أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ساطع راجي - مفارقات اسطنبول















المزيد.....

مفارقات اسطنبول


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 1774 - 2006 / 12 / 24 - 10:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بينما حمل المؤتمر الذي عقد في اسطنبول عنوان نصرة شعب العراق، كانت لغة وتوجهات الخطب والمناقشات والمداولات ذات نبرة طائفية واضحة تتجه الى التأكيد على حق طائفة واحدة، ينتمي اليها جميع الحاضرين في إغفال واضح لبقية المكونات العراقية التي لها حق الحظور في هذا المؤتمر ولو من باب أنها متهمة، وهذا ما يدفع الى الاهتمام بالعنوان الذي اقيم المؤتمر تحته، فهو اما تمويه بقصد نفي الطائفية عن المؤتمر لتبريره وتمريره إعلاميا وسياسيا، او أن العنوان تم اختياره للتعبير عن فكرة مريضة تقول أن من يدافع عنهم المؤتمر او يحاول نصرتهم من طائفة معينة هم وحدهم الشعب العراقي بينما المكونات الاخرى هي موجودات طارئة ودخيلة، بل أن بعض الخطباء ذهبوا الى أنها جاءت مع الاحتلال، والصادم أن بعض المشاركين هم من الفاعلين في العملية السياسية وتشارك كتلهم البرلمانية في الحكومة وفي عملية المصالحة الوطنية وإذا بهم اليوم ينقلبون على كل ذلك وعلى شاشات التلفزة، ليسقطوا ورقة التوت التي كانوا يغطون بها خطاباتهم الطائفية وعقليتهم العنصرية ولينكشف زيف ادعاءات الوحدة الوطنية والرغبة في التسامح التي كانوا يعلنونها ويطالبون الآخرين بالانصياع لها.
لم يتوقع العراقيون حتى أشدهم سوداوية وتشاؤما أن يسمعوا يوما مثل ذلك الخطاب الطائفي الذي شاع في مؤتمر اسطنبول ومن اشخاص يشاركون في العملية السياسية، كما أن مثل هذا الخطاب وبمثل هذه اللهجة لم يصدر حتى عن النظام البائد نفسه على طائفيته وعنصريته، ومن المفارقات الاخرى أن بعض المشاركين تحدث عن عقد الشعور بالاضطهاد والنقص عند الاغلبية العراقية ولم يتحدث احد عن عقدة التسلط الطائفي والعنصري التي تهيمن على عقول المتحدثين في ذلك المؤتمر ما أدى الى مفارقة اخرى فبينما تم الحديث عن العنف الطائفي الموجه ضد العراقيين السنة والمتمثل في التهجير والقتل على الهوية فأن أحدا لم يتحدث عن نفس الأفعال التي تطال العراقيين الشيعة، بل أن المفكرين والمؤرخين والساسة الذين شاركوا في المؤتمر وتعاقبوا على الكلام المتشنج لم يتذكر أي منهم التفجيرات الارهابية عبر السيارات المفخخة والانتحاريين التي طالت تجمعات ومقدسات طائفة عراقية دون اخرى، بل أن أحدا منهم لم يتذكر التنبيهات التي صدرت عن مرجعيات شيعية دينية وسياسية وعلى مدى عامين منذ سقوط النظام، تلك التنبيهات التي حاولت ايصال رسالة بسيطة الى جميع من يهمه الامر في العراق، رسالة تقول انها لن تقوى طويلا على كبح جماح الشارع ولن يستمر الشارع طويلا في استجابته لها حين تطالبه بالهدوء، والاهم ان اسم القاعدة كفاعل دموي على الساحة العراقية لم يرد ذكره.
