أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - فى بيتنا ( مطلب )















المزيد.....


فى بيتنا ( مطلب )


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8115 - 2024 / 9 / 29 - 00:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أولا :
1 ـ نزل الشيخ المبروك ضيفا على القرية ، وسرعان ما استحوذ على اعتقادهم فيه وتقديسهم له ، وكان العمدة اكثرهم اعتقادا فى الشيخ وطاعة لأوامره ، وصحا الشيخ فى ليلة واخبر العمدة بوجود مطلب، أى كنز مدفون تحت جدار الدوّار القديم ، وأنه يستلزم بعض الأوراد الروحانية والمشغولات الذهبية حتى يستطيع أن يفتح المطلب ويستخرج الكنز ، وآمن أهل القريه بصدقه وجمعوا له كل مايملكون من الذهب ، وانهمكوا فى قراءة الأوراد واقامة الأذكار. وفى الصباح اكتشفوا هروب الشيخ المبروك بالذهب .
2 ـ وهذه القصة تتكرر كثيرا فى الريف المصرى الذى لايزال فى الأغلب محتفظا بمعتقدات القرون الوسطى وأهمها حكايات المطالب أو استخراج الكنوز المدفونة .
3 ـ وقد بدأت الحكاية بمحاولات العثور على الكنوز المدفونة فى الآثار المصرية القديمة ، وقد لاحظ الطبيب العالم عبداللطيف البغدادى الذى زار مصر سنة 595 هـ أن كثيرا من المشعوذين ادعوا معرفة الكتابة الفرعونية وتحايلوا بذلك على أرباب الأموال ليعطوهم الامكانات ليحفروا بها عن الكنوزالمدفونة فى المعابد الفرعونية ، وأن ذلك صارهوسا أسفر عن تخريب الآثار القديمة . كان ذلك فى أوائل العصر الأيوبى.
4 ـ ثم جاء العصرالمملوكى وقد ساد التصوف وتعاظم الاعتقاد فى الأولياء وعلمهم بالغيب وكشف المستور، مما أدى ببعض الصوفية لادعاء معرفة الكنوز أو ( المطالب ) والكشف عنها ، ووجدوا من يصدقهم من أغلبية الناس الذين يعتقدون فى كرامات الصوفية وعلمهم اللدنى .
5 ـ وقد لفتت هذه الظاهرة المؤرخ ابن خلدون فقال فى المقدمة ( إن كثيرا من صغار العقول يحرصون على استخراج الأموال من تحت الأرض ويبتغون الكسب من ذلك وأنهم يعتقدون أن أموال الأمم السابقة مختزنة كلها تحت الأرض ومختوم عليها بطلاسم سحرية لا يفكها إلا من كان مؤهلا لذلك. ) ، ويقول ابن خلدون عن أولئك المشعوذين ( أنهم وجدوا لهم سوقا رائجة فى مصر حيث قبور الفراعنة مظنة لوجود توابيت الذهب لذلك عنى أهل مصر بالبحث عن المطالب ).
6 ـ وذكرت المصادرالتاريخية ادمان الكثيرين من المشاهير بالبحث عن المطالب، وكان منهم السلطان الغورى ، حتى أنه حين ذهب للتنزه عند الاهرام أشاعوا أنه ذهب للبحث عن مطلب ، والشعرانى أشهر صوفى ـ وقد عاصر الدولة المملوكية وسقوطها ـ روى فى كتابه ( لطائف المنن ) أن بعضهم خدع السلطان الغورى وجاء به الى آثار الفراعنة بعين شمس ليعثر له على مطلب هناك . وفى هذا العصر بالذات ــ فى القرن العاشر الهجرى كثر المحتالون من طالبى"المطالب"، وكان لهم شأن عظيم مما آثار عليهم شيوخ الصوفية فى عصره، فاحتج عليهم الشعرانى قائلا : ( إن الفقراء الصادقين . ــ يقصد الصوفية الحقيقيين ــ فى غنية عن عمل الكيمياء وفتح المطالب) . والسبب فى احتجاج الشعرانى عليهم أنهم ـ وقد تعاظم نفوذهم ـ تسلطوا على الناس وأكلوا أموالهم وانتهكوا أعراضهم بحجة العثور على المطالب ، وهذا مانستفيده من أقوال الشعرانى فى كتابه لواقح الأنوار، يقول عن أولئك الأشياخ : ( وبعضهم يقول للرجل : عندك فى بيتك مطلب ما يفتح الا عندما تخلى أجنبيا بامرأتك سبعة أيام وأكثر ، وينام ويصبح معها ويخدمها الرجل بنفسه ويطعمها أطيب الطعام حتى يأتى لهما بالخمر!! ). ( وبعضهم يقول ان المطلب لن يفتح الا اذا أمكنتنى من زوجتك على باب المطلب .. ). !!
7 ـ ولم يرزق العصر العثمانى شيخا صوفيا بعد الشعرانى ، مما أتاح للأشياخ أن يمتصوا دماء الناس بشتى الحيل مثل المطالب أو الكيمياء ، وكانت تعنى تحويل المعادن إلى ذهب بطريقة السحر أو ادعاء الكرامات.
8 ـ ثم صحت مصر على ضجيج الحملة الفرنسية ، وبدأت تفيق من ظلمات الخرافات ، وأسس محمد على مصرالحديثة مستلهما النمط الأوربى، ثم وضعت القوانين المصرية متأثرة بنفس المصدر خصوصا التشريع الفرنسى الذى أرساه نابليون من قبل ، وطبقا للقوانين المصرية فإن مصير ذلك الذى يخدع الناس ويستولى على أموالهم بحثا عن مطلب ــ هو السجن متهما بالدجل ، وكثيرا مايقوم البوليس بالقبض على كثير من الدجالين والنصابين مدعى الأعمال السحرية . هذا مع أن أولئك الدجالين كانوا فى العصر العثمانى من كبار الأولياء المقدسين حيث كان نفوذهم فى منتهاه، ولاتزال البيئات الشعبية والريفية تحتفظ لهم ببعض التقدير ــ برغم أنف القانون ــ بدليل تمتعهم بلقب المشيخة والتفاف الناس حولهم واعتقادهم فيهم . ولو قامت فى مصر دولة دينية لاستعاد أولئك مجدهم ولتحولت عيادات الأطباء الى علاج بالتمائم والأحجبة وبركان سيدنا شمهورش !!
9 ـ لقد توقف القانون المصرى عند ذلك الدجال صاحب الأعمال السحرية واستخدام الجان ، وجعله مجرما ، وكان ينبغى للقانون أن يضم الى هذه الطائفة كل أولئك الذين يخدعون الناس البسطاء ، ويدعون أنهم أولياء الله وأنهم أصحاب الكرامات ، وعلى هذا الأساس يقدمون لهم الناس النذور والقرابين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
10 ـ صحيح أن هؤلاء الأدعياء كانوا كثرة كاثرة فى العصر العثمانى أسهموا فى تأخر مصر وجهلها ، وصحيح أنهم تناقصوا وتضاءل نفوذهم بسبب الصحوة العقلية التى أحدثتها الحملة الفرنسية ، ولكن أولئك لايزالون على الساحة ، خصوصا فى الريف يأكلون عرق الفلاح المصرى المسكين ويمتصون دماءه . وأخشى ما أخشاه أن يعود لهم نفوذهم المدمر مع تلك الانتكاسة الدينية العقلية التى بدأت تدب فى حياتنا متسترة بذلك الأهتمام بالدين ، ومن هنا كان لابد من توضيح الحق ولو كره الكارهون .)
أخيرا
1 ـ هذا مقال سبق نشره فى جريدة ( الأحرار ) فى سلسلة ( قال الراوى) بتاريخ 24 فبراير 1992 . كان ضمن جهد مستمر لنشر الوعى الدينى ، وفى مواجهة الاخوان وركوبهم موجة التدين ليصلوا بها للحكم . وهم أسوأ من الشيوخ المحتالين ( أصحاب المطالب ) ، لأنهم سيسرقون وطنا وسيغتصبون شعبا .
2 ـ لم أكن أعلم أننى سأعيش لأرى مستبدا عسكريا ضئيل الحجم ينهب كل شىء ، من الآثار الى الأموال السائلة ، ويقيم مشروعات وهمية يمتص بها ما تبقى فى جيوب المصريين ، ويقترض على حسابهم وعلى حساب أجيالهم القادمة ، ويشترى السلاح بالبلايين ليأخذ عمولة ويسترضى به الدول التى يشتريه منها ، ويستقوى بهم على الشعب المصرى المقهور. ويعلم الجميع انه لن يحارب ، فلم يسبق له أن شارك فى حرب . ويعلم قليلون أن الذى يبيع سلاحا يتحكم فى تسييره بما يشبه الريموت كنترول . أى إن الطائرات التى إشتراها من أمريكا ـ مثلا ـ يمكن إيقافها بضغطة على زر فى أمريكا . أى هى جثث هامدة تتحرك بإذن صانعها وليس بإرادة من إشتراها .
3 ـ فرق هائل بين الشيخ المحتال وبين هذا المستبد العسكرى الضئيل ، الذى لا يكتفى بالنهب والسلب وبيع أجزاء الوطن ، بل يقهر المصريين بالسجن والاعتقال والتعذيب والأجزاء الوطن ، بل يقهر المصريين بالسجن والاعتقال والتعذيب والإخفاء القسرى والقتل السّرّى .
4 ـ فرق هائل بين الاخوان وهذا المستبد العسكرى الضئيل . الإخوان ليسوا ( عسكرا ) ، هم مدنيون غاية فى السذاجة ، يتوهمون سهولة تطبيق الشعارات التى يرفعونها ولا يفهمونها . يكفى فى سذاجتهم وخيبة عقولهم أن هذا السيسى خدعهم بمراءاته بالصلاة والتسبيح والخشوع ، فرقّاه مرسى الى أن جعله وزير الحربية . وفى النهاية جعله هذا السيسى كوبرى يصل به للحكم ، وانتهى الاخوان للسجن ، وانتهى مرسى الى القتل .
5 ـ ألا لعنة الله جل وعلا على الاخوان والعسكر .!



