أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - رياض سعد - رحل الصديق (ابو مسلم الساعدي ) دون وداع















المزيد.....


رحل الصديق (ابو مسلم الساعدي ) دون وداع


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8107 - 2024 / 9 / 21 - 10:14
المحور: سيرة ذاتية
    


بين الفينة والاخرى نسمع خبر وفاة الصديق الفلاني او احد الاقارب والاصحاب ممن تربطنا بهم الاواصر وتجمعنا بهم المشتركات النسبية او الحزبية او السياسية او الثقافية او الدينية او غيرها , وهكذا تمضي الحياة وتنصرم الاعوام بنا وبهم ولا يبقى في الذاكرة سوى الصور والمواقف والذكريات التي تأبى الرحيل مع اصحابها الغابرين ؛ وعلى الرغم من كثرة الموتى وارتفاع وتيرة الموت بيننا الا اننا نشكك فيه ولا نتوقع زيارته المفاجئة لنا او لأحبابنا ونحسن الظن بالدهر , ونتمنى ان نعيش ويعيش الاصدقاء والاهل معنا ردحا طويلا من الزمن ؛ علهم يخففون عنا وحشة الدنيا ونكبات وتقلبات وصروف الحياة , ومن اخير قائمة الاحباب الموتى وليس اخرهم ؛ الصديق العزيز والاستاذ القدير حسين جلوب حردان المانعي الساعدي ( ابو مسلم ) والذي وافاه الاجل في بغداد / يوم الخميس 20 / 9 / 2024، إثر نوبة قلبية , بعد عطاء كبير في المسيرة الجهادية والنضالية الوطنية والفكرية والدينية والحقوقية ... ؛ ولد الكاتب والباحث حسين الساعدي في محافظة ميسان ونشأ وترعرع فيها في عقد الستينيات من القرن المنصرم ( 1967) , وتأثر بالحركة الاسلامية آنذاك وانخرط في صفوفها منذ صباه , وامن بالحركة الاسلامية الرسالية وبخط الجهاد ومقارعة الظالمين , ونتيجة لمضايقات الاجهزة القمعية الصدامية , هاجر ابو مسلم الى ايران , وكان مقربا من المحقق السيد مرتضى العسكري ونهل من معارفه الكثير وسار على نهجه في البحث والتحقيق لاسيما فيما يخص الابحاث الدينية والتاريخية والاجتماعية والفلكور الشعبي , وكذلك كان من ضمن الدائرة الجهادية المقربة من الشهيد عز الدين سليم , فقد انتمى لصفوف حزب الدعوة وهو في مقتبل عمره وريعان شبابه , وقدم الغالي والنفيس من اجل الوطن والمذهب والاسلام , ولم تبدل الغربة اخلاقه ولم تغير الهجرة طباعه الجنوبية الاصيلة , اذ كان بيته ملتقى للعراقيين المهجرين والمهاجرين , فهو دائم التواصل مع ابناء جلدته , وكان طيب النفس وكريم الطبع لاسيما فيما يخص تقديم الطعام للإخوان واقراء الضيوف بما لذ وطاب من الاطعمة , ولا زلت اذكر اننا كلما زرناه في مقره القريب من مقر فضائية بلادي في الكرادة , استقبلنا بوجهه البشوش ولسانه العذب وكلماته الساحرة وطالما ردد على مسامعنا بأن (( ثلثين العزوبية ال هله وال مرحبه )) ثم يتوسل بنا ان يطبخ لنا وبيده احيانا الاكلات التي نحبذها , حتى وان كانت تستغرق وقتا طويلا على الرغم من كثرة مشاغله ومسؤولياته وضيق وقته , فضلا عن تواضعه الجم واخلاقه النبيلة وابتسامته الدائمة وحسن ظنه بالآخرين ومساعدته لهم , ونبذه للبغضاء والكراهية والتصرفات العنصرية .
وبعد عودته الى ربوع الوطن عام 2003 ؛ عقيب سقوط النظام البعثي الغاشم , شرع بالعمل الثقافي والفكري والسياسي الجاد من اجل النهوض بالواقع العراقي عموما والعماري - الميساني- على وجه الخصوص , اذ أسس مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية في محافظة ميسان بتاريخ 15 /12 /2003 ؛ و هي مؤسسة ثقافية علمية تهدف إلى رفع المستوى الثقافي والفكري وإشاعة الحوار الديمقراطي وثقافة حقوق الإنسان وإرساء ونشر قواعد العدالة والتسامح من اجل بلورة أفكار ومشاريع استراتيجية تدعم مسيرة الإصلاح والتحول الديمقراطي في مجتمع مدني حر ينشد الحياة الكريمة ؛ و تمتلك المؤسسة اكبر مكتبة في محافظة ميسان من كتب متنوعة ثقافية وفكرية وبلغ عدد كتبها (12000) ثم ارتفع العدد فيما بعد , مع ما توفره من قاعة كبيرة للقراءة والمطالعة , وكذلك تمتلك المؤسسة مركز انترنيت ومعهد لتعليم الحاسبات واللغات , وقد أصدرت المؤسسة (34) بحثاً ودراسة حول الثقافة والحوار والديمقراطية وحقوق الإنسان وحل النزاعات وحقوق المرأة والفدرالية والدستور و الأهوار في جنوب العراق ... ؛ فضلا عن الكثير من المشاريع والفعاليات التنموية والثقافية والندوات والحلقات الفكرية .
وقد اشترك في الجمعية الوطنية عقب سقوط النظام , وعمل في وزارة حقوق الانسان , ثم اصبح مديرا لدائرة حقوق الانسان في الحشد الشعبي , وساهم في الانشطة السياسية والفعاليات الوطنية والتصدي لكل مؤامرات الاعداء , وعمل على تثبيت جذور العملية السياسية الجديدة والتجربة الديمقراطية في العراق .
وللمرحوم الموسوعي حسين الساعدي العديد من الابحاث والمؤلفات والدراسات ومنها : ولادة الرسول الاعظم , تعريف الديمقراطية , الفدرالية واقليم الجنوب.. المقومات والافاق , التعددية في العراق واثرها في كتابة الدستور واقراره , الدستور والشريعة الإسلامية , مراجعات في فكر ومسيرة الدعاة , الخطاب السياسي لدعـــــــاة إقليم الجنوب , التواصل والحوار شرط اساسي للبناء والثقافة, التعددية في العراق , ابجديات النهوض الثقافي , الهوية الوطنية في العراق , ثقافة الدعوة الاسلامية , الاقليات العراقية من العذاب الى التمكين , المعلى بن خنيس ... الخ ؛ ولديه كتاب مخطوط يعتبر من اهم الدراسات والابحاث الخاصة بطبيعة الاهوار العراقية وعادات وتقاليد اهلها , فالمرحوم حسين الساعدي يمتاز بالموضوعية والموسوعية وبالتحقيق والتنقيب عن الاثار الاركولجية و المواضيع الانثروبولجية , اذ يمتاز بطول الباع والخبرة الطويلة والمتراكمة في معرفة جغرافيا الجنوب العراقي ولاسيما الاهوار فضلا عن الاحاطة بتاريخ تلك المناطق , والغوص في اسرارها , ومعرفة عادات وتقاليد وثقافة اهل الجنوب معرفة تفصيلية , فما من كتاب او بحث او دراسة تخص تاريخ العراق والجنوب على وجه التحديد لرحالة اجانب او عرب او مؤرخين او كتاب الا وقرأها الاستاذ القدير والباحث الموسومي ابو مسلم الساعدي واستخرج منها الدفائن وازال الغبار عن معلوماتها التاريخية , فعندما تجلس معه وتناقشه في طبيعة الجنوب وتاريخه وعشائره ؛ يبهرك باطلاعه الواسع وتحليله العلمي وفكره الرصين ومعلوماته الموثوقة , ولا غرو في ذلك فلا ينبئك مثل خبير , وما تجده عنده في هذا الجانب قد لا تجده عند غيره , لأنه ابن الجنوب الاصيل وربيب الاهوار ؛ فهو أدرى بها من غيره .