يكون واهما من يدعي بأن هذا العنف الطائفي الذي نراه في العراق يوميا يخضع لأدارة موحدة، فأية ادارة هذه التي تستطيع توفير هذا العدد الهائل من القتلة وفي هذا التوزيع الجغرافي الواسع، لقد افلت العنف من ايدي مؤججيه وصار لعبة ثأر سخيفة ودموية لا حدود لها ولا شروط، أنها لعبة القتل للقتل، لعبة لا يسيطر عليها الساسة رغم انهم يلمحون الى عكس ذلك ولكنهم يجيدون استغلال نتائجها وهاهم ينتقلون من مرحلة الإغواء الانتخابي في الداخل الى مرحلة الإغواء الطائفي على مستوى دول الجوار وربما العالم لاحقا.لقد اصبحت السياسة الطائفية سياسة مربحة ماليا ولذلك كان التركيز على الدعم المالي يسيطر على مؤتمر اسطنبول.
ومن مفارقات مؤتمر اسطنبول اننا نشاهد دعوة صريحة موجهة الى دول الجوار للتدخل في الشأن العراقي ليس فقط عل الصعيد السياسي بل على أصعدة العنف والسلاح والتخطيط، أنها دعوة مباشرة وصريحة لتدخل الجيران والأباعد حتى، في دوامة العنف العراقي ونصرة طرف ضد آخر وكأن العراق ليس دولة فيها حكومة ولها سيادة، دولة تعترف بحكومتها جميع الدول التي آتى منها المشاركون في مؤتمر اسطنبول، بل أن حكومات هذه الدول تزيد يوميا من تعاملاتها الاقتصادية مع الدولة العراقية وتشاركها في كثير من مجالات التعاون.
لابد لنا اليوم أن نعترف بأن رافضي العملية السياسية وخاصة اولئك الذين حملوا السلاح وتبنوا منهج العنف قد تسببوا بخسائر مؤلمة في صفوف الأمريكان والعراقيين على السواء وانهم نجحوا في تأخير عجلة البناء والاعمار في العراق كما تسببوا بحرج بالغ للإدارة الامريكية واثروا على خططها، ولكن هاهو مؤتمر اسطنبول يضعهم اليوم في صراع جديد ذا بعد اقليمي ليسحب البساط من تحت قياداتهم ويدفعها الى ايدي طائفيين غلاة من افغانستان وباكستان وغيرها من الدول في محاولة لعولمة الصراع الطائفي بل أن اختيارهم لأسطنبول بحد ذاته يمثل محاولة لأعادة عقارب الساعة الى الوراء عندما كان العراق والمنطقة ساحة للصراع الامبراطوري ذا الصبغة الطائفية بين الدولة الفارسية والدولة العثمانية ليجد اطراف النزاع في العراق أن مشكلتهم المحلية قد انفتحت على مصراعيها لقوى ودول متعددة يخسر العراقي مهما كان توجهه أي مكسب يمكن تحقيقه لصالح اجندات تلك الدول، ان قيادات رفض العملية السياسية صاروا على شفا خسران مواقعهم لصالح قيادات إقليمية تريد الاستفادة من الساحة العراقية لتنفيذ إستراتيجيات يهيئ لها الدكتور النفيسي واشباهه ممن لا وظيفة لهم في بلدانهم التي تلجأ الى مراكز الأبحاث الاجنبية لأن العاملين فيها لا تسيطر عليهم عقد طائفية، ورغم أن خططه غير واضحة وغير مفهومة من جهابذة التطرف لأنهم لم يتعودوا لغة الأرقام والتخطيط كما قال احد المشاركين في المؤتمر، فهذا يعني أن هناك من سيتدرب على التخطيط والستراتيجيا الاقليمية في العراق قبل أن يتحول من هاوي سياسة الى محترف يعرف كيف يجني الغنائم بعد أن كان يشجع ويمول العنف والقتل للمتعة فقط.
لقد اوضح مؤتمر اسطنبول الجوهر السياسي للمشكلة العراقية والمتمثل في عدم التزام بعض الساسة بمبادئ واضحة، فهم يتحركون على أساس جمع القدر الاكبر الممكن من المغانم، وكذلك اوضح هذا المؤتمر الجوهر الثقافي للمشكلة العراقية والمتمثل في انعدام عقلية التعايش السلمي والركون الى مواقف متحجرة تتمسك بأوهام تاريخية في رفض الآخر والاعتقاد بدونيته الى حد الإطاحة بانتمائه الوطني او الديني رغم أن لا أحد يمتلك حقا كهذا، اننا اليوم امام خلطة غريبة من المواقف السياسية التي تريد التحالف مع غرباء أجانب لطرد او اضطهاد مكونات عراقية اصيلة، لمجرد صراع سياسي بين قادة تختلف رؤاهم حول بعض القضايا.
اننا على يقين من أن بعض الذين تحدثوا بتشنج وعدوانية في اسطنبول سيعودون الى بغداد بعد ايام قلائل ليشاركوا في مغانم السلطة ويقبلوا بحرارة قادة آخرين كانوا يشتمونهم ويشتمون مكوناتهم وقواعدهم الشعبية في اسطنبول ويتهمونهم بشتى التهم. ولكن ألا يمكن لحملة السلاح من الجانبين وخاصة من الاشخاص العاديين من غير القياديين أن يتنبهوا للطريقة التي يتم بها المتاجرة بالشعارات والانتماءات، وبدماء المقاتلين العراقيين البسطاء في سبيل التمويل والسلطة حتى ولو على حساب دماء الابرياء ووحدة واستقلال وحرية العراق.
يبقى أن نؤشر آمرين غاية في الخطورة الاول يتعلق باستضافة تركيا لهذا المؤتمر ولا ندري أن كان الهدف من هذه الاستضافة هو هدف قصير المدى يتمثل في فرض بعض الآراء والمصالح التركية في العراق أم أن انقرة هي الاخرى تريد الانزلاق الى عولمة الصراع الطائفي على أمل استعادة الدور العثماني، ولا ندري كيف ستسوق انقرة سلوكها هذا عند جيرانها الاوربيين وهي تريد الانضمام الى اتحادهم، بينما تاريخها الامبراطوري يقف حجر عثرة دون ذلك بسبب ارث التعصب والعنف، أم أنها أزمة العقل السياسي الديني الذي كلما فشل في التقدم الى الامام عاد بسرعة ونهم الى الوراء.
الامر الخطر الآخر يتمثل في عدم اتخاذ الحكومة العراقية لموقف حازم تجاه المؤتمر قبل أن يعقد كما أنها لم تسلط عليه الاضواء وجاء انعقاده في تركيا لينسف كل الحديث الوردي عن العلاقات الجيدة مع انقرة، أن انعقاد هذا المؤتمر في تركيا يعتبر خسارة دبلوماسية للحكومة العراقية تستحق الوقوف عندها، بل أن وسائل الاعلام العراقية هي الاخرى لم تتوقف عند هذا المؤتمر قبل انعقاده، ويبدو أن دوامة العنف وتعدد الجبهات الدبلوماسية والسياسية والأمنية قد فعلت فعلتها في الأداء الحكومي، ومع هذا لابد أن تعمل الحكومة العراقية على لفت نظر الحكومة التركية الى خطورة ما فعلته قبل أن تضاف انقرة واسطنبول الى جملة المدن التي تحتضن قيادات وممولي العنف والإرهاب الدائر على الساحة العراقية.



#ساطع_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العامل الأمريكي


المزيد.....




- السعودية.. إحباط محاولة تهريب أكثر من 1.2 مليون حبة كبتاغون ...
- القبض على وشق بري يتجول بحرية في ضواحي شيكاغو
- إصابة جنديين إسرائيليين في إطلاق نار قرب البحر الميت .. ماذا ...
- شتاينماير يمنح بايدن أعلى وسام في البلاد خلال زيارته لبرلين ...
- كومباني: بايرن يسير في الطريق الصحيح رغم سلسلة نتائج سلبية
- سرت تستضيف اجتماعا أمنيا
- انطلاق الاجتماع السنوي لمجلس أعمال بريكس
- ميزة جديدة تظهر في -واتس آب-
- يبدو أنهم غير مستعجلين.. وزير الدفاع البولندي ينتظر -أغرار- ...
- قوات اليونيفيل: تم استهدافنا 5 مرات عمدا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ساطع راجي - مفارقات اسطنبول