أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - ابراهيم العثماني - الاتّحاد العام التّونسي للشّغل وأزمة البيروقراطيّة النّقابيّة: أيّ مؤتمر نريد؟















المزيد.....

الاتّحاد العام التّونسي للشّغل وأزمة البيروقراطيّة النّقابيّة: أيّ مؤتمر نريد؟


ابراهيم العثماني

الحوار المتمدن-العدد: 8120 - 2024 / 10 / 4 - 22:51
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


مقـــــــــــدّمة:

يبدو أنّ الاتّحاد العامّ التّونسيّ للشّغل تعاقد، منذ مؤتمره السّادس (سبتمبر1956)، مع الأزمات الدّاخليّة والمناورات الخارجيّة. لذا كلّما تجاوز محنة اُبتلي بمحنة جديدة. ومردّ ذلك إلى غياب الممارسة الدّيمقراطيّة في صلبه. وهكذا أصبحت قضيّة الدّيمقراطيّة النّقابيّة معضلة استعصى حلّها وعقّدت وضعه من يوم لآخر، وأكبر دليل على ذلك حالة العطالة الّتي تعيشها القيادة اليوم وتجاهل السّلطة الحاكمة لها. وفي خضمّ هذا الوضع المثيرللقلق على مصيرهذه المنظّمة العتيدة ارتأينا أن نُسهم في هذا الجدل الّذي حفز أقلاما كثيرة إلى الكتابة تباينت أطروحاتها ومقترحاتها.

1-غياب الممارسة الدّيمقراطيّة:

إنّ الأزمة الحاليّة الّتي يمرّبها الاتّحاد ليست وليدة البارحة، وإنّ القيادة الحاليّة ليست إلاّ تتويجا طبيعيّا لمسار تخريبي بدأ منذ عقود. وفي الحقيقة لايسمح لنا المقام باستعراض كلّ المحطّات الّتي تعرّض فيها أصحاب الرّأي المخالف وكلّ من تجرّأ على نقد قيادة الاتّحاد للتّشويه والتّجميد والتّجريد والتّنصيب منذ بداية سبعينات القرن العشرين وصولا إلى منصف الثّمانينات في مرحلة أولى ثم التّسعينات والألفية الجديدة.. وكلامنا هذا ليس تحاملا أو تجنّيا. وبإمكان كلّ من يريد تعميق النّظرفي هذه المسألة أن يعود إلى المراجع التّالية:1) جريدة"الشّعب"- لسان الاتّحاد العام التّونسي للشّغل عدد257/غرة فيفري 1975 ص1،/جريدة الشّعب 14ماي 1976/ جريدة الشعب 17سبتمبر1976، 2) بلقاسم حسن:قراءة في تاريخ نقابة التّعليم الثّانوي-"الرّأي الفكري"- ملحق عدد 329-الجمعة 12جويلية 1985 وعدد230 –الجمعة 19جويلية 1985،3) نصوص الطّاهر الهمامي في مجلّة"حقائق" 1985-1986،4) حوارات مؤسّسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات: صالح الزغيدي والجنيدي عبد الجواد يتحدّثان عن أزمة اتحاد اشغل- الشروق الأحد16-5-2006 ص18، الجنيدي عبد الجواد حديث الذّاكرة:"الصّباح" الثلاثاء16ماي 2006 ص6،كتاب الجيلاني الهمامي: الاتحاد العام التونسي للشّغل –نظرة من الدّاخل).
لقد خنقت ما يُسمّى "المدرسة العاشورية" كلّ نفس ديمقراطي، وأجهضت كلّ محاولة لدمقرطة الاتّحاد واستقلاليّة قراره، وحصرت القرارات والإجراءات في دائرة ضيّقة لاتتجاوز المكتب التّنفيذي بل الأمين العام الحبيب عاشورالّذي تربّى في مدرسة الحزب الدّستوري المعادية للدّيمقراطيّة أوإسماعيل السّحباني في فترة التّسعينات .وهكذا عاش النقابيّون الدّيمقراطيّون في قطاع التّعليم واليسار النّقابي أحلك الفترات وتعرّضوا لأبشع أنواع التّنكيل ولكنّهم قاوموا الظّلم وسجّل لهم التّاريخ مآثر لاتزول.
ولم تكتف هذه المدرسة النقابيّة البائسة بالتّحالف مع حزب الدّستور بل ارتأت، في منصف الثّمانينات وفي إطار صراعها مع شقوق السّلطة الحاكمة على خلافة بورقيبة، أن تعقد تحالفا مع حركة الاتّجاه الإسلامي وتفتح لرموزه صفحات جريدة" الشّعب" وتقيل الطيب البكوش المسؤول عنها وتشنّ هجمة شرسة على اليسار النقابي (انظر نصوص الطاهر الهمامي في مجلّة"حقائق" ماي/ 1985جوان/ جويلية/ سبتمبر/ نوفمبر 1985)، وشهادة الطيب البكوش في كتابه"الرّئيس بورقيبة كما عرفته" ص 161.
وبعد انقلاب 7نوفمبر1987 انقسمت المدرسة العاشوريّة إلى شقّين متباينين قبل مؤتمر الاتّحاد الاستثنائي بسوسة (1989) وأثناءه وبعده: شق مرتبط بالسّلطة الحاكمة يقوده إسماعيل السّحباني، وشقّ مرتبط بحركة الاتّجاه الإسلامي يقوده علي بن رمضان. وانتصر شقّ السّحباني ودشّن الاتّحاد، في عهده وبمساعدة عبد السلام جراد المسؤول عن النّظام الدّاخلي، مرحلة من أخطرمراحل تاريخه تواصل تأثيرها إلى حدّ هذه اللّحظة. فلم يكتف السّحباني بدوس قوانين المنظّمة والزجّ بمعارضيه في السّجن واختلاس أموال الاتّحاد والعبث بممتلكاته، والموافقة على تفكيك المؤسّسات العموميّة (تفويتا وخوصصة)، وتزكية ترشيح الرئيس ابن علي دون قيد أوشرط بل أحدث شرخا في صفوف اليسار النّقابي واستمال الشق المنادي ب"الموقع قبل الموقف" وعادى كلّ صوت ناقد لسلوكه وممارساته وصفّى النقابيين المناضلين. وأصبحت جماعة"الموقع"، رغم شعاراتها اليسرويّة، مدافعا شرسا عن البيروقراطيّة النقابيّة بل جزءا منها لايتجزّأ، وهي اليوم من مهندسي الانقلاب على الفصل 20، ومن الرّافضين لعقد أي مؤتمر استثنائي لتجاوز الأزمة الخانقة الّتي يتخبّط فيها الاتّحاد.
ولْنذكّر أصحاب الذّاكرة الضّعيفة أنّ الأمين العامّ الحالي هوالابن المدلّل للإخواني علي بن رمضان الّذي أجرم في حقّ النّقابيّين والاتّحاد لمّا كلّف بالنّظام الدّاخلي بعد مؤتمرالمنستير 2006(تجريد وتجميد وانقلابات ومؤتمرات استثنائيّة). ألم ينقلب على توفيق التواتي الكاتب العام للاتّحاد الجهوي بتونس سنة 2009 ويعقد مؤتمرا استثنائيّا أوصل بموجبه نور الدّين الطبوبي إلى الكتابة العامّة؟ ألم "يؤدّب" الكاتبين العامين للاتحاد الجهوي بنابل، وبنزرت لأنّهما لم يساندا قائمته في مؤتمر المنستير. وعلي بن رمضان هذا هو صاحب بدعة"المؤتمرالاستثنائي غير الانتخابي.
إنّ وضع الاتّحاد الحالي هوخلاصة هذه المحطّات المتشابكة المتداخلة منذ أكثر من ثلاثة عقود ينضاف إليه طابور جديد يدين بالولاء للسّلطة الحاكمة . وقد ظلّت هذه التيّارات متنافرة تارة متآلفة طورا ولم تُفلح إلاّ في العبث بقوانين المنظّمة ، وتجميد هياكل الاتّحاد وسلطات القرار وتدليس المؤتمرات وإقصاء المختلفين معها. تقوم بكلّ ذلك وهي غير مدركة خطورة ما تخبّئه لها السّلطة الحاكمة الّتي لاتؤمن بأيّ دور للعمل النّقابي.

2-عداء السّلطة الحاكمة للعمل النّقابي:

تعرّضت عدّة كتابات لعلاقة السّلطة الحاكمة بقيادة الاتّحاد وتعطّل لغة الحوار بينهما منذ أشهر، والتّنكّرللاتّفاقات المبرمة بينهما، وافتعال القضايا الكيديّة للنّقابيّين والزجّ بالبعض منهم في السّجون. وهكذا أحيلت قيادة الاتّحاد على العطالة. وقد اعترف أحد أعضاء المكتب التّنفيذي، في المجلس الوطني المنعقد في بداية شهر سبتمبر 2024 بأنّ القيادة"تنش في الذبان". وهكذا خلا الجو لرأس السلطة الحاكمة الّذي يكنّ عداء مقيتا للعمل النّقابي وكلّ الأجسام الوسيطة. وفي مثل هذا الوضع المعقّد ضاعت مصالح العمّال وانفلت أرباب العمل من عقالهم واشتعلت الأسعار، ولم يتورّع أحد الوزراء من أشباه النقابيّين عن التشفّي من الأساتذة والمعلّمين والتّنكيل بهم وقطع أرزاقهم ولواستطاع لقطع أعناقهم.
هكذا يبدو المشهد معقّدا مركّبا وتبدو قيادة الاتّحاد غير مدركة جسامة الجرم الّذي اقترفته في حقّ العمل النّقابي، والخطرالّذي تمثّله السّلطة الحاكمة على الاتّحاد. وفي خضمّ هذا الوضع يُطرح السّؤال التّالي: ما العمل؟

3-المقترحات:

