|
التربية في تشاد والدول المتقدمة
ميكائيل لزم
الحوار المتمدن-العدد: 8117 - 2024 / 10 / 1 - 17:44
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
يعد مفهوم التربوية من المفاهيم المركزية في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، ويعد من أكثر المفاهيم شيوعا وتداولا في الأدبيات التربوية المعاصرة ولا سيما في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد شهدت الساحة الفكرية في مجال التربية و العلوم الاجتماعية ولادة متسارعة لعدد كبير من المؤلفات التي تنطلق من هذين المفهومين لدراسة وتحليل الأنظمة التربوية المعاصرة، وتأسيسا على ذلك بدأ هذا المفهوم يشكل أداة هامة من أدوات التحليل السوسيولوجي والتربوي، ومدخلا منهجيا من مداخل البحث والتقصي في مجال القضايا التربوية والاجتماعية. يشير مفهوم المشاكل في مجال التربية إلى حالة عطالة و جمود تنال جوانب متعددة في النظام التربوي فتفقده التواز ن وتؤدي إلى خلل في مدى قدرته على أداء وظيفته، وضعف في قدرته على تحقيق الغايات الأساسية التي يؤديها. وقد تعود المشاكل إلى أسباب خارجية أو إلى أسباب داخلية أو إلى كلاهما في آن واحد. ويمكن للمشكلة أن تكون جزئية أو كلية، أن تكون ممتدة عبر الزمن أو آنية في .دورته. ويمكن للحلول المناسبة أن تتم من داخل النظام التربوي أو من خارجه أو من كلاهما معا فلمشكلة قد تنبع من عطالة في جزء من النظام التربوي مثل : الإدارة، أو المناهج، أو الخطة الدراسية . كما يمكن أن تتمثل في عطالة تصيب مجموعة من العوامل الداخلية للنظام . وفي كل الأحوال فإن ما يعتري الجزء من عطالة أو تقصير يؤدي إلى شلل عام في مستويات النظام التربوي . وغالبا ما تكون المشكلة التربوية ناشئة عن مجموعة عوامل تاريخية وثقافية واجتماعية ولا سيما التحولات السريعة التي تؤدي إلى خلل في وظيفة النظام وفي سير عمله وبعبارة أخرى تتمثل المشكلة التربوية في عدد من المشكلات والتحديات التي يواجها النظام التربوي والتي تؤدي به إلى عطالة وظيفية تتباين في مستوى المشكلة ودرجتها ( أحمد زكي بدوي: معجم العلوم الاجتماعية، مكتبة لبنان، بيروت، 19䀎 2 Madeleine Grawitz: Lexique des sciences sociales , Dalloze, Paris, 1983) وتأسيسا على مفهوم المشكلة التربوية يتنامى اليوم استخدام مفهوم الإصلاح التربوي والذي يشير إلى منظومة من الإجراءات التربوية التي تهدف إلى إخراج النظام التربوي من مشكلته إلى حالة جديدة من التوازن والتكامل الذي يضمن له استمرارية وتوازنا في أداء وظيفته بصورة منتظمة . وتمثل العلاقة بين المدرسة والتغير الاجتماعي أحد وجوه المشكلة التربوية المعاصرة . وتتجسد هذه الإشكالية في الثورات العلمية التكنولوجية التي شهدت وتشهدها الإنسانية في النصف الثاني من القرن العشرين، والتي أدت إلى وجود هوة عميقة بين الحياة المدرسية والحياة الاجتماعية . لقد فقدت المدرسة قدرا على مواكبة هذه التغيرات المتسارعة والمتواترة في مختلف المشاكل الاجتماعية والثقافية. وفي إطار هذه التغيرات بدأت المدرسة تفقد كثيرا من تألقها وحيويتها، على مستوى الأدوار والوظائف التي تؤديها داخل المجتتمع . وتتمثل إحدى وجوه المشكلة التربوية التشادية المعاصرة في أن التربية تستهدف المستقبل بينما هي مصممة على أساس الماضي وهنا تبرز مفارقة التضارب بين الماضي الذي تقوم عليه وبين المستقبل الذي تعد له . المشكلة هي القضية المبهمة التي تقف عقبة أمام الإنسان , وقد تكون المشكلة نوع من أنواع العوائق التربية في أي مكان . كما هو الحال في التعليم العربي في تشاد فقط عاني صعوبات كثيرة بدا من محاربة لغة التعليم العربي ’ ثم إلي محاربة مؤسساته وذلك عبر تعاقب الحكومات والأنظمة .وسنوضح هنا المشاكل التي واجهت التعليم العربي انطلاقة من فترة ما قبل الاستعمار ثم إلي فترة الاستعمار ثم إلي فترة الاستغلال ثم الي فترة النزعات القبلية الي فترة الديكتاتورية ثم الي فترة الاستقرار الحالي أولاً التعليم العربي في الفترة ما قبل الاستعمار ويقصد بها فترة الممالك والإمبراطوريات أ- كانم . فلقد اللغة العربية هي لغة المعاملات الرسمية وهي ايضا لغة دور المؤسسات الدولة ولغة القوافل والتراسل مع الامبراطوريات والممالك الاخري والسبب في جعل الغة العربية تحتل هذه المرتبة انها كانت لغة العبادة والمعاملات الدينية فكانت تدرس في الخلاوي والمساجد وكانت الشعراء يكتبون بها اشعارهم . وهذا ان دل فانما يدل علي ان التعليم باللغة العربية في تلك الفترة كانت في اوجه حيث اشتهرت مملكة كانم بحبها للعلم وابتعادها للبعثات العلمية الي الممالك والدول الاسلامية أنذاك مثل مصر التي سمية بها احد الاورقة بالازهر الشريف برواق كانم ومن هذا المنطلق نلاحظ ان التعليم العربي في تشاد في تلك الحقبة برغم من ازدهاره الي انه كان بواجه بعض المشاكل مثل: - ربط اللغة بالدين حيث كان الذين يتعلمون العربية كانوا يتعلمونها لدوافع العبادة والتقرب الي الله بتلاوة القران .اي انه لم يكن يتعلم اللغة العربية غير المسلمين . - عدم توفر فنون التعليم المختلفة : أي ان الناس كانوا يدرسون بعض من فنون التعليم فقط بحيث لم يكن في تشاد انذاك مدارس تعني بتدريس الناس الجوانب الاكاديمية والتقنية حيث كان الاهتمام منصب علي الادب والعلوم العربية فقط. ب/ وداي بحكم ان مملكة وداي اقرب من حيث الثقافة الي البلدان العربية لذا كان تأثيرها واضحا في التعليم العربي . حيث كانت المملكة تتعتمد علي العربية كسابقتها الا نها تميزت بالتوفر عدد كبير من العلماء فيها وكانت تنتهج نهجا مبنيا في التعليم حيث تعددت المدارس وفنون المعرفة . ولكن كانت هناك عقبات ومشاكل وقفت عقبة امام ازدهار التعليم العربي في كامل ربوع المملكة نذكر منها - انشغال المملكة في تامين حدودها وتوسيعها وهذا مما جعل الناس يصبون اهتمامهم حول الحروب والدفاع عن المملكة مما جعلهم يهملونا جانب التعليم إلا ما تعلق بامور العبادة . - الانقسامات التي حدثت في اواخر ايام المملكة بسبب المشاكل التي حلت بالمملكة في أواخر أيامها تراخا الناس عن الإقبال إلي دور العلم والمدارس وهذه من اكبر المشاكل التي فيما بعض عرقلت وتسببت في شل عملية التعليم العربي في المملكة في ذلك الوقت. ثانيا: التعليم العربي في الفترة الاستعمار من عام 1900- 1960 تشير الدراسات بان تشاد كانت دولة رائدة ومهمة في المنطقة قبيل الاستعمار ولكن بحلول الاستعمار فقد تلك الممالك التي كانت تمثل تشاد انذاك سيطرتها ووقف الاستعمار ضد كل من ينادي لمحاربته حيث كان الاستعمار الفرنسي هو العقبة الكبرى في تقدم وازدهار التعليم العربي في ذلك الوقت حيث حارب العلماء ورجال الدين وتسبب في تشريدهم ونفيهم من البلاد حيث هاجر كثير منهم الي الجارة السودان مخلفيين مدارسهم وخلا ويهم خراب . ونلحظ في تلك الفترة محاولة لتدمير التعليم العربي من قبل المستعمر. فقتل وشردا ونفي واغلاق المدارس والمعاهد التي كانت تعتبر المورد الوحيد لطلاب العلم . ومن هنا كانت المشكلة الاولي للتعليم العربي عدم وجود الغدوة والمعلم الذي ينهلون من علمه لان اغلب هؤلاء العلماء هاجرو الي السودان أمثال عووضه , وعليش . ثالثا: فترة ما بعد الاستقلال من عام 1960 – 1975) في هذه الفترة مر التعليم العربي بمراحل أولا : مرحلة الركود والجمود ثم بعض ذلك تغير الوضع الي بداية الانطلاقة بالتعليم العربي شيا فشيا وذلك كان تبعا للتغيرات السياسية التي مرت بها تشاد من توتر العلاقات مع فرنسا واتجاه تومبلباي للتعامل مع الكيان العربي مما محدا ذلك الي ترسيخ الاسس للبنة التعليم العربي في تشاد وتمثله ذلك في فتح مجال الدراسة بالعربي الي محلة الابتدائية وتكوين المجلس الاعلي للشؤون الإسلامية الذي هو ايضا ساهم بطريقة مباشرة في تفعيل التعليم العربي ولكن مع ذلك كله كانت هناك الكثير من المشاكل التي كانت تعترض تقدم التعليم العربي . منها :- 1- تاثر البلد بالفكر الاستعماري حيث نلاحظ ان المستعمر ترك الكثير من العقد في نفوس التشاديين وجعلهم يكرهون بعضهم البعض وفيما بعد تحول هذا الكره الي كره اللغة العربية وبالتالي محاربة الدراسيين بها . 2- تضيق الأفق للدراسة باللغة العربية:- وهذا يعني انه رغم الجهود الحثيثة التي بذلت من قبل الحكومة في ذلك الوقت الا انه كان افق التعليم بالعربي ضيقا جدا جدا بحيث يتوقف دارس اللغة العربية عند المرحلة الابتدائية فقط وهذا كان بدوره يقضي علي طموحات الكثير من الشباب فلا يسعون للدخول في طريق مسدود . 3- غياب التوعية نحو أهمية التعليم بلغة الام :- كما ذكرنا سابقا ان اللغة العربية كانت لغة التعليم في ربوع تشاد منذ زمن الممالك اذن يمكن اعتبارها بأنها اللغة إلام لهذه المنطقة, ولكن كانت هناك جهات تسعي الي طمس هذه الحقيقة وتضليل الشعب وفقدانه ثقته بأنها لغة صالحة للتعليم وانها لغة تحمل تراث هذا الشعب فكانت اكبر المشاكل التي يواجه التعليم في ذلك الوقت فقدان الثقة باللغة العربية وبالتعليم بها . رابعا:- فترة الحكم الدكتاتوري في هذه الفترة شهدت اللغة العربية والتعليم بها تطورات بسبب الأحداث السياسية في تلك الآونة وارتبطت التعلم بها بالخيانة والعمل لجماعات خارج البلاد وذلك كان مشكلة أساسية ومحورية حصرت تعلم اللغة العربية في الخلاوى والبيوت . العالم خارج المدرسة الجمال التنوع أدوات اتصال ترفيه الراديو والتلفزيون السينما التحدث العالم خارج المدرسة: أكثر غنى وجمالا وتنوعا من عالم المدرسة، وذلك بما يشتمل عليه من أدوات اتصال وترفيه كالراديو والتلفزيون والسينما التعليم خارج المدرسة: إذ تبين الدراسات الجارية أن الطفل يكسب في كل دقيقة يعيشها خارج المدرسة عشرة أضعاف ما يمكن له أن يتعلمه .داخل المدرسة فالتربية المدرسية تكرس ما هو قائم ، وهذا من شأنه أن يكرس الهوة العميقة التي تقوم بينها وبين المجتمع، أو بين الحياة المدرسية والحياة الاجتماعية الأزمة التربوية المعاصرة في دول بحيرة تشاد غياب الصلة العميقة بين مناهج المدرسة وبين التجربة الحياتية الواقعية العلاقات المدرسية البيروقراطية وعدم التفاعل بين المعلمين والتلاميذ والطلاب والإدارة غياب عنصر المسؤولية في العمل التربوي عدم احتواء معطيات التطور التكنولوجي غياب عنصر المبادرة بعد المعطيات عن حركتها ونشاطها المدرسة في الماضي بين الماضي والحاضر المدرسة في الماضي المدرسة في الحاضر التتجدد على خشبته المعرفة الإنسانية المؤسسات الصناعية والإنتاجية تنتج المعرفة نهرا للعطاء العلمي المتجدد عمل نفس المؤسسة في نشر عملها إعلاميا نهل الجديد والمتجدد من المعرفة العلمية التجارة بالبرامج الخاصة بالحاسوب نشر المعرفة التكنولوجية في مجال الحاسوب المدرسة عبر الأساليب التقليدية عاجزة عن مواكبة تطور هذه المعرفة إنتاجا وتوزيعا وجود الجديد والمتجدد في كل لحظة المدرسة تلعب دورا سلبيا في قضايا التثقيف والمعرفة لم تعد المدرسة المنتج الوحيد للمعرفة بدلا من تقديم المعرفة الجديدة والمستجدة إلى الطلاب والتلاميذ لم تعد المدرسة هي التي تنشر المعرفة وحدها تحاصر الطلاب والتلاميذ بمناهجها وأساليبها القديمة المدرسة تلعب دورا سلبيا في قضايا التثقيف والمعرفة وتحريم التواصل مع المعرفة والحياة الاجتماعية كثير من الناس يملكون محلات تجارية مصغرة مرتبط بالبرامج الخاصة بالحاسوب وينشر من خلاله الجديد المتجدد ، ومعلومات جديدة وبرامج جديدة عبر المؤسسات العلمية والتجارية المنتجة للمعرفة، ونشرها بسرعة مذهلة من خلال وسائل الإعلام ووسائل الاتصال الاجتماعي والمؤسسات التدريبية التابعة لها. المعرفة تتطور بإيقاعات مذهلة مما يجعل المدرسة بأساليبها التقليدية عاجزة عن مواكبة تطور هذه المعرفة إنتاجا وتوزيعا . وإزاء هذه الإشكالية بدأت المدرسة تلعب دورا سلبيا في قضايا التثقيف والمعرفة، فهي، بدلا من أن تعمل على تقديم المعرفة الجديدة والمستجدة إلى الطلاب والتلاميذ، تحاصر الطلاب والتلاميذ بمناهجها وأساليبها القديمة وتحرمهم من التواصل مع المعرفة والحياة الاجتماعية التي تتصف بغناها وتجارتها لقد تحولت المدرسة إلى سجن كبير يحرم الطلاب من غنى الحياة الاجتماعية والمعرفية الذي يتألق (آلفين توفلر: صدمة المستقبل أو المتغيرات في عالم الغد، ترجمة محمد علي ناصيف. مصر، القاهرة 1990 م) وهنا يقول بعض الأطفال احتجاجا على هذا الواقع : إننا نأتي إلى المدرسة لننسى ما تعلمناه خارجها (لقد أصبحت المدرسة وبحكم التطور المذهل للمعرفة والتكنولوجيا خارج المجتمع غير قادرة على مواكبته، لا بل أصبحت المدرسة تحت تأثير هذا التطور مؤسسة تناهض تيار الحياة الاجتماعية بحكم رتابتها في بناء المعرفة، وعدم قدرتها على مواكبة الزمن . وبعبارة أخرى يمكن القول أن دورة المعرفة، إنتاجا وانتشارا وتوزيعا، أصبحت اليوم تتم خارج جدران المدرسة وتلك هي خلاصة الأزمة التربوية للمدرسة المعاصرة وللأنظمة التربية العالمية الراهنة. وتكمن إحدى أهم صيغ المشكلة التربوية للمدرسة في أن المدرسة معنية بأداء وظيفتين متناقضتين في الجوهر وظيفة المحافظة من جهة ووظيفة التجديد من جهة ثانية إذ يترتب على المدرسة القيام بوظيفة المحافظة على القيم وعلى تدجين روادها وفقا لمعايير أيديولوجية سائدة في المجتمع من جهة، كما يترتب عليها في ظل التموجات التكنولوجية أن تواكب الجديد والمتجدد في عالم التكنولوجيا والثقافة والقيم من جهة أخرى . ومن هنا تنشأ إحدى كبريات المشكلة التربوية في العالم إذ كيف تستطيع المدرسة أن توفق بين هذين الاتجاهين في المتناقضين وظيفيا في إطار العملية التربوية. وتأسيسا على ما تقدم يمكن القول إن إصلاح المدرسة والأنظمة التعليمية القائمة يمكن أ ن يتم من خلال تحقيق الدمج الوظيفي والمعرفي والاجتماعي بين المدرسة والمجتمع ، ومن خلال هدم الحواجز التي تقوم بين الطرفين، وإعطاء المدرسة دورا أكثر أهمية وتسارعا في نشر المعرفة وانتاجها وإعداد الكفاءات العلمية في ميادين الحياة المختلفة تعيش أغلب الأنظمة التعليمية العالمية، إن لم يكن جميعها، مشكلة تربوية ذات طابع شمولي، ومن منطلق هذه المشكلة ، وفي مواجهتها، تضع الأمم، المتقدمة والنامية منها، أنظمتها التعليمية موضع النقد حيث تدور التساؤلات حول: هويتها الثقافية، وجدواها الحضارية، والمشروعية التاريخية لوجودها، ومدى قدرتها على تلبية احتياجات العصر وتجسيد طموحات الإنسان والشعوب في عصر أصبح قانونه الوحيد الثابت هو : التغير الدائم ! وفي سياق ذلك كله تبذل هذه الأمم مساعيها من أجل إعادة بناء أنظمتها التربوية بصورة مستمرة ودائمة تنسجم مع تطلعاتها المستقبلية في العصور القادمة)(علي وطفة : علم الاجتماع التربوي، جامعة دمشق، مطابع الاتحاد، دمشق، 1991) ومن هذا المنطلق تشهد الساحة الفكرية اليوم، وكما كان الحال في الأمس، ميلاد نظريات عديدة، تبحث في ماهية الأنظمة التعليمية، وفي وظيفتها وجدواها، وفي إمكانية تطوير ها، لتلحق بركب الحضارة الإنسانية المتسارعة، وفي هذا السياق يرى عدد كبير من المفكرين أن المدرسة وجدت في عصور سابقة لتلبي حاجات اقتصادية واجتماعية اقتضتها طبيعة التطور في المجتمع الصناعي الأول، حيث وظفت المدرسة في مجال تأهيل الطبقة العاملة والإداريين والاختصاصين بما ينسجم مع حاجة المجتمع ومتطلباته . ولذلك فإن مناهج المدرسة وأساليب عملها وقيمها اليوم تجسد مرحلة ماضوية من مراحل تطور المجتمع الإنساني يتمثل في المجتمع الصناعي الأول مجتمع الإنتاج الكبير . فالمدرسة موروث من الماضي، وهي في هذا السياق تعمل على بناء الإ نسان وفقا لروح الماضي ومنطق المجتمعات الصناعية الأولى . وإذا كانت الحضارة الإنسانية قد تجاوزت مرحلة المجتمع الصناعي الأول بمؤسساته فإنها تطرح اليوم مسألة مدى مشروعية المدرسة بأشكالها الحالية ومدى قدرتها على المشاركة في ﻧﻬضة المجتمعات الإنسانية وتطلعاتها المستقبلية. وتأسيسا على ذلك ظهرت مجموعة من النظريات والكتابات التي ترى بأن المدرسة فقدت مشروعية وجودها في عصر تجاوز حدود المعطيات التي أدت إلى ولادتها وعلى هذا .L’Inegalité des chances تكافؤ الفرص التعليمية Pierre Boudon بيير بودونالأساس ظهر جيل جديد من الكتاب والمفكرين يدعو إلى إعادة النظر في المدرسة وفي بنيتها على أساس من معطيات حضارية جديدة. يقتضي المنهج الشمولي أن ننظر في النظام التعليمي العربي ، وفي ضوء الإشكاليات والتحديات التي يواجهها التعليم، في بلدان العالم المتقدم والنامي ومن ينظر في الأنظمة التعليمية في البلدان المتقدمة أو في طريق التقدم يشهد صورة مشكلة قوامها عدد كبير من الإشكاليات والتحديات التي تواجه مسيرة هذه الأنظمة وتحدد وجوده . وتصبح هذه الصورة قاتمة أكثر كلما اتجهنا من البلدان المتقدمة أو في طريق التقدم ، أو كما يقال اليوم من بلدان الشمال إلى بلدان الجنوب. إذا كان التعليم في البلدان المتقدمة أو طريق التقدم يعاني من أزمة حقيقية فإن هذه المشكلة تأخذ أبعادا مأساوية مترامية الأطراف في البلدان النامية ولا سيما في البلدان العربية . فالأنظمة التربوية في المجتمعات المتقدمة أو الجنوب تتصدى اليوم لمشكلات ما بعد الحضارة الصناعية، ولكنها ما زالت في البلدان النامية تعاني من مشكلات سابقة للحضارة الصناعية الأولى . وإذا كانت مشكلات المستقبل والمستقبل البعيد جدا هي هاجس البلدان المتقدمة، فإن مشكلات الماض ي والماضي البعيد ما زالت تشكل محور اهتمام الشعوب في البلدان العربية . ومن هذا المنطلق يمكن القول أن المشكلة التربوية في البلدان العربية هي أزمة تتميز بالدقة والخصوصية. فالتعليم في الوطن العربي لم يصل إلى المستوى الذي يمكنه فيه أن يعد أناسا من أجل الحاضر، أو من أجل المستقبل البعيد، وذلك لأن الأنظمة التربوية في هذا الوطن ما زالت تستمد نسغ وجودها وأنظمتها من قلب الماضي وما زال الماضي يشكل محور اهتمامها . وفي معرض المقارنة بين إشكالية التربية في التشاد الماضي و التشاد الحاضر يتبدى تباين لنا الفروق للسعي إلى التجديد والاصلاح في اتجاه التربية والتعليم عندما نتأكد من خبرات الماضي في مضمون التعليم ومقرراته من الاكيد سنحتاج إلى الاتجاهات المستقبلية البعيدة المدى في مضمون التربية و التعليم وتسديد منهجية التخطيط الاستراتيجي وربط التربية بالتنمية الشاملة والمستقبل القادم والتركيز على تعليم يتجه إلى بناء العقل والتفكير المنطقي ويمكن من اكتساب المهارات العقلية العليا ويكون تعليم ديمقراطي تتسع فيه دائرة ديمقراطية التعليم وإلزاميته ولا يعتمد على التلقين والتوجيه المباشر وقلة المشاركة وإبداء الرأي يقوم على تكوين التفكير العقلاني من خلال المناقشة والحوار المباشر والمشاركة يفصل بين التعليم النظامي والتعليم المهني ويفصل بين المعرفة النظرية والعملية يواصل بين التعليم المهني والتعليم النظامي ويوائم بين المعرفة النظرية والعملية وهنا يتبين لنا إلى أي حد نبذل جهودا مضاعفة من أجل إصلاح أنظمتنا التعليمية، لأنها مطالبة اليوم بتجاوز المسافات الشاسعة التي قطعتها الأنظمة التربوية المتقدمة، وفي هذا السياق يمكن القول أن أغلب الأنظمة التربوية في في التشاد هي أقرب إلى الأنظمة التربوية التي كانت سائدة في منتصف القرن التاسع عشر . ومن هذا المنطلق علينا بذل طاقات هائلة في ميدان إصلاح التعليم وتطويره . و يترتب علينا تضاعف جهودها لبناء أنظمة التعليمية وأن نبذل أضعافا مضاعفة من الجهود في سبيل تجاوز مواطن الضعف والقصور في أنظمتها التعليمية والتربوية. وعلى سبيل المثال شهد القرن التاسع عشر، ولا سيما في النصف الثاني منه، حركات إصلاح واسعة في مجال التربية والتعليم . لقد أثار إطلاق الاتحاد السوفييتي لقمره الصناعي الأول سبوتنيك عام 19٥٧ قلق البلدان الغربية، و لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية ، التي بدأت نشاطا نقديا واسعا للبحث عن مواطن الضعف في أنظمتها التعليمية والتربوية، مفترضة أن النظام التعليمي في الاتحاد السوفييتي، يمتلك جوانب قوة خاصة أتاحت له مثل هذا التطور . وعلى أثر ذلك نشطت عمليات التجسس العلمي والتربوي بين الدول الكبرى وشكلت هذه المحاولات التجسسية التربوية أساسا لنشوء وتطور علم تربوي يدعى التربية المقارنة الذي يعد اليوم من أكثر العلوم التربوية أهمية وخطورة في مجال التربية والتعليم. ومن أهم المبادرات الإصلاحية التي عرفها القرن الماضي هي الإصلاحات التربوية التي عرفتها اليابان في عصر ميجي في عام 1870م ومن الأهمية بمكان الإشارة بأن ميجي هذا قد أرسل بعثة لدراسة النظام التعليمي في مصر في عهد محمد علي في عام 188 2، أي بعد عامين من قيام ثورته، حيث كان التعليم العالي قد بدأ في مصر منذ 1830، أي قبل أربعين عاما حيث كانت اليابان تعيش في عصر الظلام . وبعد عشر سنوات، استطاعت اليابان أن تعمم التعليم الابتدائي ليشمل كل الأطفال في عمر الدخول إلى المدرسة الابتدائية، وهذا هو الأمر الذي لم نستطع نحن أن ننفذه في الولايات المتحدة A Nation at Risk لقد شكل ظهور كتاب أمة في خطر الأمريكية، منطلق صحوة علمية تربوية في أمريكا، امتد صداها إلى مختلف بلدان العالم. لقد تحسست السياسة التربوية في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مستمر ودائم خطورة وأهمية العملية التربوية في بناء الإنسان، وفي الحفاظ على موقع الولايات الأمريكية المتميز في سلم الحضارة الإنسانية . ومن هذا المنطلق جاءت مبادرة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان التي تعد من أهم المبادرات الحديثة للأنظمة السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية، التي دعا بم وجبها إلى تشكيل لجنة رئاسية عالية المستوى لإعادة النظر في الاستراتيجيات والسياسات التربوية الكفيلة بتطوير النظام التربوي في الولايات المتحدة، وذلك من أجل المحافظة على موقع أمريكا المتميز في صدارة الحضارة الإنسانية المعاصرة . وقد أحدث تقرير هذه اللجنة هزة في الرأي العام الأمريكي . وانطلاقا من ذلك انبرت مؤسسات المجتمع الأمريكي لتقصي مواطن الضعف في النظام التعليمي الذي يشكل منطلق قوة أمريكا ونفوذها. ومن ثم تلاحقت المبادرات العالمية في اليابان وأوروبا والهند وإسرائيل وبلدان أخرى على منوال ما حدث في الولايات الم تحدة الأمريكية لتقصي جوانب الضعف والقوة في أنظمتها التعليمية . ومن أجل هذه الغاية خصص رؤساء دول السوق الأوروبية المشتركة اجتماع قمة منفردة في عام 1986، عرفت باسم يوريكا، لدراسة مخاطر التلكؤ العلمي والتكنولوجي على دولهم، وبحثوا في أهمية إيجاد الوسائل الكفيلة بمجابهة هذه التحديات والمخاطر، وكان التعليم أحد أهم هذه القضايا التي طرحت في هذه القمة20. (نادر فرجاني : مجتمعاتنا نسخ مشوهة للمجتمعات الغربية، الباحث العربي، يناير (كانون الثاني ) 1987 مكتب التربية العربي لدول الخليج : الإصلاح التربوي في الولايات المتحدة الأمريكية، مطبعة مكتب التربية العربي .