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن ( محدث / أرجه / عادين / كسفا / بتاع وباتع / لا يرجعون / ب ...
- إبن خلدون .. والعسكر
- عن ( ولأضلنهم ولأمنينهم / ولم أكن بدعائك ربى شقيا )
- عن ( خسروا الدنيا والآخرة )
- شخصية موسى عليه السلام فى تدبر قرآنى :
- عن ( العسكر والأوقاف / النحس والعذاب )
- عن ( سؤالان / الاختيار والاختبار / جبار / البخت والحظ )
- معانى ( كان ومشتقاتها ) وتنوع زمنها بما يخالف قواعد النحو ( ...
- عن ( شرع المستبد / تبسل و مبلس / ينتع / ملك وملكوت / لك يوم ...
- عن ( طريق زبيدة بين المؤرخين والرحالة )
- سورة التوبة فى تدبر سريع
- عن : ( تأديتنا للصلاة / حسنات الأبرار سيئات المقربين / معنى ...
- عن ( فى ذمة الله / سمعنا وعصينا / يتمطى / محمد كامل حسين و ق ...
- معانى ( كان ومشتقاتها ) وتنوع زمنها بما يخالف قواعد النحو ( ...
- عن ( الكلمة الطيبة صدقة / إمرا / الشهادة بالإنترنت / ذلول / ...
- عن ( المشرق والمغرب / يحور / سيارة / بخس / إستغشوا ثيابهم )
- معانى ( كان ومشتقاتها ) وتنوع زمنها بما يخالف قواعد النحو ( ...
- عن الشيطان ونحن
- عن الألم والموت
- معانى ( كان ومشتقاتها ) وتنوع زمنها بما يخالف قواعد النحو ( ...


المزيد.....




- حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان ...
- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
- حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب ...
- ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر ...
- ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين ...
- قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم ...
- مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط ...
- وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم ...
- “سليهم طوال اليوم” تحديث تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - فى بيتنا ( مطلب )