أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رائد الحواري - حداثة الطرح الديني في كتاب -تأويل المُأول- سعادة أبو عراق















المزيد.....


حداثة الطرح الديني في كتاب -تأويل المُأول- سعادة أبو عراق


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8114 - 2024 / 9 / 28 - 00:44
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


إهمال الفكر الماركسي واليساري والقومي والنهضوي المسألة الدينية، والتعامل/التعاطي مع هذا الأفكار باندفاع عاطفي، حال دون تفهم الجماهير لحقيقة الطرح النهضوي، والرؤية التقدمية لدين، وأثر سالبا على التعاطي مع المسائل الدينية، خاصة الدين الإسلامين، بمعنى أن تيارات اليسار والقومية لم تتعامل أو تعطي الجماهير أفكارا تفصيلية عن نظرتها لدين، والقلة من المفكرين التقدمين دخلوا إلى تفاصيل الدين، وبقوا يحومون حول العموميات، مما جعلهم على (هامش) الجماهير، ومحدودي التـأثير، حتى بات كل من ينسب إلى التيارات اليسارية والقومية كافرا أو ملحدا، وهذا ما جعل التيارات الدينية السياسية مهيمنة ومسيطرة على الجماهير التي تستمع كل يوم كل جمعة لخطبهم التي تكفر الآخرين وتشيطنهم، مما جعل كل من يتبنى الفكر التقدمي شيطانا، وكل من يدعي الإسلام ملاكا.
وقد رأينا خطورة هذا الأمر فيما جري في ليبيا والعراق وسورية واليمن، حيث استباح الإرهاب الفكري العقول، وحول الناس إلى قتلة ومجرمين وباحثين عن الحور العين، حتى أن أحدهم كتب (فجروا من في الأرض تنكحوا من في السماء) من هنا كان على المفكرين التقدميين إعطاء المسألة الدينية حقها، وتقريب وتسهيل وتبسيط الفكر التقدمي للجماهير، بحيث يقتنعوا أنه فكر تقدمي حقيقي، وليس تنظيرا يكتب على الورق ويوضع في الكتب ويناقش في القاعات المغلقة.
"سعادة أبو عراق" تنبه لهذا الأمر (متأخرا) وأخذ يكتب بتفاصيل نقدية تقدمية للعديد من المفاهيم الإسلامية المنتشرة في المجتمع، بمعنى أنه دخل مضمارا محرما ومحظورا، فهو مكان له أصحابه من (العلماء الأجلاء) الذين يعلمون كل صغيرة وكبيرة في الدين.
وهذا بحد ذاته يحسب للباحث، فقد خرج من ثوب التنظير إلى الفعل والعمل، وما تناوله العديد من المسلمات الدينيةـ إلا تأكيدا لدوره في توعية الجماهير باللغة التي تفهمها، اللغة الدينية.
الباحث يتناول أثنين وعشرين مسألة دينية ومسلمة، بحيث يعيد تفسيرها وتركيبها، ويقدمها للجمهور بطريقة سهلة وبسيطة ومقنعة، وكل تحليلات تستند على عقلنة فهم القرآن الكريم والأحاديث النبوية، بمعنى أنه يقدم الدين بفكر ديني عقلي، وليس بفكر ديني جامد، ثابت.
سنحاول التوقف عند بعض ما طرحه في "تأويل المُأول" لتبيان أهمية أسلوب الباحث ودوره في توعيه الجماهير، يتحدث في "ضرورة مراجعة التراث الفقهي" عن أهمية استخدام العقل/المنطق، وضرورته في إخراج الأمة من الظلمات إلى النور بقوله: "وكان قول الأمام مالك (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها) قاعدة أساسية لمنهج الثبات الفكري والثبات الحضاري، أي أن الجنوح عن هذا النموذج هو جنوح عن الدين وبالتالي انهيار المجتمع، ولم يكن في ذهن احد أن الوقوف يعني عدم مسايرة التطور، ويعني التراجع، وما زالت كل الحركات الإسلامية ترفع هذا الشعار" فالباحث هنا يخاطب العقل ويؤكد أن الثبات يعني الجمود وعدم التقدم، وأن لكل عصر/زمان أدواته، ويجب التعامل بعقلنة وموضوعية مع المتغيرات.