لدول الخليج، الرياض 1988) وقد عرفت الولايات المتحدة الأمريكية أهم حركة إصلاح تربوي في عام 1989 حيث عقدت قمة رئاسية حول أوضاع التعليم، حضرها وشارك فيها الرئيس الأمريكي جورج بوش في الفترة الواقعة بي 28 سبتمبر (أيلول)، في مدينة تشارلوتزفيل في ولاية فرجينا، وأطلق على هذه القمة قمة الرئيس وحكام الولايات للتربية . وصدر لاحقا على أساس هذه القمة بيانا في 18 نيسان ( إبريل) عام 199 1وثيقة بعنوان : أمريكا عام 2000 استراتيجية للتربية تضمنت ملامح حركة إصلاح تربوي شاملة أمريكا لقيادة العالم في القرن الحادي والعشرين 18ومع ذلك كله يقال : إن العرب لم يأخذوا تحديات القرن القادم أو التحديات المعاصرة إلى الآن على محمل الجد ، ولم يأخذ أغلب صانعو القرار في هذا الوطن، أن التعليم يشكل الخط الأول في مواجهة التحديات المستقبلية . فالسياسيون العرب لا يستجيبون كفاية لنداءات المربين وخبراء التعليم في الوطن العربي، إجراء الإصلاحات التربوية الضرورية والمشاركة في بناء القرار التربوي لأن اتخاذه مهمة اجتماعية متكاملة وهو أخطر من أن يترك للتربويين وحدهم بعيدا عن الخوض في إحصاءات جامدة تمل لها القلوب، ودون أن نستغرق في وصف أدبي تعافه العقول، نقول بأن التعليم العربي في التشاد و في الوطن العربي يعاني من صعوبات تربوية حقيقية وشأنه في ذلك شأن أغلب الأنظمة التربوية في بلدان العالم فهناك إشكاليات تتعلق بالأهداف، والمعلمين، والمناهج، والبناء المدرسي، والإدارة ومستوى الطلاب . وتلك هي النتائج التي تؤكدها أغلب الدراسات والبحوث الجارية حول التعليم العربي أو في الوطن العربي. فالتعليم العربي على حد تعبير أحد الباحثين . يواجه العديد من المعضلات التي عطلته عن القيام بدوره الطبيعي في بناء المجتمع وأدت إلى تخلفه (عزت عبد الموجود : أمريكا عام 2000 استراتيجية للتربية، مركز البحوث التربوية في جامعة قطر، الدوحة 199 2. ص: 19 ) هذا وتشير الدراسات الجارية في ميدان التربية والتعليم إلى عدد كبير من المشكلات التي :يعاني منها التعليم نذكر منها . غياب ديمقراطية التعليم . .ضعف توزيع الخدمات التعليمية وتركزها في مناطق الندرة السكانية وتقلصها في المناطق المكتظة. .افتقار التخطيط إلى الدراسات والبحوث ا لمستقبلية حيث لا تقوم إدارة البحوث العربية بأداء وظيفته الأساسية وهي البحث والاستقصاء في الواقع التربوي. .ضعف مستوى خريجي النظام التعليمي بصورة عامة ولا سيما في مجال الرياضيات واللغة العربية ، وهو ضعف يعود، بالدرجة الأولى ، إلى ضعف المناهج والمستوى التعليمي وطرق التدريس في مختلف المراحل التعليمية. ازدحام الصفوف بالطلاب في أغلب المدارس العربية. .ضعف مستوى إعداد المعلمين وانخفاض مستوى تأهيلهم العلمي . جمود المناهج وأساليب التدريس وضعف بنية العلاقات التفاعلية بين أطراف العملية التربوية . تدني مستوى الكتاب المدرسي ونقص التجهيزات المدرسية ونقص المكتبات (علي عبد الله المناعي : من يعلق الجرس ؟ التربية التي نريد تربية مستقبلية، قطر، وثيقة غير منشورة . الدوحة، 1996 ص: 21) وفي هذا السياق يمكن لنا القول أن الدراسات التي أجريت حول التعليم في الوطن العربي، رغم أهميتها وتعددها، لم تغط جوانب هامة في بنية النظام، فهناك نقص كبير في الدراسات التي تبحث الجوانب التربوية في التعليم المدرسي، وهناك ربما غياب للدراسات التي تباشر مسألة العلاقة بين المؤسسات التربوية، وغياب تقريبي أيضا للدراسات التي تتناول مسألة البنية الداخلية للعلاقات التربوية في داخل المدرسة، وغياب للدراسات الجارية حول مسألة التكامل بين المدرسة والمؤسسات الدينية، والأسرة، وجماعة الأقران ونحن نفترض في المقابل أن كل علاقة بين مؤسسة وأخرى يطرح مشكلة تربوية تضيف إلى لون الأزمة عمقا)(محمد منير مرسي : الإصلاح والتجديد التربوي في العصر الحديث، عالم الكتب، القاهرة، 199 2.ص 26٥) ومن هذا المنطلق يترتب على النظام التعليمي أن يتحمل مسؤوليات جسام ترتبط برفع إمكانيات المجتمع القيمية والعلمية لمواجهة التحديات الصارخة التي تحدد الوجود الحضاري والثقافي للأمم الضعيفة)(محمد متولي نعيمة : القيمة الاقتصادية للتعليم في الوطن العربي، الوضع الراهن واحتمالات المستقبل، الدار المصرية .اللبنانية، القاهرة، 1996) وفي خضم هذه الأحد اث الجسام التي تشهدها الامة العربية والتشادية معا، تقتضي الضرورة التاريخية، في هذه المرحلة التاريخية الحرجة ، التي يتحول فيها المستقبل أمواجا عاتية تترنح لها سفن الحضارات الكبيرة، واقلاع الوجود القيمي للإنسان المعاصر، أن يعمل أبناء هذه الأمة على تطوير أنظمته التعليمية بما يناسب عصر ما فوق التصنيع وبما يجعل هذه الأمة قادرة على مواجهة صدمات الحضارة، ومن أجل هذه الغاية يجب أن نبحث عن وسائلنا وأن نحدد غاياتنا في عمق المستقبل بدلا من .أن نبحث عنها في الماضي 2٥لكل مجتمع موقف فلسفي محدد من الماضي والحاضر والمستقبل ، وأغلب المجتمعات المعاصرة تعطي اليوم للمستقبل أهمية كبيرة متنامية، وعلى خلاف هذا كله ما زال الماضي يحتل أهمية كبيرة في حياة المجتمعات العربية ففي هذه المجتمعات يزحف الماضي إلى الحاضر ويعيد نفسه في المستقبل . ولا بد لنا من أجل أن نلحق بالأمم المتقدمة أن نعيد بناء موقفنا من الزمن حيث يجب أن نرسم موقفا جديدا من الزمن يعطي للحاضر أهميته وللمستقبل ضرورته ويشكل مثل هذا الموقف الجديد من الزمن ضرورة إصلاحية تاريخية في مختلف اتجاهات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ولا سيما في مجال التربية والتعليم. لقد بقي الإصلاح التربوي العربي بعيدا عن مقاربة مفهوم الزمن وبقي يمثل محاولات متفرقة جزئية لا تمس جوهر العملية التعليمية السائدة، وبقيت هذه المحاولات نوعا من المبادرات .التي تخشى الهدم حتى لو كان من أجل إقامة بناء راسخ متين إن السبب الأساسي في قصور محاولات الإصلاح التربوي العربي، أو التردد في تبني الاستراتيجيات الإصلاحية بصورة الشمولية يكمن في أن النظام التربوي نظام فرعي من نظام كلي شامل هو النظام الاجتماعي الاقتصادي السائد (آلفين توفلر: صدمة المستقبل أو المتغيرات في عالم الغد، ترجمة محمد علي ناصيف. مصر، القاهرة 1990 26 (محمد متولي نعيمة : القيمة الاقتصادية للتعليم في الوطن العربي، الوضع الراهن واحتمالات المستقبل، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 1996ص: 20) ونتيجة للنظرة الجزئية في سياسة الإصلاح نجد أن جهود أساتذة الجامعة والباحثين والمناهج والكتب الدراسية وأساليب التدريس المعدلة تخرج للمجتمع دون جدوى تحديات الإصلاح التربوي العربي : يواجه الإصلاح التربوي العربي عددا كبيرا من التحديات التي تثقل خطواته وتشل قدرته على الانطلاق فالتعليم العربي يعاني من التاءات الثلاثة : التبعية والتجزئة والتخلف وهو الثالوث الذي يشكل قدر هذه الأمة في المرحلة الراهنة ويعيق حركة نمائها ويجعل من حركة تطورها محفوفا بالخطر . ومن هذا المنطلق الشمولي يمكن القول أن الإصلاح يجري في سياق تاريخي بالغ الصعوبة والتعقيد، وبالتالي يمكننا في قلب هذ ه الرؤية الشمولية يمكن أن نميز حالات مجهرية تتمثل في منظومة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية القيمية . وهذه التحديات تمثل في الوقت نفسه منطلقات للعمل الإصلاحي في مجال التربية والتعليم. ولا بد لنا من القول في هذا السياق : إن الإصلاح التربوي العربي، لا يمكن أن يتحقق فعليا، وأن يصل إلى غاياته، إلا في موكب من الإصلاحات الاجتماعية الشاملة، وأن الإصلاح التربوي لن يتم بصورته الطبيعية ما لم يتم في إطار رؤية شمولية للواقع السياسي والاجتماعي برمته . على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الدول العربية سياسيا وتربويا واجتماعيا، ما زال النظام لأغلب التعليمي يراوح في مكانه، وما زالت الصعوبات تمنعه من الانطلاق، والتحرر من أثقاله التاريخية استعراض بعض الأسباب والعوامل الأساسية التي تؤدي إلى إخفاق برامج الإصلاح التربوي أو نجاحها (المرجع السابق ص: 20 تحديات اقتصادية : يدخل الواقع الاقتصادي بصعوباته وإشكالياته في قلب الأزمة التربوية ويشكل في الوقت نفسه جزءا من بنيته وتنسحب هذه الحالة على أغلب بلدان الوطن العربي حتى البلدان العربية النفطية التي بدأت تعاني، في الآونة الأخيرة، من عجز في الموازنة العامة . هذا وتبين المتابعات الخاصة بالإصلاحات التربوية أن بعض البلدان العربية النفطية أجلت كثيرا من مشاريعها التربوية بانتظار تحسن الواقع الاقتصادي، وتحسن الموازنات العامة . وإذا كان هذا هو لسان الحال في البلدان العربية النفطية فإن الواقع يأخذ طابعا مأساويا في البلدان العربية التقليدية التي ترزح تحت ديون كبيرة متراكمة وتعاني إلى حد كبير من شلل اقتصادي شامل ينعكس على مجمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية بصورة عامة ومن الطبيعي جدا أن ينعكس هذا الواقع الاقتصادي على إمكانيات الإصلاح التربوي فالأسباب الاقتصادية توجد في بنية الأسباب التي أعاقت حركة الإصلاحات التربوية، في الوطن العربي حيث بقيت أغلب المشاريع والخطط التربوية العربية معلقة بسبب التحديات الاقتصادية التي تجعل أغلب المحاولات الإصلاحية حبرا على ورق ثانيا: تحديات علمية : ينطلق الإصلاح التربوي من واقع الدراسات والأبحاث الجارية حول النظام التعليمي القائم فالدراسات الجارية هي التي تحدد مواطن القوة والضعف والقصور في النظام التعليمي، وهي التي تبين الصعوبات والتحديات التي تعيق ﻧﻬضة التعليم وتطوره . وهي بالتالي التي تشكل قاعدة الإصلاحات والمشاريع الإصلاحية الممكنة . ويمكن تسجيل عدد كبير من الملاحظات التي تقلل من مشروعية الدراسات الجارية بوصفها المقدمات الأساسية للإصلاح التربوي ومنها : لم تأخذ الدراسات الجارية طابعا شموليا بمعنى أﻧﻬا كانت دائما وأبدا تقتصر على دراسة جانب دون الآخر في النظام التعليمي، وهذا يضعف من شأن هذه الدراسات عندما تكون الغاية التربية والإصلاح التربوي الشامل. - أغلب الدراسات التي أجريت بوحي من وزارات التربية والتعليم لم يأخذ طابعا منهجيا أكاديميا وبقيت هذه الدراسات أقرب التقارير منها إلى البحوث العلمية المتكاملة. يلاحظ غياب التنسيق المطلوب بين الجامعات العربية ووزارات التربية في مجال إجراء البحوث والدراسات وهذا مما لا شك فيه ينعكس سلبا على وضعية التعليم وإمكانية التطوير والإصلاح. - قلما اتجهت هذه الدراسات إلى تناول العمق التربو ي للنظام التعليمي الذي يسجل غيابا نسبيا في الدراسات التي أجريت حول الأنظمة التربوية العربية . لا توجد دراسات كافية حول اتجاهات التلاميذ وحاجاتهم وصعوباتهم وتفاعلاتهم في داخل المدرسة . ومن هنا يمكن القول أن الاتجا ه نحو دراسة قضايا التعليم كان هو الغالب في أكثر الأحيان ومن هنا أيضا أهملت الجوانب التربوية التي تعد أساس أي إصلاح تربوي ممكن. غياب نسق الأولويات في تحديد المشكلات : يضع الباحثون العرب غالبا نتائج أبحاثهم في سلة واحدة حيث تضيع الحدود الفاصلة بين التحديات الكبرى والمشكلات الصغير ة . فغالبا ما تخرج هذه الدراسات بمئات التوصيات التي لا تتباين في أهميتها . فرجال السياسة يعرفون اللغة الواضحة والمحددة وفي هذا السياق يتحركون وتولد لديهم القناعة في بناء ما يمكن بناؤه ويصلح ما يمكن إصلاحه. وباعتقادنا أن وضع الأشياء المتباينة في كيس واحد يشكل واحدا من أهم المعوقات على طريق التطوير التربوي في الوطن العربي. ثالثا: تحديات في مستوى التخطيط التربوي : يشكل التخطيط منطلق الإصلاح التربوي في العالم المتقدم، ومن يبحث في مضامين الجهود الإصلاحية، التي أشرنا إليها في البلدان المتقدمة، يجد أنها تقوم على أساس التخطيط والتنظيم المتكامل وغني عن البيان أن التخطيط يضمن للنظام التعليمي القدرة على تحقيق التكامل والتوازن في مسار تطوره الدائم. وفي هذا المستوى يمكن القول أن التخطيط للإصلاح التربوي في الوطن العربي يأخذ طابعا تراجيديا . فأغلب الإصلاحات التربوية في الوطن العربي تأتي بصورة اعتباطية والأمثلة أكثر من أن تحصى في هذا الميدان. ويمكننا أن نورد مثالا من جمهورية مصر العربية وهي إحدى أهم الدول العربية، وأكثرها عراقة في ميدان الإصلاح التربوي: يورد الدكتور محمد منير مرسي في كتابه الإصلاح والتجديد التربوي في العصر الحديث أن قرار خفض مدة الدراسة في المرحلة الابتدائية في مصر من ست سنوات إلى خمس في عام 1989، جاء بناء على مجرد رأي استشاري من اليونسكو، قدم للسيد وزير التربية والتعليم في جمهورية مصر العربية . وهذا يعني غياب الحد الأدنى من التخطيط لعملية .الإصلاح في أحد أهم البلدان العربية )(محمد منير مرسي :الاصلاح والتجديد التربوي في العصر الحديث، عالم الكتب، القاهرة، 199 2.ص 254) ويمن أن نسوق أمثلة عديدة في مستوى الجمهورية العربية السورية التي يفتقر فيها الإصلاح التربوي إلى الحدود الدنيا أيضا من التخطيط والدراسات لقد اتخذ قرار في سوريا يعد من أهم القرارات المصيرية في تاريخ التربية والتع ليم في سورية قوامه، تحويل نسبة 60% من الطلاب الناجحين في الشهادة الإعدادية إلى التعليم الفني والمهني، وعلى حدود علمنا لا توجد أية دراسات راهنة أو مستقبلية تبحث في نتائج مثل هذا القرار الخطير جدا، ونحن نعتقد ( ونتمنى أن نكون مخطئين في اعتقادنا هذ ا) أن هذا ا لقرار يعبر عن رأي فئة من العاملين في وزارة التربية الذين يثقون بقراراتهم إلى حد كبير، وفي كل الأحوال ما نستطيع أن نؤكده أن هذا القرار لم تشارك في دراسته كلية التربية في جامعة دمشق وهي المؤسسة التي ينتظم فيها الخبراء والمفكرون في مجال التربية. وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى مجموعة من التحديات في مستوى التخطيط والتي انعكست سلبا على طبيعة العمل التربوي في مسيرته التنموية خلال الفترة الماضية زمنها آلية التخطيط ودينامينه : يأتي النشاط التخطيطي بتوجيهات الإدارات العليا غالبا، وهي صورة معكوسة لما يحدث عادة في البلدان المتقدمة . فالمشاريع التخطيطية تطرح في المؤسسات الاجتماعية المعنية وفي برامج الأحزاب السياسية وتأخذ اتجاها صاعدا حيث تصل القضايا المعنية ناضجة إلى المستويات السياسية العليا، وعندها تتخذ القرارات السياسية المناسبة لإجراء الدراسات والأبحاث المطلوبة . وعلى خلاف هذا يتم التخطيط في البلدان النامية بصورة معكوسة فغالبا ما تأتي المبادرات من قبل القيادات السياسية العليا. وهذا ينعكس سلبا على نتائج النشاط التخطيطي ويؤدي إلى بناء خطط هزيلة غير قادرة على أداء الغاية التربوية المنشودة . وجود نقص كبير جدا في الخبراء والخبرات الضرورية للتخطيط في المستوى التربوي . وعلى حد علمنا لا يوجد عدد كاف من الخبراء المتخصصين في مجال التخطيط التربوي في المؤسسات التربوية المعنية. غياب منهجية التخطيط التكاملي داخل النظام التربوي : وهذا يعني أن التخطيط التربوي يأخذ جوانب منفصلة من جوانب الحياة التربوية ويضع لها خططا بصورة منفصلة عن مجريات الحياة التربوية برمتها وبعيدا عن صيغة الأهداف التربوية . على سبيل المثال يلاحظ أن الخطط التربوية مثل خطط المخابر والبناء المدرسي غير متكاملة مع بعضها البعض، أو مع الجوانب الأخرى التي تتصل بالمعلمين، والمناهج والتصورات المستقبلية إلى آخره . فالمعنيين بالأمر يخططون لكل جانب من جوانب الحياة التعليمية بصورة منفصلة تماما عن الجوانب الأخرى. غياب منهجية التخطيط التكاملي بين التربية وخطط التنمية : يلاحظ بصورة عامة غياب التنسيق بين التخطيط التربوي القائم و استراتيجيات التنمية التي تعتمدها الدولة في المستويات الاقتصادية والاجتماعية. وبصورة عامة يمكن القول إن أي عمل تخطيطي تربوي أو غيره لا يأخذ بعين الاعتبار الصيغة التكاملية سيطرح نفسه عبئا على عملية التنمية في المستقبل، وسيشكل في ﻧﻬاية الأمر نوعا من الهدر الاقتصادي، تجاهل العلاقة بين المدرسة والمؤسسات التربوية الأخرى : يسعى الإصلاح التربوي إلى بناء المدرسة ويتجاهل أهمية المؤسسات التربوية الأخرى كالأسرة وجماعات الأقران والمساجد وهي مؤسسات تربوية لا تقل أهمية عن المدرسة في بناء الشخصية وبناء الإنسان . مما لا شك فيه أن المدرسة لا تعمل منفصلة عن الأسرة والمؤسسات التربوية الأخرى، ومع ذلك لا نجد في الإصلاحات التربوية ما يشير إلى الاهتمام بالصلة الحقيقية بين المدرسة والأسرة والمساجد. عدم الاستفادة من التجارب العالمية الإصلاحية المعاصرة : تشكل التجارب التنموية العالمية في مجال التربية والتخطيط التربوي خزانا معرفيا ومنهجيا بالغ الأهمية في مجال التخطيط التربوي . ومع ذلك يبين الواقع أن نتائج هذه التجارب لم توظف بعد في خدمة التنمية والتخطيط في مجال التعليم العربي بصورة عامة. رابعا : تحديات ثقافية القيمية : يرى عدد كبير من الكتاب الغربيين أن النمط الثقافي السائد في البلدان النامية يعيق عملية التنمية في هذا الخصوص : إن اتجاهات السكان في الدول النامية نحو الحياة Gunnar Myrdal يقول ميردالو العمل تعتبر معوقا للتنمية تتميز من عدم احترام للنظام وانتشار الخرا فات والحاجة إلى اليقظة والتكيف والطموح والاستعداد للتغيير والتجريب واحتقار العمل اليدوي والخضوع للاستغلال28 (مكتب التربية العربي لدول الخليج: أمة في خطر، ترجمة يوسف عبد المعطي، 1984وانظر أيض ا: البيت البيض : أمريكا عام 2000، استراتيجية للتربية، 1990، ترجمة محمد عزت عبد الموجود، جامعة .قطر، مركز البحوث، الدوحة، 199 2) وعدم الرغبة في التعاون وغير ذلك3 1تشكل التحديات الاجتماعية والثقافية للواقع الذي نعيش فيه منطلق الإصلاح التربوي، وفي نسق هذه التحديات يمكن تحديد الدور الذي يمكن للتربية أن تؤديه في عملية النهضة التنموية الشاملة ولا سيما في مجال التنمية الثقافية. يجب أن ننطلق في تحقيق الإصلاح التربوي من رؤية شمولية تكاملية، ويعني ذلك أنه يتوجب علينا إذا أردنا إصلاح الأنظمة التربوية في الوطن العربي أن ننطلق من صورة الحياة الواقعية ومن المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتقانية والحضارية السائدة في المجتمع (لقد بينت مختلف الاتجاهات الفكرية والتاريخية بأن النهضة الحضارية مرهونة بفعالية النظام القيمي في المجتمعات الإنسانية . ويشهد تاريخ الحضارات الإنسانية بأن النهوض الحضاري في مختلف تعرجات التاريخ ومنعطفاته، كان مرهونا بتحولات نوعية في أنظمة القيم الثقافية والاجتماعية السائدة . فالقيم هي نوابض الفعل الإنساني ومن غيرها لا يمكن للمجتمعات الإنسانية أن تسعى إلى أمجادها الحضارية29. (يحي حسن درويش : الجوانب الاجتماعية للتنمية والتخطيط، معهد التخطيط القومي، القاهرة 19883 2 علي عبد الله المناعي : من يعلق الجرس ؟ التربية التي نريد تربية مستقبلية، قطر، وثيقة غير منشورة . الدوحة، . 1996 عبد العزيز عبد الرحمن كمال & عبد الباسط محمد عب د المعطي & عبد العزيز عبد القادر المغيصب & أمينة علي كاظم & سبيكة محمد خالد الخاطر، كلثم علي غانم الغانم : دراسة تحليلية لبعض ظواهر القطري ومشكلاته الاجتماعية والنفسية في ضوء ما هو متاح من بحوث، جامعة قطر، من غير تاريخ ). تبين الدراسات الاجتماعية الجارية في الوطن العربي أن الثقافة العربية مشحونة بعدد كبير من القيم السلبية التي تشكل نسقا من التحديات التنموية الشاملة، فالثقافة العربية تعاني من هجين قيمي يتمثل في احتقار العمل اليدوي، رفض عمل المرأة، سيطرة الانتماء القبلي والعائلي ، هيمنة قيم الواسطة، قيم المسايرة والطموح، حب المظاهر والتفاخر والإتكالية. وتبين الدراسات الجارية أن الأسرة العربية بصورة عامة تعاني من غلاء المهور، والطلاق، وتعدد الزوجات، وضعف .