أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عائشة العلوي - غنى وفقر مدن وقرى المعادن بالمغرب!















المزيد.....

غنى وفقر مدن وقرى المعادن بالمغرب!


عائشة العلوي
(Aicha El Alaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 8099 - 2024 / 9 / 13 - 12:21
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لا يعدّ المغرب بلدًا ذا اكتفاء ذاتي في مجال الطاقة، حيث لا يغطي سوى ما بين 18% و20% من احتياجاته الطاقية. وتعتبر المملكة العربية السعودية المصدر الرئيسي لواردات المغرب من الطاقة، بنسبة تصل إلى حوالي 90%. ومع ذلك، يتمتع المغرب بثروات معدنية كبيرة، حيث يُعرف منذ عقود بكونه ثالث أكبر منتج ومصدّر للفوسفات في العالم، بالإضافة إلى امتلاكه لثروات معدنية متنوعة منتشرة في معظم مناطقه.

في الماضي، وبسبب غياب استراتيجية واضحة للتحول نحو التصنيع، اكتفى المغرب بتصدير هذه الموارد على شكل خامات أو منتجات شبه مصنعة أو مكررة. وقد أدى ذلك إلى انعكاسات سلبية على الاقتصاد المغربي، حيث أصبح خاضعًا لتقلبات أسعار هذه المواد في الأسواق العالمية، مما أثر سلبًا على الميزان التجاري وأدى إلى ارتباطه الوثيق بتلك الأسواق.

من جانب آخر، فإن تصدير هذه الموارد في شكلها الخام أو شبه المصنعة يحدّ من إمكانية خلق قيمة مضافة كبيرة داخل الاقتصاد المغربي. إن تطوير هذه الموارد محليًا من شأنه أن يسهم في تحقيق قيمة مضافة داخل قطاعات أخرى مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بهذا القطاع، مما سيؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز قطاع التصنيع، وزيادة القيمة المضافة على مستوى الصادرات والتنمية والنمو. وبهذا، يمكن للمغرب أن يتحول من بلد منتج ومصدر للموارد الطبيعية إلى بلد منتج ومصنّع ومصدّر، مما سيسهم في بناء اقتصاد قوي لا يعتمد فقط على القطاع الفلاحي ولا يتأثر بتقلبات الأسواق العالمية.

نظرًا للطبيعة الجيولوجية الفريدة للمغرب، فهو غني بالمعادن التي تم اكتشافها أو التي لا تزال في طور الاكتشاف. وفقًا لتقارير المكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن (ONHYM) لعام 2016، تشمل أهم المعادن المكتشفة الفضة، والذهب، والحديد، والرصاص، والباريتين، والكوبالت، والكبريت، والقصدير، والنيكل، واليورانيوم، والأتربة النادرة. تتمركز هذه المعادن خصوصا في وسط-شمال المغرب، وفي الجنوب الشرقي، وفي المناطق الغربية للأطلس الصغير والأطلس الكبير. وتستغل هذه الثروات بشكل كبير من قبل القطاع الخاص، حيث تم توزيع حوالي 7521 رخصة استغلال، منها 3974 رخصة ممنوحة للشركات الخاصة، و2304 رخصة للأفراد، و1243 رخصة للمكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن.

وعلى الرغم من غنى هذه المناطق بالمعادن، فإنها تعاني من نقص شديد في الخدمات الاجتماعية، خاصة في مجالي الصحة والتعليم. فعلى الصعيد الصحي، تفتقر هذه المناطق إلى الرعاية الصحية اللازمة، حيث تبقى معزولة وبعيدة عن أقرب نقاط تقديم العلاج الضرورية لإنقاذ حياة السكان. يؤدي هذا الوضع إلى تدهور كبير في جودة الحياة في هذه المناطق، ويعوق فرص التنمية المستدامة فيها. فالأمن الغذائي والصحي لهما تأثير مباشر وغير مباشر على الاقتصاد أكبر من تأثير التصنيع أو التصدير، وفقًا لعدة دراسات وأبحاث اقتصادية.

على سبيل المثال، وفقًا لتقرير وزارة الصحة لعام 2016، يتفاوت عدد المؤسسات العلاجية الأولية بين مختلف المناطق. ففي ورززات، وتنغير، وزاكورة، وميدلت، والرشيدية، توجد على التوالي 40، و42، و34، و56، و53 مؤسسة علاجية أولية. أما في تارودانت، وتزنيت، وأكادير، فتوجد على التوالي 119، و53، و33 مؤسسة. وفي الحسيمة، وتاونات، وتازة، تتوزع 56، و75، و73 مؤسسة علاجية أولية. هذه المؤسسات موزعة بين الوحدات العلاجية الحضرية والقروية، ومن المفترض أن توفر الرعاية الصحية الأولية للسكان، لكنها تعاني في معظمها من نقص في الوسائل المادية والبشرية الضرورية لتقديم هذه الرعاية.

إذا أضفنا إلى هذه المشكلة بعد المسافة بين القرى والدواوير وأقرب مستشفى، نجد أن العديد من السكان يضطرون إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى خدمات صحية ضرورية، مما يزيد من معاناتهم خاصة في حالات الطوارئ مثل الولادة أو في أيام البرد القارس. النتيجة الحتمية لهذا الوضع هي مآسٍ إنسانية متعددة، منها ارتفاع معدل وفيات الأطفال في هذه المناطق مقارنة بباقي مدن وقرى المغرب. فمعدل وفيات الرضع دون سن السنة يصل إلى أكثر من 47 في الألف، بينما يتجاوز معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة 40 في الألف. كما تعاني الأمهات الشابات من مخاطر كبيرة أثناء الولادة. إلى جانب ذلك، تنتشر في هذه المناطق أمراض مرتبطة بسوء التغذية وانعدام النظافة وغيرها من مظاهر انعدام الأمن الصحي.

