أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - عبد الرحمان النوضة - نَـقْـد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 2/2















المزيد.....



نَـقْـد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 2/2


عبد الرحمان النوضة
(Rahman Nouda)


الحوار المتمدن-العدد: 8113 - 2024 / 9 / 27 - 12:23
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


هذا هو الجزء الثاني (من جزئين) من المقال. ورقم الصِّيغة المُحَيَّنَة هو 9.

فَــــهْــــرَس الـــمَــــقَــــال
1) مَنْ يُطَالِبُ بِـ «الـمَلكية البرلـمانية»................................................................... 3
2) لِـمَاذَا يَسْتَهْوِي شِعَار « الـمَلَكِيَة البَرلـمانية» الكَثِيرِين................................................ 4
3) نَـقْـد التَّسْـقِـيـف.......................................................................................... 5
4) نَـقْـد نَـقْص الوَاقِـعِـيَـة في شِـعَار «الـمَلَكِيَة البَرلـمانية»............................................. 7
5) مَنْ سَيَسْتَـفِيد أكثرَ مِن غَيْرِه مِن تَحْقيق «المَلَكِيَة البَرلمانية» ؟...................................... 9
6) نَـقْد تَجَاهُل شِعَار «الـمَلَكِيَة البَرلـمانية» لِقَوَانِين تَطَوُّر الـمُجْتَمَع.................................... 11
7) الـعَـنَـاصِر الـمُحَدِّدَة لِنَوْعِيَّة النِظَام السيّاسي القَائِم.................................................... 14
8) لَا يَـكْـفِـي نَـقْـل سُلُطَات الـمَلِك إلى الحُكومة......................................................... 17
9) لَا يَـكْـفِـي إِعْلَان "الـمَلَكِيَة البَرلمانية" لِإِحْدَاث تَـغْيِيرَات نَوْعِيَة في النِظَام السيّاسي القَائِم......... 19
10) مَنْ هِيَ الطَبَـقَـات الـمُؤَهَّلَة لِإِنْجَاز مَهَام التَحَرُّر الوَطَنِي........................................... 21
11) يُوجَد الـمُشكل الـمُجتمعي الْأَسَاسِي في الرَّأْسَمَالِيَة، وليس فقط في شَكل النظام السياسي......... 23
12) الرِدَّة الكُبْرَى : تَعْوِيض شِعَار الْاِشْتِرَاكِيَة بِشِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمَانِيَة ............................. 27
13) بَـعْض مَنَاهِج النِضَال البَدِيلة......................................................................... 30
14) خُلاصة................................................................................................ 35

8) لَا يَـكْـفِـي نَـقْـل سُلُطَات الـمَلِك إلى الحُكومة
وعندما نُنَاقِش فكرة المطالبة بِـ «مَلَكِيَة برلمانية» مع بعض المواطنين البُسَطَاء، يقولون لك مثلًا بِحَدَسٍ مَوْضُوعِي: «مُعظم أفراد النُّخْبَة السياسية، أو الطَّبقة السياسية، هم انتهازيون، وغَشّاشون، ومُعْتَادُون على نَهْبِ الثَّـرَوات العُمومية. ولا يَنْشَغِلُون سِوَى بِتَنْمِيَة ثَـرَواتهم الشّخصية. فإذا مَنَحْنَاهم سُلطات المَلك، أو إذا زِدْنَاهُم نُـفُوذًا أكثر مِمَّا كان لَدَيْهِم في السّابق، فإنهم سَيَنْهَبُون بسرعة فائـقة كل ثَرَوَات البلاد، ولن يتركوا لنا مَا نعيش به. لِذَلك سيكون من الأحسن أن نَتْرُك سُلطات المَلك بين يَدَيِّ الملك». ومغزى هذا التعليق السَّاذَج، هو أنه لَا يكفي أن نَنْـقُل سُلطات المَلك إلى الحكومة، أو إلى الوزراء، لِكَي يَزُولَ فجأةً الفَساد، والاستبداد، والاستـغلال الرأسمالي المُفرط. وإذا لم نَـقُم، في نفس الوقت، بِتَـغْيِيرات جذرية في الدّولة، وفي مُجْمَل آلِيَاتِهَا، وكذلك في العَلَاقَات المُجتمعية، وفي الشّعب، وفي عَقْلِيَّات المُواطنين، وفي الدّستور، وفي القَضاء، وفي القَوانين، وفي التَّعليم، وفي الضَّرائب، وفي المُحاسبة، وفي الاقتصاد، وفي تعبئة الجماهير، وفي الثـقافة، وفي الْإِعْلَام، وفي التَـقَالِيد، وفي المُعتقدات، وفي السُّلُوكِيَّات، وفي الأيديولوجية السائدة، وفي العَلاقة بين الدِّين والسياسة، إلى آخره، فإن نَـقل سُلُطَات المَلك إلى الحُكومة لَنْ يَـكُون لَا سهلًا، وَلَا كَافِيًّا، للخلاص من الفساد، والاستبداد، والاستـغلال الرأسمالي المُفرط.
مَنْ سَيَقُوم بِمُهمّة إِيـقَاظ العُقُول النَّاقِدة ؟ مَنْ سَيَتَفَحَّصُ الوُثُوقِيَّات القَدِيمَة ؟ هَلْ يتساءل حَامِلُو شعار «المَلكية البرلمانية» عَمَّنْ هي الطبقة السائدة حَاليًّا في المُجتمع ؟ وهل ستبقى هذه الطبقةُ سائدةً بَعْدَ تنـفيذ هذه «المَلكية البرلمانية» ؟ وفي حالة بَقاء نفس البِنْيَة الطَّبقيةِ قائمةً في المُجتمع، بَعْدَ تَحْـقِيق «المَلكية البرلمانية»، سَنَكُون بِصَدَدِ "تَرْمِيم" جُزْئِي في شَكْل النظام السياسي القائم، وليس بِصَدَد "تـغْيِير" نَوْعِيَةِ هذا النظام السياسي القائم. حيثُ لَا يَضمن هذا "التَرْمِيمُ" الجُزئي إمكانيةَ إنجاز إصلاحات سياسية عَمِيقَة، أو شُمُولِيَة، أو كَافِيَة، من مُستوى التخلّص من الاستبداد، والفساد، والاستـغلال الرأسمالي المُـفرط.
وفي حالة إذا ما تَمَّ نَـقْلُ صَلاحيات المَلك إلى وزراء ينتمون إلى نفس الطبقة السائدة الحالية، أو إلى خُدَّامِهَا الأوفياء، مَا الذي يَضْمَنُ لنا أن هذه الطبقة السائدة سَتَـقْبَلُ فَوْرًا إنجاز الطُموحات (المُجتمعية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية، والإعلامية) التي كانت ترفضها تلك الطَّبقة في الماضي؟ وإذا ما بَـقِيَت هذه الطّبقة السائدة الحالية في موقعها السَّائد، بعد إنجاز «المَلكية البرلمانية»، مَا الذي سيجعلها تـقبل فَجْأَةً إنجاز الإصلاحات التي تُطَالِب بها "أحزاب اليسار"، والتي ظَلَّت، ومَا زَالت، تَرْفُضُهَا هذه الطبقة السَّائدة ؟
فَلَنْ تَـقدر على إنجاز تـغييرات مُجتمعية جَذْرِيَة، إِلَّا طبقة (أو جَبْهَة طبقية) جَذْرِيَة. ويُشْتَرَطُ في هذه الطبقة الجذرية (أو في التَحالف الطَّبقي الجَذري) أن تكون هي الأكثر تَـقَدُّمًا في المُجتمع.
أما إذا لم نُـغَيِّر شيئًا في مِيزان القِوَى الطَّبقي، وفي الأدوار التي تـقوم بها مُختلف طَبقات المُجتمع، فالاحتمال الأكبر هو أننا سَنَبْقَى عند نفس النُّـقطة من تَطوّر التاريخ، وسنبـقى نُدُور في حَلقة مُفْرَغَة، دون القُدرة على الخَلاص من الاستبداد، والفساد، والاستـغلال الرأسمالي المُفرط، والتَبَعِيَة لِلْإِمْبِرْيَالية، وَلِلصّهيونية.