الروابط الأسرية، وضيق فرص مشاركة المرأة في العمل وفي النشاطات الاجتماعية(المرجع السابق: ص 36) ومن قلب هذه الإشكاليات القيمية يجب على التربية أن تنطلق، ومن هنا أيضا يجب على نسق الأهداف التربوية أن يتحدد لمواجهة هذه التحديات الثقافية والاجتماعية وهذا يعني أن المدرسة يجب أن تساهم بمناهجها وأدبيا وفعاليا لمعالجة هذه القضايا وبناء نسق ق يمي جديد يركز على أهمية العمل والتفاني في الدقة والاقتصاد والتوفير والمشاركة وغير ذلك من القيم التي ترتبط بالتنمية وتشكل شرطا أساسيا من شرطها . وباختصار يجب على الإصلاح التربوي أن ينطلق من أهمية إزاحة القيم السلبية لصالح قيم إيجابية تنموية قادرة على بناء ا لمخارج إلى الحضارة والتقدم . ويجب أن ينعكس هذا في الأهداف التربوية وفي مناهج التعليم بالضرورة. منطلقات الإصلاح التربوي في الوطن العربي وأبعاده تقدم بيانات اليونسكو صورة محزنة للتعليم العربي في البلدان الغنية والفقيرة منها . فالتعليم العربي بمناهجه ومقدماته وفعالياته تعليم تقليدي، لا يمكنه أن يشكل منطلقا لبلدان تريد أن تنهض وأن تنمو وتتقدم ؛ وذلك لأنه تعليم ينطلق من الماضي ويتمحور حوله ولا يرتبط بالواقع أو يعبر عنه . وإذا أردنا أن نرسم صورة مصغرة لإشكالية هذا التعليم وأزمته ن قول بأن إشكاليته تكمن في جدل الزمن والواقع والوظيفة والطموح . فالتعليم في البلاد العربية يعيش زمنا غير زمنه، وهو لا يرتبط بواقع الحياة واتجاهاتها، كما أن وظيفته ما زالت بعيدة عن تأدية دور واضح في إطار الحياة الاجتماعية والاقتصادية. ومن هنا يترتب النظر، ومن منطلق علمي، إلى واقع التعليم وإمكانيات إصلاحه من خلال الأبعاد التالية : أولا: البعد المستقبلي للإصلاح التربوي في العربي: يتوقف مصير العرب في المستقبل على الكيفية التربوية التي سيعدون أبناءهم في القرن الحادي والعشرين . فالمستقبل هو حاضن الثورات المعرفية التي تتضاعف كل سبع سنوات تقريبا ومن هذا المنطلق فإن القدرة على تنظيم وتوظيف التدفق المعرفي الهائل الذي نشهده اليوم وسنشهده في الغد يعد المحك الأساسي للتقدم في القرن القادم . ومن هنا يترتب على الأنظمة العربية التربوية. ومن هذا المنطلق يجب التخطيط لتربية عربية مستقبلية تعبر عن طموح العرب في عصر التحولات الحضارية القادم. ثانيا: بعد التخطيط العلمي المتكامل لجوانب الحياة التربوية : يشكل التخطيط العلمي التكاملي في داخل مكونات النظام التربوي ، وبين النظام التربوي وخطط التنمية الاجتماعية الشاملة ضرورة حيوية لبناء أنظمة تعليمية قادرة على خدمة مجتمعاتنا في تحقيق النهوض الحضاري الشامل . وغني عن البيان أن العفوية والاعتباط والارتجال في بناء الإصلاح التربوي يعد من أخطر ما يمكن للمجتمع أن يقع فيه . فالمشكلات والتحديات التي نواجهها اليوم هي نتائج قرارات خاطئة اتخذت في الزمن الماضي. ثالثا: البعد الواقعي والحياتي للتربية : لا يمكن للتربية أن تمارس دورها ووظيفتها ما لم ترتبط بالواقع وتعبر عنه، ومن هنا يجب هدم الحواجز التي تقوم بين المدرسة والتعليم والحياة . والغاية هي مدرسة للحياة وليس حياة للمدرس ة منفصلة عن الواقع وتجلياته . فمن الخطر كل الخطر أن تتحول المدرسة إلى متحف تاريخي يعيش فيه الأطفال على إكراه منهم. رابعا : البعد الوظيفي للتربية والتعليم أو الموقف من الإنسان : ويتمثل هذا الجانب في إعداد أجيال قادرة على المشاركة في بناء الوطن والحضارة . ومن أجل هذه الغاية يجب على المدرسة العربية أن تعمل على بناء الإنسان المبدع المفكر الناقد الخلاق الواثق بنفسه المؤمن بوطنه وأمته . وأن تحرر روادها من قهر التبعية والسلبية والقصور والإحساس بالدونية . والاستراتيجية التربوية لتحقيق الإصلاح التربوي العربي: لا بد لنا في البداية الأمر من أن نركز على القضايا الاستراتيجية التالية التي يمكنها أن ترسم صورة متقدمة لإمكانيات تعليم عربي قادر وفاعل (المعهد العربي للتخطيط وثيقة تعليم الأمة العربية في القرن العشرين . الكارثة والأمل . التقرير التلخيصي لمشروع .30- نيسان (أبريل ) 199 2-مستقبل التعليم في الوطن العربي . تحرير سعد الدين ابراهيم، القاهرة -ص 18) - بناء قاعدة واسعة للتعليم من رياض الأطفال ودور الحضانة تعتمد أحدث المناهج في مجال تربية الأطفال وتعليمهم وإع دادهم للمستقبل ( ولا نستطيع في هذا السياق أن نفصل في أهمية رياض الأطفال ولكن يمكن القول أن أفضل الأنظمة التربوية هي هذه التي تبني الأطفال قبل مرحلة دخولهم إلى المدرسة الابتدائية ). -التأكيد على تدريس الرياضيات والعلوم التطبيقية في المدرسة وزيادة الحصص المقررة للطلاب في مجال العلوم الدقيقة والتطبيقية . ( الأنظمة العالمية تتبارى في مدى تركيز أنظمتها وقدراتها على تدريس الرياضيات والعلوم التطبيقية). - التركيز على التكنولوجيا في العمل التربوي من زاويتين : توظيف هذه التكنولوجيا في التعليم ( استخدام الحاسوب والتلفزيون والأنترنيت كأداة تعليمية ) ومن ثم توظيف هذه التكنولوجيا موضوعا للتعليم من جهة أخرى، ويتمثل ذلك في مادة الحاسوب والأنترنيت وغير ذلك من المواد التكنولوجية المتاحة. - التأكيد على أهمية التنمية الثقافية والقيمية : إعادة توظيف مواد التربية الدينية واللغة العربية والتاريخ والفلسفة لتعزيز قيم : العمل، العلم، الطموح، الإنجاز، قيمة المهن، وغير ذلك من القيم التي تصب في مجال التعزيز الإيجابي للوجود الحضاري. - تبني أساليب ديمقراطية حرة في مجال العلاقات التربوية القائمة بين المعلمين والتلاميذ والإدارة وهذا بالضرورة يصب في مجال بناء العقل الحر المبدع، لأن الحرية هي المناخ الضروري للإبداع . ويتطلب ذلك بناء جيل من المعلمين يرفضون العلاقات التقليدية الأبوية في إطار الحياة المدرسية ويعملون على بناء علاقات إنسانية متكاملة بعيدة عن التسلط والإكراه التي تتنافى مع إمكانيات البناء التربوي. - التنسيق بين المدرسة والمؤسسات التربوية : كالأسرة والمساجد في العمل التربوي والعمل على تحقيق التواصل القيمي والحضاري بين هذه المؤسسات : يمكن للمساجد أن تسهم إلى جانب المدارس في التركيز على قيم العمل وطلب العلم والإنجاز والطموح بالدرجة ا لأولى وذلك تعزيزا لدور المدرسة في هذا السياق ٧ هدم الهوة القائمة بين المدرسة والحياة الاجتماعية والاقتصادية : فتح محاور اتصال بين المدرسة وبين المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية المنتجة : مشاركة هذه المؤسسات في تدريب الطلاب وتأهيلهم مشاركة أولياء الأمور في نشاطات العمل المدرسي . - العمل على تفادي الأساليب التربوية التقليدية ( طرق تدريس. الامتحانات، العلاقات التربوية داخل المؤسسات التعليمية ) التي تركز على الحفظ والاستظهار والعمل بكل الأساليب الممكنة لجعل المدرسة مؤسسة تعتمد على مبدأ بناء العقل وتطوير إمكانيات الطلاب في تمثل العمليات العقلية المنطقية العالية في التحليل والتركيب والمناقشة والاستنتاج والاستدلال واعتماد مختلف الأساليب الممكنة في هذا المجال. ينبئ بيان الواقع أن المصلحين العرب في مجال التربية والتعليم ما زالوا ينظرون إلى الإصلاح التربوي على أنه مجرد إصلاح في الكتب والدروس والبناء والمخابر أما الإصلاح الحقيقي المطلوب في غمرة التحولات التاريخية الجدية فهو تعامل حضاري مع متطلبات المرحلة التاريخية وسعي إلى بناء قدرة الشعوب على الدخول في التنافس الحضاري الثقافي مع الأمم والشعوب الأخرى فتدفق الإصلاحات التربوية لم يؤت أكله، وبقي جزئيا وقاصرا32. (خلدون النقي ب : أين الخلل في العملية التربوية في الكوي ت ودول الخليج ، جريدة الخليج ، الأربعاء . 1997، العدد 6𧾹/٥/ 14) لقد بدأت الأمم ، التي تريد أن تشارك في سبق الحضارة، والصعود في مدارجها، تتجاوز وضعية الإصلاح التربوي إلى وضعية التجديد والتثوير وتحقيق التحولات النوعية في مختلف في مجالات الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإدارية وظهرت اليوم ملامح العصر الذي تتخلى فيه مفاهيم الإصلاح التربوي لمفاهيم التجديد والتحولات النوعية . فالعصر الذي نعيش فيه هو عصر الطفرات والتحولات النوعية المستمرة والانتقال إلى عمق هذا العصر يتطلب من الأمم والشعوب أن تركب أمواج الحضارة على إيقاعات متسارعة تكافئ ومض الطفرات الحضارية عندما يستعرض المرء تجارب الحياة التربوية في الوطن العربي لا يجد في متاهات هذه التجارب محاولات تتعلق بالتجديد التربوي أو تجارب تتعلق بالابتكار، فالتجديد التربوي ما زال لغة مجهولة وصماء وليس في هذا الأمر من غرابة وذلك لأن الإصلاح التربوي نفسه ما زال تجربة تعاني من قصورها الشامل فالدول التي تسجل حضورها في مواقع متقدمة للحضارة تعتمد اليوم الإصلاح الجذري الذي يتكامل في مقومات وجوده ، وفي نسق علاقاته بالمصير الحضاري لهذه الأمم ، وذلك في مختلف مجالات الحياة ولا سيما ا لتعليم والتربية ومن ينظر في تجاربها يرى بوضوح لا غبار فيه أن هذه التجارب التربوية تعتمد على عطاءات العلم والعقل والخبرة التربوية الشاملة وترتبط بإرادة أمم تقارع زمن الخوف وتحديات الحضارة . لقد تبين لنا في ضوء الخبرة والعمل في ميدان التربية ومن خلال تأملنا في تجارب الإصلاح العربية أن الإصلاح التربوي - وهذا ينسحب ربما على مختلف جوانب الحياة الأخرى - يعاني من أمور خطيرة نعلن منها ما يلي: - غياب الرؤية التكاملية للتخطيط بصورة عامة، وفي مجال العمل التربوي على نحو خاص . فالرؤية الجز ئية ما زالت تسيطر على مختلف محاولات النهوض والتطوير التربوي العربي ، - غياب الرؤية المستقبلية : والمستقبل اليوم هو المعادلة الصعبة ، وبالتالي فإن تحديد الموقف الفلسفي من الزمن ما زال يطرح نفسه بإلحاح على العقل العربي إذا كان هذا العقل يريد فعلا أن يواجه حركة التاريخ التي تتجاوز الحاضر والماضي إلى آفاق مستقبلية بعيدة المدى . - غياب الموقف الفلسفي الواضح من صورة الإنسان الغاية الذي يجب على التربية أن تعمل على بنائه . فالإنسان الذي تعده المدرسة العربية والتربية العربية عموما إنسان اغترابي سلبي لا يمتلك القدرة على مواجهة التحديات الحضارية أو ا لقدرة على تمثل معطياتها . وهنا يترتب على المخططين في مجال التربية العمل على تحديد الموقف الفلسفي من الإنسان . فالمجتمعات الغربية والتي قطعت شوطا كبيرا في ميدان المشاركة الحضارية حددت صورة الإنسان الغاية منذ زمن بعيد وصورته هي : الإنسان المبدع والناقد وا لم توازن الإنسان العالم التكنولوجي الحر الذي أعد للمشاركة في بناء الحضارة وتمثل معطياتها. (تجربة مجلس التعاون ومتطلبات نجاحها ، التعاون ، السنة الثانية ، العدد السابع ، . (٧٥يوليو 198٧ ص 15) غياب الأهداف التربوية الواضحة : فالأهداف التربوية العربية هي ظلال مقولات خطابية مسجعة رنانة لا حياة فيها، وهي نوع من الحلى المزيفة التي توضع على صدور الأنظمة التعليمية العربية . ومن هذا المنطلق لا نستطيع فعليا أن نتحدث عن أهداف تربوية عربية لأن هذه الأهداف ما زالت سجينة الزنزانات النظرية وبقيت مجرد .