أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - كي تصعد المقاومةالفلسطينية الى حركة ثورية إقليمية















المزيد.....

كي تصعد المقاومةالفلسطينية الى حركة ثورية إقليمية


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 8101 - 2024 / 9 / 15 - 10:23
المحور: القضية الفلسطينية
    


مأثرة عمر في الترحيب بالنقد
نوجب على الشعب الفلسطيني ان يفقد عشرات الآلاف من أطفاله ونسائه ورجاله كي يطلع العالم على همجية الصهيونية وانصارها، منظومة دول الامبريالية، وخروجهم على القانون الدولي الإنساني ومروق الدولة الصهيونية بحيث غدت دولة منبوذة. غزة تمنى بالمجازر كل يوم على مدى قارب العام الكامل؛ يتصدى مناضلوها ببسالة لحرب غير مسبوقة ، وفي نفس الوقت يهيم مئات الآلاف من أسرها تهرب من الصواريخ لتستقبلها الصواريخ والمدافع أميركية الصنع حاملة شتى صنوف الإبادة البشرية والطبية والمدرسية والبيئية. يتجاور التصدي الباسل مع تجميد الكتل الشعبية مضى عبر سنوات، جمدت خلالها أنشظتها السياسية لتبقى احتياطي عزوة، ومن ثم تنصاع للقوة، لأوامر جيش الإبادة الجماعية! انقطعت الجموع عن القيادة او القيادات الوطنية لتهيم بين زخات الصواريخ والمتفجرات ، ترتحل الى الجهة ثم تعود أدراجها مرات تتعرض للموت المباغت أثناء الصحو أو المنام . لكي لا يتكرر المصير الماساوي بالضفة يتوجب تدارك الأمر قبل أن تصدر أوامر الترحيل العسكرية. حان الوقت لعقد اللقاءات وإقامة الندوات، وعمل كل ما يشيع الوعي والتنظيم، اللذين يرفعان تحدي الجماهير ويشجعانها على التمرد على القوة الغاشمة ، فعليها أن تحمي وطنها من ضياع.
بقيت إسرائيل شهورا متعاقبة ترتكب المجازر كل يوم بينما تصدر التصريحات عن المنابر والمسئولين ان نتنياهو فشل في تحقيق اهدافه؛ ثم اضطرتها المجازر العشوائية للإقرار بأن الإبادة الجماعية هدف مباشر حكومة نتنياهو الفاشية، إحدى وسائلها لحمل الجماهير الفلسطينية على الهجرة "الطوعية".
يجدر بالمناسبة إحياء نهج عمر الخليفة الراشد تردد عبر القرون قوله المأثور "رحم الله من اهدى الي عيوبي". كان دوما يراجع تصرفاته مرحبا بالنقد . نقل عنه أثناء خطبة بالمسجد ان اعترضت امرأة على رأي أبداه؛ أقر بصواب اعتراضها واطلق قولته المشهورة "أخطأ عمر وأصابت امراة’". في تلك الأيام كان الجمهور يحاور خطيب المسجد ، يحطئه ويعارضه ولا يبكم؛ لم تكن قد شاعت بدعة الطاعة المطلقة لخطيب المسجد : "إذا قام الخطيب يخطب وقلت لصاحبك صه فقد لغوت"! واختار ابن الخطاب عليا مستشاره نظرا لنزاهته ورجاحة فكره. تسلمت زوجة عمر وابنة علي هدية عبارة عن جواهر من زوجة ملك الروم ردا على هدية بادرت زوجة عمر بإرسالها . استفتى عمر من بالمسجد الهدية لها ام لبيت مال المسلمين. رد الجمع بانها هدية مقابل هدية، ملك لها. وانبرى علي يفند، قال: لولم تكن زوجة امير المؤمنين لما ارسلت لها هذه الهدية، يخصم لها قيمة هديتها المرسلة ويرد الباقي الى بيت مال المسلمين. أقره عمر على فتواه ، وتخلدت عبارته "لولا علي لهلك عمر".
يفصلنا عن نزاهة المناخ السياسي ومصداقية الخدمة العامة قرون من الاستبداد السياسي وفتاوى فقهاء الاستبداد المنافقة، محت من الذاكرة الجمعية تراث عمر ومن سبقه في إدارة شئون الناس. شاع وتواصل التقليد المنكر "من يحكم يطاع" في السياسة والثقافة والفكر العربيين الإسلاميين وفي حياة المجتمعات على مدى قرون متواصلة؛ تعاقب مع توالي القرون حكام جهلة فاسدون فقدوا الإحساس بالمسئولية؛ انشغلوا بابتزاز المنتجين من المزارعين والحرفيين حتى دمرت الزراعة والحرف وجفت عروق التجارة والتبادل والاتصالات. نهبوا ثروات شعوبهم أو اتلفوها لإشباع نهمهم للجاه والإنفاق السفيه. في أكناف النظم الاستبدادية فقدت مشروعيتها وطاقتها الإبداعية الزاخمة خصوبة الحياة الفكرية للتناظر والحوار وتباين الاجتهادات والنظرات الفلسفية، وتسربت بدعة التكفير تسند جور الحكام وتردع الاجتهاد . تم طرد العقلانية من الفقه، لتطرد بعدئذ من الفكر. حينذاك بدأ عصر الجمود فالتحلل والتفكك؛ تسارع التدهور في الحياة الاجتماعية وبدأت عملية تشظيات الدولة وطغيان قطاع الطرق والبلطجية يشكلون جيوشا من الخارجين على النظام ، تقدم أحيانا على اغتصاب سلطة الحكم . بلغت سطوة الفتن والاضطرابات الاجتماعية حدا أجاز الفقه حياله خنوع الجمهور لشوكة السفيه الجاهل مقابل الأمن . بلغت حالة التردي حدا مزريا أجيزت الفتوى : "اذا ما خلا الوقت من امام عادل مستحق للإمامة فتصدى لها من هو ليس من اهلها وقهر الناس بشوكته بغير بيعة او استخلاف انعقدت بيعته ولزمت طاعته لينتظم شمل المسلمين وتجمع كلمتهم ؛ ولا يقدح في ذلك كونه جاهلا او فاسقا في الأصح".
تواصل التردي الى ان حان عصر الزحف الامبربالي على الشرق في حالة إنهاك وتفكك وقلق. كان الواقع العربي في حالة عجز مطلق عن رد العدوان ؛ فنشأت علاقة تبعية تربط المجتمعات المشرذمة بالامبريالية . احدثت الارتباط التبعي بالامبريالية حداثة زائفة قطعت الطريق على تحديث الاقتصاد والثقافة والعلاقات الاجتماعية فبقيت تدور في فلك الامبريالية، يتولى إدارتها انظمة أبوية محدّثة لا تقبل المشاركة وتحتكر سلطة القرار . النظم الأبوية المحدثة تتناسل؛ على صعيد الفعاليات الاجتماعية أبويات تحكم الأنشطة السياسية والاقتصادية والتعليمية –الثقافية والتنظيمات الاجتماعية بما فيها الأنشطة الحزبية؛ كلها عوامل وهن ونزف بالواقع العربي ينذر استمرار سلطويتها بدورة جديدة من التردي بتسارع أشد من سابقه في العصر الوسيط، نظرا لإقحام آليات الامبريالية الصهيونية في سيرورة التدمير الذاتي .
القيادة الأبوية بطبيعتها تنكر مسئوليتها عن تخلف مجتمعاتها وتبعيتها للامبريالية.لا تراجع فشل برامجها ولا تتعلم الدروس من فشلها، نظرا لتفضيلها الولاء على الأداء؛ تتنكر للحقيقة ان عارضت مزاجها ، سواء كانت الحقيققة العلمية او ما يطفو على سطح مستنقع الركود. يلح ركود الحياة الاجتماعية على إهداء العيوب ، وفق النهج العمري، تسد الثغرات وتمتّن الوحدة الوطنية، وتوفر للحركة الوطنية محركها الثوري..
ثورية الحركة التحررية
في كل صراع - وما دار ويدور على أرض فلسطين حروب عدوانية متواصلة وليس صراعا- يجري تحديد الهدف الاستراتيجي وتحديد العدو او الأعداء المستهدفين والأعداء المحتملين وكذلك الذين يمكن تحييدهم . لا يأخذ الصدام الفلسطيني مع إسرائيل طابع النشاط الثوري بدون موقف عداء مقابل عداء للامبريالية الأميركية والمنظومة الامبريالية جمعاء . غير مجد مواجهة إسرائيل بالعداء وفي الوقت نفسه مصادقة الولايات المتحدة أو التحالف معها . تصفية الاحتلال الإسرائيلي ونظام الأبارتهايد الذي أقامه بموافقة الامبريالية –الاستراتيجيا- عملية ثورية وقواها هي الجماهير الشعبية، الفلسطينية والعربية المكافحة من أجل التحرر الوطني والديمقراطية والتقدم. تتلاحم عبر التعاون المتبادل والعمل المشترك وترتقي لتشكيل جبهة عربية ثورية لاحتثات الوجود الأميركي بالمنطقة ، قواعد عسكرية ومصالج اقتصادية وحركة صهيونية . ثمة قوى بالمنطقة والعالم تناصر القضية الفلسطينية يمكن استحداث تكتيكات كفاحية تدخلها في جبهة ثورية عالمية مناهضة للامبريالية والصهيونية.