9) لَا يَـكْـفِـي إِعْلَان "الـمَلَكِيَة البَرلمانية" لِإِحْدَاث تَـغْيِيرَات نَوْعِيَة في النِظَام السيّاسي القَائِم
مَنْ سَيَتَـكَلَّف بِطَرح الأسئلة النَّاقِدة ؟ مَنْ سَيقوم بِغَرْبَلة الجَزْمِيَّات الوَاهِمَة ؟ فَـنَسْأَلُ أنصار شعار «الملكية البرلمانية»: في حالة فَرَضِيَة تحقيق «المَلكية البرلمانية»، وحتى إذا وَزَّعْنَا سُلُطَات المَلك بَيْن رئيس الوزراء، والبَرلمان، والمجلس الأعلى للقضاء، الخ، ما هو السِرُّ (في شعار «المَلكية البرلمانية») الذي سَيُعَالِجُ فجأةً كل المشاكل البِنْيَوِيَة، وكل المُعَوِّقَات المَأْلُوفَة، التي ظَلَّت مَوجودة في النظام السياسي القائم ؟ وكيف سَتَـتَـحَـقَّـقُ فَجْأَةً مطالب «الدِّيمُوقْرَاطِيَة»، و«الحُرِّية»، و«العَدالة المُجتمعية»، و«دولة الحقّ والقانون»، وَ «رَبْط المَسؤولية بالمُحاسبة»، و«مُكَافَحَة الفساد»، و«استـقلال القَضَاء ونزاهته»، و«مُحاربة نَهْب ثَرَوَات البلاد»، إلى آخره ؟ ومَا الذي سَيُحَوِّلُ فَجْأَةً المسؤولين الكبار (في أجهزة الدولة) من فَاسِدِين إلى نَزِيهِين ؟ ومَا الذي سَيُحَوِّلُهم من مُسْتَبِدِّين إلى دِيمُوقراطيين ؟ وَمَن سَيَتَـكَلَّف بِتَـكْوِين الْأُطُر الجديدة الضَّرُورِيَة لِاشْتِـغَال، أو لِإِنْجاح، النظام السيّاسي الجديد ؟ ومَا الذي سَيُطَوِّرُ الرأسمالية في بلادنا من أَسَالِيب الرِّيع، والنَّهْب، والإِفْتِرَاس، والتَبَعِيَة لِلْإِمْبِرْيَالية، إلى مَنَاهِج المُوَاطَنَة العَادِلَة، والعَدَالَة المُجتمعية، والْاِنْتَاج المُكَثَّـف، والاستقلال الوَطَنِي ؟ وكيف يُمكن أن تَتـغيّر نَوعية «التَّنمية الاقتصادية» ؟ وكيف ستزول هَيْمَنَة الإمبريالية الغربية، وهيمنة الصّهيونية، وهيمنة الأنظمة العربية الرجعية البترولية، على البلاد ؟
لَا نجد، إلى حَدِّ الآن، أجوبة واضحة على هذه الأسئلة، لَدَى أنصار شِعار «المَلكية البرلمانية». ولَا يَتعمّق حَامِلُو شعار «المَلكية البرلمانية» في تحليل طبيعة النظام السياسي القائم. ولَا يُوجد في شعار «المَلكية البرلمانية» مَا يَضْمَن التَخَلُّص من مِيزَات الاستبداد، والفساد، والرأسمالية المُفْتَرِسَة، والتَبَعِيَة النَّاهِبَة، والتي هي كلّها مِيزات مُتَجَذِّرَة في طبيعة هذا النظام السياسي القائم.
وحتى في حالة إذا ما اِفْتَرَضْنَا النَّجاحَ في إعلان مُفَاجِئ لِـقِيَّام «المَلَكِية البرلمانية» (دُون إحداث تَـغييرات كافية في تلك العناصر المُحَدِّدَة لنوعية النظام السياسي القائم المَذكورة سابقًا)، سَتَنْحَصِرُ تأثيرات هذه «المَلَكِيَة البَرلمانية» في حدود إعادة توزيع (redistribution) بعض السُّلَط فيما بين المَلِك وفِئَات متنوّعة من الطبقة السَّائدة حاليًّا، والتي هي كلّها مُنَاصِرَة لهذا النظام السياسي، أو حَليفة له، بَل مُرتبطة عُضْوِيًّا به. كما ستنحصر تَأْثِيرَات إِعْلَان مُفْتَرَض لِـ «المَلَكِيَة البَرْلَمَانِيَة» في حدود إعادة توزيع السُّلَط فيما بين المَلك (باعتباره رئيس الدولة)، وَوُزَرَاء الحكومة المُعْتَادِين، والذين هم كُلُّهُم مُخْتَارِين من بين «خُدَّام النظام السياسي» الأوفياء.
زِدْ على ذلك أنّ السُّلْطَة (the power)، أو السُّلَط في الدّولة (بِمَعْنَى القُدْرَة على التَّـقْرِير، وعلى الْإِنْجاز، أو المَقْدِرَة على التَّأْثِير الحَاسِم)، لَا تُوجد، أو لَا تَنْحَصِر فَقط، في المُؤَسَّـسَات التي نَتَوَهَّم أنها هي المَوْقِع الوحيد الذي يَمْتَلِكُ القُدرة القانونية على مُمارسة تلك السُّلُطَات. على عكس ذلك، مِن المَأْلُوف في الرَّأْسَمَالِيَة أنّ عَددًا مِن المَجموعات أو الفِئَات الرَّأْسَمَالية المُسْتَـغِـلَّـة، تَتَطَاوَل على مُؤَسَّـسَات الدّولة وَسُلطاتها، وَلَوْ أنّ القانون يَمْنَعها مِن ذلك، وَتَمْلِي عليها ما يجب عليها أن تَقوم به. وكمثال على ذلك، نَجد أنّ نَـقابة المُقاولين الكبار في المغرب (CGEM)، ونـقابة البَنْكِيِّين الكِبار في المغرب (GPBM)، وَسِفَارَات الدّول الْإِمْبِرْيَالية القَوِيَّة، وَمَكْتَب تَمْثِيل إِسْرَائِيل، و«البَنْك الدُّوَلِي» (World Bank)، و«صُنْدُوق النَّـقْد الدُّوَلِي» (International Monetary Fund)، وَلُوبِيَّات أُخْرَى مُسْتَتِرَة، هم الذين يُـفْتُون عادةً على الحُكومة، مَا ينبغي فعله، وما لَا يُجُوز فعله. فَمَا الفَائِدة مِن نَـقْل سُلُطَات المَلِك إلى الحُكُومة، إذا بَـقِـيَـت هذه الحُكومة تَأْتَمِرُ بِأَوَامِر قِوَى رَأْسَمَالِيَة، أو إِمْبِرْيَالِيَة، مُتَنَوِّعَة، وَمُتَـعَدِّدة، وَمُـفْـتَرِسَة، وَمُسْتَتِرَة ؟
وَمَعْنَى مَا سَبق ذِكْرُه، هو أنّ شعار «المَلكية البرلمانية»، في حالة إذا مَا نَجح تَطبيقه، فإنه لن يَتَـعَدَّى حُدود تَعْوِيض رئيس دولة مُطْلَق، وَوِرَاثِي، ورأسمالي، وَتَبَعِي لِلْإمْبٍرْيَالِيَة، بِرَئِيس حُكُومَة مُسْتَبِد، ومُنْتَخَب، ورأسمالي، وَتَبَعِي لِلْإِمْبِرْيَالية، ومُتَـغَيِّر (تَبَعًا لِتطوّر الانتخابات البرلمانية، في حالة نَزَاهَة هذه الانتخابات). ما هو الفرق إذن بين الأسود والرَّمادي الدَّاكِن ؟
بينما الآلِيَّات السّابقة الخَـفِـيَـة، التي كَانت تَتَحَكَّمُ في انتخاب، أو في تَعْيِين، هؤلاء الوزراء، والذين هم ”خُدَّام النظام السِيَّاسِي“ الْأَوْفِيَّاء، وَخُدَّام الْإِمْبِرْيَاليّات، سَتَبْقَى كما كانت في الماضي.
بالإضافة إلى أن الطَّبيعة المُفْتَرِسَة لأفراد النُخْبَة الحَاكِمَة، ولأفراد الطَّبقة السياسية السّائدة، ستبقى هي أيضًا كما كانت في الماضي. ولماذا ؟
لأن شعار «المَلكية البرلمانية» لَا يَتطرّق إلى مَوْضُوع تـغيير الآلِيَات (القانونية وغير القانونية، الظاهرة والسِرِّيَة، المُباشرة وغير المُباشرة) التي تُسْتَعْمَلُ عَادَةً في تَـعْيِين الوُزراء، وفي تَحديد رَئيس الوُزراء، وفي اختيّار المَسْئُولِين الكبار (في الدّولة)، وفي تَحديد نَوْعِيَّات سِيّاسات الدّولة.
كما أن شعار «المَلكية البرلمانية» لَا يَتطرّق إلى مَوْضُوع تَـغيير عَلَاقَات الْإِنْتَاج القائمة في المُجتمع. وَلَا يُدرك أنصار هذا الشِّعار ضَرورة تَغْيِير نَوْعِيَة أنْمَاط الْإِنْتَاج المُتَنَوِّعَة المُتَوَاجدة داخل المُجتمع.
وفي هذه الحالة، لَنْ يَستطيع أنصار «المَلَكِيَة البَرْلَمَانِيَة» التَحَكُّم في عَمَلِيَة تَحَوُّل «المَلكية المُطلقة» إلى «مَلَكِيَة بَرلمانية». وَلَنْ يَقدر أنصار شعار «المَلَكِيَة البَرْلَمَانِيَة» على تَغيير أيّ شَيء جِدِّي في المُجتمع. بَلْ سَيَبْـقَـوْن هُم أنـفسهم خَاضِعِين، أو مَسُودِين، أَوْ مُتَحَـكَّم فيهم، مِثلما كانوا في الماضي، وَدُون أنْ يَعُوا ذلك. ولماذا ؟ لأنهم لَا يَتَوَفَّرُون بَعد على ما يُمَكِّنُهم مِن فَرض إراداتهم السّاسية.

