نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1775 - 2006 / 12 / 25 - 11:13
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
إنزعج كثيرا ممثل آية الله علي السستاني أثناء خطبة صلاة الجمعة في كربلاء وهو يعقب على حوالي نصف نواب برلمان العراق المنتخب بالأصبع البنفسجي من حكمت عليه فريضة ( من إستطاع إليه سبيلا ) ويتركو الوطن في محنته القائمة ويذهبوا الى الحج ، مزاحمين بذلك الكثير من بسطاء العراق وشيوخه الذين ينتظرون أسمائهم في قرعة الحج ليتنورا بضوء الكعبة وليشموا عطر الرحمة قرب قبر النبي( ص) ، ولأن السادة النواب غير مشمولين بالقرعة فهم حتما اخذوا بهذا العدد الكبير منهم مكان اولئك الذين يودون نهاية لحياتهم المتعبة رمي الشيطان وتقبيل أحجار أأئمة البقيع ، وأن يكتب على شهادة القبر بعد الموت ( الحاج فلان ) ..
وهكذا ذهبت قافلة النواب ، ووبقيت قافلة الفقراء البسطاء عالقة في حلم عام قادم إذا لم يحدث طارئ آخر ويفكر السادة النواب بتكرار الحج ، خاصة حين يعاملون في مملكة السعودية كضيوف شرف .
يُترك العراق في حزنه ، ورغبته بأن يحسم برلمانه الالاف من المسائل المعلقة وهذا الشجار العجيب بين قواه السياسية ، حيث تتصافح الآيدي داخل القبة وفي موائد المصالحة ، وتتراشق الألسن بالاتهامات خارج هذه المحافل .
يذهب الى الحج ..ويذهب العراق الى المفخخة . ومابين المفخخة والحج يتسائل الإنسان البسيط : مالذي يحدث بالضبط ؟
وكيف يتركنا اولئك الذين توسمنا بهم الوطنية في أعلى درجاتها ، ويذهبون ليغسلون بقايا خطايا أعمارهم في بيت الله . فيما خطايا الأرهاب تحتاج لوجودهم في بغداد كي تُردع وتقاوم ويحس العراقي إن نائبه قد فعل شيئا .
فبرلماننا العتيد لم يمر شهر منذ انعقاده لم يؤجل جلسة او جلستين لعدم اكتمال النصاب ؟
لماذا لايذهب البرلمان كله الى الحج ..ويعقد إجتماعاته هناك .حتى في طريقه يُفعل قرارات مؤتمر مكة ويعقد ندوات لعراقي الحج ليريهم آخر منجزاته الكبيرة .
نوابنا في الحج . وعراقنا في الجب . وبين الحج والجب ، وطن تمزقه أزمنة القتل المغدور وسكين التكفير وهدير الدبابة. فيما يشرق هاجس المواطن البسيط برغبة وطن بحجم الكف ولكنه معافى .
غير إننا نملك اليوم وطنا بحجم التأريخ منذ ولادة الحرف ولكن حزين ويئن من جراحه
. ولااحد يدواويه ، فحين اردنا البرلمان شفاءً ، حكمت عليه حاجته الدينية والروحية ، فقرر ان يجعل المستحب فرضا على حاجة الوطن الاولى ليهدأ وتفعل به الحياة من خلال المؤسسة البرلمانية .
لهذا ..أنظر لحج النواب بشيء من التساؤل ..فعند الله اليوم صناعة يوم عراقي سعيد ومن دون قتل أثوب الف مرة من اعتمار ثوب الحج ، لان الحج مدار أزلي لكل عام ، وبأمكاننا ان نؤلجه الى عام اخر او عشر ، فيما الموت العراقي وحاجته للامآن لاتؤجل لإنها تحصد ارواح أبرياء وتهدم بنية المجتمع وتذهب بنا من تيهٍ الى تيه ..
ذهب النواب الى الحج . وذهب العراق الى الدمعة .
وبين الدمعة والحج ، عراق يتمنى أن يكتمل نصاب برلمانه ، ويؤسس لزمن جديد ، نستطيع فيه ان نتسوق البطيخ والطماطم والخبز حتى بعد منتصف الليل .
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