المحرك الثوري للحركة الوطنية يتمثل في تسديد السهام للعدو الأساس. برزت منظومة الدول الامبريالية برئاسة الولايات المتحدة الأميركية عدوا شرسا للشعب الفلسطيني والشعوب العربية وشعوب العالم أجمع؛ قدمت معدات الموت بالجملة للدولة الصهيونية ودافعت عن جرلئمها ، حتى انها حالت مرارا دون توقف حرب الإبادة، وما زالت تماطل وتمكر لتطيل أمد الحرب. الدعم متعدد الجوانب المقدم من إدارة بايدن لحرب الإبادة الجماعية والتهجير الجماعي بلغ حد المجازفة بعزلتها مع ثماني دول بالأمم المتحدة تواجه 143 دولة. عارضت الولايات المتحدة وذيولها القرار الدولي بقبول فلسطين عضوا دائما بالأمم المتحدة ؛ أربع من تلك الدول تحكمها انظمة فاشية هي إسرائيل والمجر والأرجنتين وسلوفاكيا وثلاث دول مغمورة لا يسمع بها إلا حين تتذيل للولايات المتحدة لدى تصويت الجمعية العمومية.
والغريب المستهجن بعد هذا، ما إن تفوه بايدن بعبارة في خطاب انتخابي، حتى بادر الناطق بلسان القيادة الفلسطينية للترحيب بموقف بايدن قابلا الوساطة الأميركية! العقود الماضية تحفظ سجل الخسائر الناجمة عن إقحام أميركا نفسها وسيطا وما هي بوسيط . فهذه الإدارة لم ولن تكون وسيطا نزيها بين إسرائيل وأي قوة في المنطفة او في العالم كله. كل مساعيها مكرسة لتعزيز مواقعها وتمكين مصالحها بالمنطقة ، وبالذات مصالح ومواقف الدولة الصهيونية. هذا ما نصح به العارفون ببواطن الأمور امثال المؤرخ والأكاديمي رشيد الخالدي قبل عقود. على أقل تقدير وجب التمهل حتى يتوقف شلال الدم الفلسطيني بالقنابل الأميركية !
هذه الغلطة الفادحة شجعت نتنياهو على تنفيذ مؤامرة اغتيال اسماعيل هنية؛ ومن قبل سمح الرئيس الأميركي، بوش الابن، لشارون باغتيال ياسرعرفات وهو يطرق أبواب الحوار مع اميركا وينشد دورها كوسيط .
إن ابسط توجه للتعامل مع "وساطة" أميركية، ناهيك عن مصادقتها يسفر عن تضليل الحلفاء والمتضامنين مع الحقوق الفلسطينية ، ويعطل تشكيل الجبهة الثورية ضد الامبريالية والصهيونية. مشاهد من "الوجوه الملتوية من الألم، وصور الأطراف البارزة من تحت الأنقاض، وصور الأطفال القتلى في أحضان آبائهم المكلومين – رؤية هذه الصور القادمة من غزة يوميًا هو بمثابة شهادة على توحش"، تتعاقب كل يوم أمام جماهير قارات اسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية ( حرص شديد من ميديا دول أميركا الشمالية واوروبا الغربية على التستر والكتمان). العمى العنصري والاستعلاء القومي للبيض يتقبّل أخلاقيا ولا يستهجن الإفراط في استخدام العنف العشوائي لتدمير الناس أو تهجيرهم. وكذلك أنظمة التطبيع العربية ضالعة مع الإبادة الجماعية، وربما التهجير.
اصابت عدوى الإدارة الأبوية الفعاليات السياسية والاقتصادية والثقافية حتى الحزبية في أوساط المجتمع. المقاومة الوطنية في فلسطين، السلمية والعسكرية، لحقهاعطب القيادة الأبوية، وهي السبب الرئيس في الانتكاسات المتلاحقة، فرطت وما زالت تفرط تاركة ثغرات نفذت عبرها اطماع الاحتلال والضم والتهويد الصهيونية. تقتضي ضرورة الحفاظ على الكيان الفلسطيني وتحريره اعتماد مواقف نقدية، تغلق مسارب التخريب الامبريالي.

ثغرات وشقوق
أولا وقبل كل شيء تفريط الالتفاف على التوجه الثوري ضد القوى المعادية ، تجاوبا مع نوازع المكر والكيد الصهيونيين -الامبرياليين. قيادة المقاومة، شعبية او صداما مسلحا، أهدرت الامكانات المتوفرة واحتمالات المستقبل مع تطور المنازلة وكذلك قوى الاحتياط المجمدة والمعطلة . الخلل لا ينحصر في إدارة الدولة الأبوية، بل يشمل نشاط القوى المضطلعة بالتغيير الثوري.لا تراجع تصرفاتها وتنتقدها لتتعلم من أخطائها.
وثانيا. يشتد نزوع المنظومة الامبرالية لحل الخلافات بالقوة ، ويرجع تأييدها العلني لحرب الإبادة الجماعية ألى رغبتها في إرهاب الشعوب الطامحة للتحرر من ربقة السيطرة الأجنبية . تصدرت الفاشيىة الصهيونية قيادة الدولة الصهيونية، وشرعت تحرض وتعد جهارا للتهجير والاقتلاع. إن نزوع حكومة نتنياهو لشن الحرب على لبنان او توسيع الحرب في المنطقة يرمي في المفام الأول الى توفير مناخ ارتكاب المجازر الجماعية بالضفة وسيلة للتهجير. هو نهج التطهير العرقي الأول، عام 1948 يجري التمهيد لنسخة أخرى باستدراج المواجهة المسلحة غير المتكافئة مع تكاثر غارات فرق المسستوطنين بالضفة على القرى وأحياء المدن من شأنه ان يفاقم الأوضاع ويسهل الانتقال الى المجازر والتهجير.
تحدث هذه التطورة بالتفاعل مع التغيرات على الصعيد الدولي، إذ يتعاظم ويتسع تيار التطرف اليميني وشيوع التمييز العنصري ضد الشعوب الملونة وانتشار أفكار التفوق العنصري للبيض المسيحيين وحلفائهم اليهود الصهاينة. يزداد باستمرار تكالب منظومة الامبريالية على اتباع نهج العدوان المسلح بعد ان ضعفت جاذبية مناهجها الاقتصادية. المنظومة إياها تقدم الدعم للإبقاء على العلاقات الراهنة في الحياة الدولية وتتصدى بقوة لأي حركة تغيير.
و ثالثا ، كل فصيل لديه الاعتقاد ان الجماهير تستجيب تلقائيا لمشاعرها الوطنية وان الانخراط في مكافحة الاحتلال لا تستدعي نشاطا تثقيفيا مسبقا او تربية سياسية، بما في ذلك الجماهير المهددة بالمجازر والترحيل. في قطاع غزة مقاومة يخوضها مسلحون يتصدون ببسالة واقتدار لحرب همجية غير مسبوقة؛ أما الجمهور فينصاع لأوامر قيادة الحرب الهمجية ترديه في متاهة ترحال لا يتوقف يقطعه الموت المباعت ؛ فهل يكون هذا البؤس نذيرا؟ الوعي العفوي ليس قوة صمود وتصدي ؛ إنما الوعي بحقائق الوضع المحلي والدولي مقرونا بالتنظيم كفيل بتحويل الجمهور قوة ثورية .
ورابعا، ، الى جانب المجازر الجماعية تشيع الفاشية أحقادها وكراهيتها العنصرية في أوساط جمهورها كي لا يشعر بالذنب لمخالفة القيم الإنسانية والقوانين الدولية حين يفتك بالجماهير الفلسطينية، لا يتورع عن التعذيب جيث يخير المعتقل بين الموت والخيانة، وكذلك التحايل والغدر. مات تحت التعذيب منذ 7 أكتوبر أكثر من أربعيم ممن اعتقلتهم قوات الاحتلال ، ولا شك ان العديد من المعتقلين تعرضوا لبعض التعذيب أو شاهدوا بأعينهم وتخاذلوا خوف مكابدة التجربة. التخاذل تحت وطأة التعذيب خسارة طبيعية ومعتادة في صفوف الحركات الوطنية والثورية؛ هل يتم التحقيق مع المفرج عنهم كي لا يتغلغل عملاء الاحتلال بين الصفوف؟ "سوء الظن من حسن الفطن" والحذر واجب حيال المساعي الحثيثة من جانب الاحتلال لتسريب عملائه داخل صفوف الحركة الوطنية .
وخامسا، يقتضي الواجب حماية من يتصدون ببسالة وجرأة لجرائم الاحتلال، يخوضون النضالات الجسورة، عبر إهدائهم عيوبهم. لايسمع على المنابر الإعلامية المناهضة للاحتلال انتقادات لبعض الممارسات . ثقافتنا تجهل النقد من موقف التحالف؛ فإما الإشادة بالمطلق أو الشيطنة المطلقة . صديقك من صدقك، ما أحوجنا لإحياء نهج عمر بن الخطاب ، "رحم الله من أهدى الي عيوبي"، يشّيد جدار حماية مانعا ما أمكن . ربما يلتقط المراقب نواقص العمل واخطائه بأفضل من المنخرط بالعمل، سيما وان المراجعة النقدية ممارسة نادرة . حقا يتطلب تطوير فعاليات المقاومة تحديث الفكرالمرشد والثقافة والعلاقات؛ جوهر التحديث هوالتفكير النقدي الاستراتيجي.
وسادسا ، كما يفتقر الوعي الاجتماعي الفلسطيني لثقافة الائتلاف وتشبيك الخيوط؛ الهدف الاستراتيجي واحد ينحصر في التحرر والسيادة الوطنية. قد يبرز تباين بصدد المنحى الطبقي للدولة الوطنية ؛ وهذا يجيز تعدد التنظيمات ، لكنه غير ظاهر؛ هكذا فلا مبرر سوى الجمود الفكري لامتناع الفصائل عن الائتلاف وتحقيق وحدة المقاومة التي يحث عليها أصدقاء الشعب الفلسطيني . النشاط المسلح، خاصة المقاوم بالذات، لا يحتمل تعدد الجيوش والقيادات، يستوجب وحدة القيادة والتنظيم والمراجعة النقدية والفعاليات. ثقافة الائتلاف الى جانب التفكير النقدي والتفكير الاستراتيجي والثقة بالطاقة الكفاحية الكامنة للجماهير..كلها ثمرات التحديث الثقافي والفكري .
وسابعا، بالضفة التي يتوعدها مصير غزة يوجد مسلحون يخوضون معارك المقاومة المسلحة بخبرة قتالية وتنظيم متواضعين، وجمهور مقصي عن السياسة والتنظيم، جمهور مجمد. بات بدهيا ان الاحتلال يستغل الصدام المسلح كي يبطش بالجماهير ويرهبها لعزل المقاومة؛ وقد يصعّد الصدام لدرجة ارتكاب المجازر تمهيدا للترحيل . حاليا يتبع نهج "جز العشب" كي تبقي المقاومة عاجزة عن جرف الاحتلال نحو التحرروالسيادة الوطنية. إسرائيل لا ترسل قواتها خلف البحار لقهر تمرد المستعمرات. ضرب المقاومة المسلحة في اي بقعة بالضفة لا يكلف اكثر من تفريق مظاهرة في تل ابيب. يستدرج الاحتلال المقاومة الى الصدامات المسلحة كي يبطش بالجماهير كافة . الى جانب الخسائر البشرية والمادية عطل الاحتلال تطور الحياة السياسية في فلسطين، وأعاق استقطاب الجمهور الواسع الى الممارسة السياسية . كذلك تعمدت الفصائل إقصاء الجماهير عن النشاط السياسي!
وثامنا ، بعفوية تهيب القيادات الفصائلبة بالجماهير ان تتحرك لتشكيل الدرع الواقي للمقاومة المسلحة أوتلتحق بالثورة. غير ان المقاومة لا تقتصر على حمل السلاح، بل تشمل اهم من ذلك ثقافة الإحاطة بالوضع السياسي العام والصراع الجاري على الصعيد الدولي، الى جانب الإلمام بأساليب العدو وكيف يفكر وماذا يستهدف والدربة في منازلته بالهجوم والتراجع وإتقان فن المراوغة والتملص من مراقبته والإفلات من بطشه . باختصارالمطلوب مقاومة صلبة تستعصي على الاحتلال كي تجرفه في نهاية المطاف. المطلوب حركة تغيير، وليس مجرد المراوحة في الحراك .