10) مَنْ هِيَ الطَبَـقَـات الـمُؤَهَّلَة
لِإِنْجَاز مَهَام التَحَرُّر الوَطَنِي
وما دامت الأسئلة النَّاقِدَة تُثِير الدّهشة، وَتُوقِظ العَـقْل المُـفَـكِّر، نسأل أنصار شعار «الملكية البرلمانية»: ما هي المهام السياسية التاريخية التي يجب على القوى التـقدمية أن تُنجزها في المرحلة التاريخية الحالية ؟ وَمَن هُم أصدقاء الشّعب، وَمَن هُم أَعْدَاءُه ؟ ولماذا ؟ وما هو البرنامج السيّاسي والاقتصادي الْذي يَتَمَنَّى أنصار «المَلكية البَرلمانية» إِنْجازه في إِطَار هذه «المَلَكية البَرلمانية» المَرْجُوَّة ؟ وما هي الطَّبقة (أو التَّحالف الطبقي) المُؤَهَّلَة لِتَحْـقِيق هذه المهام التاريخية المَرْجُوَّة ؟ وكيف تَتَوَزَّعُ مُختلف الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، والتيارات، والتنظيمات، والمُؤسّـسات، في مجالات خِدْمَة مصالح مُختلف طَبقات المُجتمع ؟
وهل يَلزم أنْ نُذَكِّر أن مهمّة التحرّر التَارِيخي من مَوْرُوث القُرون الوُسْطَى، ومن رَوَاسِب الإقطاعية، ومِن مُخَلَّفَات الْاِسْتِـعْمَار، وَمِن التَبَـعِيَة لِلْإِمْبِرْيَالية وَلِلصَّهْيُونية، وَمُهِمَّة تَطْوِير نَمَط الْإِنتاج السِّلْعِي البِدَائِي أو الرَّأْسَمَالِي الصَّغير، ومُهمّة تـغيير النظام المَلَكِي المُطلق، أو دَمَقْرَطَتِه، الخ، هي كلّها مُهِمَّات مَطروحة أساسًا على الطّبقة العَاملة، وعلى جماهير الفَلّاحين، وعلى طبقة البُورجوازية الصّغيرة، وعلى طبقة «البرجوازية المُتوسّطة الوطنية».
لكن الطّبقة العاملة ما تَزَال فاقدة لِلْحَدِّ الْأَدْنَى الضَّروري مِن الوَعْي السياسي الطّبقي الثوري الْلَّازِم. ولا تَتوفّر على تنظيمات ثورية خاصّة بها.
وجماهير الفلاحين تُؤْمِن بِأَبَدِيَة النظام السياسي الحالي، وَلَا تَجْرُؤُ على الطُمُوح إلى ما هو أحسن منه. وَمُعظمها غَارِق في الفَرْدَانِيَة، أو الْأنانية.
وَمُختلف فِئَات طبقة البورجوازية الصّغيرة غَارِقَة هي أيضًا في الْاِسْتِلَاب الرَّأْسَمَالِي، وفي مَنَاهِج الفَرْدَانِية، والأنانية، والانتهازية.
وتظهر «البرجوازية المُتوسّطة الوطنية» إلى حدّ الآن [في إطار التَبَعِيَة لِلْإِمْبِرْيَالية] هَزِيلَة، أو ضَعِيفَة، أو أنانية، أو مَرْعُوبَة، أو انتهازية، أو تَبَعِيَة، أو غير كُفْئَة، أو مُسْتَلَبَة.
فَتَـعجز حاليًّا مُجمل هذه الطبقات «الوطنية» على تحقيق هذه الطُمُوحَات المُجتمعية.
وَمُجمل القِوَى السياسية المُعارضة، أو الأحزاب التَـقَدُّمِيَة، أو التَنظيمات الثَّوْرِيَة، أو التِيَارَات النّاقدة، المَوجودة في المُجتمع، تَظْهَر حَالِيًّا نَادِرَة، أو صغيرة، أو هَزِيلَة، أو مُشَتَّتَة، أو غَامِضَة، أو تَائِـهَـة، أو مُتَذَبْذِبَة، أو مُتَشَرْذِمَة، أو إِصْلَاحِيَة، أو اِنْتِظَارِيَة، أو مُسْتَلَبَة.
وَتَظْهَر مختلف أنواع الجَمَاعات الإسلامية فَخُورَة بِقُوَّتِهَا العَدَدِيَّة، وَتَتَوَهَّم أنّه بِإِمْكانها أنْ تُعالج كل مشاكل المُجتمع عَبْر الرُّجوع إلى الدِّين الإسلامي الْأُصُولِي العَتِيق. وَتَنتظر الفُرْصَة المُوَاتِيَة لِـفَرض إِرادة الله. وتحلم بِأَسْلَمَة كلّ المُجتمع، عَبْر فرض التَدَيُّن الإسلامي الأصولي على كل المُواطنين.
ويظهر أن الإمبريالية (خاصة الفرنسية، والأوروبية، والأمريكية) لَا تَتَحَمَّلُ بأن تتحرّر شعوب شمال إفريقيا من التَبَعِيَة للإمبريالية.
نَرَى إِذَن أنّ أنصار شعار «الملكية البرلمانية» لم يُفَكِّرُوا في هذه التناقضات، أو الإكراهات. ولا يُدركون بَعْدُ كيفَ يأخذونها بعين الاعتبار. ولَا يقدرون بَعْدُ على الإجابة على مثل هذه التساؤلات السّابقة. وَيَظهر أنصار شعار «المَلَكِيَة البَرلمانية» تَائِهِين، وغير أَكْفَاء، وغير قادرين على تَحقيق طُموحاتهم السياسية.

11) يُوجَد الـمُشكل الـمُجتمعي الْأَسَاسِي في الرَّأْسَمَالِيَة، وليس فقط في شَكل النظام السياسي
■ على خِلَاف أَوْهَام أنصار «المَلَكِيَة البَرْلمانية»، لَا يُوجد المُشكل فقط في شَكْل النظام السيّاسي المَلَكِي (هل هو مَلَكِيَة مُطْلَقَة، أم مَلَكِيَة بَرْلَمَانِيَة). وإنما يُوجد المُشكل، في نَفس الوَقت، في نِظَام الرَّأْسَمَالِيَة القَائِم في المُجتمع. حيثُ أنّه، حتّى إذا اِفْتَرَضْنَا جَدَلًا أنّه تَمَّ الانتـقال مِن «المَلكية المُطْلَقَة» إلى «المَلكية البَرلمانية»، وفي حالة إذا مَا بَقِيَت الرَّأْسَمَالِيَة قَائِمَة في المُجتمع، فإنّ الْاِسْتِبْدَاد، والفَسَاد، سَيَبْـقَيَان بِالضّرورة قائمَيْن في هذا المُجتمع. ولماذا ؟
لأن الْاِسْتِبْدَاد والفَسَاد، لا يَأْتِيَّان فقط من «المَلَكِيَة المُطْلَقَة»، (أو مِن الجُمهورية الرِئَاسِيَّة)، وإنما يَأْتِيَّان على الخُصُوص مِن «الرَّأْسَمَالِيَة»، أَيْ مِن «نَمَط الْإِنْتَاج الرَّأْسَمَالِي»(1). ومن بين الْأَدِلَّة على ذلك، هو أنّ مُجمل بُلدان "العالم الثّالث" التي تَتْبَعُ مَسَار الرَّأْسَمَالِية التَبَعِيَة، يَسُود فيها كلّها الْاِسْتِبْدَاد والفَسَاد. وإذا قَارَنْتَ مثلًا بين بِلاد المَغْرب (وهو مَلَكِيَّة مُستبدّة)، وَبُلدان أخرى (هي جُمْهُورِيَّات) مثل الجَزائر، وَتُونُس، وَمَصْر، الخ، سَتُلَاحِظ أنّه يُوجد نِسْبِيًّا فيها كلّها الْاِسْتِبْدَاد، والفَسَاد، تَقْرِيبًا مِثْلَمَا هو الحال في المَغْرب. والعُنْصُر المُشترك بين كلّ هذه البُلْدَان، هو بِالضَّبْط «الرَّأْسَمَالِية» التَبَعِيَة لِلْإِمْبِرْيَالِيَّات الغَرْبِيَة.
وَالمُدْهِش هو أن أحزاب «اليسار» بالمغرب [مثل «حزب الاشتراكي المُوَحَّد»، و«حزب المُؤتمر الاتِّحَادِي»، و«حزب فِيديرالية اليسار الدِّيموقراطي»، الخ] لَمْ تَعُد تَنْتَـقِد «الرَّأْسَمَالية»، وَلَا تَشْتَـكِي منها، وَلَا تَفْضَح مَسَاوِئَهَا، وَلَا تَرَى فيها مُشكلًا مُجتمعيا. كأن هذه الأحزاب تَخَلَّت عن طُمُوحاتها «الْاِشْتِرَاكِيَة» القَديمة.
■ وما هو الفرق بين «نظام سياسي مَلَكِي مُطلق»، و «نظام سيّاسي جُمْهُورِي رِئَاسِي» ؟ لَا فَرق بينهما (من زاوية مصالح الشّعب). لأنّ «المَلِك» يَحْتَكِر مُجمل السُّلَط، أو أَهَمَّهَا، في «النظام المَلَكِي المُطلق». بينما في إطار «النظام الجُمهوري الرِئَاسي»، تَكُون هذه السُّلط مُرَكَّزَة بين أيدي رئيس الجمهورية. والاستبداد، يَبْـقَـى اِسْتِبْدَادًا، سواء أَتَـى مِن مَلِك مُطْلَق، أم مِن رئيس جُمهورية طَاغٍ.
كما أنه لَا يُوجد فرق هام بين «مَلَكِيَة بَرْلَمَانِيَة» و «جُمهورية بَرلمانية». فإذا اِسْتَثْنَيْنَا وِرَاثِيَة مَنْصِب رئيس الدّولة في حالة «المَلَكِيَة البَرلمانية»، نَجد في كِلَا هذين النظامين، أنّ مُختلف السُّلَط تَتَوَزَّع (وَلَوْ نَظَرِيًّا) بين عدّة أشخاص، أو بَين عِدّة مُؤَسَّـسَات. والهدف (النَظَرِي) مِن تَوْزِيع السُّلَط، هو تَسْهِيل وُجُود مَراكز «قِوَى مُضادّة» (counter power centers)، لِتَلَافِي طُغْيَان أيّة هَيْئَة، أو أَيّة سُلطة، أو أيّ اِسْتِبْداد.
■ لكن هَيْمَنَة الرَّأْسَمَالِيَة (على المُجتمع) تَـقْضِي كُلِّيًا على إمكانية وُجود «الدِّيمُوقْرَاطِيَة» المُبَاشِرة، أو الشّعبية، (أَيْ «الدِّيمُوقراطية» مِن مِنْظَار الطَبَقَات المَسُودَة)، وذلك سواءً تَعلّق الأمر بِـ «مَلَكِيَّة بَرْلَمَانِيَة»، أم بِـ «جُمْهُورية بَرلمانية»(2). لكن لماذا ؟
لأنه في إطار الرَّأْسَمَالِيَة، وَسَوَاءً تَعَلَّق الأمر بِـ «مَلَكِيَة بَرلمانية» أم بِـ «جُمهورية بَرلمانية»، لَا يُوجد تَكَافُؤ الفُرَص بين أفراد المُجتمع (أَيْ بَين المَالِكِين لِوَسَائِل الْإِنْتَاج، والمَفْصُولِين عنها). وَلأنّه لَا يَقدر على الفَوْز في انتخابات البٍَرلمان، أو في اِنْتخابات الجماعات المَحَلّّية، أو في اِقْتِسام المَناصب الوزارية، أو في تَـعْيِين مَسْؤُولين في غيرها مِن مناصب المَسْئُولِيَة (في الدّولة، أو في الاقتصاد، الخ)، لَا يَقْدِر على الفَوْز بهذه المَناصب سِوَى أفراد مِن طَبَـقَة المُسْتَغِلِّين الكبار، أو مِن طَبَقَة المُسْتَـغِلِّين المُتَوَسِّطِين، أو مِن طَبقة المُسْتَغِلِّين الصِغَار، أو مِن خُدَّامِهِم الْأَوْفِيَّاء.
ومن بَين الْأَدِلَّة ذلك، مَا نَجِدُه مَثَلًا في المُقارنة بين «المَمْلَكَة المُتَّحِدَة» (إِنْجَلْتْرَا) (UK)، و «الوِلَايات المُتّحدة الأمريكية» (USA). فَرَغْمَ أنّ الأولى مَلَكِيَة، والثّانية جُمهورية فِيدِيرالية، يُوجد في كِلَيْهِمَا اِسْتِبْدَاد سِيَّاسِي، تُمارسه الطَّبَقَات المُسْتَـغِلَّة على الطَبَقَات المُسْتَـغَلَّة، والمُهَمَّشَة. لأن هَاتَيْن الدّولتين هُمَا مَعًا رَأْسَمَالِيَّتَان. [وَلَا أرغب هنا في مُجادلة الأشخاص الذين يَتَوَهَّمُون أنّ إِنْجَلْتْرَا وأَمْرِيكَا هما «دِيمُوقْرَاطِيَّتَيْن». لأن أَوْلَائِك الأشخاص يُناقشون مَدَى وُجود «الدِّيمُوقْرَاطية» مِن مِنْظَار الطَّبَقات المُسْتَـغِـلَّـة وَالسَّائِدَة، وليس مِن مِنْظَار الطَّبقات المُسْتَـغَـلَّـة وَالمَسُودة].
■ ورغم أن «الجُمهورية» هي، على العُموم، أكثر تطوّرًا من «المَلكية»، من الزَّاوِيَتَيْن المُجتمعية والتاريخية، فإن الحَلّ الأحسن ليس دائمًا هو استبدال «المَلَكية» بِـ «الجُمهورية». حيث تَكفي مُقارنة سريعة مثلًا (في بداية سنة 2019) بين أنظمة «مَلَكية» في المغرب والأردن، مع أنظمة «جمهورية» في الجزائر ومصر، لكي نُدرك أن كلّ هذه الأنظمة «المَلَكِيَة» و«الجُمْهُورِيَة»، لا تختلف كثيرا فيما بينها في مجالات الاستبداد، والقمع، والفساد، والتخلّف، والجهل، والفقر، والتَّبَعِيَة للإمبريالية، وَلِلصَّهْيُونِيَة.
وليست «جُمهورية» الجزائر أفضل من «مَلَكِيَة» المغرب. كما لَيْسَت «جُمهورية» مصر أحسن من «مَلكية» الأردن.
ومعنى ذلك، هو أن المُهم في أيّ نظام سياسي، ليس هو شكله (هل هو «مَلَكِية»، أم «جمهورية»؟)، وإنما المُهم هو مَضمون هذا النظام السياسي (هل هو ديموقراطي تَحَرُّرِي ثَوْرِي، أم هل هو استبدادي اِسْتِـغْلَالِي تَبَـعِـي مُحافظ؟).
■ ولماذا تُريد بعض أحزاب اليسار بالمغرب إقامة «المَلَكِيَة البَرلمانية» ؟ جَواب: لأنها تَطمح إلى تَحقيق «الدِّيمُوقْرَاطِيَة» في المُجتمع. لكن ما مَعْنَى «الدِّيموقراطية» ؟ يُقال إنّ «الدِّيموقراطية» هي أنْ يَكُون الشّعبُ حُرًّا مُسْتَـقِلًّا، وأنْ يَحكم الشّعبُ نَفسه بِنَـفْسِه، وأنْ يُشارك الشّعب في تَدْبِير شُؤُون المُجتمع، وأنْ يَخدم الحُكَّامُ مَصَالحَ الشّعب، وليس مَصالحهم الشّخصية، أو الفِئَوِيَة، أو الطَبقية، أو مَصالح قِوَى إِمْبِرْيَالِيَة خَارجيّة. وهذه «الدِّيمُوقراطية» لم تُوجد بَعْدُ. ولماذا ؟ لأنه مَا دَامَت الرَّأْسَمَالِيَة قَائِمَة في المُجتمع، أو مَا دام المُجتمع مُنْـقَسِمًا إلى طَبَقَات مُتَمَايِزَة، فإنّ «الدِّيموقراطية» سَتَبْقَى مُجرّد خُرَافَة، أو خُدْعَة سِيَّاسِيَة، حَيْثُ يَستحيل إِنْجَازُها.
■ إذا قَارَنَّا مثلًا بين "المَمْلَكَة المُتّحدة" الْإِنْجْلِيزِيَة، و"الجُمهورية الفرنسية" (الخامسة)، سَنَكتشف ظَواهر مُثِيرَة لِلْاِنْدِهَاش والتَسَاؤُل. حَيث سَنجد في "المَمْلكة المُتّحدة" صِنْـفًا مِن «المَلَكِيّة الجُمهورية». وَتَتَمَيَّز بِقَدر مُعَيَّن مِن الفَصْل بين السُّلَط، وَبِمَلِك (أو مَلكة) رَمزي، يَمْلُك، وَلَا يتدخّل في تَدْبِير شؤون الدّولة. بينما في الجُمهورية الفرنسية (الخامسة)، نجد صِنْفًا مِن «الجمهورية المَلَكِيَة». وَتَتميّز هذه الجُمهورية الفرنسية (الخامسة) بِرَئيس جُمهورية يُسَيْطِر على مُجمل السُّلَط. وَلَا يُوجد فيها فَصْل حقيقي (أو كَافٍ) فيما بين مُختلف السُّلَط. وإذا أضفنا إلى هذا المَشهد عَامِل الرَّأْسَمَالِية القائمة، نَجد في كِلَا المُجتمعين، إِنْجِلْتْرَا وَفَرنسا، أنّ الدّولة تَتحوّل إلى صِنْف من الحِزْب السيّاسِي شِبْه السِرِّي(3). أو تَتَبَدَّل الدّولة إلى شَبَكَة مُعَقّدة مِن العِصَابَات السِرِّيَة العَامِلَة في مُجمل أنواع أنشطة المُجتمع. وَتَتَآمَر هذه العِصَابَات ضدّ الشّعب. وهي عِصَابات جَانِيَة، أو مُذْنِبَة، أو مُجرمة، أو مَافْيَاوِيَة. [وهذا ما يُؤَكِّده في كلّ يوم المُعارضون، والنَّاقِدُون، والمُتَظَاهِرُون، والمُحْتَجُّون، والمناضلون، في هذين البَلَدَيْن]. وفي هذه الدّولة الرَّأْسَمَالِيَة، يَمْتَلِك أَفْرَاد طَبـقة المُسْتَـغِلِّين الكِبَار، في نفس الوقت، الثَّرْوَةَ والسُّلْطَةَ. وَتُمارس طبقةُ المُسْتَـغِلِّين الكبار الْاِحْتِكَارَ الاقتصادي، والهَيْمَنَة السياسية، والْاِسْتِـغْـلَال الرَّأْسَمَالِي، والاستبداد السِيّاسي، وَالتَضْلِيل الفِكْرِي، والتَلَاعُب بِـعُـقُول أفراد الشّعب، والمُيُول الاستعمارية، والْإِمْبِرْيَالِيَة، وَإِشْعَال الحُرُوب، أو النَّزَعَات الفَاشِيَة(4).
■ والْاِتِّجَاه العَام المُلاحظ في العَالَم، هو أنّ «المَلَكِيَّات» لَا تَزول أبدًا بِالتَوَافُقَات السِلْمِيَة، وإنما تَزُول بِاِنْـقِلَابَات عسكرية، أو بِثَورات مُجتمعية. فَتَتَحَوّل هذه «المَلَكِيَّات» إلى «جُمهوريّات». والمُلاحظ أيضًا هو أَنّ مُعظم «الجُمهوريّات» تَتَحَوَّل إلى «جُمهوريّات مَلَكِيّة». وَمِيزَة هذه «الجُمهوريات المَلكية» هي أنّ «الرَئيس» فيها يُسَيْطِر على مُجمل سُلَط الدّولة. بينما تَتَمَيَّز «الجُمهورية» الدِّيموقراطية (وَلَوْ فقط في النَظَرِيَة) بِكَوْن مُختلف السُّلَط الْأَسَاسِيَة فيها مُوَزَّعَة بين عدّة هَيْئَات مُتَـكَامِلَة، وَمُتناقضة (مثل السُّلَط التشريعية، والقضائية، والتنفيذية، والاقتصادية، والإعلامية، والدِّينية، الخ). وَبِدُون الفَصْل بين مُختلف السُّلَط، تَنْعَدِم في الدّولة المَعنية إمكانية مُمارسة «المُرَاقَبَة المُتَبَادَلَة»، و«المُحَاسَبَة المُتَبَادَلة». ثُمّ تَتَلَاشَى، أو تَنْدَثِر فيها، «دَوْلة الحَقّ والقانون». فَتَتَحَوّل هذه الدّولة (الجُمهورية الرِئَاسية الرَّأْسَمَالِيَة) بِسُرعة إلى اِسْتِبْدَاد مُتواصل(5).

12) الرِّدََّة الكُبْرَى : تَعْوِيض شِعَار الْاِشْتِرَاكِيَة بِشِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمَانِيَة
■ لَا يُمكن فَهم تَصَاعُد حَماس أحزاب "اليسار" في المغرب، في مَجال الدِّفَاع عن شعار «المَلكية البَرلمانية»، إِلَّا إذا رَبطناه بِتَراجع هذه الأحزاب عن «الاشتراكية»، وعن «المَاركسية»، وعن «الثَّوْرِيَة». ولماذا ؟ لأنّ دِفاع أحزاب "اليسار" عن «المَلكية البَرلمانية» يُشَـكِّل نَوْعًا مِن التَعْوِيض عن طُموحاتها القَدِيمَة نحو «الاشتراكية»، و«الثّورة المُجتمعية». وإذا أَزَلْنَا اليومَ شعار «المَلكية البَرلمانية» مِن لَائِحَة أهداف أحزاب "اليسار"، فَسَتَبْـقَـى هذه الأحزاب بِدون أيّ هدف سيّاسي اِسْتْرَاتِيجِي. خَاصَّةً وأنّ هذه الأحزاب تَخْتَزِل «الدِّيمُوقراطية» في «المَلكية البَرلمانية».
■ والمُلاحظ أيضًا هو أنّه، قَبل اِنهيّار الاتحاد السُّوفياتي في سنة 1991، لَمْ يَكُن يُوجد في المَغرب وَلَوْ حزب سيّاسي وَاحد يُدافع عن «المَلَكية البَرلمانية» كَهَدَف رَئِيسِي في بَرنامجه. أمّا بَعد اِنهيّار الاتحاد السُّوفياتي، فقد أصبحت مُجمل أحزاب "اليسار" في المَغرب تَتَبَنَّى شعار «المَلكية البَرلمانية» (بِاسْتِثْنَاء «حزب النّهج الديموقراطي العُمّالي» الذي بَـقِـيَ مُتَشَبِّتًا بِـ «الاشتراكية»، و«الماركسية»، و«الثّورية»).
■ وَتَراجُع أحزاب "اليسار" عَن «الْإِشْتِرَاكِيَة» (بَعد اِنْهِيَّار الاتحاد السُّوفياتي)، قَادَهَا، في نَفس الوقت، إلى التَرَاجُع عن «المَارْكْسِيَة»، وعن المَناهج «الثّورية». وَاسْتِسْلَام أحزاب "اليسار" أمام «الرَّأْسَمَالِيَة»، أَدَّى بها إلى اِسْتِسْلَام إِضَافِي أمام الْإِمْبِرْيَاليَّات العالمية. حيث تَعتبر أحزاب "اليسار" أنّ «العَوْلَمَةَ» الحالية هي مَصِير طَبيعيّ، وَضَروريّ. فَتَرَى أحزاب "اليسار" بالمَغرب شعار «المَلكية البَرلمانية» كأنها خَاتِمَة الكِفَاحَات السياسية.
وبعد تَراجع أحزاب "اليسار" عن «الاشتراكية»، وعن «الماركسية»، وعن «الثورية»، بَـقِيَت هذه الأحزاب خَجُولة (shamefaced)، حيثُ لَا تَجْرُؤُ على الاعتراف العَلني بِتَراجعاتها السياسية، وَلَا تَجْسُر على شَرحها لِأَنْصَارها.
وَإِنْ بَـقِيَت أحزاب "اليسار" «يَسَارِيَة» في بعض مَظاهرها، أو في بعض مَزَاعِمِهَا، أو بعض خِطَابَاتها، فَقَد غَدَت في عُمـقها «رَأْسَمَالِيَة»، أو مُسْتَسْلِمَة، أو إِصْلَاحية، أو مُحافظة، أو يَمِينِيَة، أو اِنْتِظَارِيَة.
ورغم تلك التَراجعات السياسية، ما زالت أحزاب "اليسار" تُحِبُّ أنْ يَصفها المُتَـكَلِّمُون بِكَوْنِهَا أحزابًا «إِشتراكية». وَرغم أنّ هذه الصِفَة تَبقى غير مُلَائِمَة، أو غَامضة، أو مُضَلِّلَة، فإنّ أحزاب "اليسار" تُحبّها، لأنها تَنْـفَـعُها في الانتخابات العامّة. حيثُ يُرْجَى من صِفَة «الاشتراكية» أنْ تَجْلُب لها أعدادًا هَامَّة مِن النّاخِبِين، ومِن الْأَصْوَات المُؤَيِّدَة.
■ تَتَـكَلّم اليوم بعض أحزاب "اليسار" عن مَطلب «المَلكية البَرلمانية» كأنّه مُبادرة نِضالية مِن نَوع جديد، أو كأنّه هُجوم سيّاسي مِن نَوع مُبْدِع. بينما في الواقع، يُجَسِّد شعار «المَلكية البَرلمانية» تَراجعًا اِسْتْرَاتِيجِيًّا. والدَّليل على ذلك، هو أنّ أحزاب "اليسار"، خلال مرحلة سنوات 1970، ثُمّ 1980، كانت تُدافع عَن «الدِّيموقراطية»، وعن «الجُمهورية»، و«الثّورة»، و«الاشتراكية»، و«الماركسية». ثُمّ جاءت حَملات القَمع التَصْفَوِيَة، والْاِعْتِـقَالَات الْاِسْتِئْصَالِيَة، بين سنتي 1974، و 1980. ثُمّ جاء اِنْهِيّار الاتحاد السُّوفياتي بين سنتي 1989 و 1991. ثمّ جاء اِنْحِرَاف الصِّين نَحو تَغْلِيب الرَّأْسَمَالِيَة. فَسَـقَطَت مُجمل أحزاب "اليسار" في العالم (وكذلك في المَغرب) في حالات ضُعف، وَشَكّ، وارْتِبَاك، وَتَراجُع اِسْتْرَاتِيجِي(6). ومنذ سنوات 1995، أصبحت فجأةً مُعظم قِوَى "اليسار" مُتَخَلِّيَة عن طُموحات «الجُمهورية»، و«الثورة»، و«الاشتراكية»، و«الماركسية».
وفي إطار هذه الدِّينَامِيَة التَراجعية، تحوّلت جُلّ قِوَى "اليسار" مِن مَوْقِع «اليسار»، إلى مَوْقِع «الوَسَط»، أو «يَمِين الوَسط». وانتـقلت قِوَى "اليسار" مِن الدِّفَاع عن «الجُمهورية»، و«الثّورة»، و«الاشتراكية»، و«الماركسية»، إلى التَخَلِّي عن «الاشتراكية»، وإلى الدِّفَاع عن «المَلكية البَرلمانية»، والقَبُول دَوْمًا بِالحَيَاة في إطار «الرَّأْسَمَالِيَة».
وَلَمْ تَعُد أحزاب "اليسار" تُؤْمِن بِأُطْرُوحة «الماركسية» التي تَقول «إنّ التَحَرُّر المُجتمعي سَيَتِمّ عَبْر ثَوْرة مُجتمعية، وعبر تَغْيِير أَنْمَاط الْإِنْتَاج، وَعَبْر تَثْوِير العَلاقات المُجتمعية، وعبر ثورة مُجتمعية مُتَواصلة، وَطَنِيَة، وَعَالَمِيَة». بَل غَدت قِوَى "اليسار" تَخْتَزِل «الدِّيموقراطية» في «المَلكية البَرلمانية». وَعَوَّضَت قِوَى "اليسار" طُموحاتها إلى «الاشتراكية»، بِقَبُولِهَا بِـ «الرَّأْسَمَالِيَة»، كَنَمَط إِنْتَاج عادي، وَمَأْلُوف، وَمَشْرُوع، وَمُعَوْلَم، وَأَبَدِي.
وبعد تَبَنِّيها لِأَيْدِيُّولُوجِيَّة «حُقُوق الْإِنْسَان»، إِنْتَـقَلَت قِوَى "اليسار" مِن طُمُوحها نحو التَحَرُّر مِن «الْاِسْتِـغْلَال الرَّأْسَمَالِي»، إلى الْإِكْتِـفَاء بِطُمُوح «تَقْلِيص الفَوَارِق الطَبَـقِيَة»، وَ «تَحْسِين الْأَوْضاع المادّية لِلجماهير الكَادِحَة».
وَعَوَّضَت قِوى "اليسار" طُموحها إلى «الثّورة المُجتمعية»، بِالْتِزَامِهَا بِالْاِقْتِصَار على المُشاركة في «الْاِنْتِخَابات العَامَّة»، والقَبُول بِقَواعدها، كما هي مُنظّمة في الواقع.
■ وَمِن قَبْل الرِدَّة الكُبرى (المُوَضَّحَة سابقًا)، كانت قِوَى "اليسار" حَريصة على أن تَكون مَواقفها السياسية مُنسجمة مع دُروس التُراث الثَّوْرِي المُسْتَخْلَصة مِن تاريخ الكفاح التَحَرُّري لِشُعوب العالم. (ومِن بين ثورات العالم التي كانت تَسْتَلْهِم قِوَى اليسار، نَذْكُر مثلًا : ثورة فرنسا في سنة 1789، وثورة رُوسيا في 1917، وثورة عبد الكريم الخَطّابي في 1921، وثورة الصِّين في 1949، وثورة فتنام في 1972، وثورة كُوربَا في 1956، الخ). أمّا اليوم، فقد غَدَت قوى "اليسار" تَعتـقد أنّ الشّيء الوحيد الحَاسِم في مَيدان السياسة، أو في مجال الصِّراع الطَّبَـقِـي، أو في إطار «مَلكيّة بَرلمانية»، هو الغَلَبَة في الانتخابات. وبالتّالي، فالمُهمّ، هو جَمْع الْأنصار، وَتَوحيد التَنْظِيمات، والتَيَّارَات، والتَـفَوُّق في أعداد النَاخِبِين المُصَوِّتِين، والْاِلْتِزَام بِالقانون السّائد.
وَبِنَاءً عَلَيْه، فإنّ المُهِمّ، ليس هو الكَيْف التَحَرُّرِي، وإِنَّمَا هو الكَمُّ الْاِنتخابي.
وبعبارة أخرى، سَبِيل الخَلاص المُجتمعي، هو أنْ نَصْعُدَ إلى الحُكُومَة، طَبْعًا بِواسطة الانتخابات، في إطار «مَلكية بَرلمانية»، لكي نُنْجِز الْإِصْلَاحات المَنْشُودة. وَكَفَى المُؤْمِنِين شَرَّ القِتَال. وَانْتَهَى الصِراع الطَبَقِي.
وهذه التَصَوُّرات هي بِالتَّأْكِيد كلّها أحلام جميلة، وبسيطة، وَسَهْلَة، وَمُرِيحَة. لكن العَيْب الوحيد فيها هي أنها بَعيدة عن أنْ تَكون وَاقعية، أو قَابِلَة لِلْإِنْجَاز.

