آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 8120 - 2024 / 10 / 4 - 10:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان الكثير من رؤساء الأحزاب الشيوعية والقومية والدينية في الشرق يرغبون، سواء عن وعي أو لا وعي أن يتحولوا إلى آلهة.
التكوين النفسي لأغلب أبناء الشرق يتجه إلى هناك، إلى فكرة الخلود في الزمان والمكان.
في زمن ما كان يسمى الثورة الثقافية في الصين، تحول ماو تسي تونغ إلى إله. والصين إلى عصفورية.
جرى تصفية الشيوعيين لبعضهم البعض تحت الإشراف المباشر من ماو تسي تونغ نفسه:
ـ إطلاق شائعات كاذبة، تخوين البعض للبعض الآخر، إدانات دون أي سند قانوني أو حقوقي. اقتتال بالسلاح الثقيل والخفيف ومداهمات للبيوت والمحلات العامة.
تحول المجتمع إلى كانتونات منقسمة على بعضها، وكل جهة لا تعرف عن الجهة الأخرى أي شيء، وكلهم مربوطين بالرأس، بماو تسي تونغ.
في المجتمعات الغير منضبطة قانونيا أو عبر المؤسسات يسهل جر الناس إلى أي معركة أو أي مواجهة عبر تلفيق التهم الكاذبة والمجانية.
تحولت الصين إلى مجتمع مريض يغلي من القلق والخوف والتوتر والانتظار.
هناك من انتحر حبًا أو ألمًا، وهناك من جن أو أصابه انفصام.
أغلب من طاله الاتهام كانوا من المناضلين القدامى، رفاق الطريق والدرب القاسي، الذين قاتلوا لتحرير البلاد من الاحتلال الياباني، ونظام الكومنتانغ بقيادة تشان كا شيك.
قلنا سابقًا أن الشرقي يظن أن التاريخ لا يمكنه أن يمشي إلى الأمام إلا اذا مر من شرجه. من الباب
الغربة كالوشم على الوجه، لا يمكن إزالته مهما حاولت.
ستبقى ندبة عميقة ملتصقة بك، ترحل معك أنّا رحلت، ولن تعود إلى سابق عهدك ولن تتصالح مع حاضرك.
نحن ولدنا في بلاد الحب الحرام.
ولدنا من الشهوة الفائضة الاحتراق، من الرغبة المتناثرة على الأطراف، من الكبت المتفجر القابع في مرارة الواقع الأليم.
إن خلايا دمنّا ما زال يسرح ويطوف فوق الغابات الذي جاء عليها الطوفان وأخذها إلى المجهول، روائحه ما برح يعانق الأفق والبحار النائمة على مدها وجزرها.
نحن ولدنا من ضلع الإلهة ننسون، ونبحث عن العشبة الخالدة في جوف السماء والأكوان المتناثرة.
نحن ما زلنا نحن، نبحث عن أنفسنا في بقايا سفن سومر الراسية في أور.
لم تقم ثورة معرفية متمردة في بلادنا على القيم والأفكار الماضية للدخول في الحداثة.
ما زال الواقع الموضوعي على توافق تام وأكثر، مع الطائفية والقبلية والدينية، وكل المخلفات الذي لفظها الزمن المعاصر.
بلادنا مكب للنفيات الماضية، والواقع اليوم اسوأ من الأمس القريب.
نحتاج إلى الوعي بالطائفية، وكل المخلفات الماضية حتى نخرج من القمقم. الوعي بالشيء هو المقدمة الأولى لتعبيد الطريق للتخلص من هذاالفخ الذي يلتف حول رقابنا.
هذا المرض له جذر في لا وعينا، لهذا علينا فكفكة هذا الجذر، المرض، حتى نتعافى.
أو نترك الأمر للزمن ليفكفكنا كما يريد ويرغب، علّه يهدينا إلى الخلاص.
هل يوجد في شرقنا الحبيب، إنسان واحد خال من الطائفية أو العنصرية أو التعصب الديني أو القومي.
قبل أن تدين غيرك، وتبرأ نفسك، أجلس معها قليلا بهدوء، اقرأها جيدًا، أدخل في أعماق نفسك، حاورها، قل لها:
ـ لماذا ابتليت بهذه الظاهرة المقيتة والمدمرة.