وينسب تخلف الأمة إلى وجود المحرمات التي دخل المتحدث في قضايا دينية النار وتجعله من أهل السعير: "أن الفكر الديني أقام أمام الباحثين أسوارا من الإثم والحرام، تجعلهم اقل مجازفة في هذا المجال" وهو بهذا الفقرة يؤكد ضرورة الدخول إلى المحظورات والممنوعات التي تبقي كل شيء على حاله، بمعنى تجعلنا منعزلين عن الآخرين وعن التقدم والتطور الحاصل في العالم.
الباحث لا يكتفي بالشرح وتوضيح أفكاره، بل يعطلنا نموذجا حيا لأهمية العصر وعقلنة تفسير القرآن الكريم، فيتحدث عن حادثة طلب موسى عليه السلام أن يرى به بهذا الطرح: "حينما طلب سيدنا موسى من ربه أن يريه نفسه، فطلب منه أن ينظر إلى الجبل، وحين نظر، فاغشي عليه حين رأى الجبل ينهدم كأنه كومة رمل، ليوحي إليه اني لست على هيئة بشرية كما يتصور البشر، بل كالطاقة في وقت لا احد يفهم ما معنى طاقة، التي تؤثر فينا ولا نراها كالضوء والجاذبية والحرارة وحديثا الطاقة الذرية في هيروشيما، أفكار لا تفهم بالمعنى القاموسي للكلمات" من كان يعرف من السلف الصالح مسألة الطاقة وما فيه من قوة!؟ ومن هنا نجد الباحث يرفع مسألة الإيمان عند المتلقي وتجعله أكثر تفهما لما يؤمن به، وهل هناك أهم من الإيمان بالله؟
المسألة الثانية التي يتناولها الباحث "الذي علم بالقلم" فيقدم هذه المسألة بطريقة عقلية، تشمل كل المسلمين وتتجاوز حالة الفرد الخطاب "سيدنا محمد (ص)، يفسر هذه الآية بقوله: "لأن الفقهاء لم يجدوا في أمر الله الصريح (اقرأ) فريضة يجب إتباعها، فعلى ما أسرف المفسرون في تفسير الآيات وتأويلها، لم نجد من يقول إن هذه الآية ما هي إلا فرض عين على كل مسلم ومسلمة بأن يتعلم القراءة والكتابة.
إن هذه الآية التي أبرقت في ذهني عرضا، فتحت أمام بصيرتي تساؤلات واسعة، فالأمر الإلهي (اقرأ) ما كان للرسول فقط" نلاحظ أن الباحث إخراج حالة الفرد الغائب والماضي، وحولها إلى الشخص/الجمهور/المجتمع الحاضر، بمعنى أنه أخرج فكرة الرسالة من حالة الفرد (الرسول (ص) إلينا نحن الآن في هذا الزمان، وهذا ما يجعل تناوله السابق المتعلق بصلاح الإسلام الحاضر وارتباطه بالماضي "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها" يأخذ بعدا جديدا، يقع على كاهل كل فرد مسلم، وليس متعلق (بنخب/بشيوخ) فالإسلام دين للجميع، وعلى لجميع فهمه، وهنا يكمن أهمية هذا الطرح (إخراج فهم الدين إلى الجماهير) وعدم إبقائه في دائرة ضيق، تلعب بالعقول وتشيطين من تريد وتعطي صكوك الجنة لمن تريد: "أن الله فرض أول ما فرض القراءة والتعلم, ولم يقل اسألوا الشيخ" وبهذا يكون الباحث قد أوصل فكرته للجماهير، وعرفها بدورها في التغيير والنهوض، وأبعدها عما يعيق تقدمها ويحد من انطلاقتها.