13) بَـعْض مَنَاهِج النِضَال البَدِيلة
■ هدف الفَاعلين السِيّاسيِّين التَـقَدُّمِيِّين، في المرحلة التاريخية الحالية، ليس هو استبدال أشخاص حَاكِمِين، أو مَسْئُولِين كبار في الدّولة، بأشخاص آخرين، نَـفْتَرِضُ فيهم، أو نَتَرَجَّى مِنهم، أنْ يَـكُونون أحسن مِمَّنْ سَبَقُوهُم.
بل الغاية هي تـغيير نَوْعِيَّة النظام السياسي القائم، وَتَـغْيِير العَلَاقَات المُجتمعية الْإِنْتَاجِيَة، بهدف خِدْمَة مَصالح الشّعب. والمَقصود هو تَـغيير المُجتمع في مُجْمَل مُكَوِّنَاتِه، وَتَغْيِير أَنْمَاط الْإِنْتَاج، وتغيير مَوازين القِوَى الطبقية، وتغيير نَوْعِيَة العلاقات المُجتمعية القائمة.
والمَنْهَج الثوري البَديل هو تَـعْبِئَة الثُلُثَيْن الثَّوْرِيَّيْن من المُجتمع، ضدّ الثُّلُث المُحافظ المُتَبَـقِّي.
والسَّبِيل هو مُعالجة التناقضات المَوجودة في صُفوف الشّعب، وَتَعْمِيم مَنَاهِج النِضَالات الجماهيرية المُشتركة، بهدف تَحقيق الطُموحات التَحَرُّرِيَة لعامّة الشّعب.
وإلَّا، سَيَبْـقَـى مُجتمعنا يَدُور في حَلقة مُفرغة، خلال مرحلة تاريخية طويلة.
■ والقيادة الثورية الكُفْأَة، لَا تَـكْتـفِي بِـ «المُطالبة» بِإِصْلَاحات. وَلَا تَـقف عند حدّ «المُطالبة بِمَلَكِيَة بَرلمانية»، أو «المُطالبة برحيل رُموز النظام السيّاسي القَديم». ولَا تَكْتَـفِي القيادة الثورية بِأَنْ تَطلب من أحد أن يُنْجِزَ لها شيئًا، مَا نِيَّابَةً عنها. وإنما تَـقُوم القِيّادة الثّورية، هي بِنَـفْسِهَا، بِإِنْجَاز طُمُوحَات الشّعب.
وترفض القيّادة الثّورية أن تَكون نُخْبَوِيَة. وَتُـفَضِّل أنْ تكون مُتَعَدِّدة، وَمُنْتَشِرة، وَمُسْتَتِرَة، داخل عُموم الشّعب.
والقيادة الثورية الكُفْأَة هي التي تـفَكِّرُ، وتُهَنْدِسُ، وتُـقَرِّر، وتُنَـفِّذ. فالقيادة الثورية الخَبِيرَة، لَا تنتظر انطلاق انتـفاضة شعبية عَـفْوِيَة. وَلَا تَتَرَقَّب حُدُوثَ نَجاح ثورة مُجتمعية اِفْتِرَاضِيَة. ولكنها هيّ التي تُبَادِر في المَيْدَان. وهي التي تُطلق شَرَارَات هذه الثّورة المُجتمعية. وَتَسهر على مُسايرتها، وعلى تَدبيرها. وتساهم في تَنْظِيمِهَا، وفي قيّادتها، وَفي إِنْجِاحِهَا. وقد تَعمل القيادة الثورية المُحَنَّكَة خلال عِـقْدٍ، أو حتّى خلال عدّة عُـقُود، لِتَهْيِئ شروط انطلاق ثورة مُجتمعية، والسهر على إنجاحها.
وَتَقوم القيّادة الثورية بِتَنْوِير مُجمل الجماهير. وَتَنشر الوَعي السياسي الطَّبقي الثّوري. وَتخوض النضالات التَمْهِدِيَة. وَتُشَيِّد القيّادة الثورية التَنْظِيمَات الطبقية المتنوّعة والمتكاملة. وَتُحارب المُخابرات المُعادية. وَتَنْتَـقِد الْأُطروحات المُسْتَسْلِمَة، أو اليَمِينية. وتُكَافِحُ ضدّ كلّ أنواع الأَيْدِيُولُوجِيَات الفَرْدَانِيَة، أو الأنانية، أو الخُرَافِيَة، أو المُخَذِّرَة، أو المُنَوِّمَة.
■ واستـفادةً من تجربة ”انتـفاضة“ تُونس، التي انطلقت في يناير 2011، نلاحظ أن هذه ”الانتـفاضة“ تَعرّضت لِلتَحَايُل، ولِلْمُرَاوَغَة، وَلِلْاِنْتِكَاس. حيث أسقطت هذه ”الانتـفاضة“ رأس النظام السياسي التُونسي (زين العابدين بن علي)، لكنها لم تنجح في إحداث تـغيير جذري في نوعية النظام السياسي القائم. لأن الطّبقات الشّعبية لم تَكن بما فيه الكِفاية، لَا وَاعِيَة، ولَا مُنَظَّمَة، ولَا مُعَبَّئَة، ولَا مُبَادِرَة. ولأن أفراد الطبقة السائدة القديمة في تونس بَقُوا هم المُؤَهَّلِين للسيطرة على الاقتصاد، وعلى الإعلام، وعلى الانتخابات، وعلى البرلمان، وعلى الحكومة، وعلى المجالس المحلية، وعلى الأجهزة القمعية، الخ. فاستمرّ النظام السياسي القديم بِفَاعِلِين سياسيين جُدد. وتـغيّر شكل النظام السياسي، دون أن تتـغيّر طَبِيعَتُه العَمِيقة. وانتـقلت تُونس من «جُمهورية اسْتِبْدَادِيَة» إلى «جُمهورية هَجِينة»، مَا هي جمهورية «بَرْلَمَانِيَة» مِئَة بالمِئَة، ولَا هي جمهورية «رئاسية» مِئَة بالمِئَة. واستمرت تُونس في نَوْع نَاعِم من الاستبداد، والفساد، والتَبَعِيَة للإمبريالية. وَوَاصَلَت الحُكومة التونسية الجديدة تقريبًا نفس السياسات الاقتصادية الرأسمالية المُفْتَرِسَة والتَبَعِيَة.
■ ولاحظنا حُدُوثَ انْتِكَاسَة مُشَابِهَة في تجربة "انتـفاضة" مَصْر في سنة 2011. حيث أطاحت "الانتـفاضة" في مصر برأس النظام (حُسني مبارك)، لكن، بعد صراعات مُعَـقَّدَة، بعضها ظاهر، وبعضها خَفِيٌّ، عاد النظام السياسي القديم بِفَاعِلِين سياسيِّين جُدُد (يَتَرَأَّسُهُم عبد الفتاح السِّيسِي)، في شكل «جمهورية رئاسية» استبدادية، تَحت نفس الهَيمنة القَديمة لِبِيرُوقْرَاطِيَة الْجَيْش. وقد كان الحِراك في مصر (في بداية سنة 2011) أضخم، وأعنف، من الحراك في تونس. لكن نَتائج الحِراك المُحَصَّلة في مصر بَقيت أقلّ من مَثيلاتها في تُونس. لأن الطّبقات الشعبية في مصر، لم تكن مُؤَهَّلَة (بما فيه الكفاية) لَا ثـقافيا، وَلَا سيّاسيًّا، ولَا تنظيميا، ولَا نضاليا. ولأن الجيش يُهيمن على الدولة في مصر أكثر مِمَّا هو الحال في تُونس. وَيُحْتَمَل أن تُؤَدّيَ نفس الأسباب إلى نفس النتائج، في الحِرَاكَ الجماهيريَ الثوريَ الذي اشتعل حديثًا في كلّ من الجزائر، والسُّودَان، خلال شهري مارس وأبريل 2019(7). حيثُ يُخَيِّمُ خَطر حُدُوث اِنْتِكَاسَات في كُلّ من الجَزائر والسُّودان، تَكون شَبِيهَة بِتلك التي حَدثت في تُونس، ومصر. وأتمنى أن تُكَذِّبَ الأحداث المقبلة مثل هذه التَخوّفات.
■ مِنْ مِيزات اليسار الثوري أنه «يُخْضِعُ النضالَ من أجل الإصلاحات، إلى النضال الثوري من أجل الحرية والاشتراكية، مثلما يَخْضَعُ الجُزْءُ لِلْـكُلِّ» (لِينِين)(8). والمُشاركة في الانتخابات، أو النِضال من داخل مُؤسّـسات الدّولة، هو الجُزء؛ بينما النِضال الثّوري من أجل التحرّر والاشتراكية هو الكُلُّ. ويُوجِبُ المنطقُ الثوري أن يَخضع هذا الجُزء، إلى هذا الكُلّ، وليس العكس.
■ ما هو إِذَن الأكثر أهميةً : هل النضال الانتخابي (من خلال المشاركة في الانتخابات العامّة، والنضال من داخل المُؤسّـسات التَمثيلية)، أم النضال السياسي الثوري ؟ أكيد أن النضال الانتخابي ضَروري، وَمُكَمِّل، وَيَحظى بِأهميته. لكنه يبـقى ثانويًا بالمُقارنة مع النِضال السياسي الثّوري (والذي يتكوّن هو نفسه من أجزاء عَلَنِيَة، وأخرى سِرّية). والإصلاحات التي يمكن انتزاعها من داخل المؤسّـسات التَمْثِيلِيَة في الدولة الحالية، تَبـقى صَعبة، أو مَحدودة، أو شَكْلِيَة، أو هَشَّة، أو مُتَحَوِّلَة، أو زَائِلَة، أو مُستحيلة.
■ أمَّا النضال السياسي الثوري، فَـنُمَارَسُه خُصوصًا من خلال : 1- الدِعَايَة السياسية الثورية؛ 2- كَشْف الفضائح السياسية؛ 3- مُحاربة العَقْلِيَّات الفَرْدَانِيَة، والطُفَيْلِيَة، والْاِرْتِزَاقِيَة، والفِئَوِيَة، والْأَنَانِيَة، والْاِنْتِهَازِيَة، والعَمِيلَة. 4- مُحاربة كلّ أشكال الْاِسْتِلَاب. 5- تَعْبِئَة الجماهير لاستنكار الفضائح السياسية؛ 6- ‏التحريض السياسي الثوري؛ 7- تَعْمِيـق الوَعْي السيّاسي الطَبَـقِـي الثَّوْرِي؛ 8- إنشاء أكثر ما يمكن من التنظيمات الجماهيرية المُتَنَـوِّعَة، والمُتكاملة، والمناضلة، بما فيها العَلَنِيَة والسِرِّيَة. 9- حَثُّ الجماهير على الدِّفاع عن مَصالحها الطَّبـقية. 10- تَشجيع الجماهير على تَجاوز المَطالب الجُزْئِيَة، وَتَحْرِيضُها على تَـغيير المُجتمع في شُمُولِيَّتِه، وعلى تـغيير العلاقات المُجتمعية، وعلى الطُمُوح إلى التحرّر، وإلى الاشتراكية.
■ وتُبَيّن تَجارب الشّعوب أنه، إذا كان بالإمكان استـغلال النضال من داخل المؤسّـسات التمثيلية (كالبَرلمان، أو الجَماعات المَحلية، الخ) لِمَعرفة بعض خَبَايَا الدّولة، ولِكَشف بعض الفَضائح السياسية، أو لِنَشْر الوَعْي بحقوق المُواطنين، فإن نفس هذه التجارب تُؤَكِّدُ استحالة إِيصَال الوعي السياسي الثوري إلى الطبـقات الكادحة، من داخل هذه المؤسّـسات التَمثيلية.
■ ما ينبغي الانتباه إليه، هو أن المُشاركة في الانتخابات العامّة (للبرلمان وللجماعات المحلية، الخ) لها منطقها الخاص بها. والقوى السياسية التي تلتزم بالمُشاركة في هذه الانتخابات العامّة، تجد نفسها مَسجونة داخل حُدود لُعبة (أو تمثيلية) سياسية ضَيّـقة، وَمُـكَبِّلَة، وذات قَواعد صَارمة، ومُحَدَّدَة سَلَفًا (من طرف الطَّبقة السّائدة في المُجتمع). ومهما اجتهدت القِوَى السياسية التَـقَدُّمِيَة المُشاركة في هذه الانتخابات العَامّة، فإنها ستجد نفسها مَمْنُوعَة من أن تتجاوز حُدود دعم النظام السياسي القائم، وَمُجبرة على أنْ تَكْتَـفِـيَ بِإعادة إنتاج مُكَوِّنَاته.
■ مِن طبيعة النظام السياسي القائم في المغرب أنه يُسخّر إمكانات الدولة، أوّلًا وقبل كلّ ‏شيء، لتـقوية وإدامة نظام سِيّاسي مَلَكي يُهَيمن على كل شيء. وقد دخل هذا النظام السياسي في تحالفات ‏استراتيجية وأمنية غير شفّافة، مع دول إِمْبِريالية قوية، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، واسبانيا، ‏ومملكات الشرق الأوسط، مثل السعودية، والإمارات، وَقَطَر، والأردن، وكذلك مع الكِيَّان الصهيوني إسرائيل، إلى آخره. ولا تـعرف، لَا الحُكومة، وَلَا البَرلَمَان، وَلَا الشعب، تَـفَاصِيل مَضَامِين هذه «الإتـفاقيات»، أو «التحالفات الاستراتيجية»، التي قَرّرها المَلِك مع الدول الأجنبية. ومن المُستبعد أن يَـقْبَلَ هذا ‏النظام السياسي بأن يَتحوّل من نظام «مَلَكِية مُطلقة»، تُسيطر على كل السُّلط، إلى نظام «مَلكية ‏برلمانية»، لا يكتسب رئيس الدولة داخلها أية سُلطة حَاسِمَة.
وفي حالة إحساس هذا النظام السياسي المَلَكِي المُستبد بِأَنَّ القِوَى السِّياسية المُعارضة تَضْغَـطُ عليه بِـقُوَة، لِكَيْ يَتَـغَيَِّـر إلى «مَلَكِيَّة بَرلمانية»، فالإحتمال الكَبير هو أن يَلْجَأُ هذا النظام السيّاسي إلى حُلفاءه الْإِمْبِرْيَاليِّين، أو الصّهاينة، لِلْاِسْتِـقْوَاء بهم، أو لِلْإِسْتِـعَانَة بهم، بِهَدف سَحْـق مُنْتَـقِـدِيه، أو مُعارضيه، أو خُصومه. وَلَوْ أنّ مُختلف التَجارب التي حَدثت عبر العالم تُثْبِت أنّه، إذَا نَضَجَت في المُجتمع شُروط التَـغْيِير الثّوري، فإن القِوَى الْإِمْبِرْيَالية الخَارجية تَـعْجِز على إِنْـقَاذ النظام السياسي من اِنْتِـفاضة القِوَى الثّورية الدّاخلية، أو مِن ضَرُورة إحداث تَغْيِيرات سِيَّاسية جذرية.
وليس صُدْفَةً أن تكون أجهزة مُخابرات أجنبية مُتعدّدة (أمريكية، فرنسية، إسرائيلية، الخ) تنشط بحرّية داخل بلاد المغرب، وتسهر على اِسْتِمرارية اِسْتِـفَادة بُلدانها من اِمْتِيَّازات اقتصادية هامّة. وَسَيَكُون من السَذَاجَة الاعتـقاد بسهولة إصلاح النظام ‏السياسي المَلكي المُستبد القائم في المغرب (عبر تحويله إلى «مَلَكية برلمانية»). ولن تَـقدر على تَغييره سوى ثَورة مُجتمعية شَعبيّة، وَحَاشِدَة، وَجَذْرِيَة، وَعَمِيقَة، وَمُتَوَاصِلَة.

14) خُلاصة
شِعَار «سَقْف المَلكية البرلمانية» يختزل استراتيجية خَفِيَة، أو غير وَاعية. وتتميّز هذه الاستراتيجية الخَفِيَة بِكَونها إصلاحية، وانتظارية، وَسَاذَجَة.
والفِئَات الطَبَقِيَة المُدافعة عن هذا المَطلب هي خُصوصًا فِئَات مِن طَبَقة البُورجوازية الصّغيرة. ويمكن لِلْإِيمان بِهده الاستراتيجية أنْ يَرْهَنَ مَصير المُجتمع خِلال عُقود طويلة، وبدون فائدة.
وَ«تَسْقِيف» النِضال الجَماهيري المُشترك بِـ «سَقْف المَلَكِية البرلمانية»، يؤدّي موضوعيا إلى تَأْبِيد النظام السياسي المَلَكِي المُستبد، وذلك بِغَضِّ النظر عن النَوَايَا الحَسَنَة الكَامِنَة وَرَاء رَفْع هذا الشِعَار.
وَلَا يُوجد (إلى حدّ الآن) أَيّ شيء جِدِّي يُثْبِتُ أن هذا الخيار الاستراتيجي هو الأكثر وَاقِعِيَّةً، أو الأسهل في مَجال الْإِنْجَاز.
هل يمكن إخراج المُجتمع المَغربي من التخلّف، والاستبداد، والفساد، والرأسمالية المُفترسة، دون إخراجه من النظام السياسي المَلكي ؟ هذه الأطروحة السّابقة ليست مُثْبَتَة، وَمِن المُسْتَبْعَد أن يُمكن إثباتها بِمَنطق عَقْلَانِي مُقْنِع. لكنّ مُرُور أكثر مِن سِتِّين سَنَة على بِدَايَة الاستقلال الشّكلي في المَغرب، بِالإضافة إلى تَاريخ قُرون من حُكْم النظام السياسي المَلَكي، كلّها تُشِير إلى أنّ هذا النظام السياسي المَلَكي، حينما يَكون قَوِيًّا، يَضطهد الشّعب وَيَسْتَـغِلُّه، وحينما يكون ضعيفًا، يُقَدّم تَنازلات إلى القوى الاستعمارية أو الإمبريالية، وَيَسْتَـقْوِي بها، بهدف قَمع الشّعب، واضطهاده، واستغلاله. وَمِن المُستحيل إصلاح أيّ نظام سيّاسي إذا لم يَتوفّر الشعب على آلِيَّات تُمَـكِّنُه مِن التَحَكُّم في الدَّوْلة القائمة، وفي أجهزتها.
و«التَّسْقِيف» (roofing) المُسْبَق، والدَّائِم، للنضالات الجماهيرية المشتركة، بِـ «سَقْف الملكية البرلمانية»، يَـكْبِتُ الطّاقات الثورية لَدَى الشّعب، وَيَحْبِسُها في حُدُود تَمْثِيلِيَّة عَبَثِيَة، ويُغْلِقُها داخل عُلْبَة تَاريخية ضَيِّقَة، أو خَانِـقَة.
بينما الخِيَار الأحسن، هو تَحرير الطَّاقات الثَّورية لَدَى الشعب، وترك الآفاق السياسية مفتوحة على جميع الاحتمالات المُمكنة. والْاِنْـفِتَاح على جميع التطوّرات التاريخية المُحتملة في المُستقبل.
وَالْاِحْتِمَال الْأَكْبَر هو أن تَحرّر الشّعب من التخلّف، والاستبداد، والفساد، والرأسمالية المُفترسة، سَيَمُرّ عبر تَجاوز النظام السياسي المَلَكِي. (ويمكن قَوْلُ أشياء مُمَاثِلة عن «الجمهورية الرئاسية» (مثلًا في الجزائر، أو مصر، أو تُونس، أو السّودان، الخ)، لأنها تظهر مثل «مَلَكِيَة» غير وِرَاثِيَة، حيث يُخْتَار فيها «مَلِك» مُسْتَبِدّ [الرئيس]، بِواسطة انتخابات عامّة مُتَحَـكَّم فيها).
رحمان النوضة
(حُرِّرَت وَنُشِرَت الصّيغة الأولى في 18 أبريل 2019. ورقم الصِّيغَة الحالية المُحَسَّنة هو 9).

الــنُــقَـــط الــهَـــامِـــشِـــيَــــــة
(1) أثناء «حركة 20 فبراير»، لم نُلاحظ مُشاركة مناضلي «حزب المُؤتمر الْإِتِّحَادي» في هذا الحِرَاك. وقد تَحَوَّل «حزب المُؤتمر الْإِتِّحَادي» فيما بعد إلى «حزب فِيدِيرالية اليسار الديموقراطي». وقد إلتحق جزء من «حزب الاشتراكي الموحد» بِـ «فيديرالية اليسار الديموقراطي» في سنة 2021. ونقلوا معهم بعض أطروحاتهم السياسية الأساسية إليه. بما فيها أطروحة «الملكية البرلمانية».
(2) أُنْظُر: رحمان النوضة، نَـقْد الصِرَاعَات الحَدِيثَة في فِيدِيرالية اليَسَار، نشر 2022، الصفحات 21، الصيغة 3. وقد نُشر أيضًا هذا المقال على موقع "الحوار المُتمدِّن".
(3) أنظر كتاب: رحمان النوضة، هل ما زالت الماركسية صالحة بعد انهيّار الاتحاد السُّوفياتي، نشر 2015، الصفحات 206، الصيغة 18. ويُمكن تـنزيله بالمجّان من مُدوّنة الكاتب.
https://livreschauds.wordpress.com/2015/01/03/liste-لائحة/
(4) أنظر كتاب رحمان النوضة بالـفرنسية :
Rahman Nouda, Impossible de sortir du sous-développement par le capitalisme, Édition 2020, 140 pages, Version 18.
https://livreschauds.wordpress.com/2015/01/03/liste-لائحة/
(5) أنظر نـفس المصدر السّابق.
(6) أنظر كتاب: رحمان النوضة، أطروحات حول الدّولة، نشر 2022، الصفحات 157، الصيغة 16. ويُمكن تـنزيله بالمجّان من مدوّنة الكاتب.
https://livreschauds.wordpress.com/2015/01/03/liste-لائحة/
(7) أنظر نـفس المرجع السّابق.
(8) أنظر نـفس المرجع السّابق.
(9) أنظر: رحمان النوضة، هل ما زالت الماركسية صالحة بعد اِنهيّار الاتحاد السّوفياتي، نشر 2015، الصفحات 206، الصّيغة 18. ورابطه:
https://livreschauds.wordpress.com/2015/01/03/liste-لائحة/
(10) كُتِبَت الصِّيغَة الأولي من هذا المقال في سنة 2019.
(11) Vladimir Lénine, œuvres, Tome 5, Que faire?, Editions Sociales, Paris, Editions du progrès, Moscou, 1976, p.441..



#عبد_الرحمان_النوضة (هاشتاغ)       Rahman_Nouda#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نَـقْـد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
- لماذا اُعْتُقِلَ مُدير تَطْبِيق تِلِغْرَام
- الْإِسْلَام وَالرَّأْسَمَالِيَة
- صِرَاع الطَّبَقِات، أَمْ صِرَاع الْإِثْنِيَّات
- في مَنَاهِج النِضَال الجَمَاهِيرِي المُشْتَـرَك
- أحزاب اليسار تـرفض التـنسيـق
- الرَّأْسَمَالِيَة هِي اِنْتِحَار جَماعِي بَطِيء
- نَظَرِيَة «الْأَنَا»، و«الْأَنَانِيَة»
- مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 3/3
- مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 2/3
- مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 1/3
- هِجرة الأدمغة المُمْتَازَة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
- الحَلّ الجَذْرِي لِمُشْكِل الجِنْس خارج الزَّواج
- لِمَاذَا اِنْهِيَّار إِسْرَائِيل حَتْمِيٌّ
- فَلْسْطِين وَانْهِيَّار أَمْرِيكَا
- لِمَاذَا القَضَاء على إسرائيل
- دُرُوس زِلْزَال المغرب
- دَوْلَة الجَوَاسِيس


المزيد.....




- اعتقال متظاهرين بذريعة منع نتنياهو من التوجه إلى الجمعية الع ...
- الشرطة تطلق الرصاص والقنابل الغازية على أهالي جزيرة الوراق
- سبع سنوات من الحبس الانفرادي.. عبد المنعم أبو الفتوح يرفض ال ...
- 29 سبتمبر.. لا بديل عن الحرية لعلاء عبد الفتاح
- بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي 22 شتنبر 2 ...
- الإعلان عن تأسيس الجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن الشعب الف ...
- تأجيل محاكمة مناضلي الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التط ...
- “وبريات سمنود” تطالب بفصل القيادي العمالي هشام البنا
- م.م.ن.ص// فتيل مشتعل فوق صفيح ساخن..
- بلاغ المكتب السياسي حول مراسيم تشييع جنازة الفقيد بوبكر الخم ...


المزيد.....

- نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2 / عبد الرحمان النوضة
- اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض ... / سعيد العليمى
- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - عبد الرحمان النوضة - نَـقْـد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 2/2