|
السيد المسيح بعيد ميلاده يحل في العراق
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1777 - 2006 / 12 / 27 - 10:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ناحلا بجسد واهن يلم بكلتا يديه وفوق عظام صدره البارزة كل عذابات البشر والآمهم ، مكللا بغصن رطيب من أشجار زيتون فلسطين يدور مذهولا في حارات الفقراء ، ينثر المحبة ويزرع الصفاء والتسامح ، ويوصي بأن يحل السلام في الأرض وأن تمتلئ القلوب بالمسرة ، ويتوقف عند حشد من الخائفين والجياع يقول لهم : ليس الأصحاء هم المحتاجون الى الطبيب بل المرضى . فيضج من حولك بشكوى إن الناس تقتل الناس دون ذنب ودون سبب ، وأن الشر ينتشر في الهواء فلا يترك الأطفال ولا الشيوخ ولا عابري السبيل ، وأنت لم تزل تقول لاتقاوموا الشر بمثله ، بل من لطمك على خدك الأيمن ، فأدر له الخد الأخر . عن أي خد ياسيدي تتحدث أنهم يذبحون البشر مثل النعاج ، هل ندير لهم الجهة الأخرى من الرقبة لتسهل لهم عملية النحر ، وهل يليق قتل البشر مثل الخراف ، وما يزيد النفس حزنا ياسيدي أنهم يصلون ويكبرون باسم الله ويسبحون ولهم ملامح مثل ملامحنا . أنهم يكرهون الإنسان تحت ذريعة المنكر وحقد الطائفية وكراهية الآخر ، وقد تشبعت قلوبهم غلظة وحقداً فباتوا لايعرفون غير القتل لغة ، وتفخيخ البهائم التي سبق وان طردتها من ملكوت الله لقتل اكبر عدد ممكن من خلق الله ، والذبح وسيلة وطريقة لشفاء مافي الصدور ، وحين يذبحون ينامون ملأ عيونهم ويأكلون ملأ بطونهم ويضحكون لما أنجزوه من عمل في ذبح الإنسان . نتجمع حولك من كل الأديان ، نردد ما قاله الله (( إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ )) ، فبحق قربك ووجاهتك إن تتعرف لنا على ما يجري في شوارعنا وفوق أجساد شبابنا . جياع وصائمين من تقتلهم أجساد البهائم المفخخة ياسيدي ، ولم تكن وجوههم عابسة فالفقراء دائما يبتسمون ، ولم يعطروا وجوههم فلم يلحقوا خبزتهم فالله يعطر ارواحهم ، وهم لايملكون سواها ، وتراكضوا غبشا لعملهم أملا بأجور تقيهم وأطفالهم جوع الدنيا . بأسم الله يبدءون الذبح وبأسم الله يمسحون السكاكين الملوثة ، وباسم الله يصرخون عند بدء تفجير البهيمة لنفسه ، وقبلها باسم الله ربط أحدهم الحزام الناسف حول صدره وظهره وقرأ له أقوال مقدسة وآيات اكثر قداسة من الرب الجليل ، وأنت تقول ليس كل من يقول يارب .. يارب يدخل ملكوت السماء ، وسيقول الرب لهم ابتعدوا عني يافاعلي الآثم . ياسيد السلام أنهم يعلنون الحرب على الفقراء باسم الدين ، ويعلنون الفتاوى التي تبيح القتل وسفك الدماء وتحث الناس على قتل بعضهم ، ويصرخون بصوت يشبه صوت الأفاعي أنهم ( طائفيون وحاقدون ) ، فتقول أن كل كلمة باطلة يتكلم بها الناس سوف يؤدون عنها الحساب في يوم الدينونة ، فأنك بكلامك تبرر وبكلامك تدان . وأنت تدور في حارات الفقراء وتعلن ان المجد لله في العلا وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة ، لاتستغرب من وجل الناس وخشيتهم إن تطل رؤوسهم عليك من بيوتهم ، فالرعب داخل قلوبهم ومع خبزهم ليلا ونهارا ، لاأحد ينشد للسلام اليوم ، فقد تحول المتناحرين لفرق تبطش بالبسطاء والفقراء والضعفاء والأبرياء لعلهم يغيضون بعض ، ومن يحترق