إن هذا التناقض بين غنى هذه المناطق بالثروات المعدنية وفقرها في الخدمات الصحية والاجتماعية يستدعي ضرورة إعادة النظر في كيفية توزيع عائدات استغلال هذه الثروات. أليس من الأجدر أن تكون هذه المناطق هي المستفيد الأول من عائدات المناجم والاستثمارات الطاقية؟ أليس من الممكن تجهيز المؤسسات العلاجية الأولية في كل قرية ومدينة لضمان توفير الرعاية الصحية الأولية للسكان من عائدات هذه الثروات؟ لماذا لا يتم بناء مستشفيات متخصصة ومجهزة بأحدث التقنيات في أقرب المواقع المركزية لهذه المناطق؟ بل ولم لا يتم بناء عدة مستشفيات في مختلف مدن هذه المناطق لتقريب الخدمات الصحية من المواطنين؟

من الضروري أيضًا إلزام المستثمرين والمستفيدين من خيرات هذه المناطق بتنفيذ مشاريع بيئية واجتماعية واقتصادية تترجم مسؤوليتهم الاجتماعية إلى واقع ملموس وليس مجرد شعارات. ففي النهاية، وجود هذه المناجم مؤقت ومحدود، لأن هذه الموارد غير متجددة وتظل مرهونة بمعدل الاستخراج والكميات المتوفرة.

لذلك، يجب أن يكون الهدف الأسمى هو تنمية هذه المناطق وخلق سبل العيش الكريم فيها، بما يضمن للسكان مقومات البقاء، والحفاظ على منجم الهوية والتراث الذي لا يقدر بثمن، وتوفير الأمان الصحي لهم. ذلك الشعور بالأمان الصحي لا يضاهيه أي شعور آخر، حتى وإن كان الشخص يتمتع بصحة جيدة. أليس من الممكن وضع استراتيجية واضحة تهدف إلى استثمار خيرات هذه المناطق لتنميتها أولًا، ثم تصدير خيراتها إلى باقي المناطق؟ ألا يعد توفير الرفاه لسكان هذه المناطق جزءًا لا يتجزأ من رفاهية المغاربة كافة؟ أليست تنميتها جزءًا من التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والعادلة؟
في: 17 أبريل 2017



#عائشة_العلوي (هاشتاغ)       Aicha_El_Alaoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية من وحي المجتمع... لبيك تَمُورتْ إنُو (وطني)... -المسير ...
- شذرات اقتصادية... هل يمكن الوثوق بمجموعة بريكس+؟
- شذرات اقتصادية... المغرب والجزائر، -اليد الممدودة-...
- شذرات اقتصادية... التحول السريع الى أنظمة استبدادية…
- شذرات اقتصادية ... أية تداعيات لقرار بنك المغرب
- شذرات اقتصادية… الكرة -الهجينة- …
- شذرات اقتصادية ... التعاون جنوب ـ جنوب وسيادة الدولة
- شذرات اقتصادية… بناء الدولة الاجتماعية في زمن الأزمات...
- شذرات اقتصادية… أزمة الدولة أو الدولة في أزمة…
- شذرات اقتصادية... لا أصدقاء في الاقتصاد (1)
- شذرات اقتصادية... منطق السوق يسيطر على المؤسسات
- شذرات اقتصادية... التعليم وسؤال الجودة
- حكاية من وحي المجتمع... أنا شاب، عالة على أسرتي...
- شذرات اقتصادية... -المتحور- الكوفيد الاقتصادي في المغرب
- شذرات اقتصادية... بعد السكتة القلبية، الناتو يعلن عن -مشروع ...
- أقصوصة من وحي المجتمع... لقاء خاص مع أطفال هُم لَنَا
- كوفيد19، الحرب ما بين المعلومة والمصلحة
- إما أن -نكون او لا نكون-...
- شذرات اقتصادية. التعليم، لا يمكن تطبيق سياسة النعامة...
- أقصوصة من وحي المجتمع... -اشْرِي مِن عِندِي، أنا دائما عِندِ ...


المزيد.....




- انخفاض عائدات الصادرات الأمريكية من الغاز إلى الاتحاد الأورو ...
- الاقتصاد والهجرة والمناظرات محاور التنافس بين ترامب وهاريس ب ...
- سياسة -العصا والجزرة-.. هل تحمي الصين من الرسوم الأوروبية؟
- ترامب: لن أبيع أسهمي في الشركة المالكة لمنصة تروث سوشيال
- الحكومة البريطانية تستحوذ على شركة مشغلة لقطاع الكهرباء
- الكنيست يمرر ميزانية إضافية لعام 2024 بسبب الحرب على غزة
- عبر هذا الرابط احصل الان على البطاقة الذهبية الجزائرية
- الإمارات.. الاحتياطيات الدولية للقطاع المصرفي تنمو 8%
- أسهم -وول ستريت- ترتفع مع زيادة الآمال بخفض الفائدة بأميركا ...
- عوائد سندات الخزانة الأميركية تنخفض وسط توقعات خفض الفائدة


المزيد.....

- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عائشة العلوي - غنى وفقر مدن وقرى المعادن بالمغرب!