أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - علي سرمد - المرأة ونسق اللون الأسود في الثقافة العربية














المزيد.....

المرأة ونسق اللون الأسود في الثقافة العربية


علي سرمد

الحوار المتمدن-العدد: 8116 - 2024 / 9 / 30 - 02:59
المحور: قضايا ثقافية
    


يعدّ مفهوم النسق من أهم المفاهيم التي تسيّر المجتمعات وتتحكم به سواء بطريقة واعية أم غير واعية، ولا يكاد يخلو أيُّ مجتمع من فكرة النسق سواء أكانت هذه الأنساق من حيث النوع إيجابية أم سلبية. وهذه الأنساق بطبيعتها نسبية، أي تخضع للتغيّر بمرور الزمن حين يجد المجتمع أن أيَّ نسق لم يعد يتماشى مع الوضع الثقافي الراهن في عصره، لأنه في عمقه صناعة مجتمع، غير أن بعض الثقافات البالية ترى فيه مقدّسا وتحاول جاهدةً ألّا تتعرض قيمته للنقد والمساءلة أو التغيير بما يتماشى مع رؤية العصر الذي تعيش فيه. ما يهمنا من كلّ هذا أن امتثال بعض المجتمعات للنسق لا يسير على الجميع في نفس الوتيرة، أي يطبّق على البعض بوصفه مطلقاً وعلى البعض الآخر يتمُّ التهاون فيه بطريقة تكاد تتلاشى. وهذا التصوّر الأخير هو ما نودُّ تسليط الضوء عليه من خلال موضوعنا(المرأة ونسق اللون الأسود).
إذ يعدُّ اللون الأسود نسقا تمتثل له المجتمعات حسب بنياتها الثقافية، على أن دلالة هذا اللون قد تختلف من مجتمع لآخر، ففي بعض المجتمعات يدلُّ على الحزن وهي الصورة السائدة، وفي بعضها الآخر قد لا يحمل ذات الدلالة، أي قد يكون دلالة على الفرح والأناقة كما هو الحال في دول شمال الكرة الأرضية ومنها الأندلس، وعليه فإنّ اللون الأسود يحمل دلالات مختلفة انطلاقاً من ثقافة الشعوب فهو عند الأفارقة يرتبط بالهوية، وعند المصريين القدماء يرتبط بالتمرّد والخوف... الخ. أما في ثقافاتنا فهو يرتبط بالحزن. ما أريد قوله أن نسق اللون الأسود ذات طبيعة ثقافية أكثر منه دينية، ففي عصر ما قبل الإسلام-كما يرى صاحب كتاب الحياة الاجتماعية في مكة- كانوا يرتدون السواد كدلالة على الحزن وكان ((يسمى بالسلاب أو السلُّب وهي ثياب سوداء ترتديها النساء عند الحزن)). أما في عصر صدر الإسلام فلم يكن يحبّذ ارتداء اللون الأسود حتى على الميت إلّا في أيام معدودات، وهناك أحاديث وأقوال كثيرة تحثُّ على هذا الأمر، وقد تحول هذا اللون نسقاً ثقافيا ودينيا-كما يذكر صاحب كتاب مآثر الأنافة في معالم الخلافة، ج2: 236- في العصر العباسي، والسب في ذلك يعود ((إن مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية حين أراد قتل إبراهيم بن محمد العباسي المعروف بالإمام أوّل القائمين من بني العباس لطلب الخلافة قال لشيعته: لا يهولنّكم قتلي، فإذا تمكنتم من أمركم فاستحلفوا عليكم أبا العباس يعني السفّاح، فلما قتله مروان لبس شيعته السواد، فلزمهم ذلك وصار شعاراً لهم)).
انطلاقا مما سبق نرى أن نسق اللون الأسود يختص في ثقافتنا على المرأة إلى الآن أكثر منه على الرجل، فالرجل لا يتعرّض لأي انتقاد حين يرتدي أيَّ لون غير الأسود في مجالس العزاء وغيرها من مناسبات الحزن، ويكاد يقتصر فقط على أصحاب العزاء نسبياً. أما المرأة فتخضع لهذا النسق خضوعا تامّا وتكون معرضة بصورة مطلقة للانتقاد، ولهذا نجد كلَّ النساء يرتدينَ السواد في مجالس العزاء حتى وإن لم يكنَّ من أصحاب الفاجعة. لكن لمَ هذا التمييز في فرض النسق على المرأة دون الرجل؟ وكأن النسق يستمدّ وجوده وبقاءه من المرأة وبدونها يبدأ النسق بالتلاشي والاختفاء.
إنّ الإجابة عن السؤال السابق يعود في رأيينا إلى ما يسمى بالأنساق الكبرى والصغرى، فاللون الأسود بالنسبة للمرأة نسق كبير وبالنسبة للرجل نسق صغير، وينشأ هذا التمييز النسقي بينهما من قبل واضع النسق، وبما أن اللون الأسود جزء من إنتاج ثقافة أبوية فيخضع له الأكثر تهميشاً في المجتمع وهي المرأة.
ولهذا يمكن القول إن ذكورية الثقافة تفرض قوة نسقها وديمومته من خلال المرأة، والمرأة بدورها تكون حاملة لتلك الانساق باللاوعي لتدافع عن ديمومة النسق المفروض قسراً عليها، وعليه نجد أن باب الانتقاد بين النساء في تلك المناسبات أكثر منه بين الرجال، والأدهى من ذلك حين تأخذ هكذا أنساق بعداً مؤسساتيا، أي تفرض وجودها في المؤسسات الرسمية، انطلاقا من هذا التمييز الجنوسي بين الرجل والمرأة، أي يصبح علامة دالة على الاقصاء من وجهة نظر أحادية.



#علي_سرمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة ونسق اللون الأسود في الثقافة العربية


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - علي سرمد - المرأة ونسق اللون الأسود في الثقافة العربية