أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميشيل نجيب - مصير الله مع البشر















المزيد.....


مصير الله مع البشر


ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)


الحوار المتمدن-العدد: 8127 - 2024 / 10 / 11 - 02:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إلى الآن لا يمكن لأى إنسان بشرى أن يعلن بكل يقين أن هناك إله له وجود واقعى على خارطة العالم الكونى، وهذا يعنى بدوره أن مصير ‏الله يتم تحديده وتحجيمه وتضخيمه حسب رغبات وإرادة البشر أنفسهم، والسبب بسيط أن البشر يمتلكون إرادة حرة تسمى بالعربى ‏الفصيح: القدرة العقلية وهى تلك القدرة التى تسمح لنا بكل حرية فى أختيار السلوك الذى نرغب فيه، لكن إذا رفض إنسان أستخدام قدراته ‏العقلية أى إرادته الحرة فى فهم العالم من حوله والتحكم فى سلوكياته وتصرفاته، فإنه ينزع عن نفسه العنصر الأساسى فى مسئوليته ‏كأنسان ألا وهو الإرادة الحرة التى تميزه عن الحيوان!‏

كل إنسان يعيش واقعه بكامل إرادته الحرة وليس مفروض عليه أو أنه واقع تحت سيطرة مجموعة من الناس يتحكمون فى إرادته ‏ويسجنونها فى عالم غيبى لا وجود له، من هنا يمكننا التقدم فى فهمنا نحو مسئولية كل فرد منا عما يصدر عنه من أفعال وأعمال ‏وتصرفات تصدر عنه بكامل حريته وبكامل إرادته الحرة، وقدراتنا العقلية هى التى تحدد لنا هويتنا الشخصية التى خلقناها من خلال ‏رغباتنا التى ترتكز على إرادة نابعة من داخل نفوسنا، وهذا ما يجلب للأفراد فوضى الإرتباك وغموض الكثير من المواقف الحياتية التى ‏نعجز عن فهمها بقدراتنا المعرفية المحدودة.‏

من الأشياء المهمة تأكيدها لأنفسنا أن وجودنا الواقعى هو شخصيتنا التى تمثلنا والتى نصنعها بأنفسنا وليس هناك أى إنسان يتدخل فى ‏تشكل واقع حياتنا الشخصى، من هنا يمكن لأفراد المجتمع من حولنا ان يتعرفوا علينا وأن يحاولوا وصف شخصياتنا بكافة الصفات التى ‏يمكن أن تصيب أو تخفق فى وصف هويتنا الذاتية وفقاً لقدراتنا العقلية التى تتيح للآخرين التعرف علينا وتقترب من وتحكم على ‏سلوكياتنا بكل واقعية ومصداقية، فالإنسان فى إختياراته الإرادية يشكل مجموعة من الأفعال التى تعكس طبيعة قدراتنا الداخلية التى ‏نهيمن عليها وفق نموذج أو صورة خاصة قمنا بتكوينها وفق تصوراتنا الذاتية والتى قد تكون وهمية أو حقيقية حسب المنظور التربوى ‏والتعليمى الذى أستقينا منه تلك الصورة عن العالم ثم أعتبرناها أنها صورة العالم الحقيقية رغم أنها ليس كذلك.‏

والمثال الحاضر فى عالمنا الإنسانى منذ العصور الحجرية بل منذ عصور الحضارات الإنسانية الكبيرة قبل الميلاد، تقدم لنا الإله الذى ‏يتقرب إليه البشر فى صور آلهة كثيرة تتحكم فى كل شئ يخص من قريب أو من بعيد حياة الإنسان، فكانت توجد آلهة الخصب والنماء ‏وآلهة الشر والظلام وآلهة الهواء وآلهة الحب وآلهة السماء والأرض وآلهة الشمس وإله القمر وإله الحكمة وإله الماء والزراعة، وغيرها ‏من الآلهة التى كان لكل منها دور فى تكوين وبلورة الحياة الإنسانيةحتى أستقرت على صورتها الحالية، مثل سقوط الأمطار وفصل ‏السماء عن الأرض والنور الأصغر والنور الأكبر وظهور الليل والنهار وأعتبار الشمس هى كبيرة الآلهة والمركز الذى يشع بأشعته ونوره ‏ويبعث الحياة على الأرض، وكانت هناك الآلهة المسئولة عن خلق الإنسان حسب روايات الخلق السومرية والتى تتشابه مه خلق آدم ‏وحواء.‏

تلك الحضارات السومرية والمصرية والبابلية وغيرها وأعتقاداتها الدينية كانت المنبع الرئيسى لكل الآلهة التى التى جاءت فى الأزمة ‏التالية لها مع تشكيل مصير تلك الآلهة حسب صفة كل إله والذى جاء الزمن الذى تم فيه توحيد وجمع تلك الآلهة فى إله واحد تمت ‏عبادته مثل إخناتون فى الحضارة المصرية وما تلاها من إعتقادات وعبادات دينية أختلفت بإختلاف البشر حسب البيئة التى تنشأ فيها ‏الآلهة أو الإله الجديد، لكن أتفقوا على أساطير مثل روايات الخلق والطوفان وثورة الآلهة على البشر وإعلان غضبهم وإهلاك البشر.، ‏كلها قصص دونتها الحضارات المصرية والسومرية وغيرها لتكون أكبر دليل على أن الله أو الإله مجرد فكرة يحددها البشر فى مستقبل ‏عصورهم التالية.‏

