أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - اسماعيل شاكر الرفاعي - إعصار فرنسيس















المزيد.....


إعصار فرنسيس


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 8106 - 2024 / 9 / 20 - 09:42
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


إعصار فرنسين
1 )
ليس الإنسان وحده مَن يمارس الغزو ، الطبيعة ايضاً تمارسه لأسباب وغايات لم يكتشف الإنسان قوانينها بعد ، او قل لم يرد ان يستبق هيجان ظواهرها العنيفة بالسيطرة عليها وتهدئتها : وتحويلها من عنيفة إلى ظواهر سلمية ترش على البشر امطار الإحساس بالسعادة والجمال ، فيخرج الناس لملاقاتها بالترحيب في مواكب جماعية او مارشات تخلو من عزف نشيد خلاص البشر او تقديم النذور والاضاحي . وكما اضفى الإنسان الشرعية الدينية على غزواته : اضفى الأنسان العارف باسرار المناخ وتغيره والأجواء والتلوث : على ظواهر الطبيعة العنيفة : شرعية علمية .. أنا هنا امنح الطبيعة شيئاً من الروح ومن التفكير : فارى في افعالها شيئاً من القصدية التي اضطرّتني في المرة الأخيرة على متابعتها وجمع المعلومات عنها بطريقة الخائف المتوجس الحذر ، وهي طريقة لا تشبه طريقة علماء الاجتماع او علماء الاناسة الذين يصرون على استعادة المناخ القديم لما يعثرون عليه من وثائق وآثار فيتلمسونها ، ويعملون عليها بحواسهم الخمس قبل ان يمنحوها شرعية الحدوث ….
2 )
ومع أنني في متابعتي الأخيرة لعاصفة او إعصار فرنسين يوم 12 - 9 - 2024 : لم أر فرساناً ولا ومحاربين ولا جامعي غنائم الّا ان العنف الذي تبديه هذه العواصف في مواسم معروفة للاميركيين : يتكرر وتتكرر معه مشاهد خراب المدن وسواحلها ( وهذه هي غنائم العواصف ) وما يلحق سلطاتها من إرهاق السهر على وضع الخطط ومتابعة تنفيذها …
3 )
في الأشجار المطروحة أرضاً ، في التلف الذي اصاب أعمدة الكهرباء ، في انهمار المطر المتواصل ، في خلو الشوارع من المارة ( اقصد خلوها من السيارات ، اذ لا يوجد في شوارع امريكا : سابلة وحيوانات ) وانحباس الناس في بيوتها ؛ ما يشير إلى آثار معركة انتهت تواً بين الطبيعة والإنسان . الخسارة الكبرى كانت في العُطل الذي اصاب الكهرباء وتمت معالجته في أوقات متباينة ، بعضها استغرق ساعة او اقل ، وبعضها اكثر من ساعة وساعتين ، وفي بعض المناطق استغرق إصلاح العطل ما يربو على الخمس ساعات ، وقد وصل معدل إصلاح العطب في كامل جنبات وضواحي المدينة إلى أربع ساعات : استعاد فيها الإنسان شمسه الصناعية التي لا تقل اضاءة ، عن الشمس في انارة الوجود وهزيمة الظلمات …
4 )
شعرتُ بشيء من الحيوية والنشاط مع صوت سيارات النظافة التي بدأت ترود شوارع المدينة لرفع الأنقاض والبحث عن المجاري المسدودة بصخرة ( عبعوب ) . وقد ذكرني هذا المنظر بغرق بغداد المتكرر مع كل زخة مطر ، وكان أمين بغداد وقتها يفسر الغرق بمؤامرة كونية : صهيونبة أمريكية وضعت أحجاراً ضخمة في مجاري مياه الغسيل . وجعلتها تطفح بمياهها الآسنة . والحق ان الإسلاميين الذين عادوا إلى العراق بعد ان أطاحت امريكا بنظام صدام حسين : يحاسبون الشعب العراقي على دفع أتعابهم في ( الجهاد والنضال ) ، فلقد سلعّوا نضالهم ووضعوا له سعراً خيالياً : اذ حسبوا ان سعر كل ذرة من ذرات الغبار التي علت ملابسهم نتيجة غبار الطريق بين بغداد ودمشق او بين بغداد وطهران : يكون سعرها مليار دولار ، والى ان تنتهي هذه المعادلة الرياضية تكون البشرية قد عبرت مرحلة استعمال الطاقة الأحفورية إلى مرحلة استخدام طاقة نظيفة صديقة للبيئة ، فيتراجع سعر برميل النفط إلى سعر لا يسد حتى تكاليف إنتاجه …
5 )
شيء ما يشبه الفرح تلبسني مع أنني لم اعش تجربة التهيؤ لمواجهة عدوان الطبيعة لأول مرة في امريكا ، فقد عشت هذه التجربة عدة مرات اشهرها : عاصفة كاترينا عام 2005 التي سحقت مدينة نيواورلينز التاريخية ( وان تمت استعادة عافيتها في بضعة اشهر ) …
6 )
من الضروري مقارنة صفات وظواهر الطبيعة ، بصفات وظواهر الاجتماع البشري . في هذه المقارنة تبرز الصلات والوشائج التي تربط بشكل دائم بين الطبيعة والإنسان . فمراحل تطور الإنسان الاجتماعي ( لكي لا نقول البيولوجي ) هي مراحل اكتشافه المتتابع للطبيعة ومعادنها المختلفة ، فكل مرحلة تأخذ اسمها من عنصر الطبيعة الذي تم اكتشافه ، وتستخدمه اكثر من سواه ، فيطغى استعماله على سواه من عناصر الطبيعة التي كانت تصنع قوة الجماعة قبله . فالعصر الحجري هو عصر استعمال البشر للحجر فقط في صناعة الأدوات التي يحتاجها للصيد والادوات المنزلية . ثم جاءت عصور استخدام المعادن . لقد ترقّى الإنسان اجتماعياً مع توسع معارفه العلمية واكتشافاته المتزايدة لمعادن متنوعة استخدمها في مباشرة بناء حضاراته الأولى القديمة . اما عصرنا الحالي فقد توجهُ الإنسان باكتشاف الذرة وانشطارها والصناعات الإلكترونية المدهشة ، وصناعة مركبات غزو الفضاء وإصلاح الآثار السيئة التي تركتها يداه على الاستخدام السيء للطبيعة . لقد امتهن الإنسان الطبيعية ، وجعل معادنها وثرواتها الطبيعية سلعاً وبضائع للبيع في سوق ( نخاسة ) خاصة بالإنسان ، فيشتريها مَن هو قادر على تحليلها وإعادة تركيبها صناعياً وتحويلها إلى مكونات ستجعل منه الأقوى والأكثر قدرة على المنافسة بصناعاته الجديدة واقوى بما لا يقاس من الصناعات الأقدم …
7 )
لم يدخل الإنسان بعد بوابة التحرر من التركة الرأسمالية الثقيلة . تركت العنصرية والتنافس الشرس وتخريب الطبيعة ، وهي المرحلة الواجب تركيز الجهد الفكري عليها إذا لم يرد الإنسان ان بحوّل الطبيعة إلى جهنم تلتهمه قبل ان تلتهمه بعد الموت ؛ نار جهنم زرادشت ، ونار جهنم الإيطالي دانتي او جهنم سجين المحبسين بتعبير طه حسين او جهنم شاعر المعرة الذي رثاه الجواهري بقصيدة هي الأحلى والأروع إلى جانب يا دجلة الخير :
قف بالمعرة وامسح خدها التَرِبا
واستوحِ مَن طوّقَ الدنيا بما وهبا …
8 )
ما زالت الطبيعة تغزو الإنسان ، وما زال الإنسان يغزو الإنسان لأسباب يعرفها القوي الذي اكتشفت له علومه ومناهجه في التفكير العقلي معادن جديدة : يعمل على تحليلها واستخراج قوة جديدة منها غير مسبوقة ، ولا يعرفها الإنسان الضعيف لان امتلاك القوة عنده يكمن في امتلاك القدرة على التعبير البلاغي ، واكتشاف المعنى في التعبير البلاغي الموروث : في الكناية والاستعارة والمجاز وظلال المعنى …
9 )
أقسى الأشياء تلك التي تجعل العقل البشري يتنازل عن شرط وجوده المتمثل بطرح الاسئلة والبحث الدؤوب عن اجابات لها . حين يتخلى العقل عن آليات اشتغال منطقه الداخلي ، ويرضخ للقوة المسيطرة التي ستطالبه : بأن يبرر لها منطقياً وجودها اللامنطقي وافعالها العبثية ، وان يستنبط لها المعنى من ركام ما تستظهره من طلاسم وأحجيات : وهذه هي آفة العقل العربي في هذه المرحلة التي اشترطت فيها عليه القوة ان يشجب الغزو الاستعماري : في جانبه العسكري ، وحرمت عليه تبيان أسباب استمرار وجود الاستعمارين الاقتصادي والسياسي . كما اشترطت علبه : ان يجعل من غزو القبائل العربية لمحيطها الاقليمي عدالة كونية : امر بها اله الكون ، وأمر ان تكون عوائل قريش هي الحاكمة وان تتصرف لوحدها بواردات الغزو : وهي واردات فلاحين فقراء : كتب الإسلام عليهم باسم الله ان يكدحوا في أراضي العراق وبلاد الشام وايران ومصر وشمال أفريقيا ، وان يسلموا ما ينتجونه من ثروات إلى الأمويين تارة أو إلى العباسيين أو إلى العلويين أو إلى آل الزبير : شبيه ما تفعله شعوب المنطقة اليوم : فتسلم واردات نفوطها وغازها إلى آل سعود او آل نهيان او آل مبارك او الولي الفقيه او … إلخ …

امريكا ، ولاية لويزيانا
13 - 9 - 2034



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة إلى الذات - الجزء الثالث -ابتكارالكتابة
- رسائل إلى الذات - الثالث - ابتكار الكتابة
- الكتابة إلى الذات : الابتكار / الجزء الثاني
- الكتابة إلى الذات
- الرد الايراني
- ايران في وردة
- ايران واسرائيل
- هو : محاولة في التذكر
- هو : محاولة في تذكره
- قتل إسماعيل هنية شيء مخيف
- تآكل هيبة الإسلاميين - الأدب الرمزي الفلسطيني
- تآكل هيبة الإسلاميين ، الجزء السابع ، حماس والوعي الحضاري
- امطار غيمة مهاجرة
- تآكل هيبة الإسلاميين / الجزء الخامس : التكنولوجيا والمدينة ا ...
- تآكل هيبة الإسلاميين / الجزء الرابع / التعتيم على مصدر قوة ا ...
- كلمات ضاحكة
- تآكل هيبة الإسلاميين الجزء الثالث / حقائق الاستعمار المُغَيب ...
- تآكل هيبة الإسلاميين / الجزء الثاني
- إلى حجاج بيت الله
- تآكل هيبة الإسلاميين / الجزء الأول : اوهام وضلالات


المزيد.....




- الملك سلمان يصدر أمرا بشأن قواعد إجراء التسويات مع مرتكبي جر ...
- الصين تبني أكبر مركز قيادة عسكري في العالم يفوق البنتاغون بع ...
- ِشريك موميكا حارق القرآن يعلق بعد مقتل الأخير
- وزارة الدفاع التركية تعلن فصل 3 ضباط -تأديب وانضباط- و5 ضباط ...
- عباس يهنئ الشرع بمناسبة توليه رئاسة الجمهورية العربية السوري ...
- التلفزيون المصري عن صورة السيسي بصحيفة إسرائيلية: تهديد لا ي ...
- -واتساب-: شركة تجسس إسرائيلية استهدفت مستخدمين
- ترودو: جاهزون للرد في حال إصرار واشنطن على تنفيذ قرارها بزيا ...
- الأمن العراقي ينشر تفاصيل القبض على قتلة محمد باقر الصدر
- البوندستاغ الألماني يرفض مشروع قانون لتشديد سياسة الهجرة


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - اسماعيل شاكر الرفاعي - إعصار فرنسيس