شعارات ترتفع عن الواقع وتنأى عن همومه وفي النهاية يمكن القول أن التربية العربية تحتا ج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إمكانيات جديدة تتمثل في حركة تجديد تربوي شاملة تتجاوز حدود الإصلاح المبتور، وتأخذ باعتبارها أولويات ورؤى جديدة تنطلق من الواقع في صورته كما يقدمها العلم، وتبدأ برسم الأهداف الواضحة والسياسات الجريئة، التي تحدد الموقف من الإنسان والزمن والحضارة بصورة علمية تكفل للإنسان العربي من جهة وللمجتمعات العربية من جهة أخرى أن تشارك في بناء الحضارة والصعود (آلفين توفلر : صدمة المستقبل أو المتغيرات في عالم الغد ، ترجمة محمد علي ناصيف مصر ، القاهرة 1990 علي وطفة : رؤية نقدية لوثيقة الأهداف التربوية المطورة في دولة قطر، الدوحة، 1996) ويجعل من طغيان مفهوم التعليم على حساب مفهوم التربية واحدا من الأسباب الرئيسية لتخلف الأنظمة التربوية والتعليمية العربية عن ركب اللحاق بموكب الحضارة التربوية في العالم، ويشير في سياق ذلك إلى ضبابية استخدام مفهومي التربية والتعليم ( أحمد : الصفات التي يجب أن تتسم بها التربية للاستجابة لمتطلبات المجتمع خلال ،القرن الواحد والعشرين، مكتب اليونيسكو الإقليمي للتربية في الوطن العربي، العدد 35 يونيو/حزيران 1989 ص: 14 و 15) ندرة التجديد والاصلاح في مجال التربية والتعليم العربي.عدم الطاقة الكهربائية لاستغلال الحاسوب في صفوف التعليم المختلفة لأن التعليم الإلكــتروني يعتمـــد على استخــــدام الوسائط الإلكــترونيــة في الاتصال واستقبــال المعــلومات، واكتساب المهارات، والتفاعل بين المتعلم والمعلم، وبين المتعلم والمدرسة، وربما بين المدرسة والمعلم. الإدارة المدرسية (صديقة عبد الوهاب : التخطيط والخطط الدراسية في التدريس ، آفاق تربوية ، العدد الرابع ، 1994 ص: 199) يصبح مكملاً للتعليم الصفي أو شاملاً في جميع الجوانب كما في المدرسة الافتراضية. عدم تقديم المحتوى التعليمي مع ما يتضمنه من شروحات وتمارين وتفاعل ومتابعة بصورة جزئية أو شاملة في الفصل أو عن بعد بواسطة برامج متقدمة مخزنة في الحاسب أو عبر شبكة الإنترنت.. والتعليم الإلكتروني لا يستلزم بالضرورة وجود مبان مدرسية، بل إنه يلغي جميع المكونات المادية للتعليم، فهو تعليم افتراضي بوسائله، واقعي بنتائجه. التعليم الذي يهدف إلى إيجاد بيئة تفاعلية غنية بالتطبيقات المعتمدة على تقنيات الحاسب الآلي والإنترنت، وتمكن التلميذ من الوصول إلى مصادر التعلم في أي وقت ومن أي مكان.. ومن هذا المنطلق يمكن القول بأن التعليم الإلكتروني طريقة لتحويل التعليم الصفي إلى التعليم بمساعدة التقنية. هو استخدام التقنية بجميع أنواعها في إيصال المعلومة للمتعلم بأقل وقت و جهد وأكبر فائدة والتعليم الإلكتروني لا يخرج العملية التربوية بالضرورة من أسوار المدرسة، وإنما يمكن أن يستخدم داخل جدرانها فيزيد من فاعلية التعلم بفضل الطرائق التكنولوجية الحديثة التي تسهل التعلم وتسرع به. بأنه أسلوب من أساليب التعليم في إيصال المعلومة للمتعلم يعتمد على التقنيات الحديثة للحاسب والإنترنت ووسائطها المتعددة مثل الأقراص المدمجة، والبرمجيات التعليمية، والبريد الإلكتروني، وساحات الحوار والنقاش.. لهذا الارتباط فقد يكون في الصورة البسيطة كاستخدام وسائل العرض الإلكترونية لإلقاء الدروس في الفصول التقليدية، وحتى الاستثمار الأمثل للوسائط الإلكترونية في بناء الفصول الافتراضية من خلال تقنيات الإنترنت توسيع مفهوم عملية التعليم والتعلم لتتجاوز حدود جدران الفصول التقليدية والانطلاق لبيئة غنية متعددة المصادر يكون لتقنيات التعليم التفاعلي عن بعد دوراً أساسياً فيها بحيث تعاد صياغة دور كل من المعلم والمتعلم.. أي أن التعليم الإلكتروني ليس بديلاً للمعلم بل يعزز دوره كمشرف وموجه ومنظم للعملية التعليمية، في الوقت الذي يأخذ المتعلم دور القيادة والتحكم في العملية التعليمية من حيث الزمن الذي يريد الدراسة فيه، واختيار وسائط الدراسة المناسبة له، وتحكمه في العمليات الإلكترونية من تحميل ملفات أو إرسالها مما يؤدي إلى تنمية المهارات الفكرية لديه. يستخدم تقنيات المعلومات وشبكات الحاسب الآلي في تدعيم وتوسيع نطاق العملية التعليمية من خلال مجموعة من الوسائل منها: أجهزة الحاسب الآلي، والإنترنت والبرامج الإلكترونية المعدة إما من قبل المختصين على أنه فرع جزئي من أنواع التعليم عن بعد يتم عبر الحاسب الآلي، وتقوم فلسفته على التعليم في أي مكان وأي زمان .. وبنظرة متأنية إلى ما سبق عرضه يمكن القول بأن مفهوم التعليم الإلكتروني ، حيث اعتبره البعض منظومة لتلاقي أدوات التعليم في كل المجالات التي تستخدم التكنولوجيا، في حين صنفه البعض على أنه فرع جزئي من أنواع التعليم عن بعد جاء ليشكل حلاً لرأب الصدع الذي أحدثه التعليم عن بعد Distance Learning من خلال ما وفره من فرص للتعليم المباشرFace-to-face. ويعد من أساليب التعليم يُسخّر التقنيات الحديثة للحاسب وشبكاته ووسائطها المتعددة في إيصال المقررات الدراسية إلى المتعلم الذي يتفاعل معها بأسلوب متزامن أو غير متزامن، في الفصل أو عن بعد.. 1- إن استخدام الحاسوب كأحد أساليب تكنولوجيا التعليم يخدم أهداف تعزيز التعليم الذاتي مما يساعد المعلم في مراعاة الفروق الفردية وبالتالي يؤدي الى تحسين نوعية التعلم والتعليم. 2- يقوم الحاسوب بدور الوسائل التعليمية في تقديم الصور الشفافة والأفلام والتسجيلات الصوتية. 3- المقدرة على تحقيق الأهداف التعليمية الخاصة بالمهارات كمهارات التعلم ومهارات استخدام الحاسب الآلي وحل المشكلات. 4- يثير جذب انتباه الطلبة فهو وسيلة مشوقة تخرج الطالب من روتين الحفظ والتلقين إلى العمل انطلاقا من المثل الصيني القائل : ما أسمعه أنساه وما أراه أتذكره وما أعمله بيدي أتعلمه. 5- يخفف على المدرس ما يبذله من جهد ووقت في الأعمال التعليمية الروتينية مما يساعد المعلم في استثمار وقته وجهده في تخطيط مواقف وخبرات للتعلم تساهم في تنمية شخصيات التلاميذ في الجوانب الفكرية والاجتماعية. 6- إعداد البرامج التي تتفق وحاجة الطلاب بسهولة ويسر. 7- عرض المادة العلمية وتحديد نقاط ضعف الطلاب وامكانية طرح الأنشطة العلاجية التي تتفق وحاجة الطلبة . 8- تقليل زمن التعلم وزيادة التحصيل. 9- تثبيت وتقريب المفاهيم العلمية للمتعلم أهداف التعلم بمساعدة الحاسوب: 1-تساعد الإنترنت على توفير أكثر من طريقة في التدريس ذلك أن الإنترنت هي بمثابة مكتبة كبيرة تتوفر فيها جميع الكتب سواءً كانت سهلة أو صعبة. 2- الاستفادة من البرامج التعليمية الموجودة على الإنترنت ، الاستفادة من بعض الأفلام الوثائقية التي لها علاقة بالمنهاج. 3- الاطلاع على آخر الأبحاث العلمية والتربوية. 4- الاطلاع على آخر الإصدارات من المجلات والنشرات أنماط التعلم باستخدام الحاسوب أولاً : نمط التعلم الخصوصي الفردي. يقوم المتعلم في الوقت المناسب له والمكان المناسب له بعرض برمجية تعليمية على شاشة الحاسب فتقدم له شرح وافي ومتدرج للموضوعات والمهارات التي تشملها والمرتبطة بالأهداف التعليمية التي تعمل البرمجية على تحقيقها. مميزات نمط التعلم الخصوصي الفردي : 1- يفيدنا هذا النمط عندما تكون بصدد تعليم الحقائق والقوانين والنظريات وتطبيقها. 2- في هذا النمط الاستغلال الأمثل لإمكانيات وقدرات الحاسب مثل التفرع والتشعب. عيوب طريقة التعلم الخصوصي الفردي : 1- إعدادها وتصميمها ليس بالأمر اليسير. 2- يجب عرضها بأسلوب يمكن المتعلم أن يتعلم منها بنفسه. 3- تحتاج في إعدادها إلى أسلوب يجعل المتعلم يعتمد على نفسه. ثانيا :نمط المحاكاة وتمثيل المواقف. يستخدم الحاسب كمختبر تجريبي له قدرة فائقة غير محددة ويقوم الحاسب بعرض تقليد محكم لظاهرة ما أو مشكلة موجودة في الواقع أو نظام ما دون مخاطرة أو تكلفة مالية عالية. مميزات نمط المحاكاة : 1- عندما يخطئ المتعلم لا يتسبب في حدوث خطورة كالتي تحدث عندما يخطئ في الواقع الحقيقي. 2- يهيئ للمتعلم موقف تعليمي مثير لتفكيره باستخدامها لإمكانيات الوسائط المتعددة وإمكانيات الحاسب المتقدمة. 3- يتميز بأنها تستخدم العمليات والإجراءات التي يصعب دراستها في الواقع بالطرق العادية. 4- يتمتع المتعلم فيه بنوع من الحرية أثناء عملية التعلم. عيوب نمط المحاكاة : 1- يحتاج إلى وقت وجهد وتكلفة مالية. 2- يحتاج إلى فريق عمل كبير من خبراء المناهج وطرق التدريس. 3- قد يحتاج إلى أجهزة حاسب ذات مواصفات خاصة. 4- لكي تكون برامجها شبيهه بالواقع وفعالة تحتاج إلى قدراً كبيراً من التخطيط والبرمجة. ثالثا: نمط الألعاب التعليمية. يجلس المتعلم أمام شاشة الحاسب ويعرض برمجية مستخدم العاب تعليمية مشوقة تتضمن في سياقها مفهوم محدد أو مهارة محددة في شكل نشاط منظم يتبع مجموعة من القواعد أثناء اللعب. مميزات نمط الألعاب التعليمية : 1- يشجع المتعلم على مواصلة العمل في البرنامج. 2-لا يشعر المتعلم أثناء العمل في البرنامج بالتعب والملل. 3- يكون بين المتعلم والحاسب ألفة ويشجعه على استخدامه في حل مشكلاته.عيوب نمط الألعاب التعليمية : 1- كم المعلومات الذي يعطيه للمتعلم والمهارات التي يكسبها له تكون قليلة. 2- إعداده يحتاج إلى وقت كبير وجهد أكبر. 3- يناسب المراحل الأولى من التعليم العام دون باقي المراحل الأخرى من التعليم . رابعا:طريقة حل المشكلات يلعب الحاسب دور كبير حيث يساعد المتعلم في الحصول على الحل الأمثل للمسائل والتمارين بطريقة الاستقراء والاستنباط.مميزات نمط حل المشاكل : 1- يشجع المتعلم على التفكير المنطقي والناقد. 2- يساعد النمط على الابتكار والإبداع والتفوق. 3- يركز على تحقيق المستويات العليا في مجال الأهداف المعرفية لتصنيف بلوم.عيوب نمط حل المشاكل : 1- لغات البرمجة هما لغة البيسك والباسكال هي في طريقهما إلى الاندثار والانعدام. 2- يناسب المستويات العليا من التعليم العام ويتطلب خلفية جديدة في الحاسب لدى المتعلم. 3- يناسب الطلاب المتميزين بالذكاء والتفوق والقدرة على التفكير. 4- لا يمكن استخدامه مع كل المقررات الدراسية فهو مناسب لبعض المقررات. خامسا: نمط التدريب والممارسة. يطلق عليه نمط التمرين والممارسة أو نمط صقل المهارات وهو نمط شائع ومثالي لإعطاء التدريبات اللازمة لتنمية مهارات معينة. مميزات نمط لتدريب والممارسة : 1- يقابل الفروق الفردية بين المتعلمين ففي البداية يتم تقديم مجموعة من الاختبارات القبلية لتحديد مستوى المتعلم. 2- يقدم للمتعلم تدريبات عديدة دون ملل على المهارات التي سبق له تعلمها. 3- يتم تعزيز استجابات المتعلم الإيجابية والسلبية فوراً فيتعرف أخطائــه. 4- يعتبر كمعلم يهتم بكل متعلم بشكل خاص فيتعامل مع ما يناسبه.عيوب طريقة التدريب والممارسة : 1- قدرة هذه البرامج محدودة على تقييم أداء المتعلم حيث يجيب المتعلم على التمارين من خلال الاختيار من متعدد. 2- لا يساعد هذا النمط على تنمية مهارات الإبداع والابتكار لدى المتعلم. 