‏ وللتحقق من مدى تغلغل فكرة الإله وهيمنتها على الإرادة الحرة للبشر حين يلجأ المجتمع للقوة لتحديد مصير الإله الذى يسيطر على ‏شعوب تلك الأزمنة، نسترجع كمثال صورة الإله سين أى إله القمر الذى عبده الأشوريين والآراميين السريانيين وكان بالطبع الهلال هو ‏الصورة التى يرمز إليه حتى وقتنا الحاضر خصوصاً أن تلك الشعوب وغيرها ممن اتخذت من القمر تقويماً يعتمدون عليه فى حساباتهم ‏الفلكية لأعيادهم الدينية.‏

لذلك مصير وجود الله الفكرة يتوقف على صور الله التى تقبع فى كوامن النفس الإنسانية وخلق لديه صوراً كثيرة عن الله مأخودة ‏ومستنبطة من تصورات اجدادنا فى أساطيرها الفطرية، تلك الصور التى ليس فيها جديداً إلا تصوراتنا الذاتية التى نعكسها على الله وفقاً ‏لمعتقداتنا الجديدة ومحاولاتنا التكيف والتأقلم معها بأعتبارها الحقيقية المطلقة التى لا يملكها غيرنا من البشر، وبالطبع كما قلنا فهذا هو ‏تصورنا الشخصى الوهمى الذى نحاول فيه تجاوز الآخر بأعتبار أن إلهنا هو الأفضل والأكبر والأعظم من جميع آلهة بقية الأديان!‏

بتوضيح أكثر تفصيلاً أقول أن مصير البشر يتوقف على الصور التى يخلقونها بإرادتهم الحرة وأعتبارها انها الحق المطلق دون وجود ‏دلائل على ذلك، مما يجعلنا نحن البشر وقدراتنا العقلية الذين نحد مصير هذا الإله او تلك الآلهة التى صورناها فى تخيلاتنا الوهمية، ‏حيث لا يوجد لها صدى حقيقى على مستوى الواقع بل هى مجرد أفكار وصور أكتسبناها عبر الأزمنة من العوالم المختلفة التى عاشت ‏قبلنا وشكلت أديانها وآلهتها بكامل حريتها وإرادتها، ثم جاء الدور علينا حتى أكملنا البناء الجماعى لفكرة وجود الله الذى أعطيناه كامل ‏المسئولية فى قيادة أنفسنا ومجتمعاتنا بل حتى عقولنا وسلبنا أنفسنا إرادتنا الحرة عن طريق الإيمان بوجود إله لا وجود له إلا فى ‏إعتقادنا الشخصى وحولته الجموع الشعبية بالقوة إلى إله جماعى يعتقد ويؤمن به الجميع، ليسود بعد ذلك بحكم الصراعات والحروب ‏المستمرة إلى إله حقيقى له كامل الحقوق والواجبات التى أجبرنا أنفسنا على الرضوخ إليها وإلزام بقية المجتمع بممارستها وإلا سيكون ‏فرد منبوذ من الجماعة ككل إذا تجرأ شخص ما ورفض الأنصياع لإرادة الجماعة بقوة السلاح.‏

هكذا يكون مصير الله الذى كان مصدره البشر هو نفسه مصير البشر الذى كان مصدره الله أى ان النهاية اليقينية هى فكرة البشر عن ‏الله التى سيكون لها مصير يختاره ويحدده البشر أنفسهم!!!‏



#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيادى الله ودماء البشر ‏
- الله والآلهة الحقيقية
- الله منبع الكراهية
- الله وأطلال الإمبريالية
- إله الكفر وإله الإيمان‏
- جبناء التكفير إجراميين
- تكفير أتباع المسيح ‏
- الخوف من الله أو عليه؟
- تكفير المسيحية بدون تعليق!! ‏
- الدكتورة وفاء سلطان ومسيحى اسمه وحيد
- فكرة الله والتنوير
- فكرة الله الكوميدية
- وكالة نجاسة التخلف العربى
- وكالة ناسا ونجاسا ما الفرق؟
- حكومة ورثة علماء الفراعنة
- حكومة رئاسية فاشلة قبل أن تبدأ
- عنصرية الله يا أهل ذمم الأديان
- وين الخجل العربى وين؟ وين الملايين؟ ‏
- أهل الذمة وضلال الله
- أهل الذمة جريمة المسلمين


المزيد.....




- الجهاد الاسلامي: ندين بأشد العبارات المجزرة البشعة بحق الاعل ...
- إدانات لدخول وزير الأمن القومي الإسرائيلي لحرم المسجد الأقصى ...
- الإمارات تدين اقتحام وزير الأمن الإسرائيلي المسجد الأقصى
- “في خمس خطوات”.. حدّث الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 ...
- الوزير المتطرف بن غفير يقتحم المسجد الأقصى في أول أيام عيد - ...
- خارجية الأردن: اقتحام بن غفير المسجد الأقصى خطوة استفزازية م ...
- بن غفير يقتحم الأقصى احتفالا بعيد -الأنوار- اليهودي ومكتب نت ...
- حماس: اقتحام بن غفير المسجد الأقصى انتهاك جديد وخطير
- الرئيس الايراني: لو كان المسلمون متحدين لما تجرأت -اسرائيل- ...
- حماس: اقتحام بن غفير المسجد الأقصى انتهاك جديد وخطير


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميشيل نجيب - مصير الله مع البشر