عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8123 - 2024 / 10 / 7 - 13:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المعركة بين العقل والنقل ما تزال مستعرة في فضاءاتنا العربية والاسلامية، وللأسف ما يزال صوت النقل فيها هو الأعلى. هذه هي اشكالية العقل العربي المزمنة، التي يتوقف على حسمها مصيرنا ومستقبلنا، فإما التقدم والنهوض بشروط العصر أو استمراء التكلس في أقبية القرون الوسطى.
لا يفتأ الإسلاميون، فقهاء ومختصون وأنصاف متعلمين وأميون وأشباه أميين وظلاميون، يأخذون على أنصار العقل والعالمانيين بأنهم يستهدفون الاسلام كدين دونا عن الأديان الأخرى. رأي يخلو من المنطق والخبرة الإنسانية بمواضعاتهما المتوافق عليها عبر العصور وحتى القرن الحادي والعشرين، إذ هو موغل في اللعب على عواطف البسطاء المغلوبين على أمورهم، المسيرين بالوعي المستلب وسطوة الأسطورة والخرافة.
دعونا نبسط الأمور بوضوح أكثر. الدين يقين والعلم تجريب وسؤال. الأديان- كلها بلا استثناء- بما هي يقين لا تقبل الجدل والنقاش، وهي بالتالي تعادي العلم، وهذا ما يؤكده واقعنا العربي ولا يماري فيه ذو بصر وبصيرة، إذ العلماء العرب يبدعون في الخارج، لكنهم في أوطانهم مقيدون بالخطوط الحمر والمحاذير والمحرمات، ومن هنا يفترض البحث عن أسباب تخلفنا بين الأمم في العلوم الطبيعية والإنسانية على حد سواء. فالعلم لا يزدهر إلا بالحرية دون سقوف ومحرمات وممنوعات.
العلم ، بطبيعي الأمر، لا يأتلف مع اليقينيات والمطلقات، لكن اليهودية والمسيحية قبلتا طوعا أو كرها، رفع تحديات رينان الثلاثة وقوله في القرن التاسع عشر: الأديان التوحيدية تحتقر العلم الوضعي، وترفض البحث العقلاني في نصوصها بما هي كلام الله المنزه عن المساءلة العلمية، وفي رموزها بما هم فوق البحث والمساءلة، ناهيك بالخلط بين الروحي والزمني.
فقد كشف علم الأركيولوجيا في اسرائيل على سبيل المثال وليس الحصر، أن ما كان يظن وقائع تاريخية في أسفار العهد القديم، لم يكن إلا أساطير، مثل الخروج من مصر، وشق البحر بعصا موسى، وهيكل سليمان الذي اتضح أنه شخصية أسطورية، والملك داود الذي كان يعتبر شخصية تاريخية، واتضح أنه شخصية نصف أسطورية.
وقد احتج المتعصبون من رجال الدين اليهودي على المؤلفات التي توصلت إلى ذلك، وأبرزها (الكتاب المقدس وقد تعرى) لمؤلفيه الأركيولوجيان نأ. سيلبيرمان وجينكيلستين، لكن المؤلفين لم يقدما للمحاكمة، ولم تصدر ضدهما فتاوى بالقتل ولم يتم اغتيال أي منهما.
الحديث طويل وذو شجون، ولكن أكتفي بهذا القدر لعل اللبيب من الإشارة يفهم.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