المسألة الثالثة يتناول "وكنتم خير أمة أخرجت للناس" فيرى هذه الخيرية في الأخلاق، وهنا يعود بنا إلى بداية الفتوحات الإسلامية وكيف تعامل المسلمون مع العرب المناذرة والغساسنة: "4- لم تنشأ بينهم وبين الغساسنة والمناذرة خصومان دينية بسيب اعتناقهم للديانة المسيحية، بل رأوا في الديانة المسيحية ديانة سماوية. بحمايتهم كأهل ذمة، بل وجدنا أيضا، التعامل مع الغساسنة كعرب بغض النظر عن ديانتهم، فلم يجبروا أحدا على اعتناق الإسلام، فما زالت هذه القبائل المسيحية إلى الآن موجودة في الأردن، وربما كان منهم في معركة اليرموك والمساهمة السلبية سببا لانتصار في معركة اليرموك والتخلص من سيطرة الروم.
5- هذه الأقوام والشعوب لم يجعلوا منهم سبايا ولا اسرى ولا عبيدا، فلا يمكن لرجل تُسبى زوجته وبناته وأبناؤه ويأخذون عبيدا بالإضافة انه يمكن أن يكون عبدا وتؤخذ أملاكه، ثم يدعى إلى الإسلام، انه امر غريب لا يمكن تقبله"
أهمية عودة الباحث إلى الماضي، إلى التاريخ، تكمن في أن العقل العربي متعلق بالتاريخ وما فيه من إنجازات، لهذا عندما استند الباحث إلى أحداثا تاريخية ماضية أراد أن يجذب القارئ لما يطرح له من أفكار التي جاءت بعين اللغة لتي يفهما، والثقافة التي يعشقها، من هنا سيكون اثر هذا الطرح إيجابيا وراسخا فيه.
نلاحظ أن الباحث يتجاوز فكرة الإيمان المعتمد والمستند على قول "لا إله إلا الله" إلى الفعل والسلوك والعمل، بمعنى أنه يريد من المسلم أن يخرج ويظهر إيمانه من خلال عمله وفعله وليس من خلال كلامه "إن قول الله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) كان وصفا لأخلاق المسلمين في التاريخ معين، فلم يكن وصفا أبديا لشعب كان خير أمة، في وقت معين، ولا يمكن أن يبقوا خير الأمم في جميع العصور، إلا اذا كان مشروعهم في بناء الأخلاق" فالكلام كثير ويضر ولا ينفعل إذا لم يتبعه الفعل، فالباحث بهذا يؤكد قوله تعالى: "قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" فالمسلم لن يكون بمنأى عن المحاسبة إذا لم يقرن إيمانه بالعمل وبالفعل، وإلا أمسى حاله كحال غير المؤمنين.
وفي مسألة "قال ربي أرني أنظر إليك" يقودنا إلى ذات ألله عز وجل، ويتحدث عنه بطريق عصرية علمية بعيدا عما تحدث به الآخرون، فينسب صعق سيدنا موسى عليه السلام يعود إلى أن الله عز وجل هو : "طاقة بالمعنى المجازي وليس الفيزيائي" وبهذا الطرح يتجاوز الباحث ما هو مطروح، ويؤكد أن الله مطلق لا يمكن تجسيده بهيئة محددة أو تشخيصه، وأن كل ما جاء من صفات متعلقة بالله عز وجل مثل "يد، سميع، بصير" ما هي إلا من باب المجاز، وإن الله أكبر وأعظم من أن يتم تصويريه أو تحديد هيئته أو شكله.
