خلصتها من التبعية البريطانية ، ومن ثم تلتها إيران بنظام ولاية الفقيه في 1979، ثم تركيا بتوجهها العثمانوي وبعد ركوبها لقطارالإخوانية في المنطقة العربية في 1996 ومن ثم في 2002-والتي وصلت الى اوجها في 2011 مع الربيع العربي.

إن تحليل التاريخ الحديث لهذا الثالوث يكشف عن نمط متكرر من الصعود والأفول، مدفوعًا في كثير من الأحيان بمصالح القوى الدولية التي استغلت هذا النزاع التاريخي لتعزيز نفوذها في المنطقة. وقد تحملت الشعوب الإسلامية في هذه المنطقة العبء الأكبر لهذه الصراعات، ليس فقط على المستوى الاقتصادي، بل أيضًا على مستوى الأرواح والجغرافيا والاستقرار ومستقبل الأجيال.

في السنوات الأخيرة، شهدت المنطقة تحولات جيوسياسية كبرى، حيث برز دور تركيا وإيران بشكل أكبر، خاصة مع صعود روسيا ودخول الصين كلاعبين مؤثرين في المعادلة الإقليمية. وفي المقابل، واجهت الدول العربية، وخاصة تلك المتبنية للفكر السلفي الوهابي، تحديات متزايدة في الحفاظ على مكانتها ونفوذها.

في ظل هذه التحولات، اتجهت بعض الدول العربية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في محاولة لإعادة توازن القوى الإقليمية. وقد تُوجت هذه الجهود باتفاقيات الاخوة الإبراهيمية في عام 2020، والتي شملت الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
غير أن الخطوة الأكثر أهمية وإثارة للجدل كانت مبادرة المملكة العربية السعودية في عام 2023 للتفاوض حول اتفاق سلام مع إسرائيل، مشترطة توقيع "اتفاقية الدفاع المشترك" مع الولايات المتحدة وقبول إسرائيل بحل الدولتين.

بيد أن هذه المفاوضات واجهت عقبات كبيرة، أبرزها الشروط السعودية التي كانت تحتاج الى تصويت الكونكرس عليه، ومن ثم الموقف الإسرائيلي المتشدد تجاه حل الدولتين. وقد أدت الحرب الأخيرة في غزة إلى تعقيد المشهد بشكل كبير، مما أدى إلى تعثر هذه المفاوضات.
الا ان الجانب العربي والامريكي وحتى الاسرائيلي يشيرون باصابع الاتهام الى ايران بانها التي افتعلت هذه الحرب عبر حماس للقضاء على هذا الاتفاق الذي ماكانت تنظر اليها ايران الا على كونها ستكون على حساب دورها في المنطقة، كما انهم لايستبعدون بان يد المشاركة الغير المباشرة من قبل روسيا والصين كانت حاضرة في هذه اللعبة.
كما ان العرب ينظرون الى اسرائيل ايضا بانها خانتهم حين انتهزت فرصة الرد على حماس بافراغ غزة من سكانها والسعي لمنع عودتهم تمهيدا لايوائهم في دول مجاورة، وذلك للقضاء على التزاماتها مع العرب بحل الدولتين والتي كانت امريكا تضغط عليها للقبول بها مقابل السلام مع العرب.
والعالم اليوم اجمع بات في حالة ترقب حذر لما يمكن ان يسفر عن الرد الاسرائيلي على ايران من تداعيات على التوازن الاقليمي والدولي حيث يتبادر على اذهان المراقبين كم من الاسئلة حول مالات الاحداث في الساعات والايام القادمة .
ولكن اكثر القناعات والتحليلات تذهب الى ان المنطقة تتجه نحو حرب اقليمية وربما دولية ايضا، معولين في ذلك على نوع الرد الاسرائيلي على ايران الذي من المنتظر حسب تحليلاتهم انها ستكون ردا قاسيا بحيث لا تبقي مجالا لايران لان تتغاضى عن الرد بالمقابل، وهذا ما سيؤدي الى حرب مواجهة حقيقية.
ولكن عند اعادة قراءة المعادلة من منطلقات اقليمية ودولية سنرى بان هذا التحليل والتقيم يجانبه الصواب وذلك لان ايران تحاول قدر الامكان تجنب المواجهة المباشرة مع اسرائيل وتصريحها على الرد الاسرائيلي كان واضحا حين اشارت بالقول بان الضربة الاسرائيلية اذا تعدت الحدود فانها سترد بصورة اقوى، وهذه اشارة الى انها لن ترد عليها اذا لم تتجاوز تلك الحدود.
كما ان اعلان حزب الله عن استعدادها لوقف اطلاق النار وتخليها عن شرط انهاء الحرب في غزة، هي اشارة اخرى من ايران على لسان حزب الله لعدم الرغبة في التصعيد مع اسرائيل وبعدم رغبتها في استمرار الحرب التي تتخوف من ان تتحول الى مواجهة مباشرة بينها وبين اسرائيل ، كما انها بتنازلها هذا تريد تجنب قيادات هذا الحزب من الفناء المحتوم على ايدي اسرائيل التي تستهدف قياداتهم الواحد تلوه الاخر .
من جانب اخر تاخير الرد الاسرائيلي ايضا يوحي بانها ربما لن تتجاوز تلك الحدود اذا كانت هناك بعض التنازولات من قبل ايران خاصة على الجبهتين الفلسطينية واللبنانية، كما ان امريكا الى جانب رفضها لخيار ضرب النووي الايراني او استهداف الطاقة، فالاولى لصعوبة قدرة اسرائيل من القضاء الكلي على ذلك السلاح ولكونها ستسبب بتخليها عن الاتفاقات الدولية المتعلقة بحضر السلاح النووي وفي الثانية ستسبب برفع اسعار الطاقة في الاسواق العالمية والعالم على ابواب الشتاء،فانا ايضا قدمت لها مغريات اقتصادية وواستراتيجية اذا ما تخلت عن الرد على تلك المواقع الحساسة.
و ناهيك عن غموض الموقف الروسي الذي لايمكن التنبؤ بما ستقدم عليه خاصة وان تحركها لن تكون بعيدة عن الغطاء الصيني، والذي لهم حساباتهم الخاصة في التعامل مع الاحداث في هذه المنطقة بحيث لايمكن لهم فصلها عن تحركاتهم على الجبهة الاوكرانية، الى جانب فهمها لخطورة اعادة نفس الاخطاء السابقة بترك المعادلة الثلاثية الاسلامية في المنطقة لتتلاعب بها الغرب وتوظفها وفق مصالحها بعيدة عن الاهتمام الروسي وبالضد من مصالحها كما فعلتها ايام الحروب الباردة،.
ووفق هذه المعادلة فان التصعيد في المنطقة لن تتوافق مع مصالح اي من الاطراف المتصارعة في هذه المرحلة, والرد الاسرائيلي المحدود ربما هو الخيار الافضل ، والذهاب الى بديل التهدئة عبر المفاوضات هو الحل الراجح في الايام المقبلة.
في الختام، يمكن القول إن الصراع الثلاثي في الشرق الأوسط، بأبعاده التاريخية والدينية والجيوسياسية، لا يزال يشكل محورًا رئيسيًا في ديناميكيات المنطقة. وفي ظل التحولات الدولية الراهنة وصعود قوى جديدة كروسيا والصين، فإن مستقبل هذا الصراع وتداعياته على المنطقة والعالم يبقى موضوعًا يستحق المزيد من الدراسة والتحليل المعمق، كما ان مسيرة الذهاب الى حرب شاملة تعيقها حسابات اقليمية ودولية معقدة .



#سامي_عبدالقادر_ريكاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- --- ( لعبة الربح والخسارة في المعادلة السياسية العراقية )
- انعكاس نتائج القمتين جدة وطهران على الوضع في كل من سوريا وال ...
- القضية الكوردية (ازمة الدين والسياسة)
- العقلية السياسية التراثية وسيطرتها على العقل السياسي الشرقي ...
- -هل سيتكرر السيناريو الافغاني في العراق؟-
- هل ستصبح افغانستان بؤره للارهاب ولماذا؟
- سوريا والعراق بعد قمم بايدن الاخيرة (الجزء الثاني)
- سوريا والعراق بعد قمم بايدن الاخيرة(الجزء الاول)
- من يحكم العراق اليوم؟، وهل بالامكان تغيير الاوضاع في عهد جو ...
- السياسة العامة الحكومية في اقليم كوردستان العراق(ادارة الازم ...
- السياسة العامة الحكومية في العراق -ادارة الدولة-
- اللعبة لم تنتهي بعد( الانتخابات الامريكية)
- التطبيع مع اسرائيل والشعارات المضادة بين الحقيقة والزيف
- التطبيع مع اسرائيل والشعارات المضادة بين الحقيقة والواقع
- ماذا ينتظر الكورد بعد اتفاق قسد وامريكا
- الكورد والاسلام والدولة
- سيبقى اقليم كوردستان رغم كل الازمات
- فلسفة (الوجود والعدم)
- القمة الثلاثية بين (روحاني، اردوغان، بوتين) ومستقبل المنطقة
- الازمة السياسية في الاقليم الكوردي


المزيد.....




- شاهد.. إيرانيات يتبرعن بذهب ومجوهرات لدعم حزب الله
- السفارة الأمريكية لرعاياها في لبنان: -غادروا الآن-
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك قطاع غزة (صورة)
- كيف اخترقت مسيرة حزب الله المنظومة الدفاعية في إسرائيل؟
- تشيلي: المابوتشي يحيون ذكرى 532 عامًا على وصول كولومبوس إلى ...
- طلب مليون دولار من إيران لتنفيذ اغتيالات.. تفاصيل جديدة حول ...
- بفضل الذكاء الاصطناعي.. عصر جديد من الاكتشافات الفيروسية
- شولتس يدعو لتسريع انضمام دول غرب البلقان للاتحاد الأوروبي
- صفارات الإنذار تدوي في وسط إسرائيل بعد إطلاق رشقة صواريخ من ...
- -لحظة التفجير بالجيبات وإخلاء قتلى وجرحى-..-القسام- تعرض مشا ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سامي عبدالقادر ريكاني - الديناميكيات الجيوسياسية في الشرق الأوسط: تحليل للصراع الثلاثي وتداعياته الإقليمية والدولية-