أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء التاسع والعشرون)















المزيد.....

جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء التاسع والعشرون)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8098 - 2024 / 9 / 12 - 21:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في الفصل الأول، قام بيليدور بتعريف الحرية باختصار شديد، ولكنه ترك توضيح المفهوم لفصل منفصل. أما الآن فالوقت مناسب، ونحن دائمًا في صحبة هايدجر، لنقدم وفقا لفكره تطور الحرية في خطاب أكثر تفصيلا. وسوف نعرض المنهج الهايدجري في ثلاثة أبعاد، ولكن هذه المرة مع اختلاف بسيط عن الفصل السابق. عند تناول الحقيقة، انطلقنا من الحقيقة الإسنادية (الحملية) نحو الحقيقة الأنطيقية، ثم من الحقيقة الأنطيقية، نحو ماهية الحقيقة. وهنا سننطلق من ماهية الحرية نحو الحرية السلبية ومن الحرية السلبية نحو الحرية الإيجابية لنتوجه بمزيد من الأمان نحو موضوعنا الأساسي: ماهية الحرية الإنسانية. وهكذا يتمثل البعد الأول في ماهية الحرية. لقد تم كشف الحجاب عن الحقيقة بلعتبارها حرية. إن الأطروحة التي وفقها ينبغي أن تكون ماهية الحقيقة (يُنظر إليها بشكل عام على أنها مطابقة للعبارة) حرية أطروحة مفاجأة. وبالتالي ألا يعني وضع ماهية الحقيقة في الحرية، أننا نعهد بالحقيقة إلى الاعتباطية البشرية؟هذا سؤال ساخن، بدون شك. أو هل يمكننا في الأساس تقويض الحقيقة بالتخلي عنها لأهواء هذه "القصبة الضعيفة". هذا سؤال آخر ساخن هو الٱخر بالنسبة إلى الحس المشترك. ما فرص نفسه باستمرار خلال هذه المناقشة يخرج الآن إلى النور بمزيد من الوضوح: تجد الحقيقة نفسها عائدة إلى ذاتية الذات الإنسانية. حتى لو كانت الموضوعية متاحة للذات، فهي ليست أقل إنسانية من هذه الذاتية وقد وضعت رهن إشارة الإنسان.
مما لا شك فيه أننا نحمل الإنسان مسؤولية كل أشكال اللاحقيقة التي هي ضد الحقيقة. وفي نفس الوقت نطرح هذا السؤال: بما أن اللاحقيقة هي عكس الحقيقة، أليس من حقنا أن نبعدها عن البحث في الماهية الخالصة للحقيقة التي هي غير ضرورية لها؟ هذا الأصل الإنساني للاحقيقة يؤكد، على النقيض من ذلك، أن جوهر الحقيقة "في ذاتها" يسود "على" الإنسان. هذه الأخيرة تعد بالنسبة إلى الميتافيزيقا خالدة وغير قابلة للفناء، فلا يمكن بالتالي أن تبنى على تلاشي وهشاشة الإنسان. كيف إذن، يتساءل هايدجر، تجد ماهية الحقيقة إقامتها وأساسها في حرية الإنسان؟ تبعا لذلك، تنص الرسالة الهايدجرية على أن العداء للأطروحة القائلة بأن الحرية هي جوهر الحقيقة قائم على بعض الأحكام المسبقة: إن جوهر الحرية لا يحتاج إلى فحص اكثر تقدما بل لا يتقبله. الحمبع يعرفون ما هو الإنسان، لكن لنستمع إلى ما يقوله هايدجر حول جوهر الحرية. إن الإشارة إلى وجود علاقة جوهرية بين الحقيقة كمطابقة والحرية تهز تلك الاحكام المسبقة، بشرط أن نكون على استعداد للقيام بالتفاتة إلى لفكر. إن التفكير في هذا الرابط الأساسي بين الحقيقة والحرية (والذي
(سيتم عرضه بالتفصيل في الفصل الثالث) يقودنا إلى متابعة مشكلة جوهر الإنسان من منظور يضمن لنا تجربة الأساس الخفي لهذا الأخير (الدازاين)، وذلك وفق طريقة يجعلنا بها هذا التفكير ننتقل على الفور من مجال جوهر الحقيقة، إلى مجال جوهر الحرية. إن النهج
الهايدجري، كما يقول برتراند ريو، يعلن عن نفسه دائمًا على أنه تحول، بمعنى عودة، تراجع نحو الأصل والأساس: ميتافيزيقا بعد عكسي أو نوع من التعالي. إنما بالنظر إلى كينونة الموحود نفسه، أي ليس
فقط بما يجعله ممكنا في تحديداته الخاصة، ولكن في مبادئه نفسها الخاصة بالماهية والوجود (essentia et existentia) يجب التفكير في مشكلة الأساس.
إن فهم الكينونة هو الحاجة الأساسية للدازاين. يجب على التراجع يجب أن يغلف الإنسان نفسه، هناك حيث يؤدي التقاء الدازاين والعالم إلى تأسيس حقيقة الوجود. والتعالي المذكور أعلاه مرتبط بالتناهي لأنه يتمثل في جعل ممكنا لقاء موجود لم يخلقه ويجب أن يكشف عنه كما هو بالفعل معطى في أفق الوجود. يجب أن يكشف عن الوجود من حيث أنه موجه على ذاته نحو السابق، ويقاس عليه. إن مشكلة إمكان الانطولوجيا هي المسألة المتعلقة بجوهر وأساس التعالي الخاص بالفهم المسبق للوجود. يشير مصطلح التعالي هنا إلى البنية الأساسية للدازاين؛ وإذا أردنا أن نتحدث بلغة الميتافيزيقا، فإن التعالي يعني جوهر الذات والبنية الأساسية للذاتية.لقد تم تحديد الحرية في البداية على أنها حرية بالنظر إلى ما هو ظاهر في قلب المنفتح. كيف يجب أن التفكير في جوهر الحرية هذا؟ إن المنكشف (ما هو ظاهر) الذي يصبح الحكم الاستحضاري متناسبا معه باعتباره متوافقا، هو الموجود كما يظهر لأجل ومن خلال السلوك المنفتح. الحرية المعنية بالنسبة إلينا ليست سلوك الدازاين كما هو الحال مع أفعال حرة وتمثلات وأحكام. هذا الأخيرة متجذرة في التعالي، وهي بالفعل بعيدة كل البعد عن كونها أساسه. الحرية كفعل من تلقاء الذات ويميز الذات لا تأخذ في الاعتبار واقعة أنه يجب تأويل الهوية الذاتية باعتبارها تزمينا للدازاين.
إنها ليست أساسية، بل التعالي هو الذي يفسرها. الحرية يجب أن تكون
أصل أي أساس كما هو، ما دامت تحرر الأفق لظهور كينونة الكائن. إنها ما يعكس إمكان الوجود ذاته، إمكان يحدد بدوره العلاقات المرجعية التي تشكل العالم. ستكون لها الخاصية الأساسية لترك الكائن يكون (das Seinlassen von Seiendem). تجاه ما ينكشف ضمن المنفتح، تترك الحرية الكائن يكون الكائن الذي يكون. وهكذا تنكشف الآن كما يترك الموجود يكون. ولأنها حرية محدودة، فلابد أن تترك الأشياء تقدم نفسها كما هي. ماذا نعني بالترك؟ نتحدث عادة عن
"الترك" عندما نتخلى، مثلا، عن مشروع خططنا له. "نترك هذا الشيء" يعني أننا لا نلمسه بعد الآن ونتوقف عن القلق بشأنه.
"الترك" هنا يحمل المعنى السلبي المتمثل في "الابتعاد عن..."، و"التخلي عن..."، ويعبر عنه بأن هناك لامبالاة أو حتى تغاضيا. الكلمة التي هي هنا أساسية بالنسبة إلى هايدجر، من أجل التعبير عن ترك الموجود بكون، لا تعني مع ذلك التغاصي أو اللامبالاة، بل تعني ضدهما. دعه أو اتركه يكون يعني بالنسبة إلينا "الاستسلام للوجود". لا ينبغي أن يفهم هذا
كطريقة بسيطة لاستعمال، صيانة، حماية، وتنظيم الموجود الملتقى به أو المبحوث عنه. إن ترك اللكائن يكون - أي، كما الكائن يكون - يعني التعاطي
مع المنفتح ومع انفتاحه، الذي يدخل فيه كل كائن ويبقى، والذي يأتي به الأخير معه، إذا جاز التعبير. لقد تصور الفكر الغربي هذا الانفتاح في بدايته على أنه لا-متحجب (ta alèthèia).
بالنسبة إلى هيدجر، عندما نترجم alèthèia ب"اللاتحجب"، بدلاً من
ترجمتها ب"حقيقة"، لا تكون الترجمة أكثر "حرفية" فحسب، بل تشمل أيضا الإشارة إلى إعادة التفكير بشكل أكثر أصالة في الأفهوم الرائج للحقيقة باعتبارها مطابقة العبارة لمعنى خاصية الانكشاف (Entbergenheit) وكشف الحجاب عن الموجود في ذاته (Entbergu,ng). يتوقف "نشاط" رفع الحجاب كليا على استسلام للموجود. إن التعاطي للأولى (أي خاصية الوجود اللامتحجب) لا يعني الضياع فيها، بل القيام بتراجع أمام الوجود، بحيث أن المطابقة الاستحضارية تستطيع أن تتخذ إجراء عليه. مثل هذا الأمر: "دعه يكون" يعني أننا نعرض أنفسنا للموجود كما هو وأننا ننقل كل سلوكنا إلى المنفتح. هذه هي الصيغة الهايدجرية
للازمة الفينومينولوجيا: "للأشياء نفسها" والتي تشير في نفس الوقت إلى الابتعاد عن المعلم هوسرل. "أتركه-يكون"، أي الحرية، هو عرض أمام لوجود، هو انفتاح. إن ماهية الحرية، منظورا إليها على ضوء ماهية الحقيقة، تظهر كعرض أمام الموجود باعتباره يتمتع بخاصية الوجود اللامتحجب. وهكذا، كما يشير برتراند ريو، في كتابه "الوجود والحقيقة"، إنما في إطار الوحدة الأصلية للمعاني الثلاثة التالية لفعل "أسس" مثل أقام و"انشأ" (stiften)، تأسس (Bodennehmen وبرر (begrü,nden)، يجب فهم الحرية كأساس. يجب أن يرتفع الأساس إلى ما هو أبعد من أي حقيقة أنطيقية للوصول إلى الحقيقة الأنطولوجية لكل موجود.
(يتبع)
نفس المرجع



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- حصيلة محينة للخسائر البشرية والمادية الناجمة عن الأمطار العا ...
- الجزائر: تبون يضمن ولاية ثانية كرئيس للبلاد بعد نجاحه في الا ...
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تستعد لتخليد مرو ...
- سوريا: أب يقتل ابنته القاصر وصديقها في بلدة قنوات
- رسالة من مواطن مغربي إلى هشام جيراندو المقيم في كندا
- سؤال كتابي من النائبة البرلمانية منيب إلى رياض مزور وليلى بن ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- محمد بوندي يصوغ ملاحظات ويقوم بمقارنات بين أشكال التنظيم الص ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- إسبانيا تدعي أن المغرب يرفض تسليم أربعة من مهربي المخدرات مت ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- مدينة سبتة المحتلة أضحت قبلة للراغبين من سكان شمال إفريقيا ف ...
- حميد المهداوي يكذب كذبة مزدوجة على الأستاذة عائشة الكلاع
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: القتل الجماعي في مدن الضفة ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- تمارة: الاشتراكي الموحد يتساءل عن دواعي استثناء معتقلي الريف ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...


المزيد.....




- حاملة طائرات أمريكية تغادر الشرق الأوسط .. و-البنتاغون-: نرك ...
- RT.. تغطية شاملة لقمة الذكاء الاصطناعي
- المتحدث باسم البنتاغون يرتكب خطأ خطيرا: الولايات المتحدة تسا ...
- خبيران يكشفان لـRT خيارات مصر للحفاظ على حقوقها المائية بعد ...
- ترامب يرفض إجراء مناظرة جديدة مع هاريس
- الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لغاراته على جنوب سوريا
- بوتين يحذر.. استهداف روسيا بصواريخ غربية إعلان حرب
- صفارات الإنذار تدوي في مدينة صفد ومحيطها وسط اعتراضات جوية ض ...
- سوسكين: سيرسكي اختفى ووضع الجبهة يزداد سوءا وزيلينسكي يقول إ ...
- تباين بالآراء حول الفائز بالمناظرة بين مرشحي الرئاسة الأمريك ...


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء التاسع والعشرون)