أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - المريزق المصطفى - نص الكلمة التي قدمتها أمام الحضور بمناسبة افتتاج الموسم 8 للمقهى الثقافي مكناس في نسخته 17















المزيد.....

نص الكلمة التي قدمتها أمام الحضور بمناسبة افتتاج الموسم 8 للمقهى الثقافي مكناس في نسخته 17


المريزق المصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 8120 - 2024 / 10 / 4 - 02:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بادئ ذي بدء، أود أن أشيد بكل أولئك الذين، على الرغم من العقبات والصعوبات، يواصلون المقاومة ويكرسون الكثير من وقتهم للحضور معنا والدفاع عن تجربتنا والتضامن مع الثقافة، حتى لو لم يكن ذلك بنفس الفعالية التي يرغب فيها كل واحد منا.
الشكر الموصول لكل الشركاء ولكل من ساهم ويساهم في تنظيم هذه النسخة السابعة عشر (17)، التي ستساهم من دون شك في الرفع من الشأن الثقافي بهذه المدينة الطيبة التي تستحق منا كل العطاء والجهد وتقاسم التجارب والخبرات والرؤى الشخصية والجماعية.
ولأن الثقافة خلق وإبداع اجتماعي، وتهذيب وصقل وأدب، ولأن البشر كائن اجتماعي منذ أن وجد الإنسان العاقل (أومو سابيان) منذ ما يقرب من 2050 ألف سنة مضت، ها نحن اليوم نلتقي من جديد لنجدد عهد الاستمرارية بروابطنا الثقافية وآفاقها، رغم كل مَا أَلَمْ بمجتمعنا من أزمات وانتكاسات. ففي كل مرة نكاد نبدأ من الصفر وكأن ما بيننا من روابط في الثقافة والتاريخ والجغرافيا، وفي الأهداف هو أقل أو أكثر هشاشة من تلك الروابط التي وحدت العديد من التجارب والمنابع الثقافية هنا وهناك، بعد ما كان الجانب الثقافي يحظى بمرتبة متقدمة في أولوياتنا.
وعلى هذه الخلفية المعقدة، نشأت تجربة المقهى الثقافي مكناس بكل زواياها وبعمقها الديمقراطي الذي يتمثل في الانفتاح على الجهود العلمية والفكرية والمعرفية لتفسير وتحليل وتنظير القضايا ذات الأسئلة الحارقة الهاربة من شيخوخة الفكر ومراهقة ثقافة الشبكات اللااجتماعية المهيمنة على هامش حريات الفكر والتعبير والتعددية والحرية التي نتمتع بها.
إن ضيفنا الذي يحل بين ظهرانينا ينتمي إلى حقول متعددة من عالم الفكر المتنور الذي يذكرنا بالحاجة إلى العلوم الإنسانية التي تنتج لنا إنسانا له القدرة على التمييز والتشكيك ومساءلة اليقينيات والوثوقيات. إنه عالم الاجتماع والأنثربولوجيا محمد مهدي، الكاتب والباحث الذي يستحق منا كل الاحترام والتقدير، وقراءة واسعة لأعماله الكبيرة ودراسة نقدية رصينة لأبحاثه الميدانية..وللأفكار والقضايا التي يدافع عنها بالحجة والدليل.
ولد ب "درب الفقرا" سنة 1953، وهو من أشهر أحياء و أزقة منطقة درب السلطان بالدار البيضاء. استقرت بهذا الحي عائلته قادمة من الأطلس الكبير الجنوبي، من سوس قبيلة ركيبة، وكان ذلك تزامنا مع الإنزال الأمريكي بالدار البيضاء في نونبر سنة1942 وهي العملية التي أطلق عليها اسم بلاكستون.
ابن المدرسة المغربية ( بحي الفيداء)، كان من التلاميذ النجباء حين حصل في وقت مبكر على شهادة الباكالوريا سنة 1983..تابع دراسته الجامعية بجامعة الحسن الثاني، حيث تخرج منها متأبطا ديبلوم الدراسات العليا تخصص العلوم السياسية سنة 1983، لينال بعدها شهادة الدكتوراه سنة 1993.
كانت الفكرة المترسخة في الأذهان آنذاك هي الاكتفاء بالتكوين النظري ومزاولته في حقول معرفية مختلفة والتردد على المكتبات واقتناء الكتب، بينما اختار محمد مهدي البحث الميداني مباشرة بعد تخرجه، خصوصا بعد اللقاء التاريخي الذي جمعه هو وزملاءه مع "برونو إتيان - عالم سياسة وعالم اجتماع وباحث انثربولوجي فرنسي". وقد كان هذا اللقاء نقطة تحول في المسار العلمي لمحمد مهدي الذي سار على نفس النهج: من العلوم السياسية إلى السوسيولوجيا والانثربولوجيا.
لقاء آخر غير مساره واهتماماته ورؤيته وجعله يزاوج بين البحث النظري والبحث الميداني، إنه اللقاء الذي جمعه مع عالم الاجتماع الفرنسي-المغربي "بول باسكون" الذي توفي ليلة 22 أبريل من سنة 1985 حيث تعرّض لحادثة سير قاتلة على طريق صحراوية بين منطقتي ساني ونواكشوط في موريتانيا، عندما كان بصدد مهمّة علمية مشترَكة بين كل من منظمة التغذية العالمية «فاو» ومعهد الزراعة والبيطرة في الرباط. ولقاءه ببول باسكون كان في "منطقة تازروالت" التي تحتضن ضريح سيدي أحمد أموسى الذي ينتمي إلى قبيلة ادا اوسملال، مؤسس مدرسة عتيقة في القرن العاشر الهجري.