3- المعلم القائم على الاستجابة لحاجات المتعلمين لم يتدرب على كيفية الاستجابة بطريقة تربوية قلة دور التربية العربية الهادفة إلى بناء جيل عربي واع مستنير يثق بنفسه وامته يتصف بالمثل العليا في السلوك الفردي والاجتماعي وتثبيت مكانة الامة التشادية وتامين حقها في الامن والحرية ندرة تنشئة التلاميذ تربويا تقوم على التفاعل بين التلاميذ والأسرة رغم أن البيت بواسطة الأسرة حيث في جيل الرضاعة والحضانة المبكرة هي الوكيل الوحيد قبل أن تنتقل وكالتها إلى المربية في الروضة والى المربية والمعلمة في المدرسة. والمعلمة هي وكيلة أساسية في عملية تنشئة التلاميذ اجتماعيا. وعلى كل فإن التنشئة الاجتماعية الأسرية هي القاعدة الأساسية لتنشئة التلميذ وكيفما يتم التعامل معه في البيت في مراحل نموه الأولى هكذا ينشأ ويترعرع ويصبح من الصعب تغيير سلوكه إنما يكون هناك حالات تعديل سلوك فقط. قلة تعليم التلاميذ على المبادئ الأساسية لغة الام وقيمها وتقاليدها ومعتقداتها كي يتمتع التلميذ بشخصية متوازنة، قادرة على الإنتاج والعطاء. عدم المراقبة الجاد في سلوك الطلاب لذا يكون لزاماً على المدرسة أن تهتمّ بمراقبة السلوك الطلابيّ ، وخصوصاً من يسلك منهم سلوكاً ضارا ، فتعمل على تقويمه وتصحيحه ، ومنع شره كي لا يصل إلى الطلاّب الآخرين ، وتشجيع السلوك الاجتماعيّ النافع كتنمية روح التعاون والتدريب على احترام حقوق الآخرين . حينما يشعر الطلبة في اليوم الأوّل من انخراطهم في المدرسة أنّ للمدرسة نظاماً خاصّاً ، يختلف عن الوضع الذي ألفوه في البيت ضمن أسرتهم ، فإنّهم – حينئذ – يشعرون بضرورة الالتزام بهذا النظام والتكيّف له . قلة تطبيق النظام المدرس على التلاميذ فإذا كان نظام المدرسة قائماً على ركائز علميّة متقنة ، ومشيّداً على قواعد تربوية صحيحة ، فإنّ الطالب سيكتسب طباعاً جيّدة في مراعاة هذا النظام ، والعيش في كنفه . فمثلاً لو كان الطالب المشاكس الذي يعتدي على زملائه ، والطالب الآخر المعتدى عليه ، كلاهما يشعران بأن نظام المدرسة سيتابع هذه المشكلة ، وأن هذا الطالب المعتدي سوف ينال عقابه وجزاءه . فإنّ الطرفين سيفهمان حقيقة مهمّة في الحياة ، وهي أن القانون والسلطة والهيئة الاجتماعيّة يردعون المعتدي ، وينزلون به العقاب الذي يستحقّه ، وأن المعتدى عليه هو في حماية القانون والسلطة والهيئة الاجتماعيّة . ولا ضرورة أن يكلّف نفسه في الردّ الشخصيّ وإحداث مشاكل يحاسب هو عليها . إنّ هذه الممارسة المدرسيّة التربويّة تربّي في الطفل احترام القانون واستشعار العدل ومؤازرة الحقّ والإنصاف تغيب التلاميذ عن المدرسة واحيانا المدرس نفسه والتغيّب عن الدرس والمدرسة هوالتقصير في أداء الواجب الضبط والمواظبة على الدوام والالتزام بالنظام وأداء الواجب والشعور بالمسؤوليّة سيتعوّد التلاميذ أو الطلاب ويأثر في تكوين شخصيّاتهم وتنمية مشاعرهم مشاكل المقررات الدراسية: جوهر المشكلة التربوية التشادية المعاصرة تنبع المشكلة من إشكالية الوظائف والأدوار التي تؤديها هذه الأنظمة، وتتمثل هذه المشكلة في إشكالية العلاقة القائمة بين المدرسة وبين المجتمع. فالمدرسة ليست عالما مستقلا يوجد في فراغ، بل نظام تتحدد وظيفته وصيرورته في جملة من العمليات الاجتماعية المتكاملة في إطار النظام الاجتماعي الشامل.40 انظر : مكتب التربية العربي لدول الخليج : الإصلاحات التربوية، مطبعة مكتبة التربية العربي لدول الخليج، .الرياض، 1984 المقرر الدراسي : هو مجموعة من المبادئ التربويّة والعلميّة، والخطط التي تساعدنا على تنمية مواهب التلاميذ وصقلها ، وإعداده إعداداً صالحاً للحياة . اذا اردنا تحليل المشاكل المقررات الدراسية، نعود الى الاهتمام بالعنصر البشري وبروز دوره بشكل جديد . وان نبرز الموروث العربي التشاد وأن قلة تدريس الموروث العربي الشادي يندرس الموروث العربي ليس هناك ما اسرع من اندراس الموروث لأننا في عصر العولمة وهي عصر السرعة والهيمنة السريعة وعلى المرشد و الموجه و المعلم في وقتنا الحاضر ، هو المواكبة المستمرة للمستجدات . والتكيف مع تحولات الواقع وضغوطات العمل اليومي والاهتمام بالدراسات التي تتناول مختلف أوجه الاستفادة من التكنولوجيا في مجال التربية وتوظيفها لتحسين أداء المدرسة والمدرسين التكنولوجيا الاتصال و المعلوماتية مجال التعليم ليس كوسائل فحسب بل كأسلوب في التفكير وتنظيم المنهج الدراسي ، والاهتمام على مستوى الدراسة و البحث , بالمقرر الدراسي و بعدها الأخلاقي الإنساني هذه بعض أهم المستجدات التربوية و التي كان لها بالغ الأثر في تطوير الأنظمة التعليمية على الصعيد التشادي، سنعمل على التعريف بها في هذه الورقة و مناقشتها في إطار واقعنا التعليمي واحتياجات مجتمعاتنا التشادي فعمل الرواد الأوائل في تخطيط البرامج المقررات الدراسية ، وحتى يثبتوا تميزهم عن هذا التقليد الذي يولي أهمية كبرى لمحتويات التدريس ، على التركيز على التلميذ بدل المادة الدراسية و محتوياتها. و تبقى تلبية مطالب النمو رهينة دائما ، بطبيعة الحال ، باكتساب المعارف و المهارات و الاتجاهات ، شريطة أن يتم ذلك بمراعاة لاحتياجات المتعلم و خصوصياته وبتوافق تام مع إعداده للمشاركة المسئولة في الحياة داخل المجتمع . على أن مراعاة خصوصيات الطلاب و العمل على تلبية احتياجاتهم يطرح إشكالا معقدا يبدو من خلال هذا الإشكال ، أن بناء المنهاج ليس مجرد مسألة تقنية ولا يطرح قضايا إجرائية فحسب ، بل يطرح بناء المنهاج وتطويره كذلك و في المقام الأول ، قضايا فلسفية واجتماعية وثقافية ، حيث تتدخل المبادئ و الانتماءات. مما يفسر ويبرر ،إلحاح معظم الباحثين على تفصيل الحديث ، في بدايات تقاريرهم و مؤلفاتهم ، عن الأسس الفلسفية و الاجتماعية و المعرفية و النفسية وغيرها ، في تصميم المناهج وتطويرها. درج الباحثون التربويون في العقدين الأخيرين ، على الحديث عن ثلاثة مستويات لتخطيط المنهاج الدراسي و تطويره : المستوى الأول هو تخطيط المنهاج على الصعيد الوطني ( المنهاج القومي الرسمي )، والذي يوضع بإشراف من المصالح المختصة بالوزارة الوصية على التعليم . وأهم ما يميز المنهاج على هذا المستوى هو طابعه الشمولي و الموحد و تركيزه على المبادئ الأساسية و ترجمة فلسفة المجتمع و قيمه ومثله العليا و تشخيصها من خلال التوجيهات الرسمية و المذكرات والكتب المدرسية وغيرها . المستوى الثاني يكمن في تشخيص المنهاج الرسمي و إعادة صياغته عند محاولة تنفيذ التوجيهات والمذكرات الوزارية، بمراعاة خصوصيات كل مؤسسة و إمكانياتها و الاحتياجات المحلية و ظروف حياة الجماعة التي تنتمي إليها. وعلى هذا المستوى يتحدث المختصون في المناهج التعليمية ، عن المنهاج المندمج للمؤسسة ، و معناه أنه و بالإضافة إلى وجود منهاج رسمي وطني عام وموجه لجميع الطلاب في مختلف الأقاليم ، هناك نوع من المنهاج .المعدل أو المكيف و الذي يلائم خصوصيات المؤسسة والخصوصيات الاقتصادية و الثقافية للمنطقة واحتياجات سكانها ... المستوى الثالث للمنهاج يتمثل في برمجة الخطط الدراسية و تحضير الدروس التي ينجزها كل معلم حسب تخصصه والمستوى الدراسي الذي يتعامل معه . كما يتمثل أيضا ، في النشاط التعليمي الفعلي وأسلوب المعلم في التعامل مع التوجيهات وتنفيذ المقررات . و هنا نصل إلى أدنى مستوى من مستويات المنهاج وأغناها ، على اعتبار أنه يمثل المرحلة . النهائية والدقيقة في تأثير المنهاج في شخصية التلميذ وتحقيق أهدافه العامة و الخاصة. كما يطرح بخصوص تعريف المنهاج و تحديد طبيعته، إشكال آخر يرتبط بالمسافة بين اتخاذ القرار و تنفيذه . الأمر الذي جعل العديد من الباحثين يميزون في تصنيفهم للمناهج بين : - المنهاج المستهدف: أي الذي تتصدر المبادئ و المثل العليا و القيم والأهداف العامة من خلال التوجيهات الرسمية على الصعيد الوطني ؛ - المنهاج المقرر : المتمثل في الكتب المدرسية والذي يأتي مضمونه أقل من المنهاج المستهدف - المنهاج المنفذ : والذي يتم تدريسه فعلا داخل الفصل فتتراجع نسبته عن المنهج المقرر ؛ - المنهاج المحصل : وهو الحصيلة المتبقية في الأخير لدى التلميذ و تقيسه الاختبارات النهائية ( وينجرت وجرينبرج ،1996، ووليم عبيد ،1999م التربية والتعليم باللغة العربية في الفترة الاستقرار الحالية :- شهدت البلاد استقرارا وانفتاحا ثقافيا في الفترة ما بين 1990 الي يومنا هذا 2016 وهذا الاستقرار ادي بدوره الي قطاعات التعليم في تشاد ولا سيما العربي منها فقد اعتمدت الدولة سياسة الثنائية اللغوية وفعلتها عمليا في الميدان. وصارت اللغة لا تقل اهمية عن اللغة الفرنسية وفتحت المجالات لخريجي المدارس في العربية في الدولة . وهذا ساعدة بدوره الي لفت الانتباه الي شريحة هامة من المجتمع . فاهتمت الدولة بترجمة المناهج من الفرنسية الي العربية أي أصبحت متساوية وركزت على ان تكون المناهج المترجمة علي مستوى عالي من الدقة والجودة واوفدت الدولة البعثات والوفود تلغي الدورات في مجال التوجيه التربوي والاكاديمي لتأهيل كوادر في مجال الاعداد المنهجي لمدرسي اللغة العربية ولكن مع كل هذه الجهود لا تزال هناك عقبات تقف امام التعليم العربي في تشاد منها :- 1- عدم توفر الكتاب المدرسي ان الكتاب المدرسي الخاضع للرقابة التربوية جزء اساسي في تأهيل الطالب لتحمل مسؤوليته وواجبه في الدولة والكتاب المدرسي هو العنصر الوسيط بين الطالب والمعلم ومن خلاله تتضح المعلومة وترسخ في عقل الطالب فهو بمثابة المرجع والمنهل الذي يأخذ منه الطالب معلوماته وعلومه . وكذلك يساعد الكتاب في سهولة الحصول علي المعلومات المكتوبة بشكل صحيح . 2- عدم ترجمة المنهج بشكل صحيح إن المنهج هو الطريق الذي يسير عليه المعلم والمتعلم من اجل ترسيخ مبادي التربية والتعليم على شكل صحيح وان كان به خلل ضعيف فان ذلك يعني نقل المعلومة بشكل خاطي. ومن المعلوم أن منهاج التربية الوطنية بالقسم العربي في تشاد تم ترجمتها من الكتب والمصادر الفرنسية ولقصور هذه الترجمة على الترجمة المباشرة فقط فقد ادي ذلك الي النقص في المعني المراد وهذا مما جعل الدراسة العربية تكون في بدايتها ركيكة بعض الشيء وخاصة الدراسة العلمية . 