بعدها يأخذنا إلى كيفية الخلق وكيف جاء الكون وما فيه من مخلوقات ومكونات، مستعينا بقول أحد الفلاسفة الغربيين: "أن الله لم يخلق كل شيء بيده بل خلق القوانين التي يسير وفقها الكون وكل المخلوقات، وعلينا نحن البشر أن نكتشف هذه القوانين التي وضعها الله" وهذا التفسير متوافق ومطابق لما قاله الأمام الشعراوي الذي ماثلة عملية خلق الكون بعملية تصنيع اللبن، فهناك بكتيريا هي من تقوم بتحويل الحليب إلى لبن.
وعن مسألة "ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها" يأخذنا إلى العمل وأهميته في تحقق الرزق وجلبه، فالرزق يحتاج إلى عمل وليس إلى نوم وخمول: "(واسعوا في مناكبها وكلوا من رزقها) وان الله لن يقدم لك غذاءك وأنت مستريح في بيتك" نلاحظ أن الباحث يركز على أهمية العمل في المجتمع ودوره في تحقيق النمو والنهضة، فهو يريد من الكل العمل وعدم البقاء في حالة خمول وانتظار الرزق: "إن عدم فهمنا للذات الإلهية والتعبير المجازي في القرآن الكريم جعلنا نتصور الله جل علاه كربِّ العائلة الذي يحضر لأطفاله طعامهم" فالرزق مرتبط بالعمل، ودون العمل لن يكون هناك إلا الهلاك، أو البقاء على حافة الهاوية، أو تابعين لما يرسل من مساعدات تذل الأمة وتجعلها تابعة وخانعة.
وعن مسألة "أين الإعجاز في القرآن الكريم" يتحدث عن تبسيط القرآن وتقديمه بصورة يفهمها الجميع : "إذن فالقرآن الكريم ما جاء بصيغة لم يعرفها أحد، فالأسلوب بسيط وسهل ومفهوم ولم يوصف القران بأنه معجزة، لا من قبل رب العزة ولا الرسول صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعين، فالصفات المعرفة للقرآن هي؛ الكريم, المجيد والفرقان والكتاب وغيرها ولم يرد أي لفظ بأن القرآن معجزة" فهو يخرج تفسير وفهم القرآن من الخاصة والنخب (العلماء والشيوخ) إلى عامة الأمة، بمعنى أنه يحرر الأمة من هيمنة (الوسطاء) الذي يفسرون القرآن حسب ما يريده الحكام التابعين للاستعمار، فما أصدروه من فتاوى متعلقة باحتلال العراق من الأمريكان والدولة الاستعمارية الأخرى، وتلك المتعلقة بليبيا وسورية واليمن وقبلها في لبنان ما هي إلا نتيجة تسليم رقابنا/عقولنا لهؤلاء العملاء اللابسين ثوب الإيمان والتقوى والوقار.
يؤكد الباحث سهولة فهم القرآن لمن يريد أن يفهمه بقوله: "فالله قد وصفه بالقرآن المبين، ومبين اسم فاعل أي هو الذي يبين للناس ويفصح لهم ولو كان معجزة لكان صعبا عليهم فهمه.
لم ينزل الله القرآن لكي يكون مبهرا للناس بل يكون مفهوما وسليما" وبهذا يكون قد قدمنا من قرآن الكريم كما أمرنا الله عزة وجل، وليس كما يريد أعداء الأمة الذي يسعون لبقاء نفوذهم وهيمنتهم على الأمة ومتحكمين بطريقة تفكيرها.
وفي مسألة "إني جاعل في الأرض خليفة" يتحدث عن طبيعة الإنسان المعرفية والغريزية بقوله: "فطفقا يخصفان عليهما من ورق الحنة)، فعورتهما أشعرتهما بالخجل والحياء، إذن هذا الغريزة الوحيدة التي اخبرنا بها لله، والغريزة الثانية كانت غريزة المعرفة (وعلم آدم الأسماء كلها) واصبح آدم وحده يتميز عن الملائكة بامتلاكه المعرفة" فهذه التركيبة المتناقضة بين ما هو روحي/معرفي وبين ما هو مادي/ حيواني هي ما يميز الإنسان عن الملائكة وعن الحيوان، وإذا ما استطاع أن يتحكم بالغريزة الحيوانية يصل إلى الذروة ويعود إلى الجنة التي خرج منها: "إذن نعرف الآن لماذا ذكر الله وجود أدم في الجنة هو وزوجه، ويأكلان منها رغدا وما يشعران بها من سعادة وحبور، فما هي إلا لتبقى هذه الذكرى في عقله الباطن كهدف يسعى إليه" نلاحظ أن لباحث يستخدم مدرسة التحليل النفسي في تفسره لتعلق الإنسان بالجنة، فما عاشه سيدنا آدم عليه السلام من نعيم في الجنة، جعل عقله الواعي واللاواعي، وعقل اللاواعي في أبناءه متعلق بالجنة، فهذا التفسير يعد من أفضل التفاسير التي تناول الجنة وكيف أن جميع البشر يحلمون بها ويسعون لها.
وعن "4 ـ قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدد" يتحدث عن تساع علم الله، وعلى والواجب الملقى على البشر لنيل هذه المعرفة: "إذن فإن الله انزل التوراة والقرآن والإنجيل كنموذج لمعرفة بعض ما يعرفه الله، ولكنه اكتفى بذكر اتساع معرفته، وهذا ليس لإظهار قدرته التي تفوق قدرة البشر، أو لكي يعظموه ويعبدوه فحسب، إنما أيضا ليقول لهم ابحثوا في هذا العلم الذي خلقة الله واكتشفوا ما تستطيعون اكتشافه، فالله خلق لكم عقولا لتعرفوا أسرار الطبيعة والمخلوقات والمسببات وفهم ما في العالم ... تكملوا اكتشاف السنن والقوانين والنظريات التي وضعها الله في مخلوقاته" فالباحث يرى في هذه الآية دعوة للسعي للمعرفة وليس الاستكانة والاكتفاء بما هو موجود منها.
أجزم أن الأمة لن تتحرر إلا إذا واكبت العلم وسعت إليه، وما نراه في اليمن اليوم من تقدم عسكري إلا تأكيدا لأهمية العلم في ارتقاء الأمم، وجعل الآخرين، الأعداء قبل الأصدقاء يحترمون القوي، العالم، المتقدم.
وعن تسبيح الجمادات والمخلوقات يحلل هذا التسبيح بطريقة جديدة: "ولو أخذنا المغناطيس الذي بجذب الحديد ذلك انه خُلق لاجتذاب الحديد فقط وليس النحاس والألمنيوم بمعنى انه مطيع لأوامر الله أي التسبيح الذي هو إطاعة لأوامر الله...وكل ما في هذا الكون من أشياء يسير في النظام الذي خلقه به الله، بمعنى أنها تطيع أوامره التي هي عبادة له، وبما أن هذا النظام يحفظ للأشياء ديمومتها الأبدية فإنها تسبحه دونما ندري بها" نلاحظ عدم خوض الباحث في أمور لا تفيد، ويكتفي بإيماننا بما جاء في كتاب الله عز وجل، فصورة المغناطيس الجاذبة تكفي لنؤمن بأن الجمادات والمخلوقات والكائنات الأخرى تسبح الله عز وجل، وبهذا يدعوا الباحث إلى الإيمان بما جاء في القرآن الكريم.
أما عن "وزوجناهم بحور العين" يبين كيف أن العديد ممن فسروا هذه الآية اعتمدوا على غريزتهم الجنسية وشهوتهم للنساء، دون أن يتوقفوا عند طبيعة قدرات الإنسان الجنسية/الجسدية والعاطفية/الروحية، يقول: "وحصة الرجل من الحوريات سبعون حورية ثم قالوا إنها تحتاج إلى وصيفات فجعلوا لكل واحدة سبعين وصيفة وغدا للرجل الواحد أربعة آلاف وتسعمائة حورية، أما ترى أنها أحلام الأطفال بالحلوى البوظة وأكوام الملبس وقوالب الكيك، ولم يقولوا لنا وكيف سيتصرف مع هذا العدد الهائل من الحور العين، وهذا النهر الجاري من الخمر" فالباحث هنا يمنطق ويعقلن الآية، من خلال القدرة، ومن خلال الحاجة، فما حاجة الفرد إلى هذا العدد الهائل من الحور العين؟ إلا تكفيه واحدة جميلة تعطيه كل ما يحتاجه من اللذة والمتعة الجسدية والجمالية فيكون سعيدا بما هو فيه من نعيم؟.