إن علاج ظاهرة الطائفية، تحليلها، تحليل الظاهرة، أسبابها ولماذا نشأت ومتى، وما هي الدوافع، هذا أفضل وأجدى من أتهام الأخرين.
علينا أن نسأل:
هل جاءت الطائفية من الفضاء، من الكواكب، النجوم، أم أنها جزء من التراث ولأعب أساس فيه؟
أليس من الضروري قراءة التراث، قراءة منهجية تفكيكة، بهذه القراءة سنساعد أنفسنا على معرفة خبايا أنفسنا وأمراضنا وعيوبنا، هذا سيكون المدخل لمعرفة أنفسنا وحاضرنا؟
عندما تتهم غيرك بالطائفية، وتضع نفسك في مقام الوصي، الموجه، تترفع على الأخرين، تجلس فوق المنصة، في الأعلى، ترى الجميع أصغر منك، بهذه الحالة يا ديكتاتور يحق لك رجمهم وأذلالهم، وتعنيفهم، ثم كيل التهم لهم بعد أن تبرأ نفسك من العيوب والنواقص، تقدمها على أنها نقية، نظيفة خالية من الشوائب الذي ابتلى بها غيرك.
هذا الاستعلاء، الفوقية، نظرة سادية ضيقة للأخر، فيه احتقار، والتعامل معه كعدو وخائن.
لا يمكن أن يصدر الاتهام للأخرين إلا من الإنسان الأيديولوجي المتقوقع على نفسه، الذي ينظر إلى الأخرين من زاويته الايديولوجية الضيقة، زاوية إلقاء التهم جزافًا على غيره، لاعتقاده أنه في مقام رفيع ومهم، ويحق له رجم المخالف له.
بلادنا تحتاج إلى فضاء نظيف لنفكر، ونقرأ، نقرأ بعضنا، ونقرأ مكامن الخراب الذي فينا حتى نستطيع الانتقال إلى مراحل أقل سوءًا مما نحن عليه.
أنا سأدافع عن الأرمن بكل قوتي مثلما دافعت عن القضايا العربية في كل مكان، كنت مع الشعوب ضد الأنظمة وما زلت.
الأرمن كمجتمع يتعرض للإبادة مرة ثانية كما حدث للشعب العراقي والسوري واليمني والليبي واليمني، وقلبي معهم جميعًا.
من لا يعجبه ما أكتب، ولديه شكوك حول ما أكتب ليخرج دون زعل.
الله معك.
من حقك أن تنسحب من مكان لا تعجبك كتاباته،.
في بلادنا توجد الطائفية السياسية والشخصية والعنصرية والجهل والتخلف وكلنا مصابون بهذه الأفة بنسب.
وبعد الثورات برزت الأمور بشكل أوضح، وصعد على السطح الكثير من الخراب الداخلي، وتسلقت الجراثيم القلوب والأرواح، أنه زمن الهزائم، والمهزوم بدلا من أن يلعن الظلام، يلعن من يختلف معه.
هذا يرجمك وذاك يشتمك، وأخر يتهمك، اتهامات تكون مزروعة في شروشه.
ليس لدى تركيا، الرئيس أردوغان، عاشق السلطة المتمسك بها بأنيابه وأسنانه، إلا خيار الحرب في الحرب الدائرة بين الجارتين أرمينيا وأذربيجان، وتسجيل نقطة في صالحه من أجل تقديمها هدية للناخب التركي في الانتخابات القادمة.
لقد فشل هذا الفاشل في كل معاركه السياسية والعسكرية، وتلقى إهانات دولية من أكثر من طرف دولي وما زال مصرًا على سياساته التوسعية الفارغة من أي جدوى سياسية.
دخل ليبيا دون وجه حق، وهدد اليونان ومصر وقبرص وزرع الشقاق والخوف في تونس والجزائر والمغرب، ودخل سوريا والعراق وعلى عداء سافر مع الخليج باستثناء قطر، وجذب لتركيا العدوات التي ليس لها أول ولا أخر.
المحطة الأخيرة اعتبرها ضلع قاصر في السياسة العالمية.
من الواضح أنه أخذ الضوء الأخضر الواسع من الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل، وضمن صمت الاتحاد الاوروبي الصامت دائمًا، وانفرد بشعب أعزل سياسيًا وإنسانيًا وإعلاميًا، وترك لوحده في الميدان يحارب لوحده القوات الأذرية والتركية وبإسلحة إسرائيلية وأمريكية.
ماذا لو قاتل الأذربيجانيون لوحدهم، ماذا كان سيحدث؟
لا يوجد دولة واحدة أدانت تصرف أردوغان وتدخله السافر في شؤون دولة صغيرة في محاولة تمزيقها وكسرها، هذا يعيد إلى الأذهان التواطأ الدولي ومشاركتهم في الإبادة التي تعرض لها الأرمن في العام 1915.
أنا أعرف أن تركيا يحكمها الاتحاد والترقي الماسوني منذ العام 1908 وإلى اليوم، فقد انتقلت من طلعت باشا إلى اتاتورك إلى أردوغان بالتتابع.
أما الطربوش الإسلامي الذي يلبسه أردوغان، ليس له، أنه ممثل هزلي ضاحك لذلك الاتحاد المشبوه.
المعارضة الاستانبولية ليست رافعة سياسية رخيصة للنظام الدولي فحسب، وأنما وجودها مانع سياسي لقيام أي تجربة سياسية بديلة.
هي أشبه بالنظام الأمني العربي، ولكن دون عصا، وجودها يبعد الناس عن السياسة ويحولها إلى طرف أحادي في المعادلة السياسية الداخلية للبقاء مع النظام القائم.
إنها اسوأ من الجبهة الوطنية التقدمية الذي اسسها حافظ الأسد لامتصاص تناقضات المجتمع ولمنع قيام أية معارضة سياسية لنظامه ومساعد كبير له لتأبيد بقاءه.
إن مفهوم المجتمع الدولي، مفهوم مضلل مخادع كاذب. إنه تجمع سلطوي، نخبوي مالي على تناقض تام مع المجتمع ومصالح المجتمع في كل دولة من دوله.
إن تقييم الحدود والمفاهيم أكثر من ضرورة حتى يمكننا تقييم ما في داخل كل حد من تناقضات أو تنافرات أو تقاطعات.
إن استخدام المفهوم استخدامًا صحيحًا وفي مكانه الصحيح سيعطي نتائج صحيحة.
كانوا ينتمون إلى أنفسهم, دون روافع, دون حوامل. كانوا بشرا, دون زيف. أبناء مخلصين للأرض, لأنهم كانوا في الاغلب الاعم, فلاحون, على علاقة مباشرة بالطبيعة.
اعتقد ان الثقافة بقدر ما تكشف لك, تفضح الكثير, تعلمك, بقدر ما تجعلك مذبذبا, مرنا, تبحث عن أقصر الطرق لتحقيق طموحك الشخصي. ومجدك, الأنا المكثفة
الشيء الذي يثير الاهتمام, الفضول, والغرابة, أن أغلب الذين جاؤوا من تركيا على أثر الإبادة التي تعرض لها الأرمن والسريان والاشوريين, في مطلع القرن العشرين, انهم لم يكونوا يعرفون القراءة والكتابة.
أين نذهب, الروايات التي نقرأها مشحونة بالألم. والوطن ليس بخير, والناس في كارثة. وأين ما تلتفت ترى العهر يحاصرك, من الدول, السياسات, السياسيين, المثقفين. لقد حشروا جميع الناس, المجتمعات في الشأن السياسي الدولي. أكاد أقول لا يوجد بيت في هذا العالم لا يتألم بنسبة ما.
جاء النت, والموبايل, ليقرب الوجع والحزن والمعاناة. ويترك آثاره النفسية المدمرة على الأفراد والجماعات في هذا العالم.
لو كان هناك غيرة على الوطن, حب له, لما وصلنا إلى هنا. أغلب الفاعلين في الشأن السياسي, ينتمون إلى عقلية الغزاة, يريدون الحصول على مكسب سريع دون جهد. ولا مشكلة من هو الذي يدفع الرشوة أو المال السياسي. ولأنه لا كرامة شخصية لهم, ولا مرجعية إنسانية أو اجتماعية أو قانونية تحاسبهم. فانهم يتصرفون على هواهم, دون وازع من ضمير او أخلاق.
تحت يافطة أنصار الطريق الرأسمالي, في زمن, ما يسمى الثورة الثقافية, تحول ماو تسي تونغ, إلى إله, والصين إلى عصفورية.
جرى تصفية الشيوعيين لبعضهم البعض, تحت الإشراف المباشر لماو تسي تونغ نفسه. اطلاق شائعات, تخوين, إدانات دون أي سند قانوني أو حقوقي. اقتتال بالسلاح الثقيل والخفيف, مداهمات. تحول المجتمع إلى كانتونات, كل جهة لا تعرف عن الجهة الأخرى أي شيء, وكلهم مربوطين بالرأس, بماو.
في المجتمعات الغير منضبطة قانونيا أو عبر المؤسسات يسهل جر الناس إلى معركة أو مواجهة عبر تلفيق التهم المجانية.
تحولت الصين إلى مجتمع مريض, يغلي من القلق والخوف والتوتر, والانتظار. هناك من انتحر, جن, أصابه انفصام. لأن من طاله الاتهام, كانوا من المناضلين القدامى, رفاق الدرب, الذين قاتلوا لتحرير البلاد من الاحتلال الياباني ونظام الكومنتانغ بقيادة تشان كا شيك.
قلنا سابقًا, ان الشرقي يظن أن التاريخ لا يمكنه ان يمشي, إلا اذا مر من شرجه.
دائما أفلام هوليود تصور الامريكي مغلوب على امره. الآخر, شرير, قاسي, يخلق المشاكل, مما يضطر ذلك الامريكي المسكين ان يدافع عن نفسه. حينئذ تبدأ مواهبه العظيمة في فنون القتال والنزاع.
طبعا, الانتصار محقق تماماً حتى في لحظة الهزيمة الماحقة.
يلعن الايديولوجية والكذب وتسييس الفن شو بيشوه الحقائق.
هل وجد في الشيطان ما يغريه في أكمال مهمته؟
ـ كما تعرف, كل الأزمنة قائمة على الكذب والإكراه. اما نحن, لسنا سوى بشر بسطاء تلفنا النوايا الحسنة ونبل الغباء:
ـ اما السلاطين والأغنياء والقوادين, فانهم موحدين تحت سطوة القوة والمال, بيدهم ذاكرتنا وأحلامنا وتاريخنا.
في العام 2001 كنت في الاردن, وفيها حوالي 750 ألف لاجئ عراقي. كانوا يعيشون في طول البلاد وعرضها معززين مكرمين, في المدن وخاصة عمان. يشتغلون في الاعمال الخاصة او يعتمدون على المساعدات وأغلبههم قدموا اللجوء عبر مفوضية الأمم المتحدة ليصلوا الى اوروبا والبلدان الغربية الاخرى.
ما يفعلوه النظام الأردني باللأجئين السوريين من إذلال يطرح ألف سؤال.
نربي اطفالنا على مقاسنا, لا نحب ان يكونون مختلفين عنا أبدا. القيم ذاتها, الدين ذاته, الأخلاق ذاتها, نضربهم, نصرخ في وجوههم, نخاف عليهم من أن يختاروا طريقًا لا يتوافق مع عقولناوما ورثناه عن أباءنا أو أجدادنا. نرتاح ونطمئن عندما يصبحوا نسخة مصغرة عنا. السؤال: هل نستحق أن نكون معيارا لغيرنا نقيس عليه, وخاصة أطفالنا؟
لم يتطور داخل النظم العربية خلال اربعين سنة من وجودها في السلطة قوى يمكنها ان تكون مستعدة للأنتقال إلى مرحلة سياسية جديدة كما حدث في الاتحاد السوفييتي, لهذا لا يمكن التعويل على شيء في ايقاف القتل او انهاء الدولة الأمنية او الدخول في حوار وطني. كل من عمل مع السلطات العربية ملوث من رأسه إلى قدميه لهذا تصحر كل شيء في بلادنا.
الشارع صادق وواضح, غير مذبذب, يعرف ماذا يريد أما القوى التقليدية, الاحزاب والقوى والنخب والانظمة سواء المحلية او الخارجية ما زالت تعيش في عالمها العاجي وتنظر الى الناس من علياها, أقصى ما تريده هو ان تحتويه وتعيد انتاج انتهازيتها وسيطرتها
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