|
الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام الجزء الأول
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 1774 - 2006 / 12 / 24 - 10:38
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
كما هو معلوم نطقت المحكمة الإبتدائية بتارودانت بحكمها الجائر في حق المجتمع المدني بإوزيون يوم الخميس 21 دجنبر 2006 ، و ترجع هذه الأحداث إلى يوم 07 ماي 2006 حيث نظم الفلاحون الفقراء المسيرة الحمراء دفاعا عن حقوقهم المشروعة ، و هي الحق في الأرض و الماء و أركان و تنمية الأمازيغية ، تلك أربعة أركان لنضال المجتمع المدني الأوزيوي و التي استقاها من الصراع الطويل للفلاحين الفقراء من أجل البقاء خلال تاريخهم الطويل ، الحافل بالتناقضات الأساسية مع النظام الحاكم خادم الرأسمال من أجل تأمين استمرار تدفق خيرات سوس على عواصم الغرب. لماذا الحق في الأرض ؟ الحق في الأرض باعتبارها الأم التي انبثقت منها الخيرات التي يرعاها الفلاحون الفقراء بأيديهم الطاهرة ، فكما يقول المثل المغربي " يد الفلاح نقية " خير تعبير عن صفاء الذات ذات الفلاح الفقير المرتبط بالأرض من أجل البقاء ، فهو لا ينتظر الأخذ منها فقط بل يعطيها من عرق جبينه بتفاعله مع الطبيعة ليمنح إنتاجا ، يعمل على تخصيبعا برويها و رعايتها شجرها و عشبها طول السنة عبر تاريخ عريق عرف فيه الأمازيغ العطاء المستمر بلا هوادة ، الأرض بالنسبة إليهم هي كل شيء حتى يبدو لك عند زيارة بعض المناطق الأمازيغية أن أهلها يأكلون التراب و الحجر ، و هم الذين بنوا و يبنون اقتصاد البلاد في كل الحواضر المغربية ، التي تعرف هجرة ملحوظة في عيد الأضحى الذي يصادف هذه السنة أعياد الميلاد ، في رحلة من الجنوب إلى الشمال و من الشمال إلى الجنوب تشبثا بالأرض . كان آخر جماعة بناها الأمازيغ في تاريخ المغرب المعاصر " جماعة تسراس " التي تعني بالأمازيغية موقف القافلة ، و هم في الحقيقة حطوا الرحال هناك منذ تهجيرهم القسري من أراضيهم التي غمرتها مياه بحيرة سد أولوز ، الذي تم بناؤه على حساب عرق و دم الفلاحين الفقراء من أجل روي مئات الضيعات الشاسعة لأهل اليسار بسوس القادمين من الشمال ، إنها مفارقة غريبة أن يهاجر الشباب الأمازيغ إلى الحواضر لبناء اقتصادها لصالح الرأسمال بعد تحويلهم كأبناء الفلاحين الفقراء إلى طبقة عاملة ، و تقتسم ثلة من البورجوازية الهجينة ذات الأصول الأندلسية ـ أقول هذا ليس من باب العنصرية بل من باب الصراع الطبقي ـ أراضي الفلاحين الفقراء بسوس خدمة للرأسمال المركزي ، إنها مفارقة كبير أن يتحول أبناء الفلاحين الفقراء إلى طبقة عاملة بحواضر الدول الغربية لبناء اقتصادها ، و تقتسم ثلة من البورجوازية الغربية المؤسسات الفلاحية الوطنية التي بناها أبناء الفلاحين الفقراء ، بعد احتلال أرضيهم بسوس منذ فجر الإستعمار الفرنسي و تحويل ملكيتها الجماعية إلى ملكية فردية رأسمالية ، ويبقى أبناء مازيغ رغم كل شيء فلاحين فقراء متشبثين بالأرض في رحلة من الجنوب إلى الشمال و من الشمال إلى الجنوب. تلك هي طبيعة الصراع الطبقي في ظل الرأسمالية باعتبارها نظاما تناحريا تتصارع فيه الطبقة العاملة و الفلاحون الفقراء ضد استغلال الطبقة البورجوازية ، في ظل الرأسمالية في صيغتها الإمبريالية المعولمة يتم استهداف كل شيء من أجل تبضيعه و تسويقه و جني الربح وراءه ، هكذا فبعد تفويت المناجم و البحار و السهول للرأسمال جاء دور الجبال ، فهل ستبقى جبال الأطلس حامية حرية الأمازيغ ؟ سؤال مشروع يستمد مشروعيته من الصراع الطويل ضد استغلال بني مازيغ بالمغرب ، يحكى أنهم عندما هاجم عليهم الفينيقين و الرومان و من بعدهم أحرقوا سهول الزيتون باعتبارها في ذلك الوقت مصدر الطاقة الذي يتنازع عليه ، فلا غرابة أن يتم اشتقاق اسم تارودانت من التزاوج بين كلمتين أمازيغييتن هما " ترو" بمعنى ولدت و أخصبت و " دان " التي تعني زيت الزيتون ، و تارودانت مركز من مراكز الطرق التجارية الكبرى بالجنوب فكان التجار قبل القدوم إليها لشراء زيت الزيتون / الطاقة يتساءلون حول إنتاجها. يقال أن الأمازيغ في أيامهم العصيبة ينزحون من السهل إلى الجبال وقاية من بطش الغزاة فقطنوا هناك تاركين الأراضي الشاسعة للإستعمار ، إنها استراتيجية الحرب الدائمة ضد الطغيان و الطبيعة فكان الهروب من السهل هروبين ، الأول للحماية من جور الإستعمار من أجل البقاء و الثاني حماية من فيضانات وادي سوس ، من فيضاناته العارمة التي تغمر كل شيء في حوض سوس و يقال أن كلمة تارودانت مزج بين كلمتين أمازيغيتين هما " تارو" بمعنى الأولاد و "دان" بمعنى ذهبوا ، و يرجع تاريخ التسمية إلى حكاية امرأة فقدت أبناءها جراء فيضان وادي سوس و هي تصيح "تارو" "دان " ، و اعتبارها سندا تاريخيا في تسمية تارودانت ضعيف ، لكنها حكاية طريفة لها مدلولها التاريخي في إبراز أهمية فيضانات وادي سوس في نشر الخصب في حوض سوس ، و المرأة الأمازيغية باعتبارها دليل الخصب و العطاء فهي التي مازالت تعطي في جبال الأطلس الوعرة بسواعدها الطاهرة ، كيف لا و هي التي تنجب الشباب الأمازيغ من أجل الهجرة من الجنوب إلى الشمال و تبقى هي تكدح من أجل الشيوخ و الأطفال ، فلا غرابة أن تجد المرأة الأمازيغية في البيت و الحقل و الغابة و في كل مكان باستمرار دون إجازة إلا أثناء المخاض . فهنيئا لك بعيد الأضحى الذي يجمع شملكما أنت و الأبناء القادمين من رحلة الجنوب و الشمال و الذي يصادف هذه السنة أعياد الميلاد ، التي تستقبل فيها تارودانت زوارها من الديار الغربية من أحيائها الهامشية التي يقطنها أبناؤك المهاجرين ، و من الأحياء الراقية و خاصة " الإليزي " التي يقطنها السيد جاك شيراك الذي حل هذه الأيام ضيفا على تارودانت ، و نحن بقدومه نقدم له أغلى ما قدمه النظام الحاكم بالمغرب للفلاحين الفقراء بإوزيون هدية ليوم عيد الأضحى و هو الحكم الجائر ليوم الخميس الأسود ، هدية للمجتمع المدني المغربي بمناسبة الذكرى 58 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، الذي لم يصدر صدفة في باريس بل صدوره كان طبيعيا حيث المدينة مسرح الأحداث ، من الثورة البورجوازية في 1789 مرورا بثورة كومنة باريس سنة 1871 و صولا إلى ثورة حزيران 1968 . حين كتبت رسالة إلى السيد جاك شيراك في آخر يوم من السنة الماضية أردت عبرها تنبيهه إلى ما قد يصادفه من مفاجآت في أواخر هذه السنة ، فكان التبؤ حقيقة عندما حكمت المحكمة الإبتدائية بتارودانت على خمسة نشطاء جمعيات الفلاحين الفقراء بإوزيون ، بأربعة أشهر سجنا موقوفة التنفيذ و غرامة قدرها 2500 درهم مع صوائر الصندوق في أجل 20 يوما ، لا لشيء إلا لأن الفلاحين الفقراء نظموا مسيرة سلمية ضدا على اختلاس المال العام من طرف رئيس جماعة إوزيون و السلطات بتارودانت ، و الذي قدره ثلاثة ملايين درهم منها مليون تم استخلاصه من بيع أغراس المهجرين و مليون مساهمة وزارة التجهيز و مليون مساهمة وزارة الداخلية منذ 2001 . تم رصد هذه المبالغ المالية من أجل تمويل كهربة التجمعات السكنية للسكان المهجرين بسبب بناء سد المختار السوسي الذي مولته الوكالة الفرنسية للتنمية و تزويد هذه التجمعات بالماء الصالح للشرب منذ 2001 إلى يومنا هذا و هذا المشروع عالق ، بل أكثر من هذا تم تزوير محضر تصريف المصاريف من طرف الرئيس و السلطات بتارودانت من أجل استخلاص هذه الأموال من الخزينة العامة ، و تبييضها بواسطة دفعها للمقاول المكلف بمشروع الكهرباء دون تأشيرة المكتب الوطني للكهرباء ، فهنيئا للسيد جاك شيراك بحلوله بتارودانت و هنيئا بهذا الحكم الجائر الذي يكبل الحريات التي انتفضت من أجلها شوارع باريس منذ أزيد من قرنين مضت . تارودانت في : 23 دجنبر 2006 امال الحسين
#امال_الحسين (هاشتاغ)
Lahoucine_Amal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المحاكمات الصورة من طبيعة النظام الحاكم بالمغرب
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الحادي عشر
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء العاشر
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء التاسع
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الثامن
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء السابع
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء السادس
-
لصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الخامس
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الرابع
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الثالث
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الثاني
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الأول
-
في الذكرى الخامسة لتأسيس الحوار المتمدن
-
حملة التضامن مع مناضلي جمعيات الجتمع المدني بأوزيوة بتارودان
...
-
من سيطرة الدين على الدولة إلى تسخير الدين أيديولوجيا
-
النهج الديمقراطي : الإنتخابات أم التجذر وسط الطبقات الشعبية
-
تارودانت / حاضرة سوس و معقل حركة الفلاحين الفقراء في مواجهة
...
-
دور التحولات الكمية لوسائل الإنتاج في التحولات الكيفية للطبق
...
-
حركة المجتمع المدني بتارودانت في مواجهة الملاكين العقاريين ا
...
-
الملاكون العقاريون الكبار بتارودانت و الإستغلال المزدوج للمر
...
المزيد.....
-
إخفاقات الديمقراطيين تُمكّن ترامب اليميني المتطرف من الفوز ب
...
-
«الديمقراطية»: تعزيز صمود شعبنا ومقاومته، لكسر شوكة العدو، ي
...
-
العدد 578 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: أكتوبر ثورة العدل والحرية
-
برنامج مهرجان طريق الشعب التاسع
-
تأخير محاكمة 13 مناضل من الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة
...
-
بلاغ صحفي حول الاجتماع الدوري للمكتب السياسي لحزب التقدم وال
...
-
في سلطنة عُمان.. بوليفية تُلهم جيلاً جديدًا من الباحثين والع
...
-
السيسي يعيد تشكيل الخريطة العمرانية بقوة السلاح
-
«سيديكو للأدوية» تمنح العمال إجازة إجبارية حتى الخميس المقبل
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|