أعتقد أن توقف الباحث عند هذا الأمر أراد به الرد على من قالوا (فجروا من في الأرض تنكحوا من في السماء" وهو بهذا يرد على الدواعش ومن لف لفيفهم، فالجنة ليست لجنس الشاذ، بل للتلذذ بنعم الله عز وجل.
وعن "هوس القتل في فقه الأولين" يفند الكثير من حالات القتل التي أفتوا فيها: " بأن الله لم يذكر ولا كلمة قتل في عقاب هذه الكبائر.
والذين سيقولون لي إن الأحاديث النبوية قد أمرت بالقتل سنقول لمن يحتج بهكذا حجة، أن يفهمنا لماذا أمرنا بأشياء بسيطة كقوله تعالى: (لا جناح عليكم أن تأكلوا في بيوت عماتكم وخالاتكم) وترك قضايا تتعلق بالحياة الإنسانية لأحاديث نبوية تتناقل شفاها لمدة قرن ونصف واعتراها كثير من الدس والتحريف؟" نلاحظ أن الباحث يعتمد على العقل والمنطق، فهو يدحض ما دجاء به (السلف الصالح) فما نسب للرسول بحاجة إلى تدقيق والتوقف عنده.
وهنا أكمل أهمة التفكير في عملية القتل، بحادثة الزانية التي جاءت إلى الرسول (ص) معترفة بفعلتها، فأمرها أن تضع حملها، ثم أن ترضع وليدها، وبعد عامين (أقام عليها الحد) برجمها، وهنا أسأل كل من يروي هذا الحديث: أين الرجل الزاني؟ لماذا لم يحاسبه الرسول، وأقتصر الرجم على المرأة فقط؟ أليس في هذا الواقعة تأكيد لسيادة وهيمنة العقل الذكوري؟ ـ علما بأن الدين يساوي في العقوبات بين الرجال والنساء ـ أليس هذا تحريف وخروج عن منطق وعدالة نبي الإسلام (ص)؟
وعن "قطع يد السارق" يتحدث في بداية الموضوع عن دعوة الإسلام للعفو لمن يقتل أنسانا، وهذا يقودنا إلى هذا السؤال: أليس من الأولى يكون العفو في عملية السرقة، الأقل ضرر بالمجتمع؟ ولماذا يتم قطع يد من يسرق ربع دينار؟ ويتم العفو لمن قتل؟: "أنا لا أظن أن شخصا سرق منه ربع دينار سيطالب بقطع يد السارق، ولماذا لم يقل الفقهاء بإرجاع المبلغ المسروق ولا تقع يده، كما في حد القتل إذ أعطي لوكيل الدم أن يعفوا عن القاتل، لماذا لا يعفوا صاحب المال عمن سرق منه ربع دينار ولا تقطع يده؟" الأسئلة أهم من الأجوبة، لأنها تحرك العقل، ويمكنها أن تجعل الأبيض أسود، والأسود أبيض، وعلى كل متلقي أن يتوقف عند هذا الأسئلة، وليستنتج بنفسه أي المنطق/العدالة في قطع يد السارق والعفو عن القاتل.