إنّ وضعا كهذا يقتضي التّشخيص الموضوعي لمكوّناته ، وتحديد التّناقض الرّئيسيّ في هذه اللّحظة بالذّات، والتّركيز على الخطرالمباشرالّذي يتهدّد الاتّحاد ،والاتّعاظ من دروس الماضي والمؤامرات والدّسائس الّتي تعرّضت لها المنظّمة لتصفيتها.
إنّ الحصافة والرّصانة والتّعقّل أمور تجنّبنا التّهريج والغوغائيّة والإسفاف والابتذال اللّغوي. وفي هذا الاتّجاه نتقدّم بجملة من المقترحات:
أ-ندعو أعضاء المجلس الوطني الّذي انعقد في المنستيرأيّام 5و6و7 سبتمبروالّذين نادوا بعقد مؤتمر استثنائي إلى صياغة عريضة تتضمّن الدّعوة إلى التّعجيل بعقد هذا المؤتمر في بداية سنة2025.
ب-التّمسّك بالفصل 20 وتعميم العهدتين على الاتّحادات الجهويّة والجامعات.
ج إلزام المسؤولين من أعضاء النّقابة الأساسيّة إلى أعضاء المكتب التّنفيذي بقوانين المنظّمة واحترام مقرّرات الهياكل وتكريسها بدون لفّ ودوران.
د- التّخلّي عن العقوبات الزّجريّة من قبيل التّجميد والتّجريد وسحب الانخراط
ه-تنشيط الحياة الدّاخليّة للمنظّمة: هيئات إداريّة جهويّة/ مجالس جهويّة/ مجالس محليّة/ مجالس قطاعيّة/ الشّباب العامل/ لجنة المرأة العاملة.
و-إلغاء كلّ الامتيازات الماديّة المسداة إلى أعضاء المكتب التّنفيذي والكتاب العامين للاتّحادات الجهويّة
ز-تكليف جامعيين نقابيين مختصّين بمالية الاتّحاد وإطلاع النقابيّين على مصاريف الاتّحاد لمراقبتها ومقاومة الفساد المالي ومحاسبة المسؤولين عنه.
هذه جملة من المقترحات قابلة للإثراء والتّعميق وإضافة ما يساعد النقابيين على الخروج من هذه الورطة التي تكبّل العمل النّقابي وتشوّه صورة النقابيين المناضلين النّزهاء الّذين نذروا حياتهم لخدمة البلاد والعباد في زمن لاترحم فيه الوسائط الاجتماعيّة لا المذنب ولا البريء.

خاتــــــــــــمة:

ما يُطرح، اليوم، على النّقابيّين الدّيمقراطيّن الّذين نادوا، في المجلس الوطني الأخير، بعقد مؤتمر استثنائي هو شقّ طريقهم بعيدا عن أطروحات شقي البيروقراطيّة المتصارعين على تقاسم الغنيمة وتحصين المواقع واستمراريّة وجودهم من ناحية، وتهريج الفوضويين المرتبطين بالسّلطة الشّعبويّة من ناحية أخرى.
إنّ إنجاز مؤتمرديمقراطي تصدرعنه مقرّرات ولوائح تقطع مع إرث الماضي الّذي كبّل تطوّر المنظّمة وأفقدها إشعاعها ونفّرمنها النّقابيّين وعزلها عن الأحزاب الدّيمقراطيّة ومنظّمات المجتمع المدني هو خطوة أولى في مسارشاق يحتاج إلى تضحيات أجيال قادمة تكرّس حياتها لخدمة العمل النّقابي المناضل والنّزيه.



#ابراهيم_العثماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن يثبّط القصف ولا سياسة الميز العنصري الإسرائيليّة عزيمة ال ...
- الطّابع الأممي لثورة أكتوبر بمناسبة الذّكرى العاشرة لأكتوبر ...
- شروط الأزمة الثّوريّة في روسيا والتّصدّي للتّيّارات الانتهاز ...
- كارل ماركس والنّقابات(1) تأليف دافيد ريازانوف(2)


المزيد.....




- كيفاش التسجيل في منحة البطالة بالجزائر عبر الإنترنت 2024؟ وم ...
- هاريس وترامب.. من يفوز بأصوات العمال مع تعليق إضراب الموانئ؟ ...
- إضراب شامل يعمّ الضفة الغربية بعد مجزرة طولكرم
- إضراب وحداد في مدن الضفة الغربية
- وقف الإضراب بموانئ أميركا يهبط بأسهم شركات الشحن في أوروبا
- مع اقتراب الأعياد.. ما أهم تداعيات إضراب عمال الموانئ في الو ...
- Militant activities and demonstrations on the occasion of th ...
- ” سجل الآن من هنا “.. رابط التسجيل في منحة البطالة بالجزائر ...
- آية الله خامنئي: العامل الاساسي للحروب والتخلف هو وجود الكيا ...
- أميركا.. التوصل لاتفاق ينهي إضراب عمال الموانئ


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - ابراهيم العثماني - الاتّحاد العام التّونسي للشّغل وأزمة البيروقراطيّة النّقابيّة: أيّ مؤتمر نريد؟