هم من المساكين والبائسين والفقراء . وتقول لنا أغفر لمن يخطئ ، ليس الخطأ اليوم ما نغفره للآخرين ، وإنما ياسيدي لم يعد بالإمكان إن كل ما يطلب بالصلاة بأيمان يناله الإنسان لأن الرب بات يشيح بوجهه عنا ، فقد انتشر الشر وساد العقول وسيطر على الأرواح ، حتى بات من يمارس الأجرام مفتيا ومتعبداً ورجل يتخذ الدين مطية ، وبات من يحث الخطى ليجد له مكانا رفيعا في زائلة من الدنيا يتقاتل ليكون له مركزا أو منصبا . وانت لم تزل تقول لنا إن احبوا اعداءكم وباركوا لاعنيكم واحسنوا معاملة الذين يبغضونكم وصلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويضطهدونكم ، ولكنهم ياسيدي لايدعوننا نصلي لأجلهم ، فخناجركم مشحوذة فوق رقابنا تقتلنا على جريرة الأسم والهوية والمناطقية ، هب لنا فسحة من الزمن نستطيع معها إن نحبهم وان نعلن إننا نحسن معاملتهم ، فعند ركوعنا ستنفصل رؤوسنا عن الأجساد بفتوى شرعية . وتقلب وجهك نحو السماء ثم ترتد الينا تقول لنا وماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ، ونحن معك نسأل عن الربح الذي سيجنون ومن قبلهم من اخذ أرباح الدنيا وأموالها ؟ وهم في غيهم يخسرون الله وأنفسهم ، ويحيلون حياة الإنسان الذي اصطفاه الله على كثير من المخلوقات وأكرمه وأحسن إليه الى جحيم وخوف وهلع وإرهاب . نعم انه ميلادك ياسيد السلام ، فلا تنزع غصن الزيتون الذي يكلل جبهتك الناحلة ، ولاتمسح الدم المتيبس وماعلق برجليك من الحصى والأشواك ، الآم البشر تكاثرت وتنوعت وصار بعض بنوه افاعي وفريسيين ، وتحول القتل وشرب أنخاب الدم الى طقوس وأعراف ، وصار القتل دون سبب ودون وعي هواية يمارسها حتى ممن لادين له ولاضمير . أحمل صليبك واحتفظ بأكليل الشوك ولك منا كل السلام في ميلاد السلام ، وحافظ على غصن الزيتون الذي تحمله بين ضلوعك فلم يعد لنا به حاجة ، فقد تحول القطيع الى ذئاب مفترسة تأكل بعضها ولاتعرف سبب هياجها ، ولم يعد غصن الزيتون علامة في مدننا وحاراتنا حيث يهرب الناس من بيوتهم حفاة وعراة . نسمعك وانت تغادرنا حاملا الصليب تقول : اجعلوا الطريق مستقيمة إمام الرب .. أجعلوا الطريق مستقيمة إمام الله ، ثم يضيع الصوت تدريجيا في البرية .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رداً على السيد محمد مهدي الرضا
-
!!الحزب الشيوعي العراقي .. العميل
-
هل العراق عظيم حقا ؟
-
تعقيبا على نقد الأستاذ كاظم حبيب لكتابي - لمحات عن سعيد قزاز
-
ثقافة الحوار
-
أتقوا الله أنه العراق
-
دولة القانون
-
عواد حمد البندر
-
هل توفرت أدلة في قضية الدجيل ؟
-
المركز القانوني لوظيفة مستشار الأمن القومي
-
الفيحاء المزروعة في قلوب اهل العراق
-
عيد سعيد ياعبير
-
هل هناك إشكالية في قانون الأقاليم العراقي ؟
-
الديوانية التي كانت زهرة الفرات
-
جريمة الإتجار بالفتيات الكورديات ضمن جرائم الأنفال
-
بيدهم الحل
-
المحكمة الجنائية العراقية .. مالها وماعليها
-
اللغز العراقي
-
رسالة الى رئيس وأعضاء مجلس النواب العراقي
-
إختصاصات رئيس المحكمة الجنائية العراقية العليا
المزيد.....
-
“فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور
...
-
المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|