3- عدم توفر المعلمين الأكفاء المدربين ان المعلم لا يقل دوره عن الكتاب فهو ايضا المنبع الذي يأخذ منه الطالب افكاره , فان كان المعلم يتحلى بأخلاق حميدة ويتميز بمستوي فريد وخبرة طويلة فهذا يساعد في نقل التجارب والخبرات الي الطالب بشكل سليم , لان المعلم هو مرآة المجتمع. فقد واجه التعليم الغربي في تشاد مشكلة عدم توفر معلمين الاكفاء وهذا بدوره سيؤدي الي خلق جيل متدني في المستوي وهي المشكلة الاساسية التي يعاني منها قطاع التعليم العربي في تشاد في الوقت الراهن. بالرغم من انفتاح الافاق امام التعليم العربي في تشاد بإنشاء الجامعات والمراكز والمعاهد الا انه ظل يعاني من هذه المشكلة الأخيرة حتي في اعلي مستويات الهرم التعليمي في تشاد . كما تثار بخصوص تعريف المنهاج و رسم حدوده ومجالات تدخله ، مسألة ما ظهر من المنهاج و ما خفي ( أي ما يعرف بالمنهاج الخفي أو الضمني ) ، وهي مسألة شديدة الحساسية وتتلخص في كون المعلم ( و المدرسة بشكل عام ) ، لا يعلم فقط ما هو مسطر في الوثائق و المذكرات و الدلائل و الكتب المدرسية التي تجسد وتشخص المنهاج الرسمي ولا يلقن فقط الأهداف المعلنة و الصريحة ، وذلك مهما كان حريصا ومهما بلغت درجة عنايته ودقته وتقيده بحرفية النصوص و التوجيهات . بل إنه يعلم بشكل ضمني ، أشياء أخرى ويستهدف عن وعي أو دونه ، أغراض غير معلنة وغير مكتوبة . لأنه وكما هو معلوم ،تتشكل لدى المعلم ( والحقيقة لدى جميع الناس ) خلال دراساته وتكوينه الأكاديمي و التربوي و خلال نموه المهني ، قناعات و أفكار خاصة به ، فضلا عما راكمه في شخصيته من تجارب و ما عاينه من خبرات تربوية في مدرسته وداخل أسرته . ويؤلف من كل ذلك . تشكيلة . أو نظرية تربوية ضمنية . خاصة به ، تقوم بدور الغربال أو المصفاة لكل ما يمر من معلومات وتقنيات وتوجيهات تربوية ... لذلك فهو ينفخ في المنهاج قليلا من عنده ويطبع المقرر بطابع خاص. ثم إن التلميذ لا يتأثر فقط بما يقوله المربون في المدرسة بل بما يفعلون كذلك، و بالشحنات الوجدانية التي ترافق سلوكهم و أداءهم وأسلوبهم في التعليم .. . كما يتأثرون خلال المدة الطويلة التي يقضونها في المدرسة الأساسية و الثانوية بزملائهم أثناء اللعب و المذاكرة ويتأثرون بالجو العام السائد في المدرسة و بالأنشطة وبتجارب النجاح والفشل ... الأمر الذي جعل بعض الباحثين يعتقد ،ربما بنوع من المبالغة ، في أن كثيرا من مخرجات التعليم لم تعد هي المخرجات المستهدفة و لا المتوقعة من المناهج المقررة و المعلنة رسميا . تطوير المنهج الدراسي أو المقرر الدراسي يعني التطوير بصفة عامة ، الوصول بالمستهدف المرغوب تطويره ، سواء أكان نظاما أم مؤسسة أم برنامجا ... ، إلى أحسن صورة حتى يؤدي الغرض المطلوب منه بكفاءة ، ويحقق ما رسم له من أهداف على أتم وجه ، بطريقة اقتصادية في الوقت و الجهد و التكاليف . الأمر الذي يستدعي تغييرا في شكله و مضمونه ، تغييرا مقصودا ومنظما نحو الأفضل . إن التطوير عملية شاملة تنصب على جميع جوانب الموضوع المستهدف . فعند تطوير المناهج الدراسية على سبيل المثال ، لابد أن يشمل التطوير جميع مكوناتها من مقررات و أهداف و طرق ووسائل و كتب مدرسية و أسلوب التقويم ... بل إن التطوير بهذا المعنى ، ينصب على الحياة المدرسية بشتى أبعادها ، فلا يركز فقط على المحتويات العلمية كما كان الأمر في النموذج التقليدي و إنما يتعداها إلى الأنشطة و طبيعة الأداء القيادي و نظام التواصل و علاقات المدرسة بالبيئة والمجتمع المحلي... ثم إن التطوير عملية ديناميكية ، على اعتبار أن جميع العناصر التي يصيبها التغيير تعمل بتفاعل مستمر ، بحيث يؤثر كل عنصر في العناصر الأخرى ويتأثر بها . كما أن تطوير المناهج ليس نشاطا آحادي الاتجاه ، من أعلى إلى أسفل ، بل هو نشاط متفاعل يسير في الاتجاهين بشكل متزامن ، من أعلى إلى أسفل و من أسفل إلى أعلى . كما أن التطوير ليس قرارا سلطويا يفرض من خارج السياق أو فرديا يتولى أمره بضعة أفراد ، بل هو نشاط اجتماعي تعاوني وتشاركي ، نابع من الاحتياجات الحقيقية للأمة و يساهم فيه الجميع ، المخططون على المستوى المركزي و المحلي ، المدرسون ، أولياء التلاميذ ، الموجهون ... ويرى المشتغلون بنظريات المنهاج، أن التطوير الناجح للأنظمة التعليمية وإصلاحها لا يمكن أن يتم إلا إذا مس جوهر التنظيم المنهاجي بها . وهذا ما حدث بالفعل عندما ظهرت التنظيمات الحديثة للمنهاج و التي لم تبق حبيسة منهاج المواد الدراسية الذي يتميز بشدة تركيزه على المعلومات و قلة اهتمامه بالتلميذ واحتياجاته و مطالبه في النمو لا تخلو خطوة إصلاح من إيجابيات، إذ أن مسمى الإصلاح معناه البحث عن كل ما هو صالح وتستحسنه المدرسة التشادية بالمفهوم الخاص، أو المنظومة التربوية التشادية بالمعنى العام. ومن أهم ايجابيات الإصلاح التربوي في التشاد ما يلي: تكثيف البرامج الدراسية بغية إفادة التلميذ بكم هائل من المعلومات، حتى إذا أدرك مرحلة الشباب يجد نفسه ملما بكثير من العلوم والمعارف. إدخال مناهج تدريس حديثة، مثلا منهجية التدريس (المقاربة بالكفاءات). التخطيط للتدريس : يشمل التخطيط تصور كل ما يقدمه المعلم لتلاميذه من معلومات وخبرات مناسبة , وما يستخدمه من وسائل تحضيرية وأساليب تشويقية وأنشطة تشجيعية , وتفكير في حل المشكلات والتصدي للصعوبات ’ وكيفية تحقيق الأهداف ’ في إطار زمني ومكاني محددين ’ فيدخل الفصل وهو مطمئن النفس ومستقر البال وواثقاً من نفسه وقدراته ونجاح عمله مما يساعده على التنبؤ بفعالية الدرس ونجاحه . مفهوم التخطيط : عرف التخطيط بأنه التصورات والتوقعات التي يضعها المعلم حسب وعيه الكامل بالأهداف والمحتوى والإمكانات والوسائل المتاحة وحاجة المتعلمين لأحداث التغير المنشود في سلوك المتعلمين أو هو النظام الذي يسير عليه المدرس في يلقيه على تلاميذه من دروس بأقل وقت وجهد ممكن . المراجع والمصادر العامة 1.انظر محب الدين أبو صالح، مقداد يالجن، عبد الرحمن النحلاوي: دراسات في التربية الإسلامية 2. أنظر المرجع السابق ص 93.، 3.أنظر المرجع السابق ص15. 4.أنظر المرجع السابق ص71.. 5.أنظر انجيلا ميديسي: التربية الحديثة، محمد أحمد سليمان : سلسلة الألف كتاب ص31.. .أنظر الشعبة العربية للتربية والعلوم الثقافية- معجم العلوم الاجتماعية ص 45.. 6...أنظر عمر محمد الشيباني: تطور النظريات والأفكار التربوية ص60. 7.أنظر المرجع السابق ص8.. 8..أنظر الراغب الأصفهاني: المفردات في غريب القرآن 38.. 9.انظر البيضاوي: أنوار التنزيل، وأسرار التأويل ص85.. 10...أنظر ابن سينا: الأخلاق ص15.. 11.. انظر محمد عبد الله دراز: كلمات في مبادئ علم الأخلاق ص21.. 112 .أحمد زكي بدوي: معجم العلوم الاجتماعية، مكتبة لبنان، بيروت، 19䀎 2 Madeleine Grawitz: Lexique des sciences sociales , Dalloze, Paris, 1983. 13انظر علي وطفة : علم الاجتماع التربوي، جامعة دمشق، مطبعة الاتحاد، دمشق 1993. 1996 ،6 علي وطفة : الإلكترونيات والاغتراب النفسي، مجلة الطيران المدني في السعودية، عدد 19 2䀎الأول أكتوبر 19䀎..صص 268.٥ 14غي أفانزيني، الجمود والتجديد في التربية المدرسية، ترجمة عبد الله عبد الدايم، دار العلم للملايين، بيروت، 198 1 عبد الله عبد الدايم، من التسيير الذاتي للمجتمع إلى التسيير الذاتي للمدرسة، المعلم العربي، السنة السادسة والعشرون، العدد الخامس، أيار، 19𨁣 هارولد لنستون :مستقبل التربية نظرة عالمية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، مستقبل التربية وتربية 26 تشرين -المستقبل، التقرير النهائي للحلقة الدراسية التي عقدها المعهد الدولي للتخطيط التربوي، باريس من الأول أكتوبر 19䀎 ص 2 15.آلفين توفلر: صدمة المستقبل أو المتغيرات في عالم الغد، ترجمة محمد علي ناصيف. مصر، القاهرة 1990 16علي وطفة : علم الاجتماع التربوي، جامعة دمشق، مطابع الاتحاد، دمشق، 199 1 17.نادر فرجاني : مجتمعاتنا نسخ مشوهة للمجتمعات الغربية، الباحث العربي، يناير .كانون الثاني . 199٧ 1٧ مكتب التربية العربي لدول الخليج : الإصلاح التربوي في الولايات المتحدة الأمريكية، مطبعة مكتب التربية العربي .لدول الخليج، الرياض 1988 18.عزت عبد الموجود : أمريكا عام 2000 استراتيجية للتربية، مركز البحوث التربوية في جامعة قطر، الدوحة 199 2. ص: 19. 19 المعهد العربي للتخطيط وثيقة تعليم الأمة العربية في القرن العشرين . الكارثة والأمل .، مرجع سابق ص:4 19.علي عبد الله المناعي : من يعلق الجرس ؟ التربية التي نريد تربية مستقبلية، قطر، وثيقة غير منشورة . الدوحة، 1996 ص: 9 2 1 المرجع السابق. 20.المرجع السابق: ص: 1 2. 23 محمد منير مرسي : الإصلاح والتجديد التربوي في العصر الحديث، عالم الكتب، القاهرة، 199 2.ص 26٥ 21.محمد متولي نعيمة : القيمة الاقتصادية للتعليم في الوطن العربي، الوضع الراهن واحتمالات المستقبل، الدار المصرية .اللبنانية، القاهرة، 1996 22 .آلفين توفلر: صدمة المستقبل أو المتغيرات في عالم الغد، ترجمة محمد علي ناصيف.مصر، القاهرة 1990 26 .محمد متولي نعيمة : القيمة الاقتصادية للتعليم في الوطن العربي، الوضع الراهن واحتمالات المستقبل، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 1996ص: 20٥ 23.المرجع السابق ص: 20٧ 24.مكتب التربية العربي لدول الخليج: أمة في خطر، ترجمة يوسف عبد المعطي، 1984وانظر أيض ا: البيت البيض : أمريكا عام 2000، استراتيجية للتربية، 1990، ترجمة محمد عزت عبد الموجود، جامعة .قطر، مركز البحوث، الدوحة، 199 2 25.يحي حسن درويش : الجوانب الاجتماعية للتنمية والتخطيط، معهد التخطيط القومي، القاهرة 19883 2 علي عبد الله المناعي : من يعلق الجرس ؟ التربية التي نريد تربية مستقبلية، قطر، وثيقة غير منشورة . الدوحة، . 199633 عبد العزيز عبد الرحمن كمال & عبد الباسط محمد عب د المعطي & عبد العزيز عبد القادر المغيصب & أمينة علي كاظم & سبيكة محمد خالد الخاطر، كلثم علي غانم الغانم : دراسة تحليلية لبعض ظواهر القطري ومشكلاته الاجتماعية والنفسية في ضوء ما هو متاح من بحوث، جامعة قطر، من غير تاريخ .. 26.المرجع السابق: ص 36 27.المعهد العربي للتخطيط وثيقة تعليم الأمة العربية في القرن العشرين . الكارثة والأمل . التقرير التلخيصي لمشروع .30- نيسان .أبريل . 199 2-مستقبل التعليم في الوطن العربي . تحرير سعد الدين ابراهيم، القاهرة -ص 18 28. خلدون النقي : أين الخلل في العملية التربوية في الكوي ت ودول الخليج ، جريدة الخليج ، الأربعاء . 199٧، العدد 6𧾹/٥/ 14 29.تجربة مجلس التعاون ومتطلبات نجاحها ، التعاون ، السنة الثانية ، العدد السابع ، . .٧٥يوليو 198٧ .صص 1٥ 30.آلفين توفلر : صدمة المستقبل أو المتغيرات في عالم الغد ، ترجمة محمد علي ناصيف مصر ، القاهرة 1990 علي وطفة : رؤية نقدية لوثيقة الأهداف التربوية المطورة في دولة قطر، الدوحة، 1996 31انظر أحمد مجدي حجازي : أمية المثقف العربي :الإبداع وأزمة الفكر السوسيولوجي المستقبل العربي ، عدد 151، أيلول سبتمبر ، 199 1ص 9٧ 32 صديقة عبد الوهاب : التخطيط والخطط الدراسية في التدريس ، آفاق تربوية ، العدد الرابع ، 1994 ص: 199 33 المصدر : http://elearningspaces.net/?p=19 http://www.brooonzyah.net/vb/t187848.html انظر : مكتب التربية العربي لدول الخليج : الإصلاحات التربوية، مطبعة مكتبة التربية العربي لدول الخليج، .الرياض، 1984 انظر. وينجرت وجرينبرج ،1996، ووليم عبيد ،1999، ....
#ميكائيل_لزم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|