وقبل أن أسدل الستار على هذا المسار الغني والمتعدد، لابد من استحضار تجربة أخرى جعلت محمد مهدي في قلب القضايا الاجتماعية، من خلال تجربة الأندية السينمائية ودور السينما في تعزيز الثقافة. وهي تجربة فريدة من نوعها، قادته للانخراط في "نادي العزائم" في بداية السبعينات من القرن الماضي. تلك التجربة السينمائية التي كان أطلق شرارتها محمد الركاب (مخرج حلاق درب الفقراء) والدرقاوي والشرايبي وحسن رشيق والطوزي، وثلة من الرواد الآخرين..
كما لا يمكن أن ننسى شغف محمد مهدي بكرة القدم ووفائه لنادي الرجاء البيضاوي الذي تأسس بتاريخ 20 مارس عام 1949 من قبل نقابيون مغاربة في حي درب السلطان، وكذلك حبه لناس الغيوان والمشاهب وجيل جيلاة والأغنية السوسية، إلخ.
هكذا كانت طفولته وشبابه من المراحل المهمة والمؤثرة في حياته؛ فمحمد مهدي نمى في بيئة محلية ووطنية غنية برجالاتها وأحداثها ووقائعها ونبل أهدافها، وبتضحيات وشجاعة أبطالها وصناعها.
استقر بمكناس بعد أن حط الرحال بالمدرسة الوطنية للفلاحة سنة 1987، حاملا معه قضايا المجتمع المركب ودراساته للعالم القروي وتحقيقاته حول القرية المغربية وبحوثه الميدانية، وإنتاجاته الفكرية والنظرية العابرة للتخصاصات.
محمد مهدي أستاذ درس وأعطى العديد من المحاضرات والدروس الافتتاحية بمختلف جامعات ومعاهد المملكة. أستاذ زائر بالعديد من الجامعات الدولية، بفرنسا وإيطاليا وألمانيا.
عضو في العديد من مختبرات البحث، خبير ومستشار لدى منظمات وطنية ودولية، و قدم العديد من التقارير حول التعاونيات والإصلاح الزراعي. كما نشر العديد من الدراسات في مجال الفلاحة وتربية المواشي والتصحر والسقي والتنمية والعالم القروي والهجرة القروية والدولية، بالإضافة إلى مشاركته في العديد من البرامج المتعلقة باسترتيجيات التنمية والتشكيلة السوسيو مجالية في المناطق الرطبة، من دون أن نسى أبحاثه الميدانية حول الرحل ومونوغرافيا ايركيتن، والتنمية المجالية.
واكب محمد مهدي طوال مساره الأكاديمي مئات الطلبة الباحثين في شتى التخصصات داخل المغرب وخارجه، وتخرج عل يده نخبة من الأساتذة الباحثين وأطر الدولة ونخبها في مؤسسات متعددة ومنظمات وجمعيات مدنية ومهنية.
اليوم يمنحنا الباحث محمد مهدي، شهوة العلوم الإنسانية التي تمنح الإنسان قدرته على التفكير في ذاته، والتعامل مع الأفكار والأشياء والقضايا والظواهر الاجتماعية والوقائع بالعلم أو المعرفة، بمعنى آخر تمنحه "السلوك الثقافي" بالمفهوم التنويري للثقافة المرادف لمفهوم الحضارة والتنوير والإصلاح. وهذا ما تصبو إليه تجربة المقهى الثقافي مكناس بعيدا عن الهبوط القيمي والأخلاقي وشيوع الفكر النفعي.
يمنحنا هذه الفرصة في محطة تجربة 8 سنوات، تجربة هادفة، متنوعة من حيث طبيعة الضيوف الذين التقينا معهم من مختلف مشاربهم وتخصصاتهم، ومن حيث المواضيع والقضايا التي تطرقنا إليها، وكذلك من حيث الجمهور الذي واكب مسارها من مختلف الأعمار والفئات، دفاعا عن الثقافة ومن أجل الثقافة.
كما في هذا الضوء الساطع، تكتسب تجربة عالم الاجتماع والانثروبولوجي محمد مهدي أهميتها في عمل موهوب في كامله لقرية إمليل.. وهي عودة لحقل البحث، لقبيلة "غيغاية" المطلة على المنحدرات الشمالية للأطلس الكبير..لقبيلة ليست ساكنة، بل تموج بالحركة، ذات شهرة سياحية عالمية، سكنته منذ الثمانينات من القرن الماضي إلى الآن. رحلة النزول من عالم النص إلى عالم الواقع والتوفيق بين المحتوى المطلق والثابت للنص وبين حركة الواقع النسبية.
إنه لا يحرض على نقل عالم القداسة وتفسيره والتعبير عنه باستخدام لغة الشارع، يبحث مجمد مهدي في العلاقات الخفية بين الإنسان ومجاله، وبين الذات والموضوع/ بين ما يجب أن يكون وليس ما هو كائن في حقل غيرت معالمه الكولونيالية على مدى عقود من الزمن، ليتابع فصوله الراهنة المليئة بالعادات والتقاليد والطقوس، مركزا على الرعاة وأراضيهم الرعوية، وعلاقاتهم الاجتماعية وممارساتهم الطقوسية وما إلى ذلك.
وتوسعت دراسته، لتشمل قضايا جديدة ذات أهمية راهنة، كقضايا التنمية، محاولا إظهار الطبيعة التكاملية لجميع القضايا التي تناولها، مؤكدا على الاستمرارية في التأمل في الطريقة التي يتحول بها المجتمع نفسه، ويتكيف لمواجهة مصيره في ضوء واقع التحولات، بل ويغير تصوره لمفهومه الاجتماعي وإدراكه لعمله الاجتماعي والمفاهيمي.
بعبارة أخرى، ينظر محمد مهدي بنظرة الأكاديمي إلى التغيير الاجتماعي في جميع مظاهره المتعددة: التقني، والاقتصادي، والمؤسساتي، والثقافي، والمشهد الطبيعي والسياحي والمعيشي، نظرة شمولية تعود بنا إلى ميلاد إمليل وقبيلة "غيغاية" بحرفية قل نظيرها.
شكرا و مرحبا بكم/ن..متابعة ممتعة وإلى نسخة قادمة.
المصطفى المريزق
منسق المقهى الثقافي مكناس و رئيس الجامعة الشعبية المغربية
2024/10/01



#المريزق_المصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجامعة الشعبية المغربية PM تختتم موسمها الجامعي 2022/2023 ب ...
- الجامعة الشعبية المغربية ترفع مذكرة لرئيس الحكومة المغربية ح ...
- منتدى مغرب المستقبل- حركة قادمون وقادرون- بيـــان فاتح ماي 2 ...
- بيان بخصوص اغتصاب طفلة بضواحي تيفلت
- منتدى مغرب المستقبل: تضامننا المطلق مع كل -ضحايا البراشوة-
- كلمة بمناسبة الذكرى الأربعينية لرحيل المرحوم الأستاذ عبد الق ...
- منتدى مغرب المستقبل- حركة قادمون وقادرون، ينعي وفاة المناضل ...
- البيان العام الختامي لمنتدى مغرب المستقبل-حركة حركة قادمون و ...
- بيان منتدى مفرب المستقبل ( حركة قادمون وقادرون) بمناسبة 8 ما ...
- الجامعة الشعبية بمكناس تفتح أبوابها للتكوين والدراسة
- -المنفيون- الجدد..
- منتدى مغرب المستقبل (حركة قادمون وقادرون): بلاغ
- أرضية مشروع مجلة جديدة
- الطريق الرابع..طريق مقاومة السيطرة
- منتدى مغرب المستقبل- حركة قادمون وقادرون سابقا: بيان الرؤية ...
- النموذج التنموي الجديد و-الحاشية السفلى-
- رأينا: نكبة العصر الذهبي النضالي وانتصار الزمن القصديري الشع ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع سكرتارية التنسيق الوطنية للائتلاف الديم ...
- حركة قادمون وقادرون- مغرب المستقبل- بلاغ
- بيان حركة قادمون وقادرون -القنيطرة المستقبل، حول قضية النساء ...


المزيد.....




- -كلّف العرب كثيرًا-.. أنور قرقاش يثير تفاعلًا بتدوينة عن زمن ...
- خبيرة بشؤون الشرق الأوسط تنتقد أمريكا بسبب الصراع في لبنان: ...
- ألقى خطبة الجمعة.. خامنئي: نصرالله قدّم خدمة للمنطقة كلها وه ...
- الأمن الروسي يعلق على تفجيرات البيجر في لبنان
- بيان مصري سعودي حول الأوضاع في لبنان وغزة
- مقتل ضابط أمن بمحطة زابوروجيه الكهروذرية بتفجير سيارته
- لافروف: الولايات المتحدة لم تبد أدنى إدانة للغزو البري الإسر ...
- خامنئي: الأعداء لن يحققوا النصر أبدا على حماس وحزب الله
- الديمقراطيون يسعون لاستعادة دعم المسلمين بعد تراجع تأييدهم ب ...
- هل لا يزال ماسك يلاحق حلمه بتصنيع سيارات أجرة -آلية-؟


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - المريزق المصطفى - نص الكلمة التي قدمتها أمام الحضور بمناسبة افتتاج الموسم 8 للمقهى الثقافي مكناس في نسخته 17