في مسألة "هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان" يطرح هذا السؤال: "وهناك سؤال آخر هل العبادة التي امرنا الله بها وسيلة أم هدف؟ بمعنى إن العبادة من اجل العبادة لرضاء الله أم لها هدف أخر، لعل ما في الآية الكريمة (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) النافذة التي تطل بنا على هدف العبادة، فالدين غايته إقامة الأخلاق ووسيلة لترسيخ فكرة الله في النفوس وبقية الإيمانيات (تنهى عن الفحشاء والمنكر) ولكن كيف تقيم العبادةُ الأخلاقَ؟ فالله قد امرنا بالصدق والأمانة والكرم والعطاء والعدل والمساواة فماذا بعد؟" وبهذا يقربنا الباحث من الأخلاق مرة أخرى، مؤكد أن الأخلاق والعمل بها يجعل الإسلام صالحا لكل زمان ومكان: "حينما نقول إن الدين الإسلامي هو صالح لكل زمان ومكان نعني أن صالح بأهدافه الذي يسعى إليها وهي القيم الخلقية التي يبنيها في الأفراد، وهذه القيم مطلب لكل البشر في كل زمان ومكان" ودون هذه الأخلاق، دون العمل بها نكون بعيدين عن الحقيقة، عن الإسلام وصلاحه بعد الأرض عن السماء.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعركة في ومضة -وتوضأوا- سامح أبو هنود
- اللغة وسخونة الحدث في قصيدة -محللون- مأمون حسن
- أهمية الأدب في كتاب وعليكم السلام سمير صنبر
- الخريفية في قصيدة صفراء سامي البتجالي -صفراء
- النكسة في رواية -آه يا وطني- محمد حافظ
- الأسرى في رواية -الزنزانة رقم 7- فاضل يونس
- الواقعية وإيجابية الفلسطيني في رواية -دائرة الفرح غير المكتم ...
- حقيقة الاستعمار في كتاب -الثقافة الاستعمارية والألم البشري-[ ...
- نسيم خطاطبة ديوان سديم الحياة
- تألق اللغة وأهمية المضمون في -ذكريات الزمن الآتي- كميل أبو ح ...
- قسوة المرأة في قصيدة -كيف أنسى- لقمان شطناوي
- الواقع الثقافي في كتاب -فتنة الحاسّة السادسة- تأمّلات حول ال ...
- المكان والمجتمع في المجموعة القصصية -ديكور شخصي
- أثر الحرب في مجموعة -قمر 14- أصيل عبد السلام سلامة
- المرأة والمجتمع الذكوري في رواية -غربة- فوزي نجاجرة
- الأم في كتاب -مدللة، أنا فقير وبدي أصير- أبو علاء منصور
- الشاعر والقصة في -أم ثكلى- علي البتيري
- السيرة في -للقضبان رواية أيضا- حسين حلمي شاكر
- الشعرية والمباشرة في قصيدة -الأفول- مأمون حسن
- لفلسطيني والمكان في رواية -اليركون- للكاتبة صفاء أبو خضرة:


المزيد.....




- غارات إسرائيلية تضرب 3 فروع لمؤسسة -القرض الحسن- المرتبطة بح ...
- -دعوا أوروبا لروسيا-.. مؤرخ ألماني يكشف خفايا مفاوضات يلتسين ...
- للمرة الأولى منذ عامين ونصف.. الرئيس الصربي يهاتف بوتين ويشك ...
- الجيش الإسرائيلي يشن غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت ويسته ...
- غارات إسرائيلية على الضاحية -لضرب الذراع المالية- لحزب الله ...
- الجيش الروسي يعزز تموضعه بمحور أوغليدار
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيرة في سماء سوريا
- الجيش الإسرائيلي: استهداف منزل نتنياهو حدث دراماتيكي إيران ش ...
- مصر تطلق مبادرة تمويل جديدة بـ 50 مليار جنيه.. ما تفاصيلها؟ ...
- هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب تستعد لشن -هجوم كبير جدا- على ...


المزيد.....

- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رائد الحواري - حداثة الطرح الديني في كتاب -تأويل المُأول- سعادة أبو عراق