|
تفسيرات شيطانية(١): الشفاعة والمقام المحمود
محمد الصادق
الحوار المتمدن-العدد: 8112 - 2024 / 9 / 26 - 19:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
جاء في التفاسير عن قوله تعاليَ: ﴿مَقامًا مَحْمُودًا﴾ ذكر الطَّبَرِيُّ ومُجَاهِدٌ أَن: َّ "الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ هُوَ أَنْ يُجْلِسَ الله تعالى نبيه محمد مَعَهُ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَقد رُوِي فِي ذَلِكَ حَدِيثًا.. وَذَكَرَ النَّقَّاشُ عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فَهُوَ عِنْدَنَا مُتَّهَمٌ" ورُوي: "يقعده على الْكُرْسِيّ بَين يَدَيْهِ وَقَالَ بَعضهم: يقيمه عَن يَمِين الْعَرْش" وجاء كذلك: "قالَ: ﴿مَقامًا مَحْمُودًا﴾ ولَمْ يَقُلْ مَقْعَدًا. والمَقامُ مَوْضِعُ اَلْقِيامِ لا مَوْضِعُ اَلْقُعُودِ". •°• وهذا القول هو ضمن أربعة أقوال في تفسير (المقام)، والثلاثة الاخري هي: ١ حمل لواء الحمد ٢ كل مقام يجلب الحمد ٣ مقام الشفاعة ▪▪▪▪▪▪ لكن ما ذكره المفسرون عن الإجلاس يطابق ما جاء عن المعراج في سورة النجم: {وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوۡسَیۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ } جاء في التفاسير: "والَّذِي دَنا فَتَدَلّى هو جِبْرِيلُ، وقِيلَ هو النَّبِي..ّ فالمَعْنىُ: ثُمَّ دَنا مُحَمَّدٌ مِن رَبِّهِ دُنُوَّ كَرامَةٍ فَتَدَلّى: أيْ هَوى لِلسُّجُودِ. وبِهِ قالَ الضَّحّاكُ. ﴿فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنى﴾ أيْ فَكانَ مِقْدارُ ما بَيْنَ جِبْرِيلَ ومُحَمَّدٍ، أوْ ما بَيْنَ مُحَمَّدٍ ورَبِّهِ قابَ قَوْسَيْنِ: أيْ قَدْرَ قَوْسَيْنِ" ▪▪▪▪▪ فإذن القول بأن المقام المحمود هو أجلاس النبي علي العرش يتطابق مع القول بدنوه من ربه إلي مقدار قوس أو قوسين. >>> وإذن فالمقام المحمود هو حينما بُعث النبي إلي السماء للقاء ربه بعدما أُسري به. أي أن المقام هو المعراج. ▪▪▪▪▪▪ وعلي ذلك فقد كان الصحابة يدعون ربهم أن يبعث النبي ذلك المقام.. وقد تمّ ذلك للرسول في الدنيا ونال النبي ذلك المقام بالفعل وتوقف أصحابه عن ذلك الدعاء وربما استبدلوه بأدعية أخري. ▪▪▪▪▪▪ أما ما جاء أن المقام هو الشفاعة، فهو لا يتطابق ادني تطابق مع شيء من القرآن، برغم التفاصيل والإسهاب الذي تعج به كتب الحديث والتفاسير والشروحات. فقد تفننوا في تنويع الشفاعة بل (الشفاعات)، فقد زعم البعض أنها شفاعتان، وقيل ثلاث، وقيل خمس: ١ - شفاعة عَامَّةُ ٢ ُإِدْخَالِ قَوْمٍ الْجَنَّةَ دُونَ حِسَابٍ. ٣ ادخال قَوْم الجنةٍ اسْتَوْجَبُوا النَّارَ بِذُنُوبِهِمْ (اصحاب الكبائر) ٤ إخراج قوم من النار ٥ زِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ فِي الْجَنَّةِ بل جاء اكثر من ذلك فقد روي حديث: " لَا أَزَال أشفع حَتَّى يسلم إِلَيّ صكاك بأسماء قوم وَجَبت لَهُم النَّار، وَحَتَّى يَقُول مَالك خَازِن النَّار: مَا تركت للنار لغضب ربك في أمتك من بقية) !! وكل ذلك لا ذكر له في القرآن، فالقرآن يقرر أنه لا شفاعة إلا لله: ◇ {قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَـٰعَةُ جَمِیعࣰاۖ} ◇ {مِّن قَبۡلِ أَن یَأۡتِیَ یَوۡمࣱ لَّا بَیۡعࣱ فِیهِ وَلَا خُلَّةࣱ وَلَا شَفَـٰعَةࣱۗ} ◇ {مَا لَكُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِیࣲّ وَلَا شَفِیعٍۚ} وقد جاء أن النبي نصح ابنته وحذرها: (يا فاطمة.. أنقذي نفسكِ من النار فإني لا أغني عنكِ من الله شيئاً) >>> لكن تغافل الناس عن هذا وتمسكوا بمرويات شيطانية تثبط الناس عن العمل اتكالا علي شفاعة الرسول ▪▪▪▪▪▪ بقليل من التدبر ومقارنة الآيات ببعضها، يمكننا إدراك المعني الحقيقي للشفاعة: ¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤ في القواميس: "شفع: الشَّفْعُ: خِلَافُ الوَتْر، وَهُوَ الزَّوْجُ. تَقُولُ: كانَ وَتْراً فَشَفَعْتُه شَفْعاً. وشَفَعَ الوَتْرَ مِنَ العَدَدِ شَفْعاً: صيَّره زَوْجاً" >>> ف(شفيع) بمعني "ثانٍ": {إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِی سِتَّةِ أَیَّام ࣲ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ یُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِیعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ} فالمعني: لا (ثانٍ) لله، له حول وقوة بذاته، أي لا أحد غير الل ه يستطيع أن يخلق شيئا إلا بإذن الله؛ ولذلك جاء: {وَإِذۡ تَخۡلُقُ مِنَ ٱلطِّینِ كَهَیۡـَٔةِ ٱلطَّیۡرِ بِإِذۡنِی فَتَنفُخُ فِیهَا فَتَكُونُ طَیۡرَۢا بِإِذۡنِیۖ وَتُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ بِإِذۡنِیۖ وَإِذۡ تُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِیۖ} ▪▪▪▪▪ ■ {ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَیۡنَهُمَا فِی سِتَّةِ أَیَّام ࣲ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِیࣲّ وَلَا شَفِیعٍۚ} □ {إِنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ یُحۡیِۦ وَیُمِیت ُۚ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِیࣲّ وَلَا نَصِیرࣲ} >>> فهنا شفيع بمعني "نصير" ▪▪▪▪▪ ○ {وَكَم مِّن مَّلَكࣲ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ لَا تُغۡنِی شَفَـٰعَتُهُمۡ شَیۡـًٔا إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن یَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن یَشَاۤءُ وَیَرۡضَىٰۤ} {یَوۡمَ یَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلۡمَلَـٰۤئكَةُ صَفࣰّاۖ لَّا یَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَـٰنُ وَقَالَ صَوَابࣰا} ● {وَخَشَعَتِ ٱلۡأَصۡوَاتُ لِلرَّحۡمَـٰنِ فَلَا تَسۡمَعُ إِلَّا هَمۡسࣰا یَوۡمئِذٍ لَّا تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَـٰنُ وَرَضِیَ لَهُۥ قَوۡلࣰا} ○ {یَوۡمَ یَأۡتِ لَا تَكَلَّمُ نَفۡسٌ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ} >>> فالشفاعة هنا بمعني القول أي الكلام. جاء في التفاسير: "قِيلَ: الْهَمْسُ تَحْرِيكُ الشَّفَةِ وَاللِّسَانِ. وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: "فَلَا يَنْطِقُونَ إِلَّا هَمْسًا". وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ، أَيْ لَا يُسْمَعُ لَهُمْ نُطْقٌ وَلَا كَلَامٌ". ولكن حتي من يتكلم (يشفع) وتسمع شفاعته فإن ذلك لا ينفع: {فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَـٰعَةُ ٱلشَّـٰفِعِینَ} وقد جاء في البخاري: (.. فأقولُ : أيْ ربِّ أصحابي، فيقولُ: إِنَّكَ لا عِلْمَ لكَ بما أحدثوا بعدَكَ، إِنَّهم ارتَدُّوا بعدَكَ على أدبارِهم القَهْقَرَى) وشفاعة النبي في القرآن جاءت بطريقة مختلفة عمّا هي في بعض المرويّات: {وَقَالَ ٱلرَّسُولُ یَـٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِی ٱتَّخَذُوا۟ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورࣰا}: فعلا.. لقد وضعوا القرآن علي جنب وجروا وراء التفاسير والمرويات والشروحات التي بها الغث والسمين. ▪▪▪▪▪ >>> إننا لا نستطيع أن ننكر ما جاء في القرآن من الدنو والتدلي، بإقتراب محمد من ربه الي مسافة قوس او اثنين، وسجوده علي العرش بين يدي ربه؛ اما القول بشفاعة النبي، والقرآن يقول بأن الشفاعة لله وحده؛ وجعل الرسول شفيع لله (ثانٍ له) وإعطاء الرسول ميزات ليست له، بأن يدخل اصحاب الكبائر الجنة، ويخرج أناس من النار، ويرفع البعض إلي درجات لا يستحقونها، فهذا هو الغلو الذي حذر منه النبي نفسه: فعن عمر بن الخطاب: (لا تطروني كما أطرت النصاري عيسي ابن مريم إنما أنا عبد؛ فقولوا عبدالله ورسوله؛ وعن أنس: أن ناسا قالوا يارسول الله يا خيرنا وإبن خيرنا وسيدنا وإبن سيدنا: فقال: (يأيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان أنا محمد، عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله). ▪▪▪▪▪ >>> لقد قرر الله في كتابه.. -وليراجع نفسه كل من لا يعتقد.. أنه قرار "نهائي"-: {مَا لِلظَّـٰلِمِینَ مِنۡ حَمِیمࣲ وَلَا شَفِیعࣲ یُطَاعُ} >>> وليراجع نفسه كل من كان يصف النبي بأنه "شفيعنا" أو "شفيع الأمة" أو "الشفيع".. فهذه إذن نصيحة، والدين النصيحة -كما في الحديث: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)
#محمد_الصادق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صرخات قوز هندي
-
ردود علي القراء.. في موضوع (الإحصان هو البلوغ)
-
[عرض السنّة علي الكتاب] يجعل (الإحصان) بمعني -البلوغ-
-
تنزيه النبي الخليفة عن تشويه المرويات الضعيفة
-
قصة آدم محرّفة .. وبالقرآن حكاية جديدة !!
-
تصحيف وتحريف في تشكيل المصحف الشريف (١)
-
واخيرا (يتقَلِب الحال): طرفا الحرب تحت اقدام المارينز: (يو ك
...
-
دقلو (يُفَضفِض) .. أمسكوا الخشب !!
-
منشار ماشاكوس !!
-
سياسة واشنطن مع الكيزان.. هل تختلف عنها مع طالبان ؟؟!!
-
إنزال منبر جنيف: من الجودية إلي فرض الحلول
-
سيمفونية المجاعة .. شمال السودان !!
-
كيف نسدّ ذريعة الإبادة؟؟
-
ليس دفاعاً عن الإسلاميين !!
-
ليس دفاعاً عن دولة الإمارات (٢)
-
ليس دفاعاً عن دولة الإمارات
-
《قوة دفاع السودان》: كان ياما كان !!
-
نعم للأسف .. نحن فراعنة! وهذه الحرب نموذج صارخ للفرعنة !!
-
مداهمة النيل الأزرق: وادِي السّحر ونظرية المؤامرة
-
تدمير المجتمع السوداني.. حقيقة المؤامرة !!
المزيد.....
-
هجوم ماغدبورغ: دوافع غامضة بين معاداة الإسلام والاستياء من س
...
-
بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية
-
رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا يعلق على فتوى تعدد الزوجات
...
-
مـامـا جابت بيبي.. حـدث تردد قناة طيور الجنة 2025 نايل وعرب
...
-
بابا الفاتيكان يصر على إدانة الهجوم الاسرائيلي الوحشي على غز
...
-
وفد -إسرائيلي- يصل القاهرة تزامناً مع وجود قادة حماس والجها
...
-
وزيرة داخلية ألمانيا: منفذ هجوم ماغديبورغ له مواقف معادية لل
...
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
-
حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان
...
-
المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|