التنوير

عبد الباقي أحمد ملا

الحوار المتمدن-العدد: 8110 - 2024 / 9 / 24 - 15:47
المحور: قضايا ثقافية
    

“التنوير”
التنوير طريق طويل جداً ومليئ بالمشاق، يحتاج الى كثير من الصبر. ما هي خصائص الذين يمارسون هذا العمل النبيل من أجل خروج مجتمعاتهم من التخلف الى النور؟ العلم والمعرفة.
والتنوير يواجه ثلاثة أشياء، وينير ثلاثة ظلمات :الاول ظلم الجهل، لأن نسبة الجهل المتفشية في مجتمعاتنا كبيرة نتيجة لإضعاف دور النظام التربوي، وعدم تعميم التعليم على جميع فئات المجتمع. أيضا بسبب الأنظمة السياسية والتي تحرص على الحفاظ على الجهل والأمية بالمجتمع حتى يتحكم به بسهولة. أما الثاني هو محاربة العنف وتعويضه بالعقل، والعقل نقيض العنف. لأنه عندما يحضر العقل يغيب العنف والعكس صحيح، حيث يحتل كل المساحات.
والثالث، فإن التنوير قاصد لهدم القيم الإستبدادية والقهر الاجتماعي والثقافي والنفسي .اذاً مواجهة الجهل تعني مواجهة العنف والاستبداد في نفوس الناس، والاستبداد الساكن في عقولهم .
ماهي خصائص الاشخاص الذين يمارسون التنوير والذين يؤكدون عليه لضرورته؟
الخاصية الاولى للمثقف التنويري هي النزعة الانسانية لانه بدونها لايستطيع المثقف التنويري من رفع قيمة الانسان، ويحمي كرامته. النزعة الانسانية، أن نجعل الإنسان في المركز الأول وهو الغاية وليس أي شيء آخر. جميع الاشياء الأخرى بما فيها الدين والمعتقدات هي وسائل علينا أن نخدم بها في الاتجاه الصحيح لخدمة الكرامة الانسانية، وأن لا نستعملها ضد هذا الهدف السامي كي نحد من انتاج التخلف. اذاً النزعة الانسانية تهدف الى الكرامة، الانتصار، الحريات والمساواة في إطار المواطنة.
أما الخاصية الثانية هي الغيرة الوطنية والشعور بالانتماء للوطن، والغيرة على وضعه، وعدم قبول مقدار التخلف الشائع في هذا المجتمع، ان الشعور بظاهرة التخلف شعور مأساوي لدى المثقف التنويري ويشعر به يومياً، ذلك عندما يرى الظواهر المتخلفة في الفكر والسلوك، في الممارسة بالانحطاط القيمي، كل هذا يجعل المثقف مهموماً في اوضاع مجتمعه وذلك بدافع الغيرة الوطنية، فإن تحرك بدون الشعور الوطني، فلن يتمكن من ممارسة العمل التنويري.
من هنا، فإن المثقف الكردي أيضاً يجب ان يكون لديه شعور للانتماء الى الوطن وهو المنطلق نحو فضاء الإنسانية .
والتيارات الاخرى المناوئة للتنوير، ليس لديها هذه النزعة الوطنية وإنها تحتقر الوطن، كالتطرف الديني، ولايعترف به، يريد الأمة والخلافة وكثيراً من الأوهام التي لن تعود ابداً، ومن المستحيل ان تتحقق. أما الخاصية الثالثة فهي الخاصية العقلانية والمقصود بها إعطاء الأولوية لدور العقل المستقل في البحث والاكتشاف، وهذا شيء أساسي، فهناك تخبيص للعقل في مجتمعنا الشرقي، وهذا التخبيص قدم إلينا منذ ألف ومئتي سنة من التاريخ في القرن الثاني الهجري. حيث تأسست مدارس فقهية والمذاهب الكلامية وكرست كلها باستثناء الفلاسفة والمعتزلة في معظمها أن العقل ضعيف وينبغي أن يكون تابعاً للنص وللمشاعر العاطفية والوجدانية الى غير ذالك. وتصوغ العقل على أنه عاجز، طبعاً الذين رفعوا من قيمة العقل، اليوم يقودون الحضارة الإنسانية وهذا انتصار للعقل.
إن استقلالية العقل من كل وصاية تعتبر من أسس ومن صميم الخصائص العمل التنويري.

#عبد_الباقي_أحمد_ملا (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات