|
التسرب المدرسي وإفرازاته الخطيرة في المجتمع
حسين علي محمود
الحوار المتمدن-العدد: 8107 - 2024 / 9 / 21 - 22:54
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
تعد ظاهرة تسرب الطلبة من المدارس مشكلة اجتماعية وتعليمية تعاني منها العديد من المجتمعات حول العالم، فترك الطلبة مقاعد الدراسة بشكل نهائي قبل إكمال المرحلة التعليمية، سواء كانت الابتدائية أو الثانوية ظاهرة خطيرة على المجتمع. التسرب المدرسي خسارة فردية واسرية بالاضافة الى انه هدراً تنموياً يؤدي الى اختلالات هيكلية في بنية المجتمع نتيجة ما ينتج عنه من فجوات طبقية واجتماعية وتفاوت اقتصادي وثقافي، كما يؤدي التسرب المدرسي إلى تهديدات للأمن المجتمعي لأنه يكرس الفقر الفكري، المادي والانقسام المجتمعي وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي. ان التسرب المدرسي يؤدي بشكل كبير الى عمالة الأطفال التي ترتبط بعدة عوامل اجتماعية واقتصادية، عندما يترك الطلبة المدرسة بشكل مبكر، سواء بسبب الفقر أو غياب الدعم التعليمي أو بيئة أسرية غير مستقرة، يجدون أنفسهم مضطرين للانخراط في سوق العمل لتأمين احتياجاتهم واحتياجات أسرهم، وغالبا ما يكونون في دائرة الاستغلال التعسفي من قبل بعض ارباب العمل او بعض المواطنيين. ظاهرة التسرب من المدارس ما زالت في العراق تعتبر أحد أبرز المعوقات التي يعاني منها القطاع التربوي في البلاد منذ عدة عقود، نتيجة الظروف والأزمات التي مر بها العراق وانعدام الآليات والسبل الحديثة للحد منها. وقد نص قانون التعليم الإلزامي رقم (118) لسنة 1976 على حشد الطاقات الوطنية لمكافحة التسرّب المدرسي حيث جاء فيه : «تتعاون دوائر ومؤسسات الدولة، والقطاع العام، والمنظمات الشبابية والنقابية، على العمل لتحقيق إلزامية التعليم وتؤلف ما يقتضي لذلك من الأجهزة والتنظيمات، وفقاً لما تصدره وزارة التربية من تعليمات» اذن العمل على مكافحة التسرب المدرسي من مسؤولية الدولة والمجتمع بصورة مشتركة، ويقع على عاتق كل مؤسسات الدولة مع ضرورة تعاون اولياء الامور للطلبة والتلاميذ. تعمل وزارة التربية العراقية منذ سنوات بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف)، لمعالجة هذه الظاهرة والحد من اتساعها في البلاد. كشف المتحدث باسم وزارة التربية كريم السيد، في تصريح لجريدة "الصباح" الحكومية في 18 ديسمبر 2022، عن برنامج مشترك بينهم والمنظمة الأممية، لصالح معالجة التسرب المدرسي. وقال إن تنفيذ البرنامج "هدف رئيسي من أهداف وزارة التربية ونتمنى اكتماله ضمن خططنا لعام 2023".
لقدمت "اليونسيف" خلال الأعوام الماضية ثلاث مبادرات لتحسين البيئات والنتائج التعليمية في العراق بالتعاون مع وزارة التربية. تمثلت أولى مبادراتها في تعزيز اللامركزية وتقاسم السلطة بين المدرّسين الأوائل والمدرّسين وأفراد المجتمع، ممّا يتيح للعديد من أصحاب المصلحة بالمشاركة في القرارات اليومية التي من شأنها تحسين مستوى إدارة المدارس، إلى جانب تعاون لجان إدارة المدارس ومجالس الآباء والمدرّسين لتطوير خطط تحسين المدارس بدعمٍ من منح اليونيسف المدرسية. وسعت الثانية إلى تعميم المهارات الحياتية في النظام التعليمي عبر العمل المشترك بين "اليونيسيف" والحكومة العراقية لجعل البيئات المدرسية أكثر أماناً ومحفّزة لتعليمٍ ذي جودة عالية، والنظر في تطوير أدوات التقييم النوعي لقياس مدى نجاح برنامج المهارات الحياتية. في حين نصت المبادرة الثالثة على تحسين جودة التعليم، حيث تخطّط "اليونيسف" ومنظمة "اليونسكو" للعمل مع وزارة التربية لتحسين جودة التدريس، من خلال دعم عمل الوزارة لإعداد خطة تدريب وتطوير للمدرّسين على مدار خمسة أعوام على المستوى الوطني ومستوى المحافظات، ودعم التدريب على التعليم والتعلّم التشاركي، والتدريب على المواد، والإرشاد المنتظم داخل الصفوف المدرسية من قبل المشرفين ومدراء المدارس.
■ لابد من معرفةالأسباب الرئيسية لتسرب الطلبة وتوضيحها :
▪︎ الفقر وصعوبة الظروف الاقتصادية تجعل بعض الأسر تضطر إلى سحب أبنائها من المدارس لمساعدتهم في الأعمال المنزلية أو توفير دخل إضافي. ▪︎ بعض الأسر قد لا تتمكن من تحمل تكاليف التعليم، مثل الزي المدرسي، الأدوات المدرسية، والنقل، حتى لو كان التعليم نفسه مجانياً. ▪︎ تفكك الأسرة أو وجود مشاكل أسرية قد يؤدي إلى تأثير نفسي على الطفل، مما يدفعه للابتعاد عن المدرسة. ▪︎ الزواج المبكر، خاصة في بعض المجتمعات الريفية، يؤدي إلى تسرب الفتيات من المدارس. ▪︎ قد يعاني الطلبة من سوء معاملة من قبل الاهل او تصرف قاسي من قبل بعض المعلمين وعدم توافر بيئة تعليمية ملائمة، مما يدفعهم إلى فقدان الاهتمام بالتعليم. ▪︎ عدم ارتباط المناهج الدراسية بواقع الطالب أو احتياجاته، مما يؤدي إلى شعوره بالملل وعدم الفائدة. ▪︎ ضعف أداء الطالب أكاديمياً، وعدم قدرته على مجاراة متطلبات التعليم. ▪︎ شعور الطالب بالفشل أو عدم القدرة على مواكبة أقرانه يؤدي إلى انخفاض تقديره لذاته. ▪︎ التنمر من بعض الطلبة أو بعض المعلمين قد يؤدي إلى حالة من العزلة الإجتماعية والرغبة في ترك المدرسة. ▪︎ بعض المجتمعات قد لا تولي أهمية كبيرة للتعليم، خاصة تعليم الفتيات، بسبب بعض العادات والتقاليد مما يؤدي إلى نقص في التحفيز للالتحاق بالمدارس أو الاستمرار فيها.
وفي تقرير لقناة الجزيرة "عن وجود ثلاثة ملايين طفل عراقي في سن الدراسة خارج المدارس" يعد كارثة اجتماعية وأخلاقية وأيضا قنبلة موقوتة ستنفجر في وجه المجتمع يوما ما. كما ينص قانون التعليم الإلزامي في العراق رقم 118 لسنة 1976، النافذ لغاية الآن، على أن يعاقب بغرامة لا تزيد عن 100 دينار، ولا تقل عن دينار واحد، أو بالحبس لمدة لا تزيد عن شهر واحد، ولا تقل عن أسبوع واحد، أو بكلتيهما، ولي الولد المتكفل فعلا بتربيته، إذا خالف أيا من أحكام هذا القانون المتعلقة بانتظام الطالب في دوامه المدرسي.
■ هناك الكثير من الآثار السلبية لتسرب الطلبة تؤثر على المجتمع ومستقبل افراده ومنها :
▪︎ انخفاض فرص الحصول على وظائف جيدة، حيث أن الكثير من الوظائف تتطلب مستويات معينة من التعليم مما يؤدي الى ازدياد معدلات الفقر والبطالة. ▪︎ ضعف المهارات الأساسية مثل القراءة والكتابة، مما قد يعوق المشاركة الفعالة في المجتمع. ▪︎ ارتفاع نسبة الأمية في الأسرة إذا تكررت حالات التسرب عبر الأجيال. ▪︎ ضعف الوضع الاقتصادي للأسرة على المدى الطويل، حيث يقل مستوى الدخل بسبب محدودية الفرص الوظيفية ▪︎ تزايد مشكلات الجريمة والانحراف، حيث يكون الأفراد غير المتعلمين أكثر عرضة للانخراط في سلوكيات غير قانونية ولقمة دسمة، سهلة للعصابات والمجاميع المتطرفة. ▪︎ اضعاف النسيج الاجتماعي والثقافي، حيث يفقد المجتمع جزءاً كبيراً من إمكانياته البشرية.
يقول النائب أمير المعموري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الحديث عن التسرب من المدارس والإحصائيات الخاصة به، يجب أن يسبقه تنظيم العملية التربوية برمتها في العراق، إذ أن كثيرا من المدارس ما زالت تنقصها مقاعد الجلوس (الرحلات) بشكل كبير، إضافة إلى وجود نقص كبير في الكتب الدراسية، ونقص كبير في عدد الأبنية المدرسية التي ما عادت تتسع لعدد التلاميذ والطلبة”. ويوضح المعموري أن “الموضوع الأهم حاليا هو تكييف المدارس لاستيعاب الطلبة، وتوفير كافة مستلزمات الدراسة”، مبينا أن “بعض المناطق لا توجد فيها مدارس، وتقع أقرب مدرسة منها على مسافة 20 كم، وهذا يدفع الأسر إلى حمل بناتها على ترك الدراسة، وخصوصا في المناطق النائية والريفية”. كما يضيف المعموري إلى أن “أغلب المدارس التي شيدت في 2013 و2014 تلكأ العمل فيها، وهي أساسا منحت لشركات غير رصينة ولم تكتمل حتى الآن”، مضيفا أن “كل هذه المشاكل في العملية التربوية يكون التسرب واحدا من نتائجها الطبيعية”.
■ ما هي الخطوات لمواجهة التسرب الدراسي؟؟
▪︎ توفير مساعدات مالية أو برامج لدعم الأسر ذات الدخل المحدود، بما يشمل تقديم وجبات غذائية أو نقل مجاني للطلاب. ▪︎ تحسين جودة التعليم وتدريب المعلمين على التعامل مع الطلبة بطرق تحفزهم وتشجعهم على الاستمرار. ▪︎ مكافحة ظاهرة التنمر والاعتداءات داخل المدرسة. ▪︎ جعل المناهج أكثر ارتباطاً بواقع الحياة اليومية واحتياجات الطلبة. ▪︎ تقديم برامج تدريبية مهنية للطلبة الذين قد لا يكونون مهتمين بالتعليم الأكاديمي التقليدي. ▪︎ نشر الوعي حول أهمية التعليم لجميع أفراد المجتمع، بما في ذلك الفتيات، وتنظيم حملات توعوية لدعم الفئات المهمشة. ▪︎ إنشاء برامج إرشاد نفسي واجتماعي للطلبة، تساعدهم في مواجهة المشاكل الأسرية أو التعليمية التي قد تؤدي إلى التسرب.
#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البيجر واحداثه الغامضة
-
على ابواب العام الدراسي الجديد
-
حقوق الإنسان زرق ورق في مفاهيم الكيان الصهيوني
-
حياة الماعز Goat life
-
العمل الانساني وتحدي الصعوبات
-
من يريد ان يخدم المجتمع من اي موقع يستطيع
-
اغتيال هنية لغز من ألغاز السياسة البراغماتية
-
فرنسا من بلد الكاثوليكة إلى بلد الشذوذ الجنسي !!
-
اختفاء الباكستانيين وما هي التبعات في قادم الأيام؟؟
-
شروط الامان والسلامة في المؤسسات العامة وقاعات المناسبات
-
الراية البنفسجية وارتفاع درجات الحرارة
-
انهيار المجتمعات في نظرية جارد دياموند
-
الاستعمار الداخلي وتأثيره البعيد الأجل
-
القائد والمدير
-
الرصاصة التي أُطلقت على ترامب، قضت على بايدن
-
عمالة الأطفال من ابرز معوقات بناء الإنسان
-
جريمة غسل الأموال وطرائق الكشف عنها
-
السلامة المرورية واهميتها في المنظومة المجتمعية
-
الاختناقات المرورية أزمة تنتظر الحلول
-
الارهاب الفكري وايديلوجية تفخيخ العقول
المزيد.....
-
في روما.. يختبر السيّاح تجربة جديدة أمام نافورة -تريفي-
-
لغز مرض تسمم الحمل الذي حير العلماء
-
-بايدن قد يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته- -
...
-
قلق على مصير الكاتب صنصال إثر -اختفائه- بالجزائر بظروف غامضة
...
-
هل نحن وحدنا في الكون؟ ماذا يقول الكونغرس؟
-
مشاهد لآثار سقوط صواريخ لبنانية في مستوطنة كريات أتا (صور +
...
-
-حزب الله-: إيقاع قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح
-
مشاهد لـRT من موقع الضربة الإسرائيلية لمنطقة البسطة الفوقا ف
...
-
مجموعة السبع ستناقش مذكرات التوقيف الصادرة عن الجنائية الدول
...
-
لماذا يضاف الفلورايد لمياه الصنبور وما الكمية الآمنة؟
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|