كثرٌ هم الشباب الميامين أقتحموا برباطة جأش دائرة الموت كي يلهموا بالقدوة نهوض الجماهير للدفاع عن الكرامة الوطنية؛ بينما السبيل الأجدى للتأثير بالجماهير يمر عبر الانخراط بين أوساطها ينقلون لها تقافة التصدي والرفض، رفض الانصياع لإرهاب القوة او الخضوع للسيطرة الأجنبية. في هذه البيئة تروج ثقافة التضحية . حصيلة النشاط بين أوساط الشعب في محال إقامتها او عملها يسفر عن حراك شعبي قوته الجاذببة للتضامن الخارجي أقوى وأشد فاعلية ؛ إذ لا تواجه بالعذر التقليدي "حق الدفاع عن النفس"، ويصعب الافتراء عليها بانتهاكات مزعومة. المقاومة الشعبية تجتذ الجماهير باضطراد الى النشاط الوطني والممارسة السياسية ليشكل مدرسة للتربية السياسية والتنظيم الواعي . الا يستحث على التامل واقع أن المقاومة الفلسطينية للعدوان الصهيوني المتواتر منذ أكثر من نصف قرن لم تدحر الاحتلال، وأبقت الجماهير في حالة ركود؟ حقا حقق النضال الوطني مكاسب معنوية كان بالامكان نحقيق أضعافها لو اعتُمِد ت مقاومة شعبية يندمج خلالها التصدي وتنمية الثقافة الوطنية المقاومة . الحراك الشعبي هو القوة التي يتعذر قهرها، وهو الذي يشيع ثقافة الائتلاف ومن خلاله تتطور الأحداث الى وحدة وطنية أشد صلابة تستند الى جماهير ذات خبرة سياسية كثيفة.
.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هراوة غليظة ترهب الجامعات الأميركية(2من2)
- هراوة غليظة ترهب الجامعات الأميركية (1من2 )
- هل تغير صدمة الفشل نهج الدولة الصهيونية؟
- إبادة سياسية ، إبادة بشر ، إبادة مدرسية وثقافية وهوية وطنية، ...
- منظومة الامبريالية الدولية وذيولها إجماع على الكيد للشعب الف ...
- وصلت إسرائيل نهاية الشوط
- استراتيجيا الامبراطورية في الشرق الأوسط
- مجازر اليوم والجدار الحديدي قبل مائة عام وعام
- لا صمت بعد الذي جرى
- قرصنة بالأرض ..قرصنة بالمياه .
- تصدع بمصداقية اللوبي الصهيوني وتعرية البروباعاندا في دعايته
- نهاية الوهم الصهيوني
- ركائز للأبارتهايد والإبادة الجماعية والتطهير العرقي
- ما يحدث في غزة فاشية تعمم على صضعيد عالمي
- إسرائيل تسعى لتبديل قوانين الحرب
- قمة الناتو بواشنطون هل تخدم السلام ام الحرب
- علينا مقاربة إسرائيل دولة استعمار استيطاني
- جدار جابوتينسكي تطهير عرقي عقيدة الليكود
- جدار جابوتينسكي يتصدع
- عودة الى المتهاة .. تفاوض بوساطة أميركية !!


المزيد.....




- كيف شق قماش الطرطان طريقه ليصبح خيارًا شعبيًا في الأزياء الم ...
- خبير إسرائيلي يحذر: -حماس- تتعافى والضغط العسكري ليس كافيا ل ...
- إسبانيا تنفي ضلوعها في نشاطات تستهدف زعزعة فنزويلا
- سيمونيان: مدرسة RT للصحفيين الأفارقة تلقت 1000 طلب لحضور دور ...
- الأعنف في 30 عاما.. مشاهد مروعة من فيضانات عارمة اجتاحت عدة ...
- رغم صدور 8 قرارات لإخلاء سبيله.. وزارة الداخلية تحتجز أحمد ص ...
- تونس.. انطلاق الحملات الانتخابية
- مقتل ثمانية مهاجرين قبالة السواحل الفرنسية أثناء محاولتهم عب ...
- وليد العمري: الصاروخ اليمني هز إسرائيل وكشف 3 مستويات إخفاق ...
- الدويري: الصاروخ اليمني كشف ثغرات خطيرة بالدفاعات الإسرائيلي ...


المزيد.....

- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - كي تصعد المقاومةالفلسطينية الى حركة ثورية إقليمية