ومما أعجبني بشخصه الكريم ؛ غيرته على ابناء جلدته , واعتزازه بهويته الجنوبية العريقة , وتأصيله الثقافي لكل عادات وتقاليد العراقيين الاصلاء والضاربة في القدم , وسعيه الحثيث على ربط الحاضر بالماضي ربطا أنثروبولوجيا علميا قائما على الحقائق والوقائع والمعلومات الرصينة والاثار المكتشفة , مما يعزز الهوية الوطنية ويزيح الغبار عنها ويؤكد عراقتها واصالتها ؛ الا انني قد اختلف معه في الكثير من القضايا السياسية والثقافية والمعرفية , ومع كل هذا الخلاف والاختلاف الا انه يبادلني الحب والتقدير والاحترام ؛ فالاختلاف معه فعلا لا يفسد للود قضية , فهو واسع الصدر , بعيد النظر , حليم لا تستفزه التفاهات ولا تغيظه التجاوزات من قبل بعض الحمقى والمرضى وسييء الخلق , وعندما يغضب من هذا او ذاك , سرعان ما يعفو عنهم ويبادر الى زيارتهم ومجاملتهم وكأن شيئا لم يكن .
رحلت عنا ايها العزيز كما رحل السابقون من قبلك الا ان ذكراك ستبقى عصية على الرحيل , وطيف خيالك الجميل لا يفارقنا ما حيينا ؛ وكلماتك وعباراتك التي هي اشبه بالسحر ستبقى راسخة في عقولنا , وحركاتك العفوية لا تزال تدغدغ مشاعرنا وكأنك لا زلت حيا بيننا .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفاسدون الكبار مجرد جباة
- هيبة الدولة بين تكرار الخروقات وغياب الردع المناسب ؟!
- المسألة مسألة وقت ؟!
- مخاطر الخروج عن اجماع الاغلبية الشعبية والنخبة السياسية الوا ...
- العراقي الاصيل وخريطة الأولويات
- مقولة وتعليق / 52 / التفاؤل المفرط وخيبات الامل
- رحل اسماعيل هنية كما يرحل الفلسطينيون
- وتستمر الهجرات الباكستانية وغيرها الى العراق ؟!
- إلقاء القبض على باكستانيين يقومون بالتسليب في منطقةالگريعات! ...
- مقولة وتعليق / 51/ الخيانة خيانة
- جريمة مقتل الطفلة ميار ليست اخر الجرائم المرتكبة بحق الطفولة ...
- أذبحني اولا ثم أقطع يدي يا أخي ..!!
- بانت نواياك
- لا يتحقق الاصلاح السياسي في العراق الا بالعفو عن الارهابيين ...
- مقولة وتعليق / 50 / ملازمة الشر لبني البشر
- مخاطر الخروج عن اجماع الاغلبية الشعبية والنخبة السياسية الوا ...
- مخاطر الخروج عن اجماع الاغلبية الشعبية والنخبة السياسية الوا ...
- مخاطر الخروج عن اجماع الاغلبية الشعبية والنخبة السياسية الوا ...
- مخاطر الخروج عن اجماع الاغلبية الشعبية والنخبة السياسية الوا ...
- من هموم المواطنين (1 )


المزيد.....




- تونس: هجوم بسكين على عنصر أمن نفذه شقيق مشتبه به في قضايا إر ...
- مقتل عنصري أمن في اشتباكات بحمص بين إدارة العمليات العسكرية ...
- نتنياهو يضع عقبة جديدة أمام التوصل لصفقة تبادل للأسرى
- زلزال عنيف يضرب جزيرة هونشو اليابانية
- موزمبيق.. هروب آلاف السجناء وسط أعمال عنف
- الحوثيون يصدرون بيانا عن الغارات الإسرائيلية: -لن تمر دون عق ...
- البيت الأبيض يتألق باحتفالات عيد الميلاد لعام 2024
- مصرع 6 أشخاص من عائلة مصرية في حريق شب بمنزلهم في الجيزة
- المغرب.. إتلاف أكثر من 4 أطنان من المخدرات بمدينة سطات (صور) ...
- ماسك يقرع مجددا جرس الإنذار عن احتمال إفلاس الولايات المتحدة ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - رياض سعد - رحل الصديق (ابو مسلم الساعدي ) دون وداع