نكتة :حكومة جطو تقدر مشاعر الشعب

هشام الصميعي

الحوار المتمدن-العدد: 1774 - 2006 / 12 / 24 - 10:19
المحور: حقوق الانسان

تقول النكتة: يحكى أن سلطانا من السلاطين الأفداد تضايق من كثرة النكت التي يتداولها عليه الدراويش من رعيته سرا فعقد اجتماعا استثنائيا لأعضاء مجلسه لمناقشة هدا الموضوع الطارئ ، وبعد تخمين ، و سجال أصدر أمرا مطاعا لوزيره بأن يحضر له على الورق كل هده النكت مكتوبة في صباح الغد. و هو ما كان فعلا فلما كان الغد أحظر الوزير بين يديه سجل بكل النكت التي يتداولها الناس فأمر السلطان بإحراق السجل قائلا :و الآن لم يبقى لهم ما يضحكون به على أدقاني.
لم أكن أعلم طوال أعوامي الماضية أن هناك نكت تمس بمشاعر الشعب إلى أن تتبعت على الهواء مباشرة تلاوة و زير الاتصال و الناطق الرسمي باسم حكومة جطو قرارا يقضي بمنع أسبوعية نيشان لمجرد أنها فتحت نقاشا حول ما يتداوله المغاربة من نكت في الشارع .
بل كدت أجزم ، و أنا أتفرج على الوزير الحداتي جدا و هو ينافح عن قرار منع الجريدة من الصدور باسم الدين، و الأمة ، و الأنبياء، وكل الأولياء أن الوزير الشيوعي تاب مؤخرا وهداه الله بل التحق توا بصفوف الإخوان، لكن و تقريرا لمبدأ التقية فظل حلق ذقنه بعد أن عفا عن الشارب. وللعارفين أستطيع القول أن من منع نيشان بدأت تظهر التحالفات الممكنة للحكومة الأصولية القادمة و التي لا قدر الله ستحرم الضحك، و تعلق الشفاه ، وتقتل الفرح ، فهل هي مغازلة لحزب العدالة و التنمية؟ أم هي مجرد صدفة ماكرة؟ . ولا أدري من هدا القرار ما ادا كانت الحكومة ستقرر عاجلا إنزال قوات مكافحة الشغب في القريب العاجل إلى الشارع لتعقب كل من سولت له نفسه فتح فمه بالضحك على نكتة من النكت التي وضعتها الحكومة على القائمة السوداء، و نشر المخبرين على كثرتهم بين المقاهي و الحانات المنتشرة في ربوع البلاد لمتابعة كل من تطاول بالتنكيت على ما سمته الحكومة في بيان المنع بمشاعر الشعب .

فالحكومة تقدر مشاعر الشعب كثيرا عندما أرهقت جيوب الكادحين بالزيادة في أسعار المواد الغذائية، و عندما جعلته رهينة لشركات أجنبية سلطتها على الماء، و الكهرباء تنهبه يمينا و شمالا. وتقدر مشاعر الشعب في الضراء عندما يغرق عشرات الشباب المغربي في عرض البحر فلا من يعزي، و لا من يأسف وتقدر مشاعره عاليا عندما تعيش أزيد من 8000 عائلة من منطقة كيكو إقليم بولمان بدون صرف صحي . و تقدره عاليا عندما تشرف على ترحيل القبائل الأمازيغية من أرضها بعيون أم الربيع إرضاء للكومبرادور و الملاكين الكبار وتقدره عاليا عندما تحكم بالسجن على فاعلين مدنيين بتارودانت الأبية ذنبهم الوحيد هو أنهم تصدوا لسرقة المال العام. و تقدره عاليا عندما تتصدى و بقوة لمجرد رفع جمعيات للافتات تطالب بمحاكمة ناهبي المال العام وسارقي أموال الشعب . وتقدره عاليا عندما تهوي بزراويط أجهزتها القمعية على المتظاهرين من معطلين، و مهمشين، و كادحين . وتقدره كثيرا عندما تهدر الأموال في المهرجانات فهي حكومة سينمائية.
ولأنها تقدره كثيرا لم يبقى لها من أجل تقدير الشعب غيرتا على مشاعره سوى مطاردة النكت البايخة حفاظا على سلامة الدوق العام .
آخر نكتة حكومة جطو ديموقراطية، حداتية، لكن عيبها الوحيد أنها لا تحب النكت لكي لا نقول منع الحرية.

#هشام_الصميعي (هاشتاغ)

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات