أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - عن الألم والموت















المزيد.....

عن الألم والموت


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8102 - 2024 / 9 / 16 - 16:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


السؤال :
أهلا د صبحى منصور . كنت أقرأ لك بانتظام فى جريدة الاحرار والعالم اليوم والاهالى ، ومن عشر سنوات تقريبا أتابع كتاباتك فى موقعك وموقع الحوار المتمدن . وأنا تقريبا فى مثل سنّك ، واستاذ جامعى على المعاش . أكتب لك لأنى بقى لى شهور فى هذه الحياة ، فأعانى من مرض السرطان الذى انتشر وتوغل فى جسدى . أنا تعبت من الألم والمسكنات . ولكن أقول إن هذه المحنة زادت من إيمانى واعتبرها نعمة . النعمة فى الحقيقة هى القدرة على معايشة الألم ، والراحة منه بالغياب عن الوعى . فى هذه المحنة أعدت قراءة كتابك ( حقائق الموت فى القرآن الكريم ) وهو عندى فى مكتبتى . وله الآن تأثير فى حياتى ، أقصد ما بقى لى من حياتى . بالمناسبة انا التقيتك مرة فى مقر ( النداء الجديد ) فى ندوة لك عن ( التأويل ) ، وكان معى كتابك عن حد الردة وناقشتك فيه . دكتور صبحى موعد موتى يقترب ، وأنا مرعوب من الموت . اتذكر انك نشرت مقال عن تجربتك فى حادثة سيارة ونجاتك من الموت ، لم أجد هذه المقالة فى موقعك أهل القرآن ، ولا فى موقع الحوار المتمدن . هل أطمع فى إعادة نشره لو كان عندك ، أو حتى أن تقصّ هذه التجربة . وشكرا جزيلا وأرجو أن تدعو لى .
الاجابة :
شكرا جزيلا على رسالتك ، وآسف على تأخرى فى الرّد ، وقد بحثت فى أوراقى القديمة المنسية ووجدت هذا المقال . وقبل أن أنشره أقول لك أنى وأنت فى العُمر المناسب للموت ، ونعيش بآلام هى المعتاد لمن هم فى عُمرنا . وفعلا فإن معايشة الألم نعمة لمن يتحمل الألم . كانت لدى مقدرة على تحمل الألم ، وقد تلاشت تقريبا . أدعو الله جل وعلا أن يعيننا على أوزار أرذل العمر ، وأن نموت بلا ألم ولا وجع ، موتا فجائيا ، وتبشرنا ملائكة الموت بأنه لا خوف علينا ولا حزن .
اليك المقال الذى نشرته الأحرار بتاريخ ( 6 / 6 / 1994 ) وكان عنوانه ( دروس!! )
المقال :
( تعرضت لحادث سيارة على الطريق يوم الاثنين 11 رمضان الماضي كانت الأحرار قد نشرت لي في هذا اليوم مقال " نعمة الموت " والذي أعبر فيه عن اهتمامي باستجلاء حقيقة الموت ، وقد كان المقال تلخيصا لمبحث لم ينشر في كتابي " حقائق الموت في القرآن الكريم " الذي صدر ونفذ منذ سنوات . في ذلك الحادث اقتربت من الموت في ثانية أو ثانيتين وازددت فهما لقوله تعالى " وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ . آل عمران : 143 " . وعرفت أن التفكر النظري في الموت شيء والاقتراب منه في لحظات الخطر شيء آخر . والأمر يحتاج إلى كاتب منشغل بالموضوع لكي يكتب تجربته وأحاسيسه .. ولقد خرجت من هذا الحادث بعدة دروس اعتبرها نعمة من الله العلي الوهاب .
1 ـ الدرس الأول هو ما تأكد لدي من عظمة الإنسان المصري .. وذلك ما كنت دائما أراهن عليه ، وكثيرا ما قلت أن في النفس المصرية حضارة عمقها سبعون قرنا من الزمان ، وهذه الحضارة تُفصح عن نفسها وقت المحنة فتنفض عنها خبائث الفساد ويندفع المصري في شهامة ورجولة يفعل ما ينبغي . كنت اركب بجانب السائق الذي حاول أن يتخطى السيارة التي أمامه فاصطدم بأتوبيس في الاتجاه العكسي ، ورأيت نفسي وقد اصطدمت جبهتي في كابينة السيارة الداخلية ، وهي ثوان قليلة التي أبعدتنا عن الموت ، فلو كان الاصطدام بمقدمة السيارة لتحولت إلى حطام تحت الأتوبيس ، ولكن السائق في ثانية واحدة افلت ولم يعط الأتوبيس إلا فرصة الاصطدام الجانبي فقط فإنحفرت الإصابة الدموية في شخصي الضعيف فقط . نزلت من السيارة وجرح غائر في جبهتي لا يبعد عن العين إلا بضع سنتيمترات ، ولكن النزيف الدموي المتدفق جعل منظري مفزعا ، ولم اشعر إلا بالأيدي الرحيمة تتلقفني وتنقلني إلى سيارة جرت مسرعة إلى مستشفى أبو زعبل . وهناك قام طبيب شاب اسمه مجدي بخياطة الجرح تعاونه آنسة. لم يسألني احد عن اسمي ، الجميع تطوع بالإسعاف دون أن ينتظر حتى كلمة شكر ، حتى الطبيب الشاب حين عرضت عليه مالا رفض بإباء وشمم .. تأكدت لي عظمة الإنسان المصري ، وشعرت أنه يستحق ما أقوله فيه وما آمله منه ، هو فقط يريد مشروعا حضاريا يفرغ فيه شحنته الحضارية الأصيلة .. وهذا المشروع الحضاري شرحه يطول ..
2 ـ الدرس الثاني في موضوع الألم . في نقاشي مع صاحبي الملحد كان يسرف في وصف معاناة الأطفال الأبرياء المرضى ويعتبر الله تعالى مسئولا عن ذلك وكنت أقول له " إن من رحمة الله تعالى بنا انه جعل حدا أقصى لتحمل الألم فإذا وصل الألم إلى منتهاه دخل الإنسان في إغماء ، والأطفال يقل إحساسهم بالألم ، وهم يبكون بلا سبب ، ونحن لا نتذكر شيئا من ذكريات الطفولة ،ونحن نضخم في الإحساس بألم الأطفال ، لأن الله تعالى جعل حب الأطفال غريزة فينا لأنهم أحوج إلينا وإلى رحمتنا وعطفنا ، والله تعالى ارحم الراحمين بنا وبهم ، ولذلك فإن ما تصفه من ألام الأطفال إنما هو أمر مبالغ فيه . وكان صاحبي الملحد لا يقتنع . وما كنت أقوله نظريا عرفته عمليا ، كان منظر الدماء على وجهي وملابسي تثير الجميع ، حتى كنت أحس بالشفقة عليهم ، وكان إحساسي بالألم متوسطا لأنني فقدت الإحساس بمنطقة الجرح ، واعتقدت أنني لو رأيت شخصا آخر في نفس حالتي لكنت أكثر الناس إشفاقا عليه . وفعلا فإن ما نراه على المريض أو الذي يحتضر به شيء ، وما يحس المريض شيء آخر ، هو بالتأكيد اقل مما نتوقع أو ما نتخيل .. وتأكدت من قوة حجتي مع صاحبي الملحد ..
3 ـ الدرس الثالث كان في غرفة العمليات ، فالمستشفى المذكور لم يكن به مخدر واضطر الطبيب الشاب إلى خياطة الجرح بدون بنج .. واستجمعت كل قوتي وعزمت على ألا أصرخ مهما بلغ الألم . وتحملت عشر غرز دون أن يعلو صوتي ، وتأكد لي مجددا ما كنت اردده من قبل من أهمية أن يقهر الإنسان نفسه إذا أراد أن يقهر العالم . والحل إنك تستطيع إذا قهرت نفسك أن تتحدى العالم كله بل حتى تتحدى ألام الجراحة بدون بنج , المهم أن تبيع نفسك لله تعالى طاعة لكتابه وهو الحق الذي نزل على خاتم النبيين ، أما إذ غلبتك نفسك فقد صرت عبدا لسيجارة مجرد سيجارة .)
انتهى المقال ، وأظنُّ إنه لا يزال صالحا للاستهلاك الآدمى .



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معانى ( كان ومشتقاتها ) وتنوع زمنها بما يخالف قواعد النحو ( ...
- عن ( التفضيل بين الأبناء / الشيخ كشك وحافظ الأسد )
- التداخل بين الأزمنة فى اللسان العربى القرآنى : ( ج 2 )
- عن ( ولد عاق / مومياء / صعاليك الانترنت /أُمُّه هاوية / تلقى ...
- عن ( تناكحوا تناسلوا / مسألة ميراث / هذا الجيل الضائع )
- التداخل بين الأزمنة فى اللسان العربى القرآنى ( ج 1 ) الانتقا ...
- عن ( حمير السلطان / لا يرجعون / منكرو الصلوات الخمس )
- عن ( خلائف / سارية الجبل / نوم الظالم / الصلاة فى أرذل العمر ...
- فشل النحويين فى موضوع ( الأمر ):
- عن (قصّ / السيسى ذو الأوتاد / دعاء السفر / الفتوحات الكافرة ...
- عن معضلة الزمن والميتافيزيقا فى رؤية قرآنية
- عن ( المرية والمراء / أول المسلمين / التنمر والتحرش / نصف تم ...
- الزمن المتحرّك بين خلق السماوات والأرض وبين تدميرهما وخلود ا ...
- عن ( أوتاد فرعون / الجبال أوتادا / لسعيها راضية / قولا بليغا ...
- 1 / 5 / ب 3 : لمحة عن الايجاز بالحذف فى القرآن الكريم
- عن ( التوبة من الشذوذ )
- 1 / 4 / 2/ ب 3 : لمحة عن اسلوب الاستفهام فى الخطاب الالهى لل ...
- عن ( أُكذوبة أنت ومالك لأبيك / التحدّى القرآنى للبشر / المست ...
- ف 1 / 4 / ب 3 : لمحة عن اسلوب الاستفهام فى القرآن الكريم : ج ...
- عن ( الآية 177 من سورة البقرة والتى توجز الاسلام )


المزيد.....




- اللواء سلامي: الجيش مع حرس الثورة الإسلامية سور منيع للبلاد ...
- عكرمة صبري: الأقصى يُستباح من اليهود المتطرفين
- -لست واهمًا.. ما أقوله يحدث-: رئيس الوزراء السابق إيهود أولم ...
- عاجل | مصادر للجزيرة: بدء اقتحامات مستوطنين للمسجد الأقصى في ...
- عطلة لأبناء المكون المسيحي بمناسبة عيد القيامة
- القوى الوطنية والإسلامية في القطاع: أهل غزة يمثلون طليعة الج ...
- قراءة في خطاب قائد الثورة الإسلامية حول المفاوضات النووية
- جماعة الإخوان المسلمين في الأردن تصدر بيانا حول الأحداث الأخ ...
- الأردن يعلن إحباط مخطط -للمساس بالأمن وإثارة الفوضى- وأصابع ...
- ممثل حماس في إيران: يجب إعلان الجهاد العام بالدول الإسلامية